شبكة ذي قار
عـاجـل










 تبين مما ذكر في الحلقة الاولى أن نهي الله عز وجل عن التعصب والتحزب والفرقة والتفرق لم يكن إلا ليعلم الله عباده بما فيها من الشر المؤكد والفشل المرتقب والعداوة المنتظرة بين من أمرهم الله عز وجل أن يكونوا أمة واحدة وحزباً واحداً يعبدون رباً واحداً ويتبعون رسولاً واحداً ، ويتجهون إلى قبلة واحدة ، ويدينون بدين واحد ، وتربطهم رابطة واحدة ، هي رابطة الدين { وهم حزب الله المفلحون } ومما يؤكد هذا المعنى ويدل على أن التفرق مازال ممقوتاً ومحذوراً في كل زمان ومكان وعلى لسان كل نبي وحكيم ، إخبار الله عزوجل عن هارون عليه السلام أنه قال لأخيه موسى حين عاتبه عند رجوعه من الطور فوجد قومه قد عبدوا العجل ، فقال كما قال الله عنه في سورة طه * قال يا هارون ما منعك إذ رأيتم ضلوا ألا تتبعني أفعصيت أمري * قال يابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي * فقد حذر هارون من التفرقة وخافها على قومه وخاف أن أخاه يلومه عليها ، وروى عبدالله بن أحمد بن حنبل عن عبدالله بن عباس { قدم على عمر بن الخطاب رجل فجعل عمر يسأله عن الناس ، فقال يا أمير المؤمنين قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا ،

قال ابن عباس ، فقلت والله ما أحب أن يتسارعوا في القرآن يومهم هذه المسارعة ، قال فزجرني عمر رضي الله عنه ثم قال مه ، فانطلقت إلى منزلي مكتئباً حزيناً ، فبينا أنا كذلك إذ أتاني رجل ، فقال أجب أمير المؤمنين فخرجت فإذا هو بالباب ينتظرني ، فأخذ بيدي فخلا بي فقال مالذي كرهت مما قال الرجل آنفاً ، فقلت يا أمير المؤمنين متى يتسارعوا هذه المسارعة يحتقوا ، ومتى يحتقوا يختصموا ومتى يختصموا يختلفوا ، ومتى يختلفوا يقتتلوا ، قال لله أبوك إن كنت لأكتمها الناس حتى جئت بهاقلت } ما أشبه الليلة بالبارحة إن الاختلاف الذي خافه عبدالله بن عباس ووافقه عليه عمر عنهما على أمة محمد قد وقع ثم وقع ثم وقع وما تفرقت أمة محمد شيعاً وأحزاباً كمن سبقهم إلا بسبب الاختلاف ، وكان أول خلاف وقع في هذه الأمة هو خلاف الخوارج ، ثم خلاف القدرية ثم المعتزلة ثم المرجئة ثم الجهمية والصوفية والفلسفة واليوم الاحزاب التي تدعي بالله والحق والعدل وهي بحقيقتها مرتكبة المنكر والعامله بما يغضب ألله ، والشاهد من هذا الأثر أن المحاقة موجبة للاختلاف ،

ومعنى المحاقة { أن كل واحد من المتخاصمين يقول الحق معي وهي معنى قوله يحتقوا ، ومتى يحتقوا يختلفوا ، ومتى اختلفوا اقتتلوا إما بالألســـن والأقلام وإما بالأيدي والسيوف } وما استخلصه الباحثون والمحللون إلا من حصاد الاختلاف وشؤم ألاحزاب والتيارات والكتل المتخذه من الدين الاسلامي برقع للاستتار خلفه والتي نهى الشرع عنها وما زال المحققون من أهل العلم ينهون عنها في كل زمان ومكان ينهون عنها لما يعلمون فيها من نتائج يحزبوا الناس ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء والفتنة وهنا استشهد بما ورد عن الامام علي بن ابي طالب عليه السلام في الجفر الاعظم {{ ابن السيخي يقتل ملكه ويدعي ولائه الينا وهو ليس منا لان الدنيا استهواها ويقوم بالحرب ينزف فيها الدماء ومن خاصمه يطلب الصلح الا انه يمتنع منه ويطيل الحرب وعندما يجبر يقول تجرعت السم الزؤام فان بدعته هذه خارج فيها عن الدين }} وان المفسرين وجدوا خميني هو المشار اليه بقول الامام لانه اتخذ من ولاية الفقيه منهجا" بل دينا" لتحقيق احلامه واوهامه حيث ادعى الامامه وهذه بحد ذاته خروج على الدين والسنة النبوية ومنهج ال البيت وان ماورد بالحديث وما تناقله ال البيت يعد كفرا" ،

وبعض الباحثين في الشأن الديني يرون ان من فعل هذا كان من جنس جنكز خان وأمثاله الذين يجعلون من وافقهم صديقاً واليا ، ومن خالفهم عدوَّا باغيا بل عليهم وعلى أتباعهم عهد الله ورسوله بأن يطيعوا الله ورسوله ويفعلوا ما أمر الله ورسوله ويحرموا ما حرم الله ورسوله ويرعوا حقوق ألعالمين كما أمر الله ورسوله ، فإن كان أستاذ أحد مظلوماً نصره ، وإن كان ظالماً لم يعاونه على الظلم بل يمنعه منه كما ثبت في الصحيح أنه قال - انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً - قيل يا رسول الله أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالماً ؟ ، قال صل الله عليه واله وسلم تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه ، نعم ان السنين العجاف التي مر ومازال العراق يعاني ظلمها وفسادها وافسادها أكدت بالملموس ان الاحزاب الدينية ماهي الا وسيله مباشرة لهدم قيم الدين وتحريف الموروث من خلال البدع وفتاوى التكفير التي تعد سنه اساسية في تعاملها مع الواقع المجتمعي لان من خالفهم كفر ومن امتنع عصا ومن عبر عن وجهة نظره انطلاقا" من منطوق الحديث الشريف {{ من رأى منكم منكرا" فليغيره بيده فمن لم يستطع فبلسانه وان لم يستطع فبقلبه وذلك هو اضعف الايمان }} يعد هادما" للعملية السياسية وما هو الا ارهابي لابد من اعتقاله وزجه في السجون العلنية والسرية والواقع اليوم هناك الالاف من الابرياء الذين لايعرف مصيرهم لسنوات مضن ،

أما البنية التنظيمية لهذه الاحزاب فهي الطائفية المذهبية والتي بمفهومها ماهي الا قوى الفرقة والتمزق المجتمعي والمسبب الفعلي لاذكاء الطائفية وفتنتها والتي ماهي الا سلاح سياسي مؤذي نهاية اتباعه تدمير البنية المجتمعية الموحدة المتأخية المتحابه بل وصل الامر بهذه الاحزاب او التيارات او الحركات تتخذ الرمزية العائلية او هوية الاتباع المرجعي وهنا يشتد التصادم وما حصل في كربلاء المقدسة عام 2014 مع اتباع الحسني الصرخي من افعال انتقامية اجرامية كالحرق والسحل في الشوارع والازقه الا داله تؤشر خروجهم على المنهج الديني وصواب الاتباع لايمانهم بما حرم الله واتخاذه وسيله لحماية مكاسبهم وغاياتهم ،

بل اصبح النقيض هو المحبب كما ظهر في الايام الماضيه يظهر فصيل مليشياوي بشعار {{ لبيك ياحسين فرق الموت }} وهذا بعينه التناقض المطلق مع القيم الاســــلامية التي امن وعمل بها الامام الحسين عليه السلام والتي بينها وحددها بقوله {{ لم اخرج بطرا" أو أشرا" بل خرجت لاصلاح امة جدي رسول الله }} فالمحصلة النهائية لهكذا احزاب هو الخراب الفكري والسلوكي وخاصة عند من هم بسطاء التفكير والاعتقاد والتعليم والثقافة الذين تتحكم بهم عواطفهم قبل عقولهم ، ولايستغرب ان يكون هناك من هو يمتلك التأهيل العلمي والثقافه الا ان الهوس الطائفي وعدم الاستقامة السلوكية وعدم النقاوة في اصوله يكون من الادوات المؤذية في تلك الاحزاب وهذا ملموس من خلال الواقع الذي نعيشه اليوم كعراقيين

يتبع بالحلقة الثالثة





السبت ١٢ ذو الحجــة ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / أيلول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة