شبكة ذي قار
عـاجـل










الصدمة والترويع التي حلت في عملية احتلال العراق واسقاط نظامه السياسي الذي اتهم ظلما" وعدوانا" بأنه لم يهتم بالقضية الوطنية الا في حدود خدمة مصالح سياسته الأنية ، فكانت اولى مهام الاحتلال في العراق استئصال الفكر الوطني القومي ومفهوم المواطنة ، بالخلط بين قانون اجتثاث البعث وقانون تحرير العراق وبين التنظيم الجديد للمجتمع العراقي وتقسيمه على اساس المكونات والمحاصصة الطائفية لذا فإن اول من تبنى خطاب الانتقال من المفاهيم الوطنية إلى المفاهيم الطائفية هي إدارة الاحتلال الامريكي ذاتها ليتبناها فيما بعد من يحلوا لهم تسميت انفسهم قادة العراق الجدد ، ومن ثم وسائل الاعلام العربية والغربية ، بالتركيز على مفردات تقزز النفوس الشريفة الوطنية والتي لم تكن في اي يوم من ايام الحقبة الوطنية القومية التي مر بها العراق ما قبل الغزو والاحتلال مدار حديث او تعامل سياسي او حكومي {{ شيعي ، وسني ، وكردي ومسيحي ، و مندائي ، وأيزيدي ، وتركماني ...... الخ }}

الا في حالة التعبير في المناسبات الدينية والخاصه ، والتي لم تكن متداولة قبل الاحتلال في الخطاب السياسي ، بل كانت مستهجنة من اطياف المجتمع العراقي كافة وحتى لدى الفرقاء السياسيين و بهذا فان الاحتلالين الامريكي والايراني للعراق قد عرض الهوية الوطنية العراقية لاكبر ازمة في تاريخ العراقي الحديث ، وقد بلغ مستوى تمزيق الهوية إلى حد قبول البعض وكما اشرت سابقا" بتقسيم البلاد أو اشعال حرب اهلية ، بل ان مجريات الحياة اليومية العراقية تفصح عن وجود الحرب الاهلية محليا ، وان كانت خفية والمتضحة في عدد القتلى العراقيين يوميا على اساس الهوية والاسم والانتماء وهنا لابد من الذكر على أن الامر لا يقتصر على سياسة الاحتلال فقط ، وانما ينعكس أيضا على صيغة تعامل القوى السياسية العراقية مع المحتل ، اذعبرت قوى سياسية بتفضيلها التعامل مع المحتل على حساب الوحدة الوطنية إلى الدرجة التي عد بعضهم الاحتلال تحريراً ، وأن بقاء الاحتلال خيارا ضروريا ، وفي المقابل اتجه البعض الاخر إلى ضرورة إخراج المحتل ، فيما بحث غيرهم عن اجنبي اخر لحمايته ، حال خروج المحتل الامريكي ،

وعليه فأن العراق يمر بمرحلة الهوية الوطنية المفقودة من جراء الاحتلال الامريكي الذي ساهم في تعميق ازمة الهوية التي يعانيها العراق ، ومنذ زمن بعيد من خلال تفكيك رموز الهوية الوطنية الرئيسية وتكريس مفاهيم الطائفية والعرقية واعطاء الفرصة الثمنية للملالي ليعيثوا بالعراق فسادا" من خلال مليشياتهم التي انشؤها في الداخل او مجاميع حرسهم وفيلق القدس الذي انتشر في عموم مدن العراق وجند من جند ليكون موطىء قدمه وما يجري اليوم في المنطقة الغربية من العراق والمحافظات الاخرى لخير دليل وبرهان على التناغم الامريكي الايراني والا ماهو تفسير القبول الامريكي بالتواجد الايراني وحشده الطائفي وهم يمارسون افعال الابادة الجماعية والتطهير العنصري لابناء محافظات انتفضوا للحصول على حقوقهم والزام حكومات الاحتلال التقيد بعهدهم ووعدهم عند التوافقات السياسيه ، كما ان من تداعيات الاحتلال احكام عزلة العراق ، الذي كان يعاني العزلة اساساً بسبب ظروف الحصار عليه من قبل العالم الغربي والنظام العربي والدول المستسلمه للارادة الامريكية الغربية ولكن تعمق مشكلاته جاءت مع حل الجيش العراقي وبعض مؤسسات الدولة التي كان لها الدور الوطني الفاعل في مكافحة الارهاب المخابراتي من خلال التدخل بالشأن العراقي وايجاد الخلايا النائمة التي يمكن استخدامها لاحقا" لتقويض النظام الوطني ،

بدون ايجاد فرص عمل من جهة وانقطاع خدمات الماء والكهرباء والصحة والمواصلات والاتصالات ...... الخ من جهة أخرى ذلك كله ساهم في تعميق تدهور الوضع العراقي وسبب في اخفاقات جديدة ، وعلى الرغم من اتخاذ بعض الخطوات الملموسة على صعيد العلاقة بالمحيط العربي والإسلامي ، التي تشمل الاتصالات الاعتيادية ووسائل النقل ووصول المساعدات الدولية والإنسانية ، غير ان أي اجراء في هذا المجال يتطلب إذنا خاصاً من سلطة الاحتلال ومن بين الجوانب التي شهدت تدهورا كبيراً ، التداعيات الاجتماعية حيث انتشرت منذ بداية الحرب عمليات السلب والنهب والاختطاف والعنف بشكل واسع ، وتواجه السلطات المعنية صعوبات جمة في فرض وحماية الأمن على نحو فاعل وكنتيجة حتمية لقرار إقالة أوحل الجيش واجتثاث المناضلين البعثيين من وظائفهم بالرغم من خبرتهم وكفائتهم وعلميتهم ، الذي أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة وزاد من انتشار الفقر وتدهور الصحة العامة وحتى الذين لديهم وظائف يعانون من تدهور الصحة ، بسبب وظائفهم ومشاكلها في حين هناك الكثير من الناس يعملون في إطار الاقتصاد غير الرسمي الذي لايقدم أية ضمانات وظيفية بارتفاع نسبة الذين ينخرطون في مجال الأعمال الخطرة يضاف الى ذلك وجود الضمان الاجتماعي الذي يبدو انه في طور الانحلال والتلاشي إن مشكلة انعدام القانون والانضباط تهدد الفئات الضعيفة من الناس ،

فهناك الكثير من الدلائل التي تشير الى انتشار اغتصاب النساء ، واختطاف الاطفال ، ومتاجرة شبكات أو جماعات مجرمة بالانسان ، وهناك الان اطفال كثيرون يعيشون في الشوارع مهددين بالتعرض لاستغلالهم لأغراض جنسية أو وقوعهم في العبودية ، الآلآف من الاطفال لا تتوفر لهم أي مساعدة أما نسبة غياب التلاميذ من المدارس فقد ارتفعت بعد الغزو والاحتلال وعلى الرغم من توزيع الكتب على المدارس وترميم البنايات ، فإن غالبية الأسر تتخوف من مجهولية مصير ابنائها فتمتنع عن إرسال اطفالها الى المدارس ، خشية منها على سلامتهم وأمنهم والى جانب ذلك ازدادت درجات الامية بالرغم من العراق في ضل النظام الوطني كان من الدول التي باركتها الامم المتحده لخوها من الامية ، ليس فقط على مستوى النساء لتشمل ايضا الرجال وان ظهور الجماعات الدينية المحافظة ومحاولتها في منع النساء من التعليم والتثقيف ارجع العراق الى مراحل من التخلف ، لم يشهدها منذ فترة طويلة من الزمن ففي الوقت الذي كان فيه العراق سباقاً بين البلدان العربية الى دعم تعليم المرأة وتوظيفها تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي وخلق اسوء حالة صحية للمرأة ، وبالتالي زيادة في وفيات الاطفال الرضع بل تدافع المتدنيون زلفا" الى تشريع قانون للاحوال الشخصيه تحت عنوان المذهب كي تكون المرأة العراقيه بالحال المرثي أكثر وجعا" وانتهاكا" وحرماننا" ،

ومن التداعيات الاخرى التداعيات الصحية كماهو معروف فان تأثيرات الحرب المباشرة في الجنود والمدنيين تأتي من القتال المباشر بسقوط القتلى والجرحى في المعارك وتظهر ايضا هذه التأثيرات من العواقب غير المباشرة للحرب ، التي تستمر لسنوات طويلة بعد انتهاء الصراع ومن هذه العواقب الصدمات البدنية و النفسية ، والامراض التي تسببها الحواضن السرطانية التي سببتها الاسلحة المستخدمه من قبل امريكا في العدوان الثلاثيني عام 1991 بظرب العراق ب { 835 } طن يورانيوم منضب لتدمير القوات العراقية المنسحبه من الكويت وفي غزوها واحتلالها العراق عام 2003 تم ظرب العراق ب { 2200 } طن يورانيوم منضب وبهذا يكون العراق خلال 12 عام ظرب ب { 3035 } طن يورانيوم منضب ، رغم ان الاحصائيات الاخيرة غالباً ما يجري تجاهلها في احصائيات الحروب ان تردد السلطات الاحتلال في تعداد قتلى الجنود العراقيين هي من بين المشاكل التي لم تظهر بعد بسبب ان موظفي الصحة لا يملكون الوقت الكافي لتسجيل الوفيات من جهة ، وكذلك لان الجرحى ينتقلون الى اماكن اخرى بسرعة من جهة اخرى وهذه الحالة هي وصف للدرجة التي وصلت لها الخدمات الصحية في العراق في السني الاولى من الاحتلال والتي مازالت اثارها حتى اليوم ، بتدهور جميع انجازاتها المطلوبة وفقدانها لمعنى وجودها ، بعد ما كان القطاع الصحي في العراق يعتبرواحدآ من افضل الانظمة الصحية في الشرق الاوسط والممول من قبل الحكومة المركزية والتي تقدم كافة الخدمات مجاناً و للجميع صحيح ان العدوان الثلاثيني 1991 واستمرار الحصار الاقتصادي الدولي عقد من الوضعية الصحية حيث شل النظام الصحي وبرامج الصحة الوقائية ، بتجميده للتقدم الطبي والدورات التدريبية بسبب منع دخول الكتب والمجلات الطبية إلى العراق خلال سنوات التسعينيات وبتواجد المشاكل التي واجهت صيانة وادامة تطوير الاجهزه الطبية غير ان ما دمرته المعارك والقصف الجوي للمؤسسات و السرقة ، كانت نتائجه تفوق ما احدثه الحصار .

يتبع بالحلقة السابعة





الاحد ٤ رمضــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / حـزيران / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامـــل عـبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة