شبكة ذي قار
عـاجـل










المقاومة حق مشروع في كل الأديان السماوية والأرضية ، وكل القوانين الدولية التي وضعتها الأمم في مواثيقها ودساتيرها ، وقوانينها تؤكد على ذلك عندما تتعرض الشعوب إلى العدوان الأجنبي الخارجي ، والعدوان المحلي الداخلي ، وليس هناك من شك أن الحقوق المغتصبة تنتزع انتزاعاً وهي لا تمنح ، ولا يمكن إنتزاعها إلا من خلال القوة ، مما يؤكد عدم الحصول على أي نتيجة من قوة الاحتلال من خلال المفاوضات السياسية ، وقد تكون هناك قوى غير متكافئة مابين المحتل والجماهير المقاومة ، ولكن هذا التكافؤ لايقاس بجوانبه المادية ، لأن المحتل بالتأكيد يملك امكانيات مادية أكبر بكثير مما تملكه المقاومة الجماهيرية ، وليس الهدف من المقاومة بهزيمته بالضربة القاضية كما يظن البعض ، ويتخذ مواقفه في التبرير بعدمية شرعية أو قانونية المقاومة في ظل الامكانيات غير المتكافئة ، وإنما هناك هزيمة تسمى الهزيمة بالنقاط ، فالاحتلال له أهدافه ، وهذه الأهداف لها كلفة مادية وبشرية ، والمقاومة لابد وأن توصله إلى أن كلفة احتلاله أكبر بكثير مما يهدف إليه من أرباح في تحقيق أهدافه ، عندها سيوازن ما بين الربح والخسارة ، فتصبح الكفة لصالح المقاومة في حالة كانت خسائر المحتل كبيرة ، وعندما تميل الكفة لصالح المقاومة أي عندما يشعر الاحتلال أن حجم خسائره كبيرة تفوق حجم أرباحه من عملية الاحتلال ، فإنه لن يستمر في هذا الاحتلال ، كما حصل في الجزائر وفيتنام على سبيل المثال.

في الاحتلال الأمريكي للعراق لم تكن الامكانيات المادية للمقاومة بحجم الامكانيات المادية للجيش الأمريكي ، فالمواجهة العسكرية المباشرة لصالح العدو الامريكي ، فتحولت المواجهة باسلوب المقاومة الشعبية ، وعندما أصبحت خسائر الامريكان المادية والبشرية باهضة ، ناهيك عن اعلامه بعدد قتلاه وجرحاه ، فهي أكبر بكثير عما يعلنه ، ولكن أهدافه من الغزو والاحتلال باتت باهضة وثمنها غالياً ، فاصبح يوازن ما بين الربح والخسارة ، فكانت خسارته أكبر بكثير من ربحه عندها حمل عصاه ورحل مهزوماً ، لأنه لم يستطع تحقيق أهدافه ، وسيأتي الدور على المحتل الفارسي أيضاً .

في الانتفاضة الفلسطينية وقد تحدثنا عن الاحتلال الامريكي للعراق كمقدمة ، لأن الهدف الخاص من حديثنا هو الإنتفاضة الفلسطينية ، فاليهود المحتلون لا يختلفون عن جيش الاحتلال ، لا بل هم أعقد بكثير لأن أهدافهم مصبوغة بهلوسات دينية عدوانية توسعية ، ولكنهم أيضاً أكثر هشاشة من جيش الاحتلال العسكري ، لأن الصهيونية في ادعاءاتها بالحق الديني والتاريخي قد تكشفت للكثيرين منهم أنها لا تتمتع بالمصداقية التي دفعتهم للهجرة ، فبات كل واحد من المهاجرين إلى فلسطين يعمل على حفظ خط الرجعة ، فكلهم يحتفضون بجوازاتهم وجنسياتهم التي يمتلكونها، لضمان خط الرجعة ، والقيام بهجرة معاكسة إلى البلاد التي قدموا منها .

باتت فلسطين المحتلة وحكومة الاحتلال الصهيوني ، تعيش على فتات موائد الغرب الامبريالي ، وهو ما لايسمح لها بالقدرة على الاستمرار ، وباتت الإنتصارات العسكرية الصهيونية مرهونة بالدعم الغربي ، وخاصة أمريكا عند حافة الهزيمة ، والديمقراطية الكاذبة باتت في نظر الكثير من اليهود الغربيين ديمقراطية مزيفة ، فكيف يمكن أن تدعي الديمقراطية ، وأنت تمارس الاحتلال بالقمع والارهاب والقتل والتدمير لمقومات شعب آخر ، وبات الأمن الموعود به المهاجر بأن فلسطين جنته وملاذه من القمع والاضطهاد في بلده الأصلي غير متوفر ، بحكم العمليات الفدائية، فالنفسية اليهودية باتت تعيش القلق والخوف والرعب من عمليات القتل أو الطعن، حتى من أقرب الناس إليه في المسكن والعمل وفي الشارع ، بحكم تداخل الحياة مع الفلسطيني صاحب الحق المشروع ، الذي يرى اغتصاب وطنه من المغتصب الذي يعيش معه ، ويمارس بحقه كل أنواع القمع ، يريد سحق هويته وإنهاء وجوده .

الأمن والحالة النفسية للمهاجر اليهودي إلى فلسطين عنصران مهمان ، وإن إنعدم أحدهما أو كلاهما فإن الحياة باتت لديه مهزوزة ، وليس له من تفكير في ظل الحالة الاقتصادية ، وفقدان الأمن وحالة الرعب والخوف التي تمكنت منه ، بفعل العمليات الفدائية من شباب الإنتفاضة إلا التفكير بالرحيل ، والعودة في رحلة هجرة معاكسة باتجاه البلد الذي قدم منه .

فقدان الأمن والاستقرار للمهاجر اليهودي إلى فلسطين ضرورة حتمية ، ولا يجوز الوقوف في طريق أي عملية مقاومة على الأرض لاستهداف الصهاينة في كل مكان من فلسطين ، فهؤلاء لا يقوون على العيش ، ولا يقبلون لأبنائهم أن يقتلوا في سبيل مشروع خاسر ، مادام لديهم خيار العودة إلى البلاد التي هاجروا منها ، مما يعني ضرورة دعم عمليات الإنتفاضة بكل ما تستطيع الجماهير الفلسطينية والعربية وبكل الوسائل والطرق ، ولدفع المزيد من هذه العمليات ، فمن يستشهد يجب مواساة أهله وتقديم العون لهم ، ومن يهدم بيته يجب تعويضه ، ومن يجرح يجب مداواته ، فقد كان العراق في ظل نظامه الوطني يسير على هذا النهج ، فسارعوا يا عرب على دعم الإنتفاضة ، فهي تقلق راحة المهاجر الصهيوني ، وتجعله يفكر بعدم مشروعية الصهيونية في اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ، كما تمنع غيره ممن يفكر بالهجرة إلى فلسطين ، وتعزز من الصمود الوطني الفلسطيني عندما يرى بوادر إنهيار المشروع الصهيوني ينهار أمام عينيه بفعل سواعد أطفال الحجارة .

تحية تقدير لأبطال الإنتفاضة ، وتحية تقدير لكل مقاوم على أرض فلسطين ، وكل أرض عربية ، فالأمة التي لا تحمل السلاح دفاعاً عن أرضها وعرضها وشرف وكرامة إنسانها غير جديرة بالحياة .

dr_fraijat45@yahoo.com





الجمعة ٢٤ محرم ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / تشرين الثاني / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة