شبكة ذي قار
عـاجـل










اذن تداخلت مجموعة من العوامل الداخلية والإقليمية وهيأت الظروف المناسبة للإطاحة بالنظام الوطني العراقي كما أن لعبة السياسة الدولية ومصالحها كان لها دور في تشجيع أو تأييد الخصوم أو جني ثمار نزاعات الأطراف المتصارعة ، حيث رأت الدول الكبرى والكيان الصهيوني أن تصرفات العراق الوطنية القومية هي بالضد من استراتيجياتها في المنطقة التي كانت تحاول إحكام الطوق على ألاتحاد السوفياتي ومنظومة حلف وارشو بعدد من الدول المؤيدة لسياساتها ،

فكان العراق يطمح ألتقرب من الإتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكية وعقد معاهدة دفاع استراتيجي مشترك معه مما سيسبب وفقا للإستراتيجية الأميركية والعالم الغربي بتقرب الإتحاد السوفيتي مما اصطلح عليه - من المياه الدافئة - أي مياه البحر والخليج العربي الغنين بالثروة والتقرب من الشرق الاوسط المثقل بالمشاكل والصراعات التي خلفتها دول الاستعمار القديم بريطانيا وفرنسا وايطاليا وما تسببت به من كارثتين في المنطقة أولهما شطر الولايات العثمانية العربية إلى دول وفق معاهدة سايكس بيكو ، والإسهام بتأسيس الكيان الصهيوني في فلسطين العربية ، وبين السيطرة الأميركية المتنامية في الوطن العربي بعد الحرب الكونية الثانية واستخدامها شعار ملىء الفراغ وتحديدا بعد حرب السويس { العدوان الثلاثي على مصر 1956 } ناهيك عن الصراع بين الحكام الموالين لهاتين الكتلتين والحكام القوميين الوطنيين الجدد الذين يطمحون للتحرر والثورة وإعادة توحيد أوصال الوطن العربي تحول صراع الأيديولوجيات بشكل تدريجي إلى صراع مسلح بين الفرقاء ،

وبدأت سلسلة من المحاولات من الجانبين لفرض المواقف التي تؤذي الامة العربية وقضيتها القومية لان طرف يدعي الثورية ويرفع شعار معادات الاستعمار نجده غاطسا" في العقل الشعوبي لان قياداته تحمل العقد والكراهية وفي تاريخ تلك المرحلة وقعت ثلاثة أحداث مثيرة للجدل يراد منها تمزيق لحمة المجتمع العراقي خاصه والعربي عامه وهي ذاتها اليوم تحصل تحت عناوين الربيع العربي .....الخ ،

ومن ابرزها صراع الهويات ومأزق المحاصصة الطائفية التي لم يشهدها الواقع العربي والعراقي خاصة ، فقد رافق في الواقع تفكك الدولة العراقية وانهيار نظامها السياسي عدد من المظاهر السياسية ومن بينها الصراع الطائفي تحت عنوان المظلومية ووفق العقل الصفوي الهادف الى تمزيق النسيج المجتمعي العربي والاسلامي واضعافه ليكون ملالي قم وطهران هم الاقوى والمؤثرين في العقول والنفوس تأسيسا" لانبعاث الامبراطوري الفارسي الذي عمل عليه النظام الشاهنشاهي كثيرا" ، صحيح ان بناء السُلطة التقليدية الموروثة أدى إلى غياب الحراك الاجتماعي وفاعليته السياسية حيث يرى البعض أن ذلك يبرز بشكل جلي في عدم قدرته على انتاج القادة السياسيين { لاالدينين ولاالقبليين } ، باعتبارالمجتمع الذي يفشل في انتاج القادة ومنحهم المناصب مجتمع فاشل وغير قادر على حكم نفسه لهذا فانه مجتمع عاجز عن القيام بطرح المبادرات وقيادة التحولات ، ركيك في بنيته مفكك في تشكيلاته لا يمتلك أطراً تعبر عن تطلعاته وطموحاته ، ولا توجد أية استراتيجية لترتيب علاقته بالدولة أو لنقل مطالبه إلى السلطة ، مجتمع مترسخة فيه البنية التسلطية ، ولا يملك ثقافة سياسية حديثة فلم تتغير هذه الوضعية مع دخول المحتل ،

بل ازدادت درجات تخلفه فنظرة أغلبية الافراد إلى علاقاتهم بالدولة بوصفها المسؤولة بالأساس عن التوزيع والتخصيص ، أوالتي من خلالها يمكن جني المكاسب والثروة ، أوالحصول على المكانة الاجتماعية ، التي تعمقت بشكل هائل حينما اصبح المحتل مصدراً للتعرف والتعويض وبسبب غياب القيادات المؤهلة وعدم وجود ثقافة معرفية سياسية قادرة على دمج الافراد في عملية التغيير تصديا" للاجندة التي يراد لها كأمر واقع سوى البعث الخالد بمناضليه المطاردين والملاحقين من قوة الغزو والاحتلال وعملائها واذنابها المليشياويين والانتهازيين الذين تعودوا الرقص على جراح العراقيين وبيع عقالهم بابخس الاثمان والدراهم المعدودة كما هو حاصل في مجالس الاسناد ومجالس العشائر التي لاتعد ولاتحصا اليوم ،

أوكل الافراد والجماعات أمرهم إلى قياداته الدينية التي هي بدورها لا تخرج عن التفكر بطريقة قروسطية {{ مصطلح اول من استخدمه الفيلسوف العربي الاستاذ الدكتور تيزيني في كتابه مشروع الرؤية الجديدة ، ويقصد بها النسب إلى القرون الوسطى ، أي معرفة منطقية مبنية على مسلمات صبغت بمعقولية قروسيطية ، من التتبع اثار المعقوليات الحديثة وبنياتها المنطقية لافهامها بشكل صحبح ، والذي يحتاج الى وقت طويل لاتمامها والذي تم نسج على هذا المنوال الكثير من نسب الاخرى مثل السلفوية }} في نظرتها إلى المجتمع والسياسة فانقسم طائفياً وتدمرت حتى الصورة الهشة لمفهوم المواطنة في جامعها المشترك كأفراد في مجتمع له دولة ، فتحطمت كنتيجة بقايا الهوية الوطنية بالكامل في الحقيقة إن كانت الدولة يمكن اعتبارها كمجموع أدوات عقلنة المجتمع ،

فإن التفكير الطائفي المقيت لايقوم أبداً على تنمية الصلات الاجتماعية العقلانية وتوسيع دائرة التعاضد المجتمعي ، وهذه الوضعية ليست بالشيء الجديد لكونها كانت ملازمة أحيانا" لبنية الدولة العراقية المتجلية في ممارسات أنظمة الحكم المتعاقبة منذ تأسيسها وبسبب هذا الوضع لم تتشكل الدولة وبناءها في السابق بالشكل الذي كان يجب عليه ان تكون فبالرغم من الشعارات الأيديولوجية العصرية ظل العامل العصبوي الطائفي هو القاع الذي تقوم عليه السلطة وكيان الدولة التي أقامتها والتي رفعت الشعارات القومية كواجهة دعائية لا ايمانية كما بين ذلك في اكثر من موقف حزب البعث العربي الاشتراكي على مستوى الوطن العربي والعراق ومن ابرزها ما تناوله التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر القطري التاسع باب تسيس الدين ، لطالما كانت تخفي وراءها ممارسات تتسم بالطائفية ومع الاحتلال ومع عدم تفهم معنى الديمقراطية والتي هي نتاج واقع غير عربي اريد لها ات تكون لذر الرماد في العيون والتستر على نوايا الغزو والاحتلال والاهداف المستقبلية التي ستطال المنظومة العربية واقعا" وممارسه ، فان ما يحصل حالياً من الممارسات الطائفية ومالها من ارتباطات بنزعات التسلط وفي الواقع فالطائفية لاعلاقة لها بتعدد الطوائف أوالديانات ،

إذ من الممكن تماماً أن يكون المجتمع متعدد الطوائف الدينية أوالإيثنية من دون أن يؤدي ذلك إلى نشوء دولة طائفية أو سيطرة الطائفية على الحياة السياسية ، وبالتالي لتقديم هذا الولاء على الولاء للدولة والقانون الذي تمثله ولكن عندما تكون هناك إرادة بتقسيم البلد الواحد او تعميق جذور الاختلافات المذهبية وكما قلنا تحت عنوان المظلومية ووجوب القصاص من حيز مجتمعي لاذنب ولادخل له بما حصل قبل 1400 سنه ، بأعطائها صورة من صور التفكير الايديولوجي ، فان الولاء الطائفي يحل محل الولاء الوطني وهذا ما تم احداثه مع الاحـتلال الذي جاء مع فكرة تعميق الإختلاف الطائفي ، بتحويله الى صراع طائفي تم بيانه وتوضيحه وبناءً على المخططات الصهيونية في كتب شلومو أفنيدي وهو استاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية ، ضمن مقالة مثيرة في صحيفة كردستان اوبسن فير في 23 تشرين الاول 2003 م، دعا فيه بريمر الى ما أسماه الحل الخلاق في العراق بالاسراع في تفكيكه الى ثلاث دويلات - كردية في الشمال ، سنية في الوسط ، وشيعية في الجنوب - وهي ذات التوجهات التي تبناها بايدن نائب الرئيس الامريكي بدلاً من مبدأ المواطنه كأساس دستوري ينظم الروابط والصلات بين السكان وبعد تعريفهم بصورة عصرية ، تتلائم مع متطلبات التحول الديمقراطي المزعوم ، حل مبدأ الانتساب الى العراق والطائفة كأساس سياسي ومن نتائج هذه الوضعية هو ظهور العنف السياسي الذي يصعب حصره في دائرة واحدة كالقول {{ أنه ينحصر في أعمال القتال ، فالعنف أوسع من ذلك ، وهو يرتبط بما هو أوسع من الحرمان من الحياة الاجتماعية المستقرة ، ضمن رؤى وأجندات سياسية محددة ليندرج في اطار كل ما يعوق التمتع بحياة مستقرة أو يعوق الإنسان من تنمية حياته وقدراته الإنسانية وهذا ما انتهجه وعمل به الهالكي القريضي لدورتين انتخابيتين }}

يتبع بالحلقة الخامسة





الجمعة ٢ رمضــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / حـزيران / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة