شبكة ذي قار
عـاجـل










يستقبل المسلمون العيد في شتى أنحاء المعمورة بالفرح والسرور ، وخاصة الأطفال الذين يجدون في العيد نكهة فرح خاصة ، بعيداً عما يجري من حولهم ، وما أصاب الأمة من كوارث ومآسي ، وما يجري من قتل وتشريد في صفوف أبناء أمتهم هنا وهناك ، إن في فلسطين أو العراق أو سوريا أو ليبيا ، أو اليمن بفعل استهدافهم من الامبريالية والصهيونية ، ودول الاقليم التي تدعي أنها اسلامية وماهي بالاسلام في شيء ، فانقلبت حالة الأمن والأمان في ديارهم إلى حالة القتل والتدمير والتشريد لبني البشر من أبناء هذه الأمة ، فلم تعد أنظمتهم السياسية قادرة على حماية نفسها، ولم يعد أبناء المجتمع يطيقون الحياة في أوطانهم لفقدانهم أبجديات الحياة ، وتوفير متطلبات العيش بكرامة وانسانية .

في العيد علينا أن نشعر بما آلت اليه الأمة من حالة تمزق وضعف وهوان وضياع، شجعت أعداءها من دوليين واقليميين الطمع فيها أرضاً وثروة ، والعمل على تمزيق نسيجها الاجتماعي ، لتتحول إلى طوائف وقبائل متقاتلة ، كل واحدة منها يمثل بنادق الآخر المعادي لطموحات الأمة في الوحدة والتحرير ، وتسعى لتغييبها عن الوجود تحت شعارات واهية ، بعيدة كل البعد عن مصالح أبناء الأمة ولا تخدم إلا أعداءها .

مع اطلالة اليوم الأول من عيد الأضحى تقفز أمام ناظري أبناء الأمة عملية الاجهاز على بطل من أبطالها ، رجل ما وجلت قلبه من كل ما واجه من أهوال وصعاب ، وحروب افتعلها عملاء في الداخل ، وعندما فشلوا استعانوا بأعداء الأمة من الخارج، ليجهزوا على وطن ودولة ونظام سياسي ، ويعمدوا على تمزيق نسيج مجتمع ليتحول ما بين مقتول وجريح وسجين ومشرد في الداخل والخارج ، ورغم كل ما واجه نظامه السياسي من مؤامرات ، ما انحازت قدماه عن الخطى على السير عن أهداف الأمة ، فكانت وقفته البطولية في مشهد قلّ نظيره في التاريخ ، أذهل أعداءه ، ورغم المصاب الجلل لكنه في وقفته أثلج صدور محبيه ورفاقه ، فهذا هو معدن الأبطال في المواقف الصعبة والحرجة ، وهل هنك أصعب من الوقوف أمام ملك الموت ؟ .

رجل ما انحنى لهول ما واجه من مصائب ، ولا وهنت نفسه ولا ضعفت ، فقد واجه استشهاد ولديه وحفيده بنفس ثابتة ، وعزيمة قوية ، فكان جوابه ما تعود عليه العرب أن يسمعوه في مواجهة الموت لعزيز ، والتعامل مع المصاب الجلل بنفس ثابتة وقلب جسور.

الأمة التي مرت عليه مصائب تنوء بثقلها أمم الأرض ، هي أمة ولود لاتتوقف عند فارس واحد من فرسانها قد رحل بمثل ما رحل الشهيد صدام حسين ، ومثل هذا الشهيد الذي لم يترك وراءه لا مالاً ولا ثروة ، ولم يسجل عليه مثلمة من تلك التي يتمثل بها حكام هذا العصر ، فقد ترك رجالاً هم رفاق الأمس واليوم ، يحملون على عاتقهم اتمام المسيرة ، لتحقق الأمة طموحها في الوحدة والحرية والتحرير، أمة حباها الله بأعظم رسالة كلف بها بنو البشر ، فكانوا أهلاً لهذه الرسالة في نجاحها في زمن قيايسي لرسالة عظيمة ، فكان الشهيد يمثل ما أراده المؤسس في المسيرة عندما قال " إذا كان محمد كل العرب فليكن كل عربي محمداً " في الصدق والأمانة والقوة في الحق والاخلاص في العمل والايثار في التعامل ...الخ ، فكان الشهيد نموذجاً في كل ذلك ، يقتدي به رفاقه ، فيقود الركب دون استعلاء أو استخفاف بأحد،لا بل كان كان رؤوفاً بمن تخذله قدماه عن اللحاق بالركب .

في مثل هذا اليوم ، يوم الوقوف على عرفه لابد وأن تستذكر الأمة العبر من هذه الوقفة الدينية على عرفة ، ولابد لها من إستذكار العبر من الأحداث التي مرت وتمر بها الأمة ، وفي مقدمة ما حدث هو وقوف صدام حسين أمام حبل المشنقة ، متحدياً من ظنوا واهمين أنهم قد أوقعوا به ، وما علموا أن الله سبحانه قد دفع بعضهم لاظهار الحق والحقيقة في مشهد الاعدام ، ليجعل من هذا المشهد فخراً له ، وخزيا وعاراً يجللهم إلى يوم الدين في يوم الدين هذا .

أيام العرب بحلوها ومرها هي من أيام الأمة التي يجب أن تؤخذ منها العبر ، وتقوم الأمة بتعليمها لأبنائها ، حتى لا تكون أمة تجهل تاريخها ، فالتاريخ أحداث وعبر لابد لهذه الأحداث والعبر من مكانة في ثقافة الأمة ، فأمة بلا تاريخ لا قيمة لها ، وأمة لها تاريخها ، فهذا التاريخ يقاتل مع أمته يوم تواجه أعداءها ، فكم هي عظيمة الأمة التي تستذكر العبر ممار مر بها ، وكم هو واجب علينا في الحديث عن ذكرى استشهاد صدام حسين أن نستنبط العبر والمواقف البطولية الشجاعة لرجال قلّ مثيلهم ، وعزّ تكرارهم في حياة الأمم والشعوب .

في يوم الذبح ، يوم النحر ، يوم التضحية ، الرحمة لكل شهداء الأمة ، وفي المقدمة منهم شهيد عيد الأضحى ، سيد شهداء هذا العصر صدام حسين ، طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جنانه .

dr_fraijat45@yahoo.com





الخميس ١٠ ذو الحجــة ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / أيلول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة