شبكة ذي قار
عـاجـل










الدولتين { أمريكا وروسيا } خشيتا من اطالة أمد الصراع والتحول الى الاحتفاض بالمناطق التي تمكن النظام من المحافظه على تواجده فيها وما تحقق من قبل الفصائل المسلحة وتهديد مصالحهما بسبب ذلك الركود ولذا تراهنان على حل سياسي لا يمانعه أحد لكنهما تحرصان على ترتيبه بما يناسبهما ولما كانت تركيا تواجه مشاكل مع أمريكا في ما يتعلق بقضايا تركية داخلية وبـ { الحرب على داعش } ومخرجاتها السورية ، فقد آثرت أنقرة أن تدفّئ التقارب مع موسكو ، ولعلها سمعت من بوتين ما شجعها على مساندة صامتة للمسعى الروسي ومعلوم أن إسقاط نظام بشار الأسد هو أحد الشروط التي أعلنها رجب طيب اردوغان لمشاركة تركية نشطة في التحالف ضد الارهاب ، أما مصر التي تطمح الى استعادة دورعربي فسربت مصادر مختلفة مراراً عزمها على طرح مبادرة من أجل سورية ، لكنها أدركت الحاجة الى دفع دولي ولم تلمس استعدادا" لدى أمريكا ، لذا واظبت على الاتصال والتشاور بغية إنضاج الأفكار والمواقف المتوافرة وعندما أبدت روسيا نيتها تحريك الجمود في الملف السوري وجدت مصر أنها تستطيع توظيف علاقاتها المعقولة مع المعارضة السورية وعلاقاتها السوية مع النظام لتفعيل حل ينسجم مع ثوابت سياستها التي هجست دائماً بالمحافظة على وحدة سورية وبقائها وعودتها الى الكنف العربي وبما يتناسب مبدئيا"مع أهداف السعودية ، تستند روسيا وفقا" لما يردده مسؤولوها ومنهم المبعوث ميخائيل بوغدانوف الى أن النظام والمعارضة بلغا نهاية الطريق في الأزمة وعموما" بات الجميع وبالأخص ستافان دي ميستورا صاحب خطة تجميد الصراع بدءاً من حلب يرددون أن النظام ليس قادراً على استعادة الحكم والسيطرة على كامل سورية وأن المعارضة بالكاد تستطيع الحفاظ على مناطق سيطرتها أمام هجمات النظام ومايسمى بغزوات جبهة النصرة وتنظيم داعش ، لا شك في أن هذا مبرر قوي للضغط على الطرفين { النظام والمعارضه } للبدء بالتنازل وصولا" الى حل سياسي وبناء على حصيلة المشاورات الروسية ، يتبين أن موسكو تركز حاليا" على الشكل دون المضمون وترحل أي بحث في مضمون الحوار نفسه وتفضل الإبقاء على الغموض بالنسبة الى المحاورالجوهرية التي يتوقف عليها الحل ،

وان تذكرت من حين الى آخر بيان جنيف واذا صحت المعلومات عن لقاء بوغدانوف مع الأمين العام لـ حزب الله حسن نصر ألله وتأكيد الأخير أن الأسد خط أحمر في اي حل للمشكله وهذا يعني أن المبعوث الروسي دخل في التفاصيل ، وطالما أن المكانة الايرانية لنصرالله زادت تميزا" بفعل مشاركة حزبه في القتال دفاعا" عن الاسد فلا بد من أنه يعبر عن رأي المرشد الايراني خامنئي وموقفه من الحل في سورية أهمية خاصة ، ولا تختلف روسيا مع ايران بالنسبة الى الأسد كخط أحمر ، فكلتاهما لا تنظر بارتياح الى معارضة الخارج وسقفها السياسي العالي وعلاقاتها الاقليمية وتتوجس تحديدا" من مطالبها المسبقة في ما يخص رأس النظام لا تنسى الدولتان أنهما ربطتا مصالحهما في سورية بوجود الأسد في السلطة ، وأن اصرارهما على بقائه بحجة الحفاظ على الدولة والمؤسسات لم يعد ذريعة قابلة للترويج لأنهما تعانيان من الاهتراء الذي انتابه ونظامه أما الذريعة التالية أو بالأحرى خيارهما البديل فقد صيغ كالآتي {{ الحفاظ على النظام من دون الأسد للحفاظ على الدولة والمؤسسات لكن مع افتراض توافق الروس والايرانيين ، فانهم لن يقدموا على إبدال الأسد بشخص آخر ما لم يفتح البازار أمامهم ليعرفوا مع من سيسا ومون وبأي ثمن وأي شروط ،

وفي ضوء المعطيات الأولية يبدو التحرك الروسي لمصلحة نظام الأسد ، وهو لم يعلن موافقته على المشاركة في المؤتمر التشاوري إلا بعدما تعرف على مختلف التفاصيل ولا تخفي الأطراف الثلاثة - روسيا وإيران والنظام - ، أنها تعول بشكل رئيس على معارضة الداخل وقابليتها للانخراط في حوار مع النظام واستعدادها للموافقة على حلّ يأخذ شكليا" بالخطوط العريضة التي تطرحها لكنه حل يهدف خصوصا" الى تجديد شرعية النظام ، وقد يتخذ شكل حكومة مختلطة يمكن أن تتولى رئاستها شخصية معارضة لا تمانع وجود الأسد في الرئاسة وأن يعهد ببعض الوزارات الى معارضين آخرين وقد يقال إن هذه حكومة انتقالية ، في انتظار الدستور وقانون الانتخاب والأحزاب ثم الانتخابات نفسها فضلاً عن انتخاب رئيس جديد ؟ ، يراد تهميش الائتلاف السوري المعارض باجتذاب بعض وجـوهـه والحـؤول دون ترؤسه الوفد الموحد للمعارضة وقيادته المفاوضات كما في جولتي جنيف أوائل 2014 ، ولأن مسار التفاوض سيكون طويلاً فإن أعضاء الائتلاف المشاركين سيشعرون بأنه جرى توريطهم ، فاذا واصلوا يحترقون سياسياً واذا انسحبوا يتهمون بالعرقلة والتعطيل ،

لكن الآخرين سيتابعون التفاوض وصولاً الى الحل ، وثمة أفكار متداولة في سياق التحضيرات ومنها أن يجرى احترام تمثيل كل الفئات وضمان مشاركتها في كل المؤسسات ولدى شرح هذه الفكرة يقال اختصارا" إنها قد تقتبس المعايير الطائفية التي صيغ بها اتفاق الطائف اللبناني لكن في كل الأحوال هناك شروط أساسية لأي حل كي يقترب من أن يكون حقيقياً ، وأولها ألا يجرى تفصيله على مقاس الرغبات الروسية – الايرانية ، وأن لا بد من أن يرسم خريطة خروج الأسد ، طريقاً وبوابةً بدءاً من إقرار إخضاع المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية للسلطة السياسية ، أي للحكومة الانتقالية بغية اعادة هيكلتهما وإبعادهما من التدخل في الحياة السياسية ، لقد اتسعت الهوة بين روسيا وألشعب العربي بعد مايسمى بربيع الثورات العربية ، حيث ألقلق ألروسي من عودة الربيع اليها ، وخاصة بعد ربيع براغ في العام 1968 الذي أدى إلى احتلال تشيكوسلوفاكيا وقتها ومرورا بحركات التغير التي عصفت بروسيا السوفياتية في عام 1990 والتي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفياتي ، والدول الاشتراكية بعد انهيار جدار برلين ، مرورا بالثورات الملونة في العام 2004 والتي كادت أن تعزل روسيا دوليا ، وصولا إلى مايسمى بالربيع العربي الذي أخذت روسيا موقف حذر منه وخاصة من ألانتفاضة السورية ، لأن نجاح الانتفاضة السورية هو الهاجس الحقيقي للروس ومن أجل هذا يسعون لإجهاضها بشتى الطرق والوسائل ،

وكلما زاد الضغط على النظام يحاول الروس إنقاذه بخطة أو بمهلة أو بمؤتمر مع بقاء الدعم اللوجستي والسياسي المعلن والخفي ، ويدعو الموقف الروسي حيال الأزمة في سوريا إلى {{ التساؤل عن الأسباب والحيثيات التي جعلت قادة روسيا الاتحادية يتعاملون معها وكأنها القضية الأهم والأكثر حساسية بالنسبة إليهم في منطقة الشرق الأوسط ، ويؤثرون سلباً على مسار تطور الأحداث ، حيث أعلنوا منذ اليوم الأول لاندلاع الانتفاضة السورية ، وقوفهم القوي إلى جانب النظام السوري بكل إمكاناتهم الدبلوماسية والسياسية واللوجستية ، وتبني وجهة نظره وطريقة تعامله مع الأوضاع الدامية والمتفاقمة }} ، الاعتقاد في الأوساط السياسية الروسية يفيد بأن حمايتهم للنظام السوري يمكن أن يوفر حضورا" روسيا" قويا" في مختلف ملفات الشرق الأوسط ، وفي التسويات التي يمكن أن تحصل في المستقبل بخصوص إيران وملفها النووي مابعد توقيع الاتفاق فيما بين ايران ومجموعة {5 +1} بل يمكن أن يشكل سابقة يمكن البناء عليها مع إيران والعراق ولبنان ، ضمن سياسة بناء حلف جديد في المنطقة تكون روسيا محوره الأساس والفاعل وهنا السؤال {{ كيف يتم التعامل فيما بين غرفتي العمليات التي تم تشكيلها بعد الاعلان الروسي على التواجد العسكري الواسع في سوريا والقيام بالعمليات العسكرية الجوية والصاروخية في المرحلة الاولى وأعني غرفة العمليات { الروسية (( الاسرائيلية )) وغرفة العمليات في بغداد ؟ }} ، ولم يعط الروس الجانب الإنساني والأخلاقي أي اهتمام يذكر ، بالرغم من سقوط آلاف الضحايا المدنيين ، بالرغم من معرفتهم بما حل بالعراق ومن هم المحتلين الحقيقيين له وما نتج عن ما يسمى بالعملية السياسية التي صنعتها امريكا وايران توافقيا" ، وأن الحراك الاحتجاجي الشعبي أعلن منذ انطلاقته عن رغبة الشباب السوري في نيل الحرية واسترجاع الكرامة ، والتطلع إلى دولة مدنية تعددية تقوم على المواطنة والعدالة وحشد الساسة الروس كل طاقاتهم الدبلوماسية والسياسية في الصراع على سوريا ، فاستخدموا الفيتو في مجلس الأمن الدولي مرتين متتاليتين، بغية منع صدور أي قرار دولي يدعم التغيير في سوريا ، واستمروا في تنفيذ صفقات السلاح المبرمة وتوفير الدعم والخبرات والخبراء الأمنيين والعسكريين، الأمر الذي وصل إلى درجة كبيرة من الدعم والإسناد ،

وبدلاً من أن يسهم الروس في حلّ الأزمة أثّروا على تطورها بشكل سلبي ، بالنظر إلى الدعم اللامحدود للنظام ، فيما كان المطلوب من روسيا المساعدة والضغط من أجل إيجاد حل سياسي ، يقطع تماماً مع الحل الأمني والعسكري ، الذي لا يمكنه إيجاد المخارج المناسبة لثورة شعبية ، وأن تضغط باتجاه تنفيذ خطوات على الأرض ، تلبي طموحات الشعب السوري، والتركيز على أولوية حلّ داخلي للأزمة وقد ناقش صاموئيل شاراب المسؤول السابق في الخارجية الأميركية في مقال في الانترناشيونال هيرالد تربيون فكرة أن موسكو لا تريد الحل ، وأنها لن تشارك في دعم أي خطة لإقصاء بشار الأسد ، وذلك انطلاقًا من مبدأ عدم موافقة موسكو على التدخل في سيادة الدول الأخرى ، وحرصا على أن لا يفتح ذلك الباب أمام تدخّلات غربية في الشؤون الروسية الداخلية ، أو في شؤون الدول الأخرى المجاورة لها كما ناقشت صحيفة واشنطن بوست بافتتاحيتها في 12 / 3 / 2012 فكرة عدم قدرة روسيا على الحل ، وذلك انطلاقًا من فرضية وجود قرار نهائي لدى الرئيس الأسد بالقتال حتى الموت وشكّك المقال بقدرة روسيا على إقناعه بتغيير موقفه ، والبحث عن حل سياسي ، ويجب ان لا ننسى الدور الأمريكي في توجيه الموقف الروسي لمصالحها حيث صار التنافس في مجلس الأمن الدولي تعبيراً عن مظهر من مظاهر تسجيل النقاط على الخصوم ، وإفشال مشاريعهم حيث تمكنت أمريكا ومعها الدول الغربية من إظهار روسيا والصين ، بوصفهما البلدين الذين يتحملان وزر إطالة أمد الأزمة في سوريا ، وبالتالي مسؤولين أخلاقياً وإنسانياً عن إراقة المزيد من الدماء السورية ، وما هي الأسباب والدوافع للاستمرار في السياسة الروسية الداعمة للأسد ؟ ، و ما هي الأهداف التي تتوخى موسكو تحقيقها في سوريا من خلالها ؟ ،

وان الذي ساهم في تقوية الموقف الروسي ليس فقط الموقف السلبي للإدارة الأميركية وتردد دول الغرب في دعم الثوار، وإنما أيضا" صمود نظام بشار الأسد ، وتشرذم المعارضة السورية ، وبروز المنظمات المسلحة الجهادية في صفوف الثوار ، وتصاعد مسار الأسلمة للثورة السورية لا بد في هذا الاطار من استطلاع المصالح الروسية في سوريا ، بالإضافة إلى تحليل الدوافع السياسية التي تدفع موسكو لاعتماد مواقف متصلّبة في تعاملها الراهن مع الدول العربية والغربية في كل ما يعود للأزمة وكان سبق أن زارت موسكو وفود من المعارضة السورية، واجتمعت مع مسؤولين روس ومن بينهم لافروف، للتنسيق معهم بهدف حشد التأييد للثورة السورية لكن موسكو استمرت في موقفها الداعم للنظام ، وهناك قناعة لدى الدول العربية وشعوبها أن موسكو ما زالت قادرة على الاضطلاع بدور إيجابي من أجل البحث عن حل سياسي للأزمة، وأنها قادرة على ممارسة كل أنواع الضغوط على الرئيس الأسد لإقناعه بالتنازل عن صلاحياته لنائبه، ولكنها لم ولن تفعل ذلك لأسباب تتعلّق بعلاقاتها مع الغرب ولاعتبارات تتعلّق بطموحاتها الجيو-استراتيجية في المنطقة السورية ، كل ما تقدم ارى يسبقه المستقبل المجهول الذي افرازاته تنصب على سلب الامة العربية وجماهيرها حقوق اخرى لاكمال المسرحية المرتقبة ؟؟

ألله أكبر    ألله أكبر    ألله أكبر
وليخسأ الخاسئون





الاثنين ٢٨ ذو الحجــة ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / تشرين الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة