شبكة ذي قار
عـاجـل










وبالرغم من ما أوضحناه في الحلقتين الماضيتين هناك من يدافع باستماته عن المنهج الخميني الهدام حيث يقول {{ فيما نجد أن بعض الحركات الإسلامية طغى عليها اهتمام بالفكر السياسي الإسلامي والمنهج العقلي في التعامل مع المفاهيم والحقائق في حين ضمرت لدى هذه الحركات روح التدين والعبادة فاهتمت في السعي لتحكيم الإسلام في الدولة والمجتمع عبر السعي لاستلام السلطة والامساك بمفاصل القوة في الدولة ، ظناً منها أن هذا هو الطريق الأقصر والأنجح لنشر الإسلام وتعاليمه ، وخلق المجتمع الإسلامي الذي يمارس الإسلام عقيدة وعملاً وهؤلاء تحركوا في المجال السياسي من إعطاء اهتمام يذكر للتعبئة الروحية في تكوين الشخصية الإسلامية بينما ذهب البعض الآخر من التيارات والحركات الإسلامية باتجاه منحى الاهتمام بروح التدين والعبادة وتهذيب النفس ، واهتم بالتالي بنشر الدعوة في أوساط المجتمع عبر إثارة الاهتمام بتلاوة القرآن وكتب الحديث في حين ضمرت لدى هذه الحركات الاهتمامات بالوعي السياسي والمفاهيم العقلية والعمل لتغيير الواقع ، لمصلحة تحكيم الإسلام في الحياة الاجتماعية العامة ، ولم يقتصر تأثير كلا التيارين على العاملين والمنخرطين في صفوفهما وأنصارهما ، بل كاد المسلمون عموماً يتوزعون في النزعة إلى أحد هذين التيارين ، عن قصد أو من غير قصد بينما نجد أن الخميني كان شمولياً في هذا الجانب وذاك ، ووازن بين العمل الدعوي والتربية الروحية والعبادية من جهة وبين العمل السياسي والسعي للثورة والوصول إلى النظام والسلطة لتحكيم الإسلام في الجوانب الاجتماعية والسياسية للمجتمع من جهة أخرى ولعله كان أكثر استيعاباً ووعياً لحركة الإسلام الشمولية التي لا تهمل أي جانب من جوانب الحياة في منهجها التوحيدي ،

بل لعله كان يرى أن الخلل الذي تعاني منه الأمة الإسلامية يكمن في تغليب الاهتمام بجانب دون الآخر ، أو التركيز على جانب حساب الآخر عند من سبقه من المجددين والمصلحين الإسلاميين فتراه يرسم منهج التوازن الذي لا تنفصل فيه حركة الدعوة الروحية العبادية عن حركة الاستنهاض السياسية ، فيقول لطلابه فيا لحوزة - علينا من الآن أن نسعى لوضع الحجر الأساس للدولة الإسلامية الشرعية فندعو ونثبت الأفكار ، ونصدر تعليماتنا ونكسب المساندين والمؤيدين للجماهير ، ليحصل رد فعل جماعي تكون على اثره جموع المسلمين الواعية المتمسكة بدينها على أتم الاستعداد للنهوض بأعباء تشكيل الحكومة الإسلامية ، وعلى الفقهاء بيان المسائل والأحكام والأنظمة الإسلامية وتقريبها إلى الناس من أجل إيجاد تربة صالحة تعيش على سطحها النظم والقوانين الإسلامية - }} وقبل أن نلج إلى استعراض قضايا وموضوعات الفكر السياسي عند الخميني لابد لنا من الإشارة إلى أحد أساليب التجديد في الفكر السياسي لديه في اعتماده منهج الثقافة الشعبية والخطاب الجماهيري في إيصال الفكر السياسي إلى الناس بعيداً عن التنظير الفكري أو مخاطبة النخبة فقط بمصطلحات نخبوية فمن يقرأ للخميني في تراثه المكتوب لا يجد أثراً للتنظيرات الفكرية التي اعتدنا أن نجدها عند غيره من المفكرين وأصحاب المشاريع النهضوية أو التجديدية مما يدلل على عدم علميته الفقهية وسطحيته لان هاجسه الاول والاخير انبعاث الامبرطورية التي يؤمن بها والتي كان اسلافه الطواغيت يهيمنون بها على الامم والشعوب المحيطه ببلاد فارس ،

بل نجد كماً هائلاً من الخطب والبيانات والدروس كتبت أو ألقيت في مناسبات عديدة منذ البدايات الأولى لتحركه في الأوساط الدينية – الحوزوية – والشعبية ، وكلها تتضمن آراءه ومواقفه من القضايا الفكرية والسياسية التي هو يراها وان كانت خارجه على منظور ال البيت عليهم السلام من حيث الاصلاح والتجديد وهنا نتوقف عند الامام الحسين بن علي عليهما السلام عندما خرج الى العراق بعد ان وردت له كتب اهل الكوفه بالبيعه له والطلب منه التخليص والخلاص من ظلم الظالمين المتسلطين عليهم قال وبالحرف الواحد {{ ألم أخرج بطرا" أو أشرا" بل خرجت لاصلاح امة جدي صل الله عليه واله }} أي الاصلاح ولاغير الاصلاح يعني ليس كانت رحلته من المدينة الى مكة الى الكوفه خروجا" على الحاكم يزيد بالرغم من ارتداده وما يؤخذ عليه من فسق وعدم التقيد بروح وقيم الاسلام بل طلب من والي المدينه أخذ البيعه المكرهة من الامام الحسين ، اخترق خميني طريقة ومنهج التفكير عند الإنسان كونه تعتمد اللغة البسيطة وغير المعقدة التي لا تحمل المصطلحات الغريبة عن ألثقافة ألعامة للناس الايرانيين ومن هم منساقين نحو افكاره عاطفيا" ، فهو يخاطب الناس بلغتهم ويستخدم المصطلحات القرآنية بشكل كثيف ولعل هذا المنهج الخميني في زخ الفكر السياسي الإسلامي كان له أثره الايجابي في تعميق حركة التواصل بينه وفئات المجتمع الإيراني وخاصة البسطاء والاميون والمنساقون عاطفيا" وبدون وعي ايماني ،

وباعتبار أن السياسة في فهم خميني هي المنظم للعلاقة بين الحاكم والشعب ونمط الروابط بين الحاكم وسائر الحكومات الأخرى ، وكل هذه القضايا تندرج في إطار السياسة ، وأن أحكام الإسلام السياسية أكثر من أحكامه العبادية فلابد للغة السياسة من أن تكون منسجمة مع الموضوع المتعلق بها وإن الحكومة { في نظر المجتهد الواقعي } هي تجسيد للفلسفة العلمية لتمام الفقه في جميع جوانب الحياة ، والحكومة هي انعكاس البعد العملي للفقه في تعامله مع جميع المعضلات الاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية ، وأن الهدف الأساسي هو كيف نبغي تطبيق الأصول الثابتة للفقه في عمل الفرد والمجتمع ونتمكن من الحصول على جواب للمعضلات ؟ ، فالحكومة التي هي السلطة التنفيذية في الدولة تمثل ضرورة فقهية عند الخميني الذي يعد نفسه نائب الامام الغائب لتجسيد البعد العملي للفقه الإسلامي ، وهو يستند في طرحه إلى محاكاة الأنبياء الذين بعثوا بالكتب السماوية لإقامة حكم الله في الأرض ، ولتنظيم وهداية الإنسان إلى ما فيه خيره وصلاحه في الدنيا والآخرة والمتتبع لما قاله خميني بمحاضراته يجد انه وضع نفسه بالتقارب مع الله وهذا عين الكفر والالحاد والانحراف ، ولم تقتصر دعوته على الجانب التبليغي النظري ، بل عمل لامتلاك الأداة التنفيذية لتطبيق النظرية التي جاء بها كشريعة ، فإذا كانت الكتب السماوية متضمنة لمجموعة من القوانين النظرية لإدارة المجتمع والحياة ، فمجموعة القوانين لا تكفي لإصلاح المجتمع ولكي يكون القانون مادة لإصلاح وإسعاد البشرية فإنه يحتاج إلى السلطة التنفيذية وبهذه فانه تطابق من حيث الفكر والتطبيق مع التيار السلفي المتطرف الذي يؤمن بهدم الحكومات القائمه كونها دار كفر لقيام الحكومة الاسلامية ، وهنا لايوجد ما يشير الى نوع وشكل الحكومه الاسلامية في الكتاب والسنة وما ورد عن ال البيت عليهم السلام ، وبهذا يعده الفقهاء الذين يؤمنون بالولاية المحدوده خروج وبطلان ولايعبر عن فقه أل البيت وماورد عنهم من احاديث نقلا" عن الر سول الاعظم صل الله عليه واله وأمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام حتى وعند استلامه امرة المؤمنين كونه الخليفة الراشدي الرابع وان العهد الذي كتبه الى مالك الاشتر عند توليه اليمن يعد هو المنهاج الذي لابد للولاة التقيد والتمسك به كونه يحدد العلاقه فيما بين الولاة والرعية والحقوق والواجبات ،

كما أن الامام عليه عليه السلام عندما أنب والي البصره لحضورة وليمة احد الاغياء داله على الوسيلة والاسلوب الواجب اتباعه في العلاقة فيما بين الرعية والحاكم دون ان يكون امير المؤمنين داعيا" الى دستور او قانون او نظام يحدد شكل الحكومية الاسلامية ومنهجها واسلوبها ودليلها

يتبع بالحلقة الرابعة





الاربعاء ٢٧ شــوال ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / أب / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة