شبكة ذي قار
عـاجـل










مما تقدم مكننا ألله أن نبين ان الايديولوجية الخمينيه { ولاية الفقيه } ماهي الا الحاكمية التي تعني ـ وحدة الدين والسياسة - ويرى الخميني أن المشكلة المنهجية الأساسية التي يعاني منها المسلمون في تفكيرهم السياسي تكمن في تسرب مفهوم فصل الدين عن السياسة إلى أذهان المسلمين وفقهائهم وعلمائهم ، من هنا فإن عدم الفصل بين الدين والسياسة يشكل أحد الأسس الثابتة في أفكارالخميني ، وهو يرى في الدين المفصول عن السياسة - ديناً أمريكياً كما هو يصف بالرغم من تحالفه المبطن مع امريكا وتوافق مصالحه ومصالحها في المنطقة والاقليم { أي دينا" علمانيا" } - حيث جاء بخطبه له بعد عودته الى ايران من فرنسا بالحرف {{ فالدين الذي يصبح وسيلة لسلب القوى المادية والمعنوية للبلدان الإسلامية وغير الإسلامية ويضعها تحت تصرف القوى الكبرى وباقي القوى العالمية وينادي بفصل الدين عن السياسة ، هو افيون المجتمع ولكن مثل هذا الدين ليس ديناً واقعياً بل هو دين يسميه شعبنا ديناً أمريكياً }} لقد تناول الخميني الامر وفق الرؤية الماركسية للدين وهذا دال على التمازج فيما بين اعتقاده والافكار الشيوعية التي اتخذها معيار لثوريته المزعومة ، فخميني اعتمد معالجة هذه الإشكالية منذ انطلاقة حركته الأولى في الحوزة ، وفي دروسه الدينية التي ألقاها على طلابه ومريده ، واستمر في الإشارة إليها والتركيز عليها في جميع خطبه ودروسه ومحاضراته وكتاباته حتى في وصيته التي فتحت بعد موته والتي حملت عنوان { الوصية السياسية الإلهية } فقد ضمّنها فقرات كاملة في هذا الموضوع ، فهو يرفض الإدعاء بأن الإسلام لا يستطيع أن يجيب عن كل متطلبات الحياة وساحاتها المتعددة ، ويؤكد أن الدين الإسلامي والشرع الحنيف يحوي قوانين لتنظيم جميع شؤون الحياة ، و أحكام الشرع تحوي قوانين متنوعة لنظام اجتماعي متكامل ، وتحت هذا النظام تنسد جميع حاجات الإنسان ، بدءاً من علاقات الجوار وعلاقات الأولاد والعشيرة وأبناء الوطن وجميع جوانب الحياة العائلية الزوجية ، وانتهاءاً بالتشريعات التي تخص الحرب والسلم والعلاقات الدولية والقوانين الجزائية والحقوق التجارية والصناعية والزراعية في جميع هذا يملك الإسلام قوانين وأنظمة من اجل تربية إنسان متكامل وفاضل يجسد القانون ويحييه وينقذه ويعمل ذاتياً لأجله ، ومعلوم إلى أي حد اهتم الإسلام بالعلاقات السياسية والاقتصادية للمجتمع ، سعياً وراء إيجاد إنسان مهذب وفاضل كما انه يستدل على ضرورة قيام الحكومة الإسلامية بوجود مثل هذه الأنظمة والقوانين التي لا سبيل إلى تطبيقها إلا بوجود سلطة تنفيذية ،

وعند إمعان النظر في ماهية أحكام الشرع ، يثبت لدينا أن لا سبيل إلى وضعها موضع التنفيذ إلا بواسطة حكومة ذات أجهزة مقتدرة ثم يعدد أمثلة تفصيلية لهذه الأحكام ، كالأحكام المالية وأحكام الدفاع والحدود والقصاص وغيرها ومن الواضح أن ما يريده الإمام من عدم الفصل بين الدين والسياسة ومن تأكيد شمولية الإسلام لجميع شؤون وقضايا الحياة والمجتمع ، هو عودة الإسلام للحياة ولأخذ دوره في إدارة المجتمع كما كان في عهد الرسول صل الله عليه وآله وسلم والخلفاء ، ففي عصر النبي صل الله عليه وآله وسلم هل كان الدين بمعزل عن السياسة ؟ وفي زمن الخلفاء وفي زمن علي عليه السلام هل فصلت السياسة عن الدين ؟ هل كان يوجد جهاز للدين وجهاز آخر للسياسة ؟ ، وهنا عين التناقض فيما بين ما يدعيه خميني بنظريته الحكمية والواقع فان الرسول الاعظم صل الله عليه واله والخلفاء لم يقوموا باعداد دستور للدولة الاسلامية لان دستورها الجامع الواسع المتوافق مع اي عصر وزمان هو القرأن الكريم وما بعد الرسول اقواله وافعاله لانه لاينطق عن الهوى بل وحي يوحا ، وان ما تم من تشريع للقوانين والانظمه ابتدأ في الدولة الاسلامية العربية أي مابعد الدولة الراشدية { الاموية – العباسية - العثمانية } ، ومن المعلوم أن الخميني كان يطرح هذه التساؤلات الاستنكارية ويجيب عنها في دروسه الحوزوية في النجف الاشرف على طلابه أي في الأعوام - 1956 ـ 1987 - وكان يرى أن عودة الإسلام إلى الحياة في المجتمعات الإسلامية تحتاج إلى وقت ولن يكون الأمر سريعاً ، ولكنه يطلب إلى تلامذته أن يبدؤوا بالتعرف على الإسلام الشمولي ،

وأن ينشروا بين الناس هذا المفهوم الصحيح عن الإسلام {{ إن على من يريد معرفة الإسلام أن يعرفه بهذا الكل ، فيعمل بالآيات والأحكام الواردة بشأن النواحي المعنوية ، ويعمل كذلك بالآيات والأحكام التي جاءت لتنظيم أمور المجتمع وتدبير شؤونه السياسية والحكومية وهذا ما حث عليه القرآن عندما حذر من أتباع جانب من جوانب الشرع وترك جوانب أخرى في الآية القرآنية * أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ* وهي نزلت بقوم خالفوا بعض أحكام الشرع في ما يخص الأسرى وطريقة التعامل معهم وإذا كان هذا المفهوم للدين قد غاب عن المسلمين أو جلهم لعصور وفترات زمنية طويلة بفعل الثقافة الاستعمارية ، فإن عودته قد تحتاج إلى وقت طويل أيضاً }} ، لذا نجد أن الخميني يلحظ ذلك ولكنه يحث طلابه على الانطلاق من الصفر لنشر هذا المفهوم وإعادته إلى أذهان الناس ورفع الالتباس القائم عندما يقول {{ فالمستعمرون قبل أكثر من ثلاثة قرون أعدوا أنفسهم وبدأوا من نقطة الصفر ، فنالوا ما أرادوا ، لنبدأ نحن الآن من الصفر، لا تمكنوا الغربيين وأتباعهم من أنفسكم ، عرّفوا الناس بحقيقة الإسلام ، كي لا يظن جيل الشباب أن أهل العلم في زوايا النجف وقم يرون فصل الدين عن السياسة ، وإنهم لا يمارسون سوى دراسة الحيض والنفاس ولا شأن لهم بالسياسة ونلحظ هنا تركيزه على عنصر الشباب باعتبار انه الفئة المتعلمة والمثقفة التي قد تكون أكثر عرضة للغزو من قبل الثقافة الغربية تحت لافتة التقدم والتطور ،

ولكي لا يظن أن قصورنا عن ذلك إنما يعود إلى ديننا ، وان لا سبيل إلى مثل هذا التقدم إلا في اعتزال الدين وقوانينه ، وعلى هذا فلا ينبغي لنا بمجرد أن نرى أحداً يذهب إلى القمر أو يصنع شيئاً نطرح ديننا وقوانيننا التي تتصل اتصالاً مباشراً بحياة الإنسان وتحمل نواة إصلاح البشر وإسعادهم في الدنيا والآخرة وهو لا ينسى أن يحمّل عوامل الضعف الداخلية شراكة المسؤولية هي ترسيخ مفهوم الفصل بين الدين والسياسة في مجتمعنا فهذه مخططات الاستعمار التخريبية ، وإذا أضفنا إليها عوامل الضعف الداخلية لدى بعض أفرادنا ، نتج عن ذلك أن هذا البعض اخذ يتضاءل ويحتقر نفسه في مقابل التقدم المادي لدى الأعداء وبدل أن يكون العلاج في العودة إلى الدين والى منابعه الأصلية وتعاليمه ، لما لجاً هذا البعض إلى تحميل الدين مسؤولية التخلف وعدم مواكبة التطور والتقدم }} وان هذه الحجية التي احتج بها خميني لتحقيق اهدافه ونواياه نجده قد تجاوزها وتعامل مع اعداء الاسلام من اجل تحقيق احلامه بالتمدد وامتلاك بلاد المسلميم من خلال التدخل بالشأن الداخلي للبلدان الاسلامية تحت عنوان تصدير الثوره وان ايران كيت كشفت عورته كاملا" وكيف كان السلاح الامريكي والصهيوني يصل اليه من اجل ادامة الحرب المشنة على العراق لاعاقة المشروع القومي النهضوي الذي اعتمدته القيادة العراقية الوطنية القومية ولدور العلماء والحوزات في قيادة المجتمع إن لموقعية الفقيه عند المسلمين منهج وفقه ال البيت عليهم السلام اثر أكبر في المجتمع والرأي العام من موقعيته عند المذاهب الإسلامية الأخرى ، ويعود ذلك لأنه مثل عندهم القيادة الفعلية على مستوى إيصال الأحكام الشرعية وتعليمها ، وباعتباره على ضوء نظرية ولاية الفقيه ، هو المتصدي لإدارة شؤون الأمة والقيادة السياسية ،

وهذا ما لا تلحظه الحركات الإسلامية على ساحة المسلمين أهل السنة والجماعة ، لأن دور العالم بعد إغلاق باب الاجتهاد بات ثانوياً ما دام باستطاعة الفرد أن يحصّل الحكم الشرعي من الكتب الفقهية المقررة للمذاهب بعد وقوع العالم الإسلامي تحت سيطرة القوى الكبرى أصبحت المعاهد الرعية والحوزات العلمية هدفاً للاستعمار الذي جهد من أجل الإمساك بها وإخضاعها لتوجهاته أو خنق صوتها المعارض له ، واستمر الأمر ذاته مع الدول والحكومات بعد استقلالها لأنها أخذت بالنظم العلمانية الغربية في إدارتها السياسية وفي إبعاد أو تدجين الدين ، من هنا كان الفرز الذي نراه اليوم بين مدارس مرتبطة بوزارة الأوقاف والتربية ومديرياتها ، مثل الجامع الأزهر وجامعة القرويين ، ومدارس ألتي ليس لها ارتباط بأجهزة الدولة مثل النجف وقم على سبيل المثال ، وهنا بفضل الله وقع خميني بفخ الاعتراف ان كان يدري او لايدري بان الحوزات لم تكن بعيده عن استحواذ قوى الكفر لتخرج من تريد للقيام بدوره الذي يراد له القيام به تخريبا" للاسلام والمسلمين

يتبع بالحلقة الاخيره





الخميس ٢٨ شــوال ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / أب / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عبـــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة