شبكة ذي قار
عـاجـل










حسابات الأمس لم تنطبق على محاصيل بيدر الحاضر

قبل احتلال العراق وبعد احتلاله وقف شعب العراق لوحده في مواجهة الاحتلال، وأعلنت الفصائل الوطنية قرارها القاضي بمواجهته على قاعدة حرب التحرير الشعبية التي لن تتوقف حتى طرد الاحتلال من كل شبر في أرض العراق.

وغني عن القول أن حزب البعث العربي الاشتراكي كان قد أعدَّ مستلزمات تلك المقاومة.

كما غني عن القول بأن المقاومة الشعبية ابتدأت منذ أن استنفذت المواجهة العسكرية النظامية أهدافها. وأعلن الحزب آنذاك منهجه الاستراتيجي لتحرير العراق، داعياً كل أطياف الشعب العراقي للمشاركة في معارك التحرير، ومحذراً الأنظمة العربية الرسمية من خطورة احتلال العراق لأنه سيكون مقدمة لاستكمال احتلال الوطن العربي عسكرياً حيثما يقتضي الأمر ذلك، وبوسائل أخرى حيثما يقتضي الأمر ذلك أيضاً.

ولكن للأسف الشديد لم تكترث تلك الأنظمة بتلك التحذيرات، واستسلمت للأمر الواقع حالمة بأن أمنها سيكون بعيداً عن المخاطر في ظل حمايتهم التي تضمنها الولايات المتحدة الأميركية كما كانوا يحسبون. وحتى النظام الإيراني الذي ولغ بارتكاب جريمة احتلال جار له من قبل من كان يعلن العداء له، ووصفه بالشيطان الأكبر. ويبدو أن السبب الظاهر حينذاك كان، استجابة لاستراتيجيته الإيديولوجية مذهبياً وعنصرياً، إسقاط نظام علماني يؤمن بالقومية العربية، خاصة أنه حال دون التمدد الإيراني الذي كان يخطط لتصدير ما يزعم أنها ثورة إسلامية إلى الوطن العربي. وفي حينها كان العراق  حارساً لحدود الأمن القومي العربي عامة وأمن دول الخليج العربي بشكل خاص.

وبعد أقل من ثماني سنوات من مواجهة قوات الاحتلال الأميركي أعلنت الإدارة الأميركية هزيمتها المدوية. وما كان خافياً على الكثيرين أن الانسحاب الأميركي لم يترك فراغاً في العراق بل قام بتلزيمه للنظام الإيراني. وعوَّل حينذاك على أن النظام المذكور سيقوم بحماية العملية السياسية التي نصَّبها لإدارة شؤون العراق، والتي كانت واجهتها الخارجية حفنة من عملاء أميركا وعملاء إيران معاً.

إذ ذاك، أي بعد الهزيمة الأميركية، انتقلت المقاومة العراقية من مرحلة الحرب الشعبية الطويلة الأمد، إلى حرب بوسائل سياسية من أجل إسقاط العملية السياسية، التي بإسقاطها ستتقوض الخيمة التي يختبئ تحتها الاحتلالان الأميركي والإيراني الفعلي.

ولما بدأت تلك العملية تتهاوى منذ أواخر العام 2013، تحت ضغط الشعب بحراكه السلمي منذ أوائل العام 2013، طفى على السطح بوضوح مدى الترابط الفعلي الاستراتيجي بين الاحتلالين الأميركي والإيراني، فانبرت الإدارتان الأميركية والإيرانية إلى إعلان تنسيقهما في أعلى درجاته، ووضعتا كل ثقليهما من أجل حماية العملية السياسية.

وعلى الرغم من أن النظام الإيراني، مستفيداً من ضعف الوجود الأميركي العسكري، أخذ يرفع سعر دوره وتأثيره في العراق، وهذا لم يلق أهمية عند إدارة أوباما، بل استكمل عملية التنسيق مع حليفه الإيراني، لأن هدفهما الاستراتيجي المشترك كان البقاء في العراق إلى أمد طويل. وهذا الأمر أدى إلى كشف الغطاء على تعويلهما معاً على أهمية إبقاء العراق تحت هيمنتهما معاً.

ابتدأت متغيرات الموقف السياسي لدول الخليج في أعقاب استشعار الخطر الإيراني

ومنذ تلك اللحظة ابتدأت رحلة المتغيرات في مواقف أنظمة دول الخليج العربي تطفو على سطح الموقف العربي الراكد. وأخذت تعمل على تسريع حركة المواقف المشككة بنوايا الولايات المتحدة الأميركية. واعتبر هذا التحول بداية لإعلان احتجاج خليجي ضد سياسة الولايات المتحدة الأميركية.

وعلى الرغم من مرور أكثر من سنتين على ظهور حركة الاحتجاج الخليجية، وعلى الرغم من كثرة التطمينات الأميركية، ظهر أن تلك الأنظمة لم تخفِّض من سقف مخاوفها بل كان التصعيد في حراكها سمة بارزة إلى أن بلغت أوجها عندما أعلنت الإدارة الأميركية أنها ستقوم بتوقيع اتفاق مع إيران حول ملفها النووي بعد أشهر معدودة. وفشلت التطمينات الأميركية المتتالية من تهدئة المخاوف الخليجية.

وكانت قمة كامب ديفيد التي دعا إليها الرئيس الأميركي، في 13 و14 أيار من هذا العام، آخر تلك المحاولات. ولم تزل التحاليل المتباينة حول نتائجها مستمرة حتى الآن. بعض تلك التحاليل والتوقعات كانت تجنح باتجاه الإشارة إلى نجاح إدارة أوباما في إقناع دول الخليج. وبعضها الأكثر يجنح باتجاه وصفها بالفشل. وقبل انقشاع الرؤية عن أي التحليلين هو الصحيح، يمكننا القول بأن كليهما مرجَّح لأن يكون صحيحاً، ولكننا واستباقاً يمكننا ترجيح فشل المؤتمر بتحقيق الأهداف التي توخاها أوباما من عقد القمة، وأما الأسباب فنوجزها بالوقائع التالية:

-عندما سارت الأنظمة الخليجية في ركاب الاحتلال الأميركي للعراق فإنما كان السبب يكمن في تعويلها على أن أمنها الوطني سيكون محمياً من قبل الولايات المتحدة الأميركية كما جرت العادة منذ الخمسنيات من القرن الماضي. ولهذا سكتت طوال سنوات الاحتلال إلى أن أعلنت الإدارة الأميركية هزيمتها في العراق وسحبت القسم الأساسي من جنودها في أواخر العام 2011.

-بعد الانسحاب الأميركي المنوه عنه أعلاه، وحفاظاً على ما تبقى لها من مصالح، أوكلت الإدارة الأميركية حماية مصالحها إلى جهتين، وهما:

-العملية السياسية خاصة عملاؤها العراقيين، من المعارضة التي تربت في كواليس مخابراتها المركزية، وهم ممن كان همهم الاستفادة من مواقعهم في السلطة. وطالما استمروا في استنزاف ثروات العراق، وهذا ما فعلوه، وطالما أنهم مرعيين بحماية سياسية وعسكرية أميركية، فإنهم كانوا لا يخشون شيئاً مما يفعلون، فناموا على فراش السلطة الوثير غافلين عن شواردها.

-الوجود الإيراني في العراق الذي كان يعمل بدأب وصبر على تعميق تأثيره على شتى المستويات وكأن النظام الإيراني كان يخطط  لوراثة الاحتلال الأميركي في ظرف وزمان ما. فجاءتهم الفرصة المناسبة عندما تم الانسحاب الأميركي. وسنحت لهم الفرصة حينذاك إلى الانتقال إلى دور المحتل الفعلي، فعززوا أوراق عملائهم من حزب الدعوة والميليشيات الطائفية الأخرى، كما عززوا وجودهم بكبار الضباط الإيرانيين الذين قاموا بدور بريمر الحاكم الأميركي السابق للعراق. ولم تمض أشهر قليلة حتى أخذ الحاكم الإيراني في العراق يعين في السلطة من يخضع لأوامره ويبعد عنها من يهدد احتلاله. وليس من المستغرب أنه كان يعمل على (فرسنة السلطة) و(فرسنة الشعب) في العراق. وقد كانت عملية إقصاء المكونات العراقية الأخرى أكثر ما أثارت وعجلت بمتغيرات في المواقف الخليجية. لكل ذلك يمكننا القول بأن (عمق التنسيق بين إدارة أوباما وإدارة ولاية الفقيه كان العامل الذي أدى إلى حصول متغيرات في الموقف العربي الخليجي).

مخاوف دول الخليج ابتدأت منذ أيقنت أن الهيمنة الإيرانية على العراق واقعياً وحقيقياً

لم تكن دول الخليج تأبه بالوجود الإيراني في دول عربية أخرى، لأنها كانت تعتبر أنه وجود لا يمكن أن يبلغ أهدافه في وقت قصير هذا إذا أتيحت له فرص النمو الطبيعي. ولكن تشريع أبواب الحدود الشرقية من العراق على مصراعيها أمام الوجود الإيراني، هو الذي كان السبب في المخاوف.

كما لم تكن دول الخليج تأبه بالمشروع النووي الإيراني خاصة وأنه مشروع أعلن عنه بسنوات طويلة قبل الانسحاب الأميركي من العراق.

واستناداً إليه يمكننا الاستنتاج بأن تشريع بوابة العراق أمام زحف الاخطبوط الإيراني يشكل مصدر الخوف الاستراتيجي عند أنظمة الخليج الرسمية وكذلك عند المجتمع الخليجي. ولا يوجد علاج آخر لإزالة تلك المخاوف إلاَّ بتحرير العراق من الهيمنة الإيرانية، أي طرد آخر إيراني من العراق. ولهذا ولكل ذلك لم تجد تطمينات أوباما، كما لن تجد أي إدارة أميركية أخرى، آذاناً خليجية صاغية، طالما أنها تعقد اتفاقيات مع النظام الإيراني في الوقت الذي تقوم فيه بالتنسيق الاستراتيجي معه في العراق.

قراءة في المشهد السياسي الخليجي وتلاقيه مع الموقف المصري

واستدراكاً منا للابتعاد عن تقرير نتائج حتمية في قراءة مستقبل المتغيرات الجارية في دول الخليج العربي، نرى أيضاً بأنه لا يجوز أن نغفل تلك القراءة. وأما الأسباب كما نشخصها فتتلخص بالآتي:

-النفوذ الإيراني يتمدد من العراق إلى الهيمنة على أربع عواصم عربية وهي مقدمة لإعادة تأسيس الحلم الفارسي التاريخي. ويُعتبر هذا التمدد ليس تشكيكاً بمصداقية الإدارة الأميركية في إعلان حرصها على الأمن الخليجي، بل هو مدعاة لتكذيب فعلي، خاصة أن الولايات المتحدة الأميركية لم تفعل شيئاً بالنسبة للحد من الدور الإيراني في العراق بل هي ترعاه وتشجعه وتدعمه. وإذا كان الأمر كذلك نرى أن ما صدر من تصريحات أميركية تؤكد خطورة الإرهاب الذي تقوده إيران، ومزاعمها بأن إيران لن تشكل خطراً على الأمن القومي العربي في الخليج، وتماوج المواقف الأميركية من دور الحشد الشعبي، كلها تصريحات هوائية القصد الأميركي منها امتصاص النقمة الخليجية. وعن ذلك، وإذا كانت المخاوف الخليجية ابتدأت منذ استفراد إيران بالعراق والهيمنة عليه لم تبددها تطمينات الإدارة الأميركية، فكيف يكون عليه الموقف الخليجي عندما يعلن النظام الإيراني أن حلمه بإمبراطورية فارسية بدأ يتحقق بإخضاع أربع عواصم عربية لنفوذها على أن تكون عاصمتها بغداد؟

-النفوذ الإيراني في اليمن يحاصر الأمن القومي الخليجي من الجنوب ويضيق الخناق عليها: وإذا اعتبرت دول الخليج العربي أنها مهددة من البوابة العراقية، للأسباب المذكورة أعلاه، ففي الهيمنة الإيرانية على اليمن، يعطي مزيداً من البراهين أمام تلك الدول تؤكد كذب الإدارة الأميركية في وعودها. وهذا دليل آخر على أن المتغيرات في المواقف السياسية لن تكون مجتزأة وتقف عند حدود عاصفة الحزم اليمنية، بل تبرهن ولو نظرياً على وجود إرادة استراتيجية عندها لاستكمال تلك العاصفة لتشمل أقطاراً عربية أخرى، يقع العراق على رأس أولوياتها.

-النفوذ الإيراني في البحرين وفي شرق السعودية جمر تحت رماد الحلم الإمبرطوري في تطويق الخليج من الشرق. وإذا كانت عاصفة (درع الجزيرة) التي أسهمت في تحديد سرعة التدخل الإيراني في البحرين، نرى أن عملية درع الجزيرة ستصبح من دون أي تأثير أمام المد الإيراني إذا قُيض لمخطط تثبيت الاحتلال الإيراني للعراق أن يستمر كما يؤكده الواقع الآن. وإذا نجح مخطط استيلاء المد الحوثي على اليمن، سيصبح أمن البحرين وشرق السعودية مكشوفاً أمام زحف الأخطبوط الإيراني. وإن عملية تفجير مسجد القطيف في شرق السعودية التي تم تنفيذها قبل عدة أيام إلاَّ مؤشر خطير، ويسترعي الانتباه والحذر، ومنه يرتفع السؤال التالي: وهل هناك تشابه بين أهداف عملية تفجير مرقد الإمامين في سامراء العراق قبل سنوات، وبين عملية تفجير القطيف؟ لقد كانت العملية الأولى تستهدف تفجير الصراع السني الشيعي، ولقد كشفت التقارير أن وراء مرتكبيها كانت تقف المخابرات الأميركية والإيرانية. ولهذا على النظام السعودي أن يتذكر ما أعلن أوباما عنه قبل أسابيع من أن الأمن السعودي مهدد من الداخل، وليس من المشروع النووي الإيراني.

-أم المخاطر تتمثل في النفوذ الإيراني في العراق بوابة الإمبراطورية الفارسية الأساسية من الشمال: عندما نسَّق التحالف الأميركي الإيراني، في أواخر العام 2013، على حماية العملية السياسية في العراق، وذلك بالبدء في إنهاء الاعتصامات السلمية بالقوة في المحافظات الست. وعندما وُوجهت باندلاع الثورة الشعبية المسلحة، استأنف التحالف استخدام القوة ووقعت عشرات الجرائم بين صفوف المدنيين. ولما كان النظام الإيراني قد زجَّ بعشرات الآلاف من الحرس الثوري، وتولى قاسم سليماني قيادة الحشد الشعبي الذي تكون بفتوى من السيستاني، بدأ المشهد الحقيقي يظهر للعيان أمام أنظار دول الخليج العربي، واعتبروا أن قيادة العملية السياسية أصبحت بالكامل تعمل بإمرة الحرس الثوري الإيراني. وحيث إن إدارة أوباما شجَّعت تلك الهيمنة لا بل راحت تعقد الاتفاقيات والتفاهمات مع الإيرانيين، وكان آخرها الإعلان عن نيتها بتوقيع اتفاق حول الملف النووي الإيراني، الأمر الذي زاد من مخاوف دول الخليج، ليس من ابتلاع إيراني للعراق فحسب، بل ابتلاع العراق يشكل خطوة رئيسية تمهيداً لفتح معركة ضد أنظمة الخليج. وقد جاءت القضية اليمنية لتُثقل تلك المخاوف. وكان من أهم مظاهر التأثير الإيراني المباشر هو وضع ثقل إيراني كبير واضح ومباشر في معارك الأنبار وصلاح الدين. واستكمل الدور الإيراني لعبته في قضية ضم منطقة النخيب إلى المحافظات الجنوبية.

فماذا تعني الإجراءات الإيرانية في النخيب؟

للنخيب أهمية استراتيجية من زاويتين:

-الأولى الانفتاح الجغرافي باتجاه السعودية، والذي سيشرِّع الأبواب أمام رياح أمنية وعسكرية سيقوم النظام الإيراني ضد السعودية.

-وأما الثانية فهي فتح طريق تواصل جديد مع عمق الهلال الخصيب، خاصة بعد إقفال بوابة الرمادي. وهنا تبرز أهمية المعارك التي حرَّرت فيها الثورة مدينة الرمادي. وهذا يعني أن تحرير الرمادي بداية رئيسية لإقفال بوابة الحلم الفارسي باتجاه شرق الهلال الخصيب.

وبعد استعراض المشهد العراقي الآن، لا بُدَّ من أن نتساءل: هل هناك تطمينات يمكن أن تزيل مخاوف مجتمعات عربية مهددة بإلحاقها كرعايا بالإمبرطورية الفارسية؟

لكل هذا، ولأن مفاهيم السيادة الوطنية الخليجية مهددة بالابتلاع من قبل أباطرة لم يخفوا أهدافهم الحقيقية، ستكون أي نتيجة غير وقوف العرب حزمة واحدة في الدفاع عن وطنهم العربي، خارجة ليس عن حدود المنطقي السياسي النظري فحسب، بل هي خارجة عن واقع الأمور التي تجري بالعلن.

- وحدة الخطر الإيراني يدفع الموقف المصري للتجاوب مع متغيرات الموقف الخليجي:

وتلك حقيقة أخرى دفعت إلى تلاقي الموقفين المصري والخليجي، تحت ضغط الاختراقات الأمنية للمجالين الوطنيين في الخليج ومصر. وتلك الاختراقات تتمثل بوصول التأثير الإيراني إلى باب المندب، وتالياً إلى الحدود الشرقية لمصر، وهذا إذا ما أضيف إلى المخاطر الأمنية الموجودة أصلاً، أثار المخاوف المصرية المباشرة من محاصرة أمنها الوطني من جهات متعددة، وهي:

-التأثير الإيراني شرقاً بعد استيلائه على القرار الحوثي في اليمن وتقديم كل وسائل الدعم له.

-الاختراق الأصولي للداخل المصري متمثلة بالعمليات العسكرية في سيناء، وفي أنحاء متفرقة من الأراضي المصرية.

-تأثير الأصوليات الدينية السياسية في ليبيا.

إن المخاطر الإيرانية (الشيعية الأهداف)، ومخاطر نشاط الحركات الأصولية الإسلامية (السنية الأهداف)، وإن كانت تفصل بينهما عوائق إيديولوجية طائفية ومذهبية، إلاَّ أنهما يتلاقيان بهدف إسقاط الدولة القطرية العربية من أجل أن تقتطع كل واحدة منهما حصتها من كعكة تقسيم الوطن العربي. وما تنسيق التيارين في العراق إلاَّ الأنموذج الأمثل الذي يجمعهما مرحلياً في كل قطر عربي تشتعل نار الحرب الأهلية فيه.

ولهذا، ومن أجل كل هذا، جمعت وحدة المخاطر كلاً من دول الخليج العربي مع مصر. وأصبح واجب مواجهة التيارين مهمة مشتركة.

الحل من وجهة نظر بعثية وقومية ووطنية

ولذلك، وإذا كنا ننطلق من نتائج استنتاجاتنا تلك، فسنجد الحل الواقعي والمنطقي الذي استند إليه الرفيق عزت ابراهيم، ممثلاً حزباً قومياً من جهة، وممثلاً جبهة وطنية قومية وإسلامية ووطنية على مستوى العراق من جهة أخرى، عندما أطلق دعوته لقادة دول الخليج العربي، وفي المقدمة منها السعودية من أجل الاستمرار بـ(عاصفة الحزم) وتتويجها بحل سياسي يستبعد الإقصاء والتهميش لأي مكون مجتمعي في اليمن على أن يقطع دابر التأثير الإيراني في أي حل. وأن تستأنف عاصفة الحزم مهمتها في العراق الذي في إقفال بوابته في وجه غزو الإمبراطورية الفارسية تكون قد أقفلت تلك البوابة التي تم عبورها ليس إلى العراق فحسب، بل إلى كل أجزاء الوطن العربي. وإذا حصل العكس فهذا يعني إعلان الاستيلاء الفارسي على العاصمة الخامسة، وتليها العاصمة السادسة فالسابعة في وقت قريب.

ومن أجل كل هذا فقد أعلن موقفين متكاملين، وهما:

-عن واجب الأنظمة العربية الرسمية، أعلن، أنه: (على كل العرب وفي طليعتهم أطراف عاصفة الحزم أن يقوموا بعاصفة حزم أخرى في العراق، لأن شعب العراق وأرض العراق هو شعب الأمة وأرضها، والعراق سد الأمة المنيع أمام الطوفان الفارسي على امتداد التاريخ الطويل).

-وعن واجب كل أطراف حركة التحرر العربية، وعد باسم تلك الحركة، بما يلي: (لذلك علينا نحن في البعث وعلى المستويين الوطني والقطري، وفي الجهاد، أن ندفع باستمرار باتجاه استثمار طاقات الأمة من خلال أنظمتها ... وأن نؤجل كل نضالاتنا وكفاحاتنا ضد هذه الأنظمة إن وقفت ضد الاستعمار أو قاتلت ضد الاستعمار بشكل مباشر كما في حال عاصفة الحزم(.

ثلاثية المقاومة العراقية ودول الخليج العربي ومصر العروبة والرهان على المستقبل

تتلاقي في هذه المرحلة أهداف ثلاث قوى فاعلة، وهي المقاومة العراقية ودول الخليج ومصر، في مهمة إنقاذ الوطن العربي من أذرع الأخطبوط الإيراني، خاصة بعد إعلان انتصار مشروع الإمبراطورية الفارسية وعاصمتها بغداد. وإذا انتقلت الوعود الإعلامية التي تبثها وسائل الإعلام الخليجية من ميدان الإعلام إلى ميدان التطبيق، أي إذا أثبت المستقبل أن احتمال تحوُّل أهداف (عاصفة الحزم) من ميدان المرحلية إلى ميدان الاستراتيجيا، ستجد المقاومة العراقية تنتظرها في وسط الطريق، خاصة أن للمقاومة أظافراً وأنياباً تجرح وتدمي المشروع الإيراني الخطير.وإذا تلاقت جهود أقطاب الثلاثية فإنها ستبلغ أهدافها بوقت وزمن قياسي من دون خوف أو وجل من محاولات الترغيب والترهيب الأميركية، لأن إدارة أوباما الآن تمر في أضعف الظروف. ولعلَّ ما يدور في كواليس الإدارة الأميركية، وفي أوساط قوى فاعلة تمثل ضغطاً على تلك الإدارة، ما يضع أوباما في مواقف حرجة تشبه المواقف التي تعرَّضت لها إدارة جورج بوش الإبن قبل الانتخابات التي سقط فيها، وفيها فاز منافسه الديموقراطي.

وأخيراً، وإذ  نضع احتمالاتنا المتفائلة في ترقب متغيرات فعلية، نرجو أن تأتي الأسابيع أو الأشهر القادمة بما يثلج قلوب العرب الصادقين عندما تحمل  متغيرات ستلعب دوراً إيجابياً في إنقاذ الأمة العربية من المشروع الفارسي الخبيث.





الاثنين ٧ شعبــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / أيــار / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب حسن خليل غريب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة