شبكة ذي قار
عـاجـل










لا ريب في أن التحضيرات الحثيثة لعملية تطور الأحداث في سورية قد انطلقت بعيد استدعاء فورد من الجزائر أواسط العام 2008 وتعيينه مرة أخرى في السفارة الأمريكية في العراق، فقد لوحظ ازدياد التدخل الإيراني ومن خلفه قطعان المليشيات الطائفية العراقية التي كررت مبررات تدخلها في سوريا بحجة الدفاع عن ألاماكن والمراقد الشيعية المقدسة كمرقد السيدة زينب، وهي الحملة التي انغمس بها حزب الله اللبناني إلى حد بدأت ملامح الحرب الطائفية في سوريا تأخذ نفس المسار الذي تم في العراق قبل الظهور العلني لما سمي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وما رافقها من عمليات تهريب سجناء القاعدة وغيرهم من سجون حكومة نوري المالكي عبر إيران وما قيل بعدها تهريب جزء من المجندين إلى معسكر سبايكر للالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية رغم ضجيج الإعلام الطائفي والإيراني حول التعبئة والجهاد الكفائي ضد داعش بعد أحداث الموصل في حزيران 2014 وما بعدها.

وتشير تقارير إعلامية وأمنية وما تسرب إن المشروع قد تطور ليذهب نحو حدود ابعد من ساحة العراق وكما عبر عنه الملك الأردني عبد الله الثاني بتسمية الهلال الشيعي فان بوادر توسع ساحات الصراع قد بلغت مداها إلى خارج العراق وتطلب المشروع برنامجاً اكبر لتجنيد وتدريب المرتزقة والمتطوعين والمعبئين طائفيا بعد فتوى علي السيستاني حول الجهاد الكفائي ومحاولات إيران وإتباعها وبموافقة ضمنية أمريكية حل ما تبقى من وحدات الجيش الذي أسسته الإدارة الأمريكية ودربته وسلحته ليتحول الخليط الجديد إلى وحدات أمنية ومقاتلة تشرف عليها إيران بشكل مطلق تحت مسمى " الحشد الشعبي" واعتراف الحكومة العراقية لهذه التجمعات كونها أضحت قوات أمنية عراقية.

وبتطورات الأوضاع في سوريا واليمن ازداد الدور الإيراني بشكل ملموس أمام سياسة غامضة ومترددة سلكها الرئيس الأمريكي باراك اوباما لتدخل ضمن هذه التجمعات الأمنية فرق موت تضم وحدات من السلفيين اللبنانيين والأردنيين تتسلل عبر الحدود الجنوبية مع الأردن أواسط شهر آذار/مارس 2011. ومن لبنان وعبر الحدود العراقية . كان الكثير من ذلك العمل التأسيسي لما يجري اليوم في العراق قد أنجز قبل وصول روبرت ستيفن فورد إلى دمشق في كانون الثاني/يناير 2011 انطلاقا من العراق في ظل حكومة نوري المالكي.

لقد أعلن عن تعيين فورد سفيراً في سورية في وقت مبكر من العام 2010. و كانت العلاقات الدبلوماسية قد قطعت في العام 2005 عقب اغتيال رفيق الحريري، حيث أنحت واشنطن باللائمة على دمشق في ارتكابه. و كان وصول فورد إلى دمشق بالكاد قبل شهرين من اندلاع الأحداث في سوريا [التمرد حسب التوصيف الأمريكي في تقارير الخارجية والإعلام الأمريكي].

أما على صعيد الجهة المقابلة أي في جبهة تنظيمات القاعدة السابقة في العراق وسوريا وبعدها ظهور ما سمي ( تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام) وما جرى من تسريبات إعلامية إن هذا التنظيم لم يولد من فراغ بل كانت وراءه أجهزة مخابرات سورية وإيرانية في بدايات انطلاقه ليحتل مساحات واسعة انسحبت منها القوات السورية لكي يحتل تنظيم الدولة مواطئ قدم له ينطلق منها لضرب بقية التنظيمات الفاعلة في المعارضة السورية. ولا يستبعد أن تكون كل تلك الترتيبات قد تعرضت لاختراقات مخابراتية للدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة ودول الجوار للعراق وسوريا . حتى ظهرت فرق الموت تحمل عناوين طائفية سنية أو شيعية وكلها تضم، إضافة إلى المتطوعين لدوافع طائفية، مرتزقة جرى تجنيدهم وتدريبهم من قبل الولايات المتحدة والناتو وحلفائهم في مجلس التعاون الخليجي. وكلهم يعملون تحت إشراف القوات الخاصة والشركات الأمنية الخاصة التي تعاقد معها البنتاغون والناتو لينتشروا على المساحة المشتركة بين العراق وسوريا خاصة بعد سقوط الموصل وعدد من المدن السورية.

وفي الوقت الذي اختفت قليلا أسماء شركات الحماية الخاصة في العراق بعد مجزرة ساحة النسور، مثل بلاك ووتر وغيرها من الشركات التي كانت تحمي مقرات السفارات الغربية في العراق وكذلك مقرات وإدارات وكوادر وخبراء الشركات النفطية ظهرت بالمقابل أسماء التنظيمات المليشياوية واحتلالها لمناطق واسعة بما فيها حقول استثمار للبترول في العراق وسوريا، ووصل الأمر إن تلك الجماعات المسلحة قد أظهرت قدرات كبيرة على استخراج وتصفية من حقول نفطية عراقية وسورية وتمكنت من إدارة شبكة تصدير النفط من العراق وسوريا عبر تركيا، كما وصلت صادراتها النفطية عبر إيران حتى باكستان وأفغانستان وبتسهيلات من قبل بعض الزعامات الإقطاعيات السياسية والأمنية في كردستان العراق وصارت ملايين الأطنان من النفط العراقي والسوري تُسَّوق عن طريق الناقلات وعبر الطرق البرية نحو السفن الراسية في الموانئ السورية والتركية يتشارك في صفقاتها موظفون وعسكريون من حكومات العراق وسوريا وتركيا وإيران حتى وصل سعر الطن من البترول الى حوالي 15 دولارا وعلى المستوى الدول هبطت أسعار البترول في الأسواق العالمية الى النصف أي بحدود 65 دولارا للبرميل الواحد .

( .... تشير تقارير صحفية غير مدققة بعد، ولم يتم التأكد منها بشكل كامل إلى إنشاء معسكرات للتدريب في قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة. في مدينة زايد العسكرية " يجري إنشاء جيش سري" تحت إشراف شركة Xe Services التي كانت تعرف سابقاً بالاسم Water Black. وكانت الصفقة لإنشاء معسكر تدريب عسكري للمرتزقة في دولة الإمارات قد وقعت في تموز/يوليو 2010، قبل تسعة شهور من نشوب الحرب في ليبيا وسورية) .

وبصدد الحرب الإعلامية الجارية والتسريبات حول أخطار وصول الأسلحة الكيماوية من مخزونات الجيش العراقي والسوري والليبي السابقة والتخوف من وصولها الى " المنظمات الإرهابية" وإفراد المليشيات تصل معلومات مسربة لأغراض معينة عن ( ... قيام الشركات الأمنية المتعاقدة مع الناتو والبنتاغون بتدريب فرق الموت [المعارضة] على استخدام الأسلحة الكيماوية في العراق وسوريا، ومنها ما تم التأكد منه عن استخدام أطراف الصراع لغاز الكلور في قصف عدد من الأحياء والمناطق المدنية في سوريا والعراق وقد تتهم تلك الأطراف بعضها بعضا لكي تكسب بعضا من التعاطف الدولي أو السياسي على حساب أرواح الضحايا من المدنيين ، واغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ، الذين عجزوا عن النزوح من أماكن سكناهم .

قبل عامين صرح مسئول أمريكي، وصف إعلاميا، بالكبير وعدد من الدبلوماسيين البارزين من خلال برنامج سي إن إن صنداي ألأخباري انه : ( تستخدم الولايات المتحدة وبعض حلفائها الشركات الأمنية الخاصة لتدريب المتمردين السوريين على كيفية تأمين مخزونات الأسلحة الكيماوية في سورية”)

[ سي إن إن ريبورت، 9 كانون الأول/ديسمبر، 2012]
بيد أن ذلك المسئول الأمريكي لم يكشف النقاب عن أسماء تلك الشركات المشاركة.

خلف الأبواب المغلقة لوزارة الخارجية ومعتمديها من السفراء الأمريكيين في عواصم الدول العربية تكمن عصابات تنفيذ الجرائم المنظمة التي تخطط الى وضع خارطة الشرق الأوسط الجديد موضع التنفيذ.

وكما اشرنا أعلاه كان مهندس أفعال الجريمة وخلق أدوات التنفيذ الأمريكية والمحلية هو نيغروبونتي وبقية فريقه وخاصة روبرت ستيفن فورد الذي كان يبدو واحداً من فريق صغير في وزارة الخارجية الأمريكية، لكنه اضطلع بالإشراف على تجنيد وتدريب الكتائب الإرهابية، وبلا شك إن تلك الكتائب الإرهابية اعتمد على العناصر المحلية المُعَّدة ذهنيا من قبل مرجعيات دينية وأحزاب الإسلام السياسي الذي ارتبط قادته بعجلة الاحتلال الأمريكي. إلى جانب نيغروبونتي وفورد كان كل من دايريك شوليه وفردريك سي. هوف، شريك أعمال سابق مع ريتشارد إرميتاج ( من قادة المحافظين الجدد الذين خططوا لغزو العراق واحتلاله) ، والذي عمل كمنسق واشنطن الخاص للشؤون السورية. عين دايريك شوليه بعدها في منصب مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي (ISA). وقد عمل هذا الفريق تحت قيادة المساعد (السابق) لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان.

وكان فريق فيلتمان ينسق عن كثب عمليات تجنيد وتدريب المرتزقة في تركيا وقطر والسعودية وليبيا (من باب المجاملة، أرسل النظام الذي خلف القذافي 600 عنصراً من الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، إلى سورية عن طريق تركيا عقب سقوط حكومة القذافي في شهر أيلول/سبتمبر 2011).

كان مساعد وزير الخارجية فيلتمان كان على اتصال مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ووزير الخارجية القطري الشيح حمد بن جاسم. وكان أيضاً مسئولا عن مكتب "التنسيق الأمني الخاص" حول سورية، والذي ضم ممثلين عن وكالات الاستخبارات الغربية والخليجية وكذلك عن ليبيا. وكان الأمير بندر بن سلطان، الشخصية البارزة المثيرة للجدل في الاستخبارات السعودية ضمن هذه المجموعة.

(انظر برس تي في، 12 أيار/مايو، 2012).
في حزيران/يونيو 2012، عين جيفري فيلتمان مساعداً للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، وهو منصب استراتيجي يُعنى عملياً بصياغة جدول أعمال الأمم المتحدة (بالنيابة عن واشنطن) حول قضايا تتعلق بــ " حل النزاعات" في العديد من " النقاط الساخنة سياسياً" حول العالم (بما في ذلك الصومال، لبنان، ليبيا، سورية، اليمن، ومالي).

وللسخرية المريرة، فإن البلدان التي تشكل موضوعاً لـ "حل النزاعات" بالنسبة للأمم المتحدة، هي ذاتها التي تستهدفها الولايات المتحدة بالعمليات السرية.

وبالتنسيق بين وزارة الخارجية الأمريكية والناتو ومقاوليه الخليجيين في الدوحة والرياض، فإن فيلتمان رجل واشنطن، هو من يقف وراء " مقترحات السلام" التي كان يحملها الأخضر الإبراهيمي في رواحه ومجيئه وفي عديد مهماته من أفغانستان الى العراق وآخرها سوريا.

وفيما تستمر تلك الجهود في ريائها حول مبادرة الأمم المتحدة للسلام، فإن الولايات المتحدة والناتو تعمل على تسريع عمليات تجنيد وتدريب المرتزقة لتعويض الخسائر الفادحة التي لحقت بقوات [المتمردين] ( المعارضين للأنظمة القائمة في المنطقة) .

إن الهدف النهائي الذي تسعى إليه الولايات المتحدة في العراق وسوريا واليمن وليبيا وحتى في العراق ومصر، ليس تغيير هذه الأنظمة ؛ بل إطالة أزماتها، وإغراقها في الأزمات التي تستنزف مليارات الدولارات في التسليح العسكري لكل الأطراف التي يتكفل داعموهم باستمرار تدفق الأموال النفطية والمساعدات لهم بهذه الصيغة أو تلك لتربح المؤسسات الغربية التي تتدخل بصيغة تحالف دولي ضد " الإرهاب" والثمن الكبير هو تدمير كل البني التحتية لهذه البلدان وتفكيك جيوشها ومؤسسات الدولة وشيوع الاضطرابات الاجتماعية وتطورها من حروب أهلية وطائفية الى مطالبة كل هذه الأطراف المتحاربة والمتعبة بحلول التقسيمات لهذه البلدان وفرض الفدرلة على دولها الوطنية السابقة.

وتحظى سياسات الدول الغربية في " مكافحة الإرهاب" منذ أن أعلن جورج بوش الابن الحرب على أفغانستان والعراق بالغزو والاحتلال حماية وتأييد مجلس الأمم المتحدة ولجان حقوق الإنسان ومنظمات دولية أخرى تعتاش على ألازمات، وهي التي شرَّعت التدخل والحصار، وسكتت عن الغزو والاحتلال الأمريكي والإسرائيلي، بل طالبت أكثر من مرة بفرض " التدخل الإنساني" للناتو، وفق عقيدة دولية صارت مشروعة تحت باب "مسؤولية الحماية" للأمن والمجتمع الدولي (R2P).
للدراسة شهادات ومراجع وإحالات وهوامش كاملة





الجمعة ١٥ شــوال ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / تمــوز / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب إعداد ا. د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة