شبكة ذي قار
عـاجـل










 أن يحقق الأمن للعراق وللعراقيين .

أو يستقيل .. والخروج كما يراه أسهل من الدخول.

الأمن لن يتحقق ما دام الاحتلال ومليشيات ايران هي صاحبة القرار في العراق.

فما هو المتوقع .. هل يستقيل ؟ أم يضع حداً للمليشيات الإيرانية.؟!

ما الذي جعل "حيدر العبادي" يضع نفسه بين خيارين، أولهما: الأنسحاب بالإستقالة وثانيهما: الحرب لتكريس الأمن للعراقيين .. الأول وهو إقرار بالهزيمة والفشل، ليس له فحسب إنما للأمريكيين والإيرانيين معاً، وترك الأمور للمالكي لكي يقود بدموية أكثر مما مارسها هو في ولآيته وأكثر مما مارسها العبادي نفسه ؟ ، وإذا كان قرار الأستقالة بيديه ، فهل أن قرار مواجهة المليشيات الإيرانية المسلحة، وهو أحد قادتها، بيديه لكي يستطيع أن يفتح النار بسحب سلاح المليشيات جميعها بدون إستثناء، ليضع هذه الأسلحة تحت تصرف وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ؟

ولكن من هي وزارة الدفاع ، ومن هي وزارة الداخلية ؟

الوزارتان هما أساساً وبتشكيلاتهما الهرمية الأدارية والعسكرية بيد المليشيات الفارسية أصلاً .. فمن يحارب من ؟! ، هل يضحك العبادي على نفسه، وربما يعتقد بأنه يستطيع أن يضحك على الآخرين.. كما وضع نفسه في موضع السخرية حين نفى وجود مليشيات مسلحة في العراق ؟!

أسيق هذا الحديث للناس لكي يحتكموا لأنفسهم ، لو أن المليشيات الفارسية لم تكن موجودة ، ولو أن إيران لم تتدخل بفتوى ( علي السيستاني ) التي كانت تقضي بعدم مقاومة الاحتلال الأمريكي ، لكان العراق قد تحرر بزمن قياسي وتحقق الأمن والأستقرار .. فهل أن الأمن في العراق سيصل إلى هذه الدرجة من الخطورة والأنهيار واتساع معدلات القتل والمجازر بين صفوف العراقيين ؟ ، الجوب كلا ، إذن .. إن سبب فقدان الأمن في العراق يكمن في إيران ومليشياتها واحزابها الحاكمة برعاية أمريكية . إيران تحتل العراق بعناصرها الفارسية وتحت غطاء مذهبي- طائفي وتشيع بأن الصراع في العراق صراعاً طائفياً ، والكثير من العراقيين مخدوعون بدعوى المذهبية لبساطتهم ولجوعهم وفقرهم أو بالأحرى إفقارهم وتجويعهم لغايات تجنيدهم في الحشد الطائفي .. إين كانت الطائفية قبل الاحتلال وقبل مجيئ نغول الفرس على رأس أحزابهم خلف الدبابات الأمريكية ؟!

العملية السياسية تعاني من التفسخ، ليس الآن إنما منذ أمد بعيد ومنذ اللحظة التي تشكلت عليها قاعدة الأكثرية والأقلية وفقاً للعبة الطائفية والعرقية، التي وضعت العراق والعراقيين في هذا المأزق وأغلقت عليهم بدستور يكرس الفصل الطائفي والعرقي تحت سقف الديمقراطية المخادعة ودهاليز اللصوص الذين لم يبقوا في الخزينة شيئاً يذكر، إنما على العكس بات العراق يقترض من البنك الدولي ويستورد السلاح لقتل الشعب عن طريق الآجل ومن خزين النفط المنهوب أصلاً من لدن الشركات الأمريكية والبريطانية على وجه التحديد.

النظام الإيراني يمعن في قتل العراقيين في مجازر تحت يافطة الحرب على الارهاب .. يحشد العراقيين بعضهم ضد بعض تحت شعارات طائفية ليس هناك من يستفيد منها سوى إيران وأمريكا والكيان الصهيوني .. والخاسر الوحيد هم العراقيون جميعاً بغض النظر عن كونهم ( سنة أو شيعة، عرب أو كرد أو تركمان ، مسلمين أو مسيحيين أو من ديانات أخرى ) .. وإذا قُتِلَ على سبيل المثال من الإيرانيين ( حرس ومستشارين وقادة ) قد لا يتجاوز عدد قتلاهم العشرات ، يتساقط من العراقيين الألاف من كل الأطياف .. والإيرانيون يعملون بأنهم ومن أجل مصالحهم يتمددون برجالات غيرهم .. ويحققون بعض نجاحات بأدوات غيرهم عن طريق الشحن الطائفي .. فمتى يستيقظ المخدوعون من العراقيين ويعو زمانهم بعد مضي إثني عشر عاماً على الأحتلال الأمريكي والإيراني، والوجوه هي نفس الوجوه الكالحة التي جاءت بها قوات الاحتلال، والتي ترتكب اعمال الفساد والنهب واللصوصية والقتل والتدمير.؟

الفقر المدقع في العراق وجنوبه على وجه الخصوص بات مستشرياً بصورة لا يقبلها العقل.. والبطالة هي الأخرى مستشرية لحد الأهانة والإذلال .. والبطالة مقصودة تماماً لتغلق كل أبواب الرزق أمام المواطنين ومنهم الشباب إلا باب التطوع للحشد الطائفي.. لا مورد أما الشباب وعائلاتهم غير باب المرجع وتابعوه وتعبئتهم وإغراءاتهم بـ ( 500 ) دولار شهرياً لكل متطوع .. والغريب أن الخزينة مفلسة ومعلن عن إفلاسها، والمتطوعون لم يستلموا رواتبهم منذ بضعة أشهر، والفتوى غير المعلنة هي : اعتبارأموال وحلال العراقيين وممتلكاتهم غنائم حرب. هل ترون الجريمة الكبرى التي ترتكبها مراجع الفرس في العراق وفي طهران؟!

المليشيات المسلحة تتغول في العراق.. والتخطيط الفارسي يشير إلى اعتماد الفرس عليها في بسط نفوذهم .. بإستخدام اسلوب خلط الأوراق في منهج السياسة وفي منهج المذهبية الطائفية :

أولاً- في منهج السياسة ، يعتمدون التداخل والتقاسم مع القوة الأمريكية الغازية لحكم العراق، ولأهداف مشتركة هي .. إضعاف العراق وتمزيقه وتدمير عناصر قوته من جهة ، ونهب ثرواته الطبيعية وخزينه الأستراتيجي من النفط والغاز من جهة ثانية .

ثانياً- وفي منهج المذهبية الطائفية ، تمكين ( المتشيعين الفرس ) من قيادة ( الشيعة العرب ) عن طريق إضعافهم وإفقارهم والتنكيل بمن لم يستجب لنداءاتهم الطائفية، ومن هؤلاء مرجعيات عربية أخرى، ومنهم ( مرجعية الصرخي العربية ) والقوى الوطنية التي ترى في التمذهب إجهاضاً للشعب وتطوره ونمائه حين يكون على حساب الوطن والوطنية والمواطنة .. وخاصة المواطنون العراقيون الذين يؤمنون بأن الوطنية هي أكثر شمولاً وأوسع مدى وأكثر عمقاً وتمثيلاً شاملاً جامعاً لأبناء الشعب.

دعونا نرى شكل حكومة العبادي والحكومات التي سبقتها منذ عام 2003 :

- حكومة يرأسها "حيدر العبادي" تعتمد على مدخلات ( الطائفية والمحاصصة وصراع القيم ) ، وتتشكل من رؤوس متعددة ، وكل رأس لديه تنظيم مليشي مسلح ، وفي الوقت نفسه يترأس حزباً طائفياً مرتبط آيديولوجياً ومالياً وتسليحياً بايران، وله مقاعد في البرلمان ، وله مرجعيته الطائفية .. والمراجع متعددة في العراق .. فمنهم من ارتبط بمرجعية خارجية ومنهم من ارتبط بمرجعية داخلية ولكنها مرجعية ليست عراقية عربية إنما مرجعية أجنبية تأتمر بأمر قم وطهران .

هذه الرؤوس التي تقود المليشيات والكتل البرلمانية على نحو طائفي خالص، تعد المحرك الأساس لـ ( ولي الفقيه ) وللقيادة المخابراتية الفارسية .. فأين " حيدر العبادي " من كل هذه الرؤوس، وهو واحد منها ، المرتبطةوجميعها مرتبط بإيران وبمرجعيتها ؟ فكيف يحقق الأمن للعراق وللعراقيين ؟

- معظم هذي الرؤوس صرحوا بكل وضوح بأنهم ومليشياتهم خارج حكومة العبادي .. وإن سلاحهم هو في خارج سلطة الحكومة، والحكومة لا سلطان لها عليهم وليس بإمكانها نزع أسلحتهم .. فكيف يحقق " حيدر العبادي " سلطته الحكومية أمام هذا التحدي الصريح؟ ، اسوق مثلاً عملياً : مليشيات ( عصائب أهل الحق ) بقيادة "قيس الخزعلي" حاصرت احد مراكز الشرطة الحكومية في منطقة التاجي واطلقت سراح عناصرها المعتقلين فيه لجرائم القتل والحرق والنهب والسلب في معرك صلاح الدين وتكريت .. واحتجزت ضباط المركز والشرطة واودعتهم السجن واستولت على اسلحتهم وعتادهم وغادرت المنطقة بملابس رسمية وسيارات حكومية .. وما فعلته مليشيات العصائب فعلته في الوقت ذاته مليشيات ( حزب الله ) في العراق .. فكيف يحقق "حيدر العبادي" الأمن للعراق وللعراقيين ؟ .. هذا السؤال اطرحه على كل الناس في الداخل والخارج؟!

- ليس هنالك قرار واحد يحكم في العراق إنما قرارات تحكم ، وكل هذه القرارات التي تصدر في داخل العملية السياسية الفاسدة والمتهرئة وفي خارجها ترتبط بإيران كما ترتبط بأمريكا .. وإيران وأمريكا تمارسان لعبة القط والفأر، يطاردان بعضهما بعضاً ويماطلان احدهما الآخر ويشتمان بعضهما ويتهمان بعضهما ولكنهما متوافقان إستراتيجياً في العراق وفي أفغانستان وعلى صعيد المنطقة .

- القرارات التي تصدر في العراق جميعها لا تخدم العراق، إنما هي للترويج المحلي وللأستهلاك الأقليمي، كما أنها لا تبني العراق ولا توحده .. فالدولة المدنية لا تبنيها المليشيات التي لا سلطة للدولة على سلاحها ولا على قياداتها الطائفية .. فالدولة هي دولة مليشيات مسلحة يتعذر الحديث فيها عن القانون والنظام والحقوق والواجبات .. كل يأخذ حقه في هذه الدولة النشاز بيديه وإذا لم يستطع فلا احد يستطيع ان يأخذ له حقه أو يسترد له حقوقه .. لأن النظام السياسي لا يملك مدخلات وطنية كباقي نظم العالم السياسية، إنما مدخلاته التوزيع الطائفي والعرقي غير التمثيلي، انحدر إلى العشائريات والقبائليات ثم الطائفيات التي ترجح التطييف والمحاصصات على الهوية الوطنية .. فكيف تستقيم الأمور والأحوال في الدولة ؟ وكيف تبنى الدولة ؟ وكيف يتحقق الأمن في الدولة ؟ وخاصة إذا فقدت الدولة أحد أهم مقوماتها وهو مقوم السلم الأجتماعي ؟

- المدخلات التي تبناها النظام السياسي في العراق بعد عام 2003 هي مدخلات غير متناسبة وغريبة وفرضت فرضاً على الشعب العراقي عن طريق قوة الاحتلال الغاشمة وشرعنت بدستور لا يعترف به الشعب تنفذه عناصر تتزعم منظمات مليشية مسلحة تابعة لدولة اجنبية وتحت رعاية اجنبية محتلة .. فكيف يراد بهذه المدخلات التطييفية والتقسيمية أن تسود في ظل رفض الشعب للمدخلات والدخلاء

وعليه .. فأن المخرج من هذا المأزق هو في إعادة النظر بالمدخلات وتغييرها بمدخلات وطنية تعيد صياغة دستور وطني يرضي الشعب العراقي على اساس الثوابت الوطنية والقومية لا الطائفية والعرقية، وتعزيز منظومة القيم في المجتمع العراقي التي طالها التهتك جراء التعسف الطائفي، واحترام مؤسسات الدولة الوطنية بعودة الجيش العراقي الوطني بقوانينة وتشريعاته وتشكيلاته وعقيدته القتالية الوطنية، لكي تكون المخرجات وطنية تتعامل على وفق قاعدة الحق والعدل والأنصاف والمساواة والسيادة والأستقلال الوطني .. وعدا ذلك فأن الشعب العراقي لن يستقر له قرار، ولن يرضخ ، ولن يستكين حتى ينتزع حقوقه الوطنية وحقوقه السيادية كاملة غيرمنقوصة .!!

- العملية السياسية فشلت وتهرأت تماماً وتهتكت .. وقوى هذه العملية، هي وتشكيلاتها المدنية والمليشية المسلحة تدور في حلقة مفرغة من الصراعات في داخلها وفي خارجها.. والأوامر الإيرانية تأتي إليها بصورة مباشرة للتنفيذ بإستخدام قدرات الحكومة التي هي الأخرى قد جندت إمكاناتها السياسية والدبلوماسية والمالية والأستخباراتية والعسكرية لخدمة قرارات طهران .. وجيش السلطة الطائفية قد تم تجميعه عن طريق الدمج، بات في وضع التراجع والتحلل .. ومليشيات الأحزاب الإيرانية باتت هي الآن تقود جيش السلطة على قاعدة الحشد الطائفي، الذي يقاتل تحت شعارات طائفية وصور ولي الفقيه .. كل هذا يحصل اضافة الى كمٍ هائلٍ من الدماء وكمٌ هائلٌ من الدمار والأموال المسروقة .. فماذا ينتظر الناس من هؤلاء بعد إثنتي عشرة سنة من التجربة المريرة ؟ ألا يعني ذلك أن المحتل الأمريكي والمحتل الفارسي وعمليتهما السياسية قد فشلت فشلاً ذريعاً ؟

خيارات العبادي لا تنفع .. لا في الأستقالة ولا بتزييف الواقع عن طريق إستبقاء مدخلات الأحتلال القائمة أساساً على تدمير الدولة وتطييف الشعب ومحاصصته وتفكيك منظومة قيمه العربية – الأسلامية الرصينة .. فلا مستقبل للأحتلال الأمريكي والإيراني في العراق ولا لزبانيته العملاء أبداً .






الاحد ١٤ رجــب ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / أيــار / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة