شبكة ذي قار
عـاجـل










اذن ماهي العوامل المؤثرة في بناء الدولة بعد ان تمت الاشارة الى المعرقلات الاساسية فيها لإن ولادة فكرة ما وتطورها من زاوية اتساع تأثيرها يتوقف على وجود أزمة في أسس المجتمع ، يعود سبب وجودها إلى عدم قدرة التنظيم الداخلي للمجتمع على الاستجابة إلى مطالب البيئة الاجتماعية ، لجمود هذا التنظيم على شكليات اجتماعية معينة ، فقدت قدرتها على استيعاب محدثات الزمن والمصالح الجديدة المرتبطة به بظهور قوى تداخلت وراء ولادتها عوامل اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية ، إن وقع تأثير الأزمة على الأفراد ممكن أن يأخذ له شكلاً سلبياً من جهة ، مثل الإضرابات النفسية اضطرابات الخوف من المجهول وبتفشي الفوضى وغياب اليقين في أسس المجتمع ولا يغيب عن الذهن إن التغيير المنبثق من الأزمة في هذه الحالة يكون مرتبطاً مع ما يعيشه الأفراد من مشاعر بعدم التفهم وغياب الأمن والقلق والآلام وغياب الأمل والفشل بفعل الاحباط المتتالي بفعل سوء الاداره وعدم اهلية القائمين عليها مع استخدام التضليل المتعمد لاخفاء العيوب والتستر على الانحرافات والانهيار بالبنى التحتيه المتعمده ،

أو أنه يأخذ له شكل إيجابي عندما يكون مصدراً للخروج من مأزق بفضل الأفكار المتصارعة والباحثة عن تأليفه فكرية تساعد في التعجيل من عملية التغيير من جهة أخرىوعند تسليط هذا التحليل على واقع المجتمع العراقي لما بعد الغزو والاحتلال والحكومات التي انتجتها مايسمى بالعملية السياسية ، بأن الأزمة التي يعيشها حالياً تظهر، بفكرة الديمقراطية التي أخذت كواجهة لنظام سياسي تم تغييره ، ليست هي الأساس في قيام الأزمة ، وإنما تعود أسباب بروز هذه الأخيرة على الساحة السياسية إلى مكونات التركيبة السياسية الحاكمة الجديدة وأسلوب تعاملها السياسي ، أي إن فكرة الديمقراطية رغم حاجة المجتمع العراقي لها ، لم تكن فعلاً العامل المسبب في قيام الأزمة إلا أنها عجلت في تفجيرها عندما فضحت هشاشة البنية الشخصية لمكونات التركيبة السياسية الحالية وهويتها اللاوطنية ،

حيث أظهرت مدى عمق الهاوية بين تبني فكرة جديدة متطورة كفكرة الديمقراطية ، وبين التمسك بالعقلية التقليدية التسلطية المرفوقة بالاستأثار والانتقام ، يضاف إلى ذلك أن فكرة الديمقراطية رغم تردد ذكرها على الألسن بقيت ككلمة لا معنى لها ليس فقط في ظل النظام وإنما أيضاً داخل المجتمع الذي يفتقد في جذوره إلى مصادر ثقافية يمكن الرجوع إليها بهدف التماثل معها أو تبنيها كثوابت تساعد على بناء الدولة ، والصـراع تلك العلاقة الاجتماعية بين قوتين متناقضتين، أو مجموعة من القوى تريد كل واحدة منها فرض تصورها الخاص للبنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية ، تصور محكوم بالمصالح الحيوية لكل واحد منها قوى تتمتع بدرجات متقاربة من القدرة على التأثير ، إلا أن مجال تنافسها يتحدد في قدرتها على السيطرة على المجتمع منظراً لها من زاوية الربح والخسارة للمصالح التي تحركها وتشكل دوافع تصرفها ، و الواقع هو الذي يشكل الحد الفاصل بينهما ، لأن فشل آليات التهديد والترغيب أو نجاحها في تحقيق مصالح المجموعات المتصارعة تعكس القوى التأثيرية لإحداهما على المستوى الواقعي في إمكانيتها أو فشلها بتحقيق برامج ومخططات إستراتيجية إذاً الصراع هو تعبير عن علاقة اجتماعية محكومة بمصالح أطراف هذه العلاقة ،

إلا أن شرارة بدء الصراع بينهم تحددها أوضاع وظروف البيئة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية نتيجة لهذا المفهوم ، وعدد من العوامل الاساسية التي تقرر وتؤثر في تحديدأطر الصراعات المؤدية إلى تقكك الدولة وتمزقها ، من فشل آليات المؤسسات والأجهزة والتشريعات ، ويمكن حصر هذه الأسس في فكرة ندرة الأشياء ، وخاصة في مجال القوة مادية كانت أم معنوية وانعكاس ذلك على حالة شعور الأفراد بالحرمان فكلما كانت ندرة الأشياء بسبب الاستغلال والاحتكار كبيرة ووقع تأثيرها النفسي عميق قادت هذه الوضعية إلى زيادة درجات القلق والتوتر، وشعور الأفراد والمجموعات بعدم قدرتهم في التحرك لإيجاد البديل عن الوضعية الراهنة بسبب غياب المصادر البديلة ، أو نقصها تدفع هذه الوضعية إلى قيام الصراع بين من يملك ومن لا يملك. فكلما كانت هناك إمكانية لإيجاد البديل ، قلت درجات تحول المشاعر إلى عنف لدى الأفراد والمجموعات والعكس صحيح أيضاً ، أي كلما شعر الأفراد بصعوبة إيجاد البديل زادت لديهم مشاعر الإحباط وتبلورت مشاعر العنف بشكل أكبر، علاوةً على سرعة الوقوع في صراع يتوقف على عامل قدرة تبادل المعلومات بين المجموعات المتصارعة فكلما كانت المعلومات المتبادلة وأدوات انتشارها متسمة بالوضوح ولا ينقصها عيب ولا مرتبطة بإشاعات ولا تبريرات ذاتية قلت إمكانيات الصراع والعكس صحيح ،

وبعد هذا الايجاز في النشوء واسباب الاخفاق لابد من التطرق الى المنهجية التي مر بها بناء الدولة العراقية لما قبل الغزو والاحتلال 2003 بنظاميه الملكي والجمهوري وعلى النحو التالي ان الملكية في العراق كانت في جزء منها صنيعا بريطانيا ، وفي الجزء الآخر نتاج الانتخاب الشعبي وحتى حكومة الملك التي اقامت النظام الملكي الدستوري ، وانشأت مجلسا نبابيا منتخبا ودستورا للبلاد ، عملت للمحافظة على المعادلة الصعبة ، أي المحافظة على هيمنة النفوذ البريطاني من جهة ، وضرورة إرضاء غالبية السكان والعناصر الوطنية الاخرى في ظل حضور الاتجاه القومي الكردي الذي يطالب بحق تقرير المصير والذي يتستر خلفه حلم قيام وحدتها القومية وتقرير مصيرها حصيلة للمعاهدة سيفر المبرمة آب 1920م بين الحلفاء المنتصرين والإمبراطورية العثمانية فقد كان هذا الاتجاه في بداية نشوئه يعبر عن تنظيمات طلابية ثم أصبحت حزبية ، فنهج تلك القوى كان متأثراً بالفكر الديمقراطي والتقدمي بصيغتة اللبرالية والاشتراكية ، فالنظام الملكي العراقي مر بثلاثة مراحل ووفق توقيتاتها التأريخية قالمرحلة الاولى تنحصر من 1921 – 1923 وهي الفترة التي حددت الهوية العراقية ما بعد الانسلاخ من الامبراطورية العثمانية والتي تعتبر مرحلة التأسيس للدولة العراقية الحديثة حيث تم تتويج الملك فيصل الاول الذي اتخذ عدة اجراءات ذات طابع شكلي في الممارسات الديمقراطية واصدار قانون الاحزاب العراقية في اب 1922 وجوهر هذا القانون هو نزوع المندوب السامي البريطاني الى اخضاع الاحزاب المتقدمه لاجازتها الى الارادة البريطانية ومن هنا كانت الاحزاب المجازه هامشية ضعيفة البنية والاهداف كونها قصيرة الامد ومحدوده ،

والمرحلة الثانية يمكن حصرها من 1933 – 1945 والتي تميزت بتصاعد الصراع من اجل السلطة والتي يمكن وصفها بمرحلة التململ العسكري من خلال الانقلابات العسكرية لتغيير النظام الملكي ومن ابرزها ماحصل عام 1936 و مايس 1941 وكانت تأثيراتها اعادة تشكيل التحالفات وبروز القوى القومية الواعية لتطلعات الجماهير العربية العراقية ومن ابرزها حزب البعث العربي الذي كان بدور التبشير والتأسيس في بلاد الشام ، والمرحلة الثالثة 1946 – 1958 وتتميز هذه المرحلة بفشل الحكومات المتعاقبه من الانفتاح السياسي والاستجابه لتطلعات واماني العراقيين ومن أبرزها التحرر من معاهدة بورتسموث 1948 ليحصل العراق على سيادته التامه والخروج من دائرة الاسترليني والكومنولف البريطاني وشهدت هذه الفترة نضج الفكر القومي الثوري وتواجده الفاعل في الشارع العراقي وخاصة الطلبه والعمال والذي مهد الى توحيد طاقات كل القوى الوطنية والقومية بالجبهة الوطنية العراقية التي فجرت ثورة 14 تموز 1958 ليتحرر العراق ويتمكن من اقامة نظامه الجمهوري الذي يعده الباحثين السياسيين والمعنيين بالشأن العراقي أنه مره أيضا" بثلاث مراحل لما شهد من احداث ومتغيرات سياسية صب قسما" منها في اتجاه تأكيد السيادة الوطنية والاستقلالية وما نتج بفعل الفكر الشعوبي من تأثير على وحدة النسيج المجتمعي العراقي ،

فالمرحلة الاولى تنحصر مابين 1985 – 1963 والتي شهدت مأسي السلوك الشعوبي واستهداف الوطنيين الحقيقيين والمؤسسة الدينية التي وقفت بالضد من توجهاتهم وحبالهم بالاضافة الى التفرد والحكم الشمولي الذي مارسه المرحوم عبد الكريم قاسم ، أما المرحلة الثانية 1963 – 1968 والتي شهدت حدثيين اساسيين الاول الثورة الشعبية التي شاركت بها كل القوى من الطلبه والفلاحين والكسبه والعسكريين الثوريين بقيادة وتخطيط حزب البعث العربي الاشتراكي في 8 شباط 1963 { 14 رمضان } والتي تم وئدها بالردة السوداء بعد تسعة أشهر من عمرها وتحكم الاخويين عبد السلام وعبد الرحمن بالعراق ، وكرد فعل قومي على نكسة الخامس من حزيران 1967 ولتخليص العراق من الطوق الذي سببه حكم الاخويين فجر البعث الخالد ثورته البيضاء المعطاء في 17 – 30 تموز 1968 لينتقل العراق الى مكان البناء والتطور والعمل من اجل تطبيق المشروع القومي النهضوي الهادف الى تحويل البوابه الشرقية للوطن العربي الى قلعة صمود وتصدي لكل المحاولات الشعوبية التي يراد منها احتواء الوطن العربي وخاصة الخليج العربي من قبل النظام الشاهنشاهي والقوى الساندة الداعمه له وهنا يمكن ان نحدد انتقال العراق الى المرحلة الثالثة من نظامه الجمهوري المتسم بالسيادة والاستقلالية السياسية والاقتصادية ووصول القيادة الوطنية القومية التي تمتلك الرؤية الشمولية للواقع العراقي العربي والعاملة على تحقيق اهدافها وامانيها وهي بذاتها اماني الجماهير العربية واهدافها ومن هنا كان العدوانييون متوحدون في العمل على تصفية هذه الولادة القومية الوطنية وحرمان العراق من الارتقاء الى مصاف الدول المتقدمة وامتلاك ناصية العلم وامتلاك العلماء فكانت قواهم تمارس الدور العدائي بالتدخل المباشر بالشأن العراقي أو النزول الى الساحة كما هو في العدوان المبيت الايراني على العراق في 4 أيلول 1980 والعدوان الثلاثيني 1991 وغزو واحتلال جمع الكفر للعراق في 2003 وما سبق ذلك من مؤامرات وتدخلات بالشأن العراقي ،

وبنتيجته تمكن الاشرار من العراق العربي المستقل وقيادته الوطنية القومية ليطلق العنان الى جمع الشعوبيين الصفويين الجدد لفعل فعلهم بالعراق العربي من خلال ما يسمى بالدستور الذي قتل المواطنة بالمكون والوطنية بالطائفية والسيادة والاستقلال بتسلط الاغراب على العراق وتسنمهم المواقع السيادية

يتبع بالحلقة السابعة






الاحد ٢٠ شعبــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / حـزيران / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة