شبكة ذي قار
عـاجـل










هناك من يبرر ويقول ان ظهور هذا الطوفان من الأحزاب كان رد فعل لحالة الاختناق السياسي الذي خلفته عقود طويلة التي حرمت المواطن من فرص العمل السياسي الافي اطار العمل ضمن المجال الذي حدده مسبقا وهذا يتناقض مع الواقع لان القيادة الوطنية كانت تسع لتحقيق التعددية الحزبية وكان هناك مشروع للقانون الذي يحكم العملية ورافقه ايضا" مشروع للدستور الدائم لكن الاوضاع والظروف التي فرضت على العراق ولحين وقوع الغزو والاحتلال سببت التأخر في الانجاز والتنفيذ ، حيث يذكرون المبررين لهذا الكم الغير مألوف من الاحزاب والمسمكيات بأن ألوضعية خلقتها نتائج فشل تجربة الجبهة الوطنية أواخر السبعينات من القرن الماضي دون ان ينصفوا من خلال تناول الاسباب التي ادت الى فشل التجربه التي كان حزب البعث العربي الاشتراكي عاملا" على توحيد القوى السياسيه قبل اشتراكها بالجبهة وهذه وثائق لايمكن التنصل منها من الذين ارتضوا اليوم ان يكونون مطية الغازي المحتل وأجندته وأقصد بدون تردد الحزب الشيوعي العراقي اللجنة المركزية ، فضلاً عن الفراغ السياسي لأي شكل من أشكال السلطة ،

وما ترتب عليها من فوضى انطلقت معها الإرادة الفردية والجماعية لتأسيس تكتلات سياسية يقول الدكتور هاني الياس الحديثي {{ لقد أتاحت ظروف انهيار النظام السياسي السابق ، فرصة للأحزاب والتيارات السياسية والدينية ، التي كانت موجودة ومقموعة ومضطهدة ، إلى اعادة ممارسة العمل بعلنية باعادة صلأتها بأعضائها القدامى وكسب تعاطف الجيل الجديد من أنصارها وقد قادت ظروف الصراع على السلطة حاليا ببعض من الاحزاب السياسية والمدفوعة بشعورها بوجود التهديد لهويتها او كيانها ، فتشكلت في كيانات سياسية صغيرة للمطالبة بحقوق الفئات التي تمثلها وهكذا فقد ظهرت في الساحة السياسية العراقية ، أحزاب وهياكل تنظيمية بمسميات متعددة ، بعضها إسلامي والآخر علماني وأحزاب اشتراكية وأخرى قومية بعضها معروف لدى الشارع العراقي ولها تاريخ طويل وخبرة في مجال العمل السياسي }} والبعض الآخر لم يظهر الا بعد الاحتلال إذ وجدت عشرات الأحزاب التي استفاد مؤسسوها من أجواء الانفلات القانوني وعدم وجود القانون الحاكم بشرعية اي حزب او تيار او كتله والحرية التي توفرت لهم غير أن الأحزاب التي هيمنت على المشهد والساحة العراقية في مرحلة ما بعد الغزو والاحتلال هي أحزاب ما كان يسمى بالمعارضة العراقية الجديدة والتي تأسس أهم تشكيلاتها خارج العراق بعد العدوان الثلاثيني عام 1991 م ، وهنا لابد من التأكيد على هكذا احزاب او تيارات او حركات هي نتاج الفعل المخابراتي للقوى الطامعه بالعراق وثرواته والعامله على تجريده من مقومات الاقتدار خاصه وعامه على مستوى حرمان الامة العربية من الدور والمكانه التي يمتلكها العراق ، وهي ذات الحاله للاحزاب والتيارات والكتل او الحركات التي تم تشكيلها من قبل النظام الايراني القديم الجديد { الشاهنشاهي ، الملالي } ، وما أعقبها من مؤتمرات كان أهمها ألمؤتمر ألمنعقد في مصيف صلاح الدين في شمال العراق آذار 2003 م ، حيث انتخبت فيه لجنة المؤتمر ألخماسية المتكونه من أحزاب وهي {{ حزب المؤتمر الوطني ، حركة الوفاق الوطني ، المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني }} وأصبحت تعرف فيما بعد بالهيئة الخماسية أومجموعة الخمسة وقد حاولت هذه الهيئة أن توسع قاعدتها بإضافة حزبين آخرين هما { حزب الدعوة العميل والحزب الوطني الديمقراطي } وبما ان هذه التشكيلات تعبر عن محاولة اشراكها في السلطة ، فهناك ثمة أمور لابد من توفرها في هذا المجال لاحتواء مشاركة اي هيئة سياسية في العملية السياسية ألا وهي برنامج سياسي يترجم ويعكس طموحات مؤسسي هذه التشكيلات وذلك من خلال طريقة تعاملهم مع السلطة وفي تصورهم للعبة السياسية ، ولكن الشيء الذي يمكن ملاحظته هو غياب البرنامج السياسي لدى كل هذه التنظيمات والاحزاب وكذلك ضعف او انعدام القواعدالجماهرية ،

باستثناء تأثير الأحزاب الدينية الإسلامية التي تمتلك تلك القاعدة بفعل الانفعالات العاطفية واشاعة الهوس الديني مردوف بالنضليل والتشويش الذني الذي يمارسه العممون وهذا اخذ حيزه بسبب غياب الفعل السياسي المؤثر في التشكيل الجمعي للرأي العام العراقي مابعد الغزو والاحتلال بسبب جملة الاجراءات العدائية الانتقامية بعقدها وكراهيتها ، وتهميش نسبي للأحزاب الأيديولوجية التاريخية ذات البعد الوطني القومي والتي نشأتها من داخل الرحم العربي عامه والعراقي خاصه ، وعند الوقوف عند الكم من الاحزاب والتيارات والحركات التي ظهرت حال تواجد الاجنبي غازيا" ومحتلا" فقد بدت بمثابة تجمعات مكتبية لا يزيد عدد أعضائها عن أعداد موظفي مكاتبها ، ولم تنشأ أحزاب جديدة بالمفهوم الحديث تعتمد على مبدأ التخصص الوظيفي والانتماء الطوعي والمصالح المشتركة بالإضافة إلى ذلك تفتقد معظم الأحزاب السياسية العراقية إلى شروط الحزب الديمقراطي ، لاسيما في حياتها وتنظيمها الداخلي فمعظمها تغلب عليها الزعامات الحزبية الفردية ولفترات طويلة خضوعا" للوجاهة العائلية ، وغياب التعددية وعدم تداول القيادة الحزبية ، وافتقاد أغلب هذه الأحزاب للشفافية والنزاهة في حين تعدد توجهاتها الفكرية الموجودة بداخلها وان كان هناك في السابق نوع من التقارب في اطروحات هذه الاحزاب رغم تنوع اتجاهاتهم الفكرية والتنظيمية ،

فإن اساس هذا التقارب كان يرتكز على العقدة من النظام الوطني العراقي الذي انتجته ثورة 17 – 30 تموز 1968 وبدرجات مختلفة ويجمعها الفكر الشعوبي المعادي لاماني وتطلعات الامة العربية ، وهو بدوره أدى إلى ضيق ساحة الخلاف بين الأطراف المختلفة والى التركيز على المشتركات ومحاولة التجاوز على الأمور المختلف عليها ، وهنا لابد من الاشاره الى امر وهو ان تأثير الاحزاب الدينية في الساحة السياسية العراقية ما بعد الغزو والاحتلال وتحقيق التغيير القصري بهيكلية النظام الوطني العراقي حيث اصبح الشارع العراقي مهوسا" بالانفعالات الطائفية بفعل الكم الهائل من التضليل الاعلامي والتزوير بالحقائق واستثمار المناسبات الدينية استثمارا" سياسيا" مع اشاعة الفتاوى التي تعزز تلك التوجهات من اجل اخضاع الشرائح الاجتماعية والبسيط الى تلك الاراداة ، وأصبح الشارع العراقي منقسما بين تيارات تعبر عن نفسها بأنها أحزاب لها الجذور وأصول وهذا مخالف للحقيقة لانها ماهي الا اذرع ممدوده في الارض العراقية من نظام الشاه وتبنيها من الملالي ما بعد التغيير الايراني المعد غربيا" ومخابراتيا" ، والآخر حديث النشأة والمولد ، وثالث نشأ في الخارج بدعم من هذه الدولة أوتلك ولكن هذا العدد الكبير من الأحزاب الذي بدأ وكأنه وكما يبرر بعض المغرضين الذين يلتقون معهم بالعقدة من الفكر القومي الثوري التحرري المتطلع لانبعاث الرسالة العربية الخالده وتحقيق المجتمع العربي الديمقراطي الذي تسمو فيه العدالة الاجتماعية ،

بأنها محاولة لتعويض سنوات طويلة من حكم الحزب الواحد ، مازال يفتقد إلى تأييد الأغلبية الساحقة من العراقيين وولائهم فبدلا من أن ينخرط العراقيون في عملية سياسية أساسها يقوم على التعددية ، توجهوا بولائهم نحو تيارات وقوى غير حزبية ليمنحوها الطاقة والتأييد وباتت هذه القوى هي المحرك الأساسي للشارع العراقي والقادرة على توجيه الأحداث ، برغم أن بعضها غير مشارك في إدارة البلاد وهذه القوى بمجملها دينية حصلت على ولاء الناس في إطار موروث قديم وبعد أن يئسوا من التيارات السياسية التي يرى اغلب العراقيين أنها لم تحظ بالمصداقية ولا تمتلك البرنامج المقنع وليس فيها زعيم قوي يمكن أن يلتف حوله الشعب ، وبالتالي لم يجد العراقيون غير التيارات الدينية ليحتشدوا حولها ، مستندين إلى ولاء طائفي بات يفرض هيمنته بقوة على شأن هذه البلاد {{ لقد عجل الاحتلال الأمريكي بظهور النزاعات والخلافات الفكرية إلى السطح ،

وقاد الى اشتداد لهجة الخطاب المستخدم في أوساط هذه التيارات في التعامل حتى مع نظرائهم من الجماعات الأخرى حيث أدى الانفلات الأمني الذي أعقب الاحتلال فضلا عن التطورات السياسية المتلاحقة التي شهدها العراق ، والتي جعلت المواقف السياسية للجميع على المحك ، والمؤدية إلى تعميق النزاعات الفكرية والسياسية بين الأطراف المختلفة والتي كانت مؤجلة في السابق ، وبدأت هوة الخلاف بالاتساع حتى وصلت حد الصدام الدموي في العديد من الأحيان ، ان مايجدر الاشارة اليه في هذا الخصوص هو ان كل هذه التطورات واجهت وما زالت تواجه صعوبات جمة من قبل بعض القوى العراقية ، سواء كانت هذه القوى سياسية أم غير سياسية ، وسواء كانت خارج العملية السياسية - مثل هيئة علماء المسلمين في العراق أو داخل العملية السياسية مثل بعض الكتل البرلمانية - يضاف الى ذلك وجود قوى معارضة أخرى ، لكنها اتخذت خيار المقاومة المسلحة فكل هذه الاوضاع و الصعوبات تدفع الى تشنجات بين هذه القوى

يتبع بالحلقة الثالثة





الاحد ١٨ رمضــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / تمــوز / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عـبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة