شبكة ذي قار
عـاجـل










تسعى دول العالم المختلفة الى تحقيق تطور مستدام لاقتصادها يفضي في ما يفضي اليه الى رفع مستوى معيشة الفرد وتحسين الخدمات المختلفة التي تقدمها الدولة له. الانسان قيمة عليا في كل الدول والمجتمعات ويمكن القول ان الدول الحديثة وكل فعالياتها السياسية والاقتصادية منصبة لرفع مستويات تعليمه وصحته وقدرته الشرائية وسكنه واشتغاله وأمنه الاجتماعي ومعيار النجاح الاساسي لنجاح أو فشل النظام في أي بلد هو مقدار قربه أو ابتعاده في تحقيق هذه المهام .

لو القينا نظرة عامة الى جغرافية الوطن العربي فأننا سنكون ازاء الحقائق الاتية :

1- وجود النفط كثروة وطنية وقومية في معظم أرجاء الامة أو كلها .
2- وجود ثروات معدنية مختلفة استراتيجية كالحديد والفوسفات واليورانيوم والنحاس والذهب وغيرها .
3- وجود موارد مائية من أنهار ومياه جوفية وكميات مهمة من الامطار على مدار السنة .
4- معظم الارض العربية أرض بكر وقرابة 90 % منها صالحة للزراعة بما في ذلك الصحارى حيث ممكنات الزراعة قائمة فيها عن طريق اعتماد خطط واسعة لاستثمار المياه الجوفية واستكشاف الخصب البكر الكامن فيها.

ان ممكنات غنى الانسان العربي قد لا يناظرها نظير في كل العالم لكن الواقع هو غير ذلك فمعظم ابناء الامة هم فقراء ومعدمون ويواجهون صعوبات حياتية متنوعة قد يصل وصف الكثير منها بأنه كارثي حيث هم يعيشون تحت خط الفقر. ورغم اننا نتطرق الان الى حقائق وبديهيات غير انها تبقى في تقديرنا جديرة بالطرق وعلى ضوء ما قلناه بدأ من ان الانسان هدف وغاية الدول الحديثة واسعاده هو جوهر مضمون الانظمة السياسية في العالم .

اذن : هو ليس استنتاج ولا تحليل ولا تطبيل في سوق الصفارين بل اعادة اعلان عن حقيقة الحقائق : الانظمة العربية عموما لم تعمل على استثمار ممكنات الغنى الواسعة لإثراء الانسان وتحقيق حاجاته وفشلت فشلا ذريعا في تحقيق الاستقلال السياسي لأنها فاقدة في أغلب الاحيان لإرادة القرار ولإرادة رسم السياسات ولأنها لم ترتق قط في قدرات تصريف ومنهجه الاقتصاد وربطه بالخدمات ولأنها لم تمتلك معايير انسانية راقية توقر الانسان وتحترمه وتضعه كقيمة عليا في التنمية المستدامة . ومعظم انظمتنا مظهرية غارقة بالأمور السطحية وتنفق حصصا ضخمة من وارداتها في تجارة السلاح الذي اما يخضع لتخزين يجعل ما انفق عليه فاقد اقتصادي أو ان يستخدم ضد الشعب أو يقدم هدايا لأطراف تجيد استخدامه في العدوان على الانسان العربي . وتنفق الانظمة العربية أموالا بأرقام فلكية على طريق اثراء طبقة النخب الحاكمة ومافيات الحماية لها وعلى استثمارات وايداعات في بنوك الخارج تضمن رفع مدخولات الاغنياء وتقديم الرشى لدول اخرى من أجل تحقيق الحماية وادامة البقاء في السلطة.

فساد معظم الانظمة العربية هو السبب الاول في تردي الاحوال المعيشية وانسداد افق تطور الخدمات والامن في الوطن العربي . ومن بين أهم مظاهر الفساد هذه هو العلاقات الموصوفة بالتبعية للأجنبي التي تعطي الاجنبي حق المتاجرة برقاب ولقمة عيش العرب ليحقق السعادة لمواطنيه ويقدم سبل الحماية للنظام .

لقد كتبت مجلدات بأسباب فقر العرب رغم انهم يحملون على ظهورهم ذهب ويمشون على ذهب وينتجون ذهب . ولسنا هنا في وارد الخوض المتخصص بل ان هدفنا هو اثارة الموضوع في توقيت مقصود. فلقد غزتنا الجيوش الاجنبية لتحقق لنا ( التحرير والديمقراطية ) ولتقيم لنا أنظمة تحقق أهداف التنمية المستدامة وحصلت على بلداننا حروب استخدم فيها الناتو طائراته وصواريخه وقنابله الاسطورية تبعها بجيوش من المتدربين على حرب المدن والشوارع من ابناء جلدتنا ومن المرتزقة في معسكرات اوربا ثم زامن ذلك ( بثورات شعبية ) عارمة اطلق الغرب عليها اسم الربيع العربي وكل هذه الفعاليات وما يرافقها من عمل اعلامي ومخابراتي ضخم تقترن بخدعة ظهر الان جليا كل باطنها وما هو خفي في أدواتها وأهدافها : استخدام فقر الانسان العربي لتحقيق مزيد من الفقر واجتثاث وذبح القوى الوطنية والقومية التي ثبت بانها تحرك عوامل الغنى للإنسان وتحترمه وتتبنى سياسات تعليمية وصحية وخدمية وتجارية تضع الانسان كغاية ووسيلة لها كما حصل في العراق في الفترة التي حكم بها حزب البعث العربي بين عام 1968 وعام غزوه واحتلاله عام 2003 م وما تبع ذلك من أعاصير عصفت بالعرب وسودت عيشتهم وسلبت ما توصلوا اليه من تطور نسبي في خدمات الكهرباء والماء والتطبب وخدمات الصحة المختلفة والتعلم لتعود منظوماتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية الى عصور ما قبل الثورة الصناعية .

ان اعطاء الانسان العربي حقوقه في الحياة الحرة الكريمة التي تتوافر كل ممكناتها وعواملها في وطنه يتطلب ثورة قومية ومقاومة شعبية شاملة تحقق بناء انظمة ديمقراطية وتبادل سلمي للسلطة بالانتخابات الممثلة لإرادة حقيقية للإنسان وتطبيق خطط ومناهج اقتصادية نستدعيها من الذين أحبوا شعوبهم وعدلوا في حكمها واعتمدوها قوة حماية داخلية ذاتية اذا كنا لا نمتلك اساسيات علم التنمية البشرية وتصريف القدرات والامكانات الاقتصادية ومنها واردات ثرواتنا المهولة وخيرات أرضنا التي لا حد ولا حصر لها وان نحقق التكامل الاقتصادي المتاح بين سلة غذاء السودان العظيمة وفوسفات الجزائر ونفط الخليج وقوة الانسان في مصر على سبيل المثال لا الحصر واحتياجات العمالة حيثما كانت قائمة.





السبت ١٧ رمضــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / تمــوز / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الاستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة