شبكة ذي قار
عـاجـل










بالحجارة والسكاكين والقبضات المرفوعة، تواجه جماهير فلسطين العدو الصهيوني. ومن كان يظن أن الشعب الفلسطيني لن ينتفض لم يقع في فخ الحسابات الخاطئة وحسب، بل وقع ايضاً ضحية مرض ضعف الذاكرة أو ما يسمى باللغة الطبية مرض الزهيمر. أن شعباً يتواصل مع تاريخه لا يفقد ذاكرته كتجمع شعبي كلي وأن فقد بعض أفراده ذاكرتهم. فالشعب الذي انتفض يوم اقتحم شارون الأقصى عام 2000، والذي انتفض عام 1987، وسميت يومذاك بانتفاضة الحجارة ها هو الجيل لثالث أو الرابع لا فرق، لشعب انتفض عام 1936 يوم لم تكن هناك وسائل إعلام تنقل وثبت الأخبار لحظة بلحظة ينتفض اليوم بكل حيويته.

هل كان يعتقد أحد إن شعب فلسطين يمكن أن يسكت ويستكين وهو يرى الأقصى يدنس بحرمته؟ وهل كان يعتقد أحد أن شعب فلسطين يمكنه أن يسكت ويستكين ومشهد استشهاد محمد الدرة يستحضر يومياً على بوابات القدس وحرم الأقصى؟

إن من يعرف الطبيعة النضالية التي ينطوي عليها شعب فلسطين، يعي جيداً أن هذا الشعب سوف ينتقض ثاراً لحرماته وحياته وحقه في العيش الحر الكريم. وأن ترد جماهير فلسطين على صلف العدو وعدوانيته بالمتيسر بين يديها وهي السكاكين، فالعبرة ليس في نصل السكين الحاد بل في قبضة حامل السكين.

هذه القبضات التي تحمل السكاكين لتواجه بها بنادق العدو وتوقع ما توقعه في صفوفه من خوف وقلق واهتزاز نفسي هي ابلغ دليل بأن من يحسم الموقف ليس السلاح وكميته ونوعيته بل الإرادة الإنسانية.

لقد أصبحت الانتفاضة في فلسطين المحتلة تعرف بنفسها وبالتالي لم تعد اسم جنس بل باتت اسم علم، بها يعرف شعب فلسطين وبها أصبح يعرف شعب الانتفاضة.

وإذا كانت هذه الانتفاضة قد وجهت رسالة واضحة لنتنياهو الذي شرع تجريم رماة الحجارة، فكان الرد أن السكين هي أبلغ إنباء من غيرها. وسواء شرع العدو تجريمها أم لم يشرعها فالمهم في الأمر أن جماهير فلسطين شرعت تجريم العدو سواء كان يحمل سلاحاً أم لا يحمله وسواء كان في مهام أمنية أم لم يكن. فطالما هو مستوطن أرض فلسطين فهو يمارس الاعتداء المباشر،أو غير المباشر وكل اعتداء يجرم صاحبه، وهذه شرعة نصت عليها القوانين الوضعية الوطنية والدولية، كما نصت عليها الشرائع السماوية وعندما يجرم شعب وهو مصدر السلطات طرفاً لارتكابه جرماً مادياً أو معنوياً، فهذا يعني أن لا يمكن أن يحاجج في شرعية ما يقوم به الشعب.

لقد أطلقت جماهير فلسطين انتفاضتها الثالثة، وهي بهذه الانتفاضة إنما تتواصل الأولى والثانية، وتستمد زخمها من روحية انتفاضة 1936.

وإذا كان من أهمية استثنائية لهذه الانتفاضة، إنها تتجاوز الانقسام السياسي السلطوي ولا تعير اهتماماً لمهاترات المواقف وهذا ما أفزع العدو وجعله يطالب بهدنة لأنه إذا استطاع أن يفرض سله شروطه الأمنية والسياسية على سلطة مقيدة، فإنه لا يستطيع ذلك على حركة شعب لا تقيده أحكام الانضباط السلطوي ولا حسابات الموازين الدولية، بل تحركه الجينات الوطنية التي يختزنها في ذاته والتي كما فجرها ثورة مسلحة وانتفاضات شعبية يفجر انتفاضة جديدة وهي كما لم تكن الأولى فلن تكون الأخيرة طالما بقيت الأرض محتلة

أنها حرب التحرير الشعبية خارج ضوابط الزمان والمكان.
 





الخميس ٢ محرم ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / تشرين الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة