شبكة ذي قار
عـاجـل










تناولت بالحلقة السابعة المعوقات السياسية والاجتماعية والثقافية التي تقف بوجه اعادة نشاط الدولة العراقية الحديثة 1923 - 2003 التي استهدفها عدوان ثالوث الشر الامبريا صهيوني صفوي جديد واتناول المعوق الذي اراه الاهم الا وهو المعوقات الثقافية لما يشكله من تاثير على التوجهات والافكار والاراء وهنا نتوقف امام الهجمة المبرمجه التي شنها ثالوث الشر ومن سار بركبه وعمل بانجدته ضد الفكر القومي الثوري المعبر عن ارادة الامة العربية وتطلع جماهيرها لانه الوليد الشرعي للرحم العربي والمستوعب لحاجات الامه والمعالج برؤيته التأريخية المتفتحه لكل الامراض والعلل التي اريد لها تدمير الامة العربية وذلك من خلال تبني النخبة الواعية من ابناء الامه للافق القيمي الانساني للدين الاسلامي الحنيف الذي يعد هو الجوهر الحقيقي للروح الانسانية التي نهض بها العرب عند تحملهم اعباء الرسالة المحمدية وانفتاحهم على الامم والشعوب المغلوبه بفعل الطواغيت والجبابره وعليه يمكنناان يحدد العراقيل الثقافية في المشاكل التي تخص مجال بناء الدولة او تدعيم وجودها وفي أي مجتمع سواء كان ذلك في البلدان المتقدمة او البلدان المتخلفة ، مشاكل تتعلق بمواضيع مثل تأثير الثقافة الوافدة او المكتسبة وعلاقتها مع الثقافة الأصلية وبين الثقافة المدنية والثقافة الريفية العشائرية بقبليتها ، او بين ثقافة الشباب وثقافة الراشدين وفي هذا المجال أن لا يتهرب المجتمع من خصوصية ازدواجية تصرفه فمن جانب تملكه لإحساس بأن القيم الحديثة قيم غريبة عنه ومنذ عهد الصليبيين ،

وان تبنيه لهذه القيم يعني بالنسبة له التخلي عن هويته الذاتية ويترجم ذلك من خلال مشاعر الرفض لكل ما هو اجنبي عن ثقافته ، في نفس الوقت تحظى هذه القيم الجديدة باحترامه وتشده ، لكونها تمثل في النهاية منطلق الحضارة ومنهج الوصول إلى التكنولوجيا المعاصرة وبالتالي فإن شعور الفرد في هذا العالم يبقى سجين قيم نموذجين متناقضين ، يجعل العالم الإسلامي يعاني من التردد والحيرة فالمسلمون يقلدون الغرب أحيانا ويرفضون قيمه ويرتمون في أحضان الماضي كوضعية تعويضية أحيانا أخرى فالعالم الإسلامي لم يستطع الى حد الساعة أن يجد حلا لإشكالية الانفصام الحضاري والثقافي ، وهو بذلك يعاني من جراء ذلك حالة شقاء مخيفة ومأساوية ، حيث نتحدث عن التصدع الثقافي والتنافر وحالة الانفصام على صعيد المجتمع ، أو حال القلق والشقاق والإحساس بجراح الذات وتعني هذه الحالة باننا امام أزمة هوية فصحيح ان ليس في العالم مجتمع واحد مطلق التجانس ، وان كل مجتمع ينطوي على مجموعات سكانية مختلفة وثقافات فرعية متنوعة ، غير أنّ بروز الى الوجود أزمة الهوية إلى الوجود ، تبدأ عندما يصبح التوترالذي تثيره التناقضات بين هذه المجموعات السكانية أو الثقافات الفرعية ، الدافع الرئيسي وراء التحرك السياسي فعندما يحل القلق والتوتر كمشاعر عاطفية محل العمل العقلاني ، تقود هذه المشاعر الى شل طاقة الفعل والعمل خصوصاً اذا ما تعلق الامر ببناء الدولة حيث تعني هذه الوضعية وجود تناقض بين الصيغة الرسمية للعقد الاجتماعي ،

وإطارها المؤسسي ممثلا بالدولة وواقع الحكم ومثل هذه التناقضات موجودة أساسا منذ ولادة الدولة العراقية الحديثة ، فهناك تناقض في إطار النظام الثقافي الحاكم للمجتمع بين ثقافة البداوة وثقافة المدينة ، وفي إطار النظام السياسي بين مبدأ المواطنة وواقع الامتيازات التي حصلت عليها بعض المجموعات السكانية بحكم طبيعة النشأة المؤسسية للدولة، ومن الناحية الإجرائية هناك تناقض بين مبدأ المشاركة السياسية المعلن وهياكل الحكم المتوارثة عن الدولة العثمانية، "ان عملية بناء الدولة العراقية وما عانته طيلة تاريخها السياسي، وخصوصاً فيما يتعلق بمسألة الثقافة السياسية، يمكن ان تزود معطيات احداثها صورة لتلك الصعوبات لان نوعية الثقافة السياسية لدى المواطنين هي ثقافة خضوع فبسبب البنية السلطوية للنظام السياسي ومركزية قرارته فلا دور يذكر للمواطنين في عملية صناعة السياسات الداخلية ، رغم احساسهم بأنهم يشكلون جزء من النظام السياسي ولديهم وجهات نظر سلبية كانت أم ايجابية تجاه النظام السياسي ومؤسساته. لذلك اقتصر دور الأفراد على استقبال مخرجات النظام السياسي دون التأثير بمدخلاته ولو بشيء بسيط ، وعلى الرغم من إن موروثنا الثقافي الزاخر بالكثير من الصفحات المشرقة التي يمكن من خلالها محاربة الاستبداد وبناء دولة ديمقراطية حقيقية ، إلا أن السائد حالياً من هذا الموروث بين أبناء الشعب يحمل في ثناياه عدة أبعاد ، لا تشجع على الحوار والتسامح وبناء ثقافة المشاركة ، وذلك لأنه يتم استحضار الموروث الثقافي بكل تناقضاته وصراعاته ومحاولة فرضها على قضايا الواقع الراهن ، حتى تصبح خلافات الطوائف وشخوص الماضي ذات الأثر الأكبر في بناء ثقافة أفراد المجتمع وهذا يؤدي إلى تمزيق هويات المجتمع وولاءاته ويمنع بناء ثقافة وطنية واحدة تسودها روح المواطنة ،

وكما أشرت سابقا بأن اتصاف المجتمع العراقي بالتلون الاجتماعي والقومي انعكست هذه الوضعية على تشكيل هويته ، فلكون ان الموروثات الموجودة لدى اغلب العراقيين في التفكير والسلوك هي في اساسها تتكون من الموروثات الطائفية والموروثات العشائرية فان وجود هذا الاساس اثر على عقل القيادات السياسية المفروضه في مجال اللجوء الى الحوار والتعامل مع ابناء الشعب العراقي ، فيكون العنف و سيادة نزعة الصراع ولمصلحة الطائفة أو العشيرة ، بدلا من البحث عن الحلول التي تقود الى تحقيق البناء السياسي للدولة المعبره عن الشعب العراقي باجمعه وبتنوعه ، إن وجود إحساس لدى البعض بان ثمة هوية وطنية عراقية تم ارساخها منذ 1958م تتصف بكونها أكثر عمقاً عما كانت في عام 1921 م ، فانه يمكن للباحث في الواقع المجتمعي العراقي الان ان يشك في هذا الاعتقاد لانه اذا حلل الامر من زاوية التحليل الحركي لوجد ان وراء الشعور بالانتماء والقوة الموحدة بين الجماعات في عام 1921م تكمن تلك المعارضة للنفوذ البريطاني و لنظامه في العراق ، والتي في اساسها تكمن مشاعر الاختلاف في القيم وبالخصوص تلك الدينية منها ويعتبر هذا التظاهر شيئا طبيعيا لان تظاهر الهوية لا يبرز الى الوجود الا من خلال وجود تحدي خارجي اجنبي لمكونات المجتمع الاصلي ولكن مع بعد هذا التاريخ تصارع المجموعات المتباينة فيما بينها ، لم يشعرها بان هذا الصراع مهدد لهويتها الوطنية ، لان غياب عدو حقيقي من جهة ومن جهة اخرى عدم تحقق هذه الهوية فعليا ، بسبب عدم الاتفاق فيما بينهم على مشروعية البرنامج الوطني ، الذي انعكس على العمل السياسي فيما يخص البناء السياسي للدولة ،

عندما حل مفهوم العدو الداخلي محل المفهوم العدو الخارجي لهذا فقد لعبت هذه الظروف دورا في عدم توحيد المشاعرحول قضية العراق ، بتوجيه عدائها ضد العدو المشترك وما نتج من بعد من جهد وعمل سياسي في هذا الاتجاه كان في أساسه سلبياً وينقصها رؤية ايجابية مشتركة ، ومن عدم شمولية الجدل حول ماهية طبيعة الهوية العراقية وحتى اذا تصور البعض بان مؤسسة الجيش ، ربما كانت الأقرب إلى إضفاء شعور بالوحدة الوطنية ، بسبب طبيعة الانخراط المفتوح على الجميع الى هذه المؤسسة. لكن مساهمة الجيش كانت دائماً تشبه سيفاً ذا حدين ، فمن جهة كان الجيش احدى المؤسسات التي تأسست بالحكم الملكي واشراكه في الصراع السياسي منذ هذا التاريخ اضعف من قدرته على توحيد المشاعر، ومن جهة اخرى تسيسه من قبل السلطة ، أفقده المناورة في تدعيم الشعور بالانتماء بسبب خوضه معارك ضد بعض القطاعات السكانية الامرالذي قاد الى اضعاف دوره في عملية التوحيد ، نتيجة لانعكاس التركيبة الاجتماعية على مؤسساته ، وكما كان الحال مع جميع المؤسسات الوطنية الهامة الأخرى وعليه يمكن القول بأن أزمة الهوية العراقية تعود إلى مجموعة العوامل الداخلية التي ترتبط بطبيعة المجتمع العراقي وخصوصياته ، يضاف الى ذلك السياسات التي اتبعت من قبل المركز السياسي فعندما يصعب انصهار أفراد المجتمع كافة في بوتقة واحدة تتجاوز انتماءاتهم التقليدية الضيقة وتتغلب على آثار الانتقال إلى المجتمع العصري بتعقيداته المختلفة ، بحيث يشعرالأفراد بالانتماء إلى ذلك المجتمع ، فان شعور احدى المجموعات المكونة للتركيبة الاجتماعية بما يسمى بالحرمان النسبي أي شعورهم بحرمانهم من الحقوق التي يتمتع بها أشخاص آخرون في المجتمع نفسه فان كل اليات التي توضع لتدعيم البناء الوطني ، سيصيبها الشلل و سيتعرض هذا البناء الى الانهيار

يتبع بالحلقة التاسعة
 






الاثنين ٢١ شعبــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / حـزيران / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة