شبكة ذي قار
عـاجـل










اختتمت الحلقة الثانية بقول مسند الى الزعيم سعد زغلول يصف الواقع المصري في حينه حيث اجده ينطبق على الواقع العربي لما تشكله مصر العروبة من مكانه في الحركة القومية والوعي الشعبي ، وهو هذا الذي نحن فيه اليوم قابل للاستمرار والحياة بالمجهول تتجه وحسبما يريده الاعداء ، المشكلة أن الأنظمة العربية لحقبة ما بعد الاستعمار طبقت انظمته وهنا أقصد { أنظمة الاستعمار } السياسية والثقافية والاقتصادية وهي الأنظمة المهزومة أصلاً في عقر دارها لانها لم تأتي من خلال الارادة الشعبيه بل حسبما اراده المستعمر ،

فهناك دول ينهار اقتصاداتها وأخرى على وشك الإفلاس وحركات تململ شعبي ، وكما وصل النظام العربي إلى طريق مسدود ، فكذلك أيضاً النظام الرأسمالي الغربي الراعي لتلك الانظمة العربية المفكرون في الغرب هم أيضاً لا يرون إمكانية معالجة هذا النظام من داخل منظومته ، وهذا ما كتبه وليز هارمان {{ إن النظام الحالي شأنه شأن المريض الذي يذهب إلى الطبيب فيقول للطبيب إنه يقاسي عمله الذي يضنيه ، لكنه يحب ما يتعاطاه من الكحول في المساء فهي تنسيه هموم النهار ، وهو يدخن ثلاث علب سجاير في اليوم ، وهو يطلب العلاج ولكن دونما أي تغيير في عمله أو شربه أو دخانه - ويضيف - ويتعمق شعور الشعوب في العالم الحالي بأنهم أصبحوا بلا حول ولا قوة وهم في أكثر الأحيان يعزون تلك المشاعر لإخفاق سياسات قوى النفوذ أو إلى اليساريين المتعصبين ،

أو إلى الرأسماليين الجشعين ، ولكن حقيقة الأمر هي أعمق من ذلك وتتطلب تغييراً عميقاً أساسياً في المفاهيم والافتراضات - للنظام نفسه - }} والباحث أوكير كتب {{ يرى الأمريكيون أن هناك خطأ ما في أمريكا ، ولكنهم لا يعرفون ما هو ، ولا يعرفون لماذا ذاك الخطأ ، والأهم من كل ذلك فهم لا يعرفون كيف يصلحون ذلك الخطأ وكل ما بامكانهم هو الإشارة إلى أعراض المرض فقط ، وفي الحقيقة فإن بعضاً مما يسمى حلولا" يزيد الطين بلّة ، ذلك أن تلك الحلول تحاول أن تغير نتائج النظام من دون تغيير النظام الذي أفرز تلك النتائج }} ، وقال البرت اينشتاين {{ لا يمكن حل مشكلات اليوم من نفس العقول التي صنعتها بالأمس ، ليست المشكلة بالآخرين وحدهم }} ، نعم فنحن ما بين فئة قليلة تطابقت مصالحها مع من هم خارج أوطانها أو ممن شغفهم الغرب حباً ، وهؤلاء قال عنهم ابن خلدون قبل مئات السنين إن - عبودية العقل هي أقسى أنواع العبوديات - وبين فئة جمدت حضارتنا العظيمة في ثلاجة الزمن البعيد ، من دون الأخذ بأدوات التحديث والعصر في حضارة حثت على الأخذ بالعلم حتى ولو في الصين ،

والحديث الشريف اطلب العلم من المهد الى اللحد هناك عالم اقتصادي وسياسي وحضاري جديد يتشكل في كافة ارجاء العالم وعالمنا العربي والإسلامي هو احد مراكز الصراع الساخنة لتشكيل هذا التغيير ، قال صامويل هانتغتون في كتابه صراع الحضارات {{ لم يربح الغرب العالم بسبب تفوق أفكاره أو قيمه أو ديانته ، وإنما ربحه بسبب تفوقه في استعماله للعنف المنظم ، والغربيون غالباً ما ينسون هذه الحقيقة ، أما غير الغربيين فلا ينسونها أبداً }} ومن العنف المنظم الفوضى الخلاقة التي تجدها الادارة الامريكية النافذة التي تدخل من خلالها لسلب الشعوب حقها والعمل على توجيه الحراك بما يخدمها ويبتعد عن غايته ان كان من خلال التشويه بافعال ادواتها او شراء الذمم ليكون الارتداد أن ما كتبه كبار الكتاب العالميين خصوصاً ذوي الاطلاع الواسع من النواحي البحثية وبعض أولئك من الذين تبوأوا مراكز قيادية في أمريكا ومنهم من عمل في بعض مراكز القرار الأمريكي مثل مجلس الأمن القومي ، ارى ان يقرأ من خلال { إن الترجمة كانت تحافظ على المعنى دون حرفيتها ،

وإن الآراء الواردة في تلك المقالات هي لأصحابها } ومن هنا لابد من عرض أسباب الانتفاضات العربية التي يرونها هي بداية الربيع العربي وهنا العجب { عالم عربي ميت } كما هم يصفون في جريدة الوشنطن بوست في 15 شباط 2011 بعد أقل من أسبوع من تنحي حسني مبارك بمقال حسين آغا وروبرت ماللّي والملاحظ أن الكاتبين يشتركان في كتابة مقالات عدة في مواقع مؤثرة في القرار الأمريكي ، ينتج الربيع الذي هم يصفوه ؟ ، كما أن خلفية الكاتبين توضح امتلاكهما لمعلومات قريبة جداً من صناع القرار الأمريكي ، فحسين آغا قريب من السلطة الوطنية الفلسطينية ويعمل مستشاراً لها ، بينما يعيش بين لندن وبيروت وهو عضو مشارك في كلية سانت انطوني ، جامعة اكسفورد ، أما روبرت ماللّي فولد لأبوين يهوديين مصريين ، تخرج من عدة جامعات منها وجامعة اكسفورد ، وكذلك كلية القانون في جامعة هارفرد حيث كان زميلاً في الدراســــــة مع باراك أوباما آنذاك وعمل في مجلـــــس الأمن القومي ، كما عمل مســـــاعداً خاصاً للرئيس الأمريكي بيل كلينتون للشــــــــؤون العربية {{ الإسرائيلية }} ،

وكان مع الوفد الأمريكي المفاوض في كامب ديفيد في المفاوضات الأمريكية - الفلسطينية – {{ الإسرائيلية }} واني تعمدت التعريف بالكاتبين لإعطاء تحليلهما مصداقية على مقدار المعلومات التي يمتلكانها حيث إن تحليلهما للاسباب الموجبة للانتفاضات العربية المسماة بالربيع العربي هو في غاية الدقة والمنهجية العلمية ، التي ظهرت في مقالتهم التي أشرت اليها حيث جاء فيها {{ لم يكن المحتجون في شوارع القاهرة الذين أسقطوا نظام حسني مبارك خلال 18 يوماً يطالبون بإنهاء ذلك الحكم الظالم والفاسد والمستبد فقط ، ولم يكونوا ضد الجوع والبطالة والحرمان الذي نتج عن حكامهم ، فهم قاسوا من هذه المظالم من سنين لكن ما قاتلوا من أجله كان شيئاً أكبر ؟ ، عالمهم العربي ميت وثورتهم تسعى لإحيائه منذ خمسينات القرن العشرين ،

كان العرب فخورين بنضالهم ضد الإمبريالية ، فخورين بمواقف رؤسائهم بأن لهم رسالة ودولة مستقلة مقاومة لأي هيمنة اجنبية ، في مصر كان جمال عبد الناصر يدير دولة اقتصادها منهار ، ويستمر في الحكم حتى بعد هزيمة مذلة من سنة 1967 لكن بقيت مصر قلب العالم العربي ، كان العالم العربي يتابع عبدالناصر وهو يهاجم الغرب ، ويعاند مستعمري مصر السابقين ، ويؤمم قناة السويس ويعادي “إسرائيل”، في الوقت نفسه انتزعت الجزائر استقلالها من الفرنسيين وأصبحت ملجأ للثوريين ، وقادت العربية السعودية حظراً نفطياً هزّ عالم الاقتصاد ، وياسر عرفات وقد أعطى للفلسطينين صوتاً ووضع قضيتهم على الخريطة من جديد ، وفي كل أرجاء العالم العربي ، فلقد تعرض إلى انتكاسات عسكرية وسياسية لكنه بقي يقاوم ، والبعض في العالم لم يحبوا ما كانوا يسمعون لم يكن هناك استسلام ، تعاني الدول العربية شيئاً أكبر وأقسى من الفقر أو الشمولية ، لقد أصبحت أنظمة مزيفة في أعين شعوبها التي تنظر لها كأنها غريبة عنها ، تنفذ سياساتٍ تأتيها من بعيد ولا يستطيع أحد أن يفهم حقيقة مشاعر وأعمال المصريين ، والتونسيين والأردنيين من دون الأخذ في الاعتبار أن شعور هؤلاء العميق ،

لم يسمح لهم بأن يكونوا أنفسهم وأنه قد تم سلب هويتهم ، فذهبوا إلى الشارع ليس كحركة احتجاج ، وإنما كحركة تقرير المصير ، إن حقن المساعدة الاقتصادية للانظمة المتهالكة لن يفيد فالمظالم التي تشكو منها الجماهير العربية ليست بالأساس مادية ، إنها تشكو من الاعتماد الكثير على الخارج أما دعوة أمريكا للإصلاح فهي لا تجد آذاناً صاغية ، فلا يحق لمن آزر الأنظمة الاستبدادية لعشرات السنين أن يتشدق بالإصلاح أو التغيير ، أما محاولة الضغط على الحكام فقد تأتي بنتائج عكسية حيث إنها تسمح للنظام بأن يدعي أن حركات الاحتجاج هي موجهة من الغرب وأن دعاة التغبير ما هم سوى ألعوبة بيد الغرب ، يعتقد بعض اصحاب القرار الغربيين في العواصم الغربية - بل إنهم أقنعوا أنفسهم - بأن اعادة عملية السلام “الإسرائيلية ” - الفلسطينية ستساعد على تهدئة الرأي العام إن ذلك هو أضغاث أحلام وعملية انكار ، فهي تغفل حقيقة أن العرب سئموا من لعبة السلام هذه التي يرون فيها تحقيقاً لرغبة غربية لا تحقيقاً لأجندة وطنية كما أنها تقع في خطأ هو أن السلام المأمول في الدول الغربية ولدى الحكام العرب هو سلام مغشوش مفروض وغير عادل لتصفية القضية الفلسطينية }} وهكذا فإن فرصه لإنقاذ الوضع الراهن ستسارع في عملية سقوطه بانتفاضات لا ثورات وذلك لعدم توفر شروطها ألثلاثة لإنجاحها {{ أولها حزب سياسي منظم ومتين لان البعث الخالد تعرض ومازال يتعرض الى أشرس هجمه شعوبية يراد منها التشويه الكامل لتأريخه وانجازاته أوجب الامر مرحليا" التحوط لتفويت الفرصه على قوى الشر والضغينة والحقد الدفين من التمكن من مناضليه في عموم الساحة العربية وليس العراق ولكن هذا لم يجعل البعث الخالد غائبا" عن الساحة ،

وقيادة قوية الشكيمة والعزيمة بعد ان تمكن الحلف الشرير من القيادة الوطنية القومية في العراق ، وبرنامج واضح }} وهذه الشروط لم تتوفر لأي من الانتفاضة المصرية ، ولا التونسية و لم يكن للانتفاضة اهداف واضحة حيث إن الأهداف كان يصوغها الشارع ساعة بساعة وبطريقة عفوية كما لم يكن لها قيادة محددة باعتراف الجميع ، ولم يكن يقودها تنظيم أو حزب محدد في بداياتها ومن هنا ووفق منطوق الفوضى الخلاقة والمنهج المتبع من قبل الادارة الامريكية المتعاقبة كانت الفرصة التي تمت تهيأتها للاخوان المسلمين ومن يلتقي معهم من حيث الفهم والغاية ليتسلطوا على الشعبين التونسي والمصري باستلامهم السلطه وهذه الحالة رافقت المتغيرات المعده في القطر الليبي يقابلها الدور الخياني الذي يرتكبه الحوتيين { انصار ألله } وحليفهم صالح في اليمن ليكون الدور القاتل للمتفرسين الشعوبيين كما هو الحال في العراق

يتبع بالحلقة الرابعة





الاحد ٢٠ ذو الحجــة ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / تشرين الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة