شبكة ذي قار
عـاجـل










بات النظام التربوي يعاني من مشكلات مفصلية لم تعد خافية على أي مراقب وبشكل خاص في الهم التربوي ، فقد اتسمت التربية بغياب التخطيط وإنعدام ، ثقافة التخطيط لدى الوزارة ، بما في ذلك الوزراء الذين لا يفقهون الف باء التربية من جهة ، وطاقم التخطيط في الوزارة الذي كان مؤهل مديره لا علاقة له بالتخطيط ، وهو عضو في نقابة الفنانين ، مما يعني أن الوزارة بحاجة إلى ثورة بيضاء يقودها تربويون ، يملكون رؤيا تربوية وقدرة على اتخاذ القرار ، وليس وزراء شتامون عيارون لا يجيدون الا الحديث عن سيرهم الذاتية ، فحتى تتمكن الوزارة من نجاح طموحات جلالة الملك والشعب ، يجب إعادة النظر بكامل القيادات الادارية فيها.

عند اختيار وزير للتربية فيما يبدو أن شخص الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة في الاغلب لا يملك رؤيا وليس لديه رسالة ، فيقع اختياره على تسليم وزارة التربية لمن هب ودب ، مما يوقع الوزارة ووزيرها بالارتباك الشديد ، وغياب القدرة على معالجة المشاكل التربوية ، في ظل أعضاء لجنة التخطيط المركزية أصحاب القرار فيها، فهؤلاء لا يملكون من التربية إلا كيفية الحصول على المكافاءات من جهة ، و ينظرون لأنفسهم أنهم موظفون ، يخافون من كل وزير قادم، خوفاً من الإنتقام منهم بالنقل أو التقاعد ، فيخسرون المكافاءات التي يجنونها .

بوابة الاصلاح في أي بلد هي التربية ، وتجارب العديد من الدول التي حققت الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي كان من خلال التربية ، ونحن في أمس الحاجة إلى الاصلاح ، ونظامنا التربوي يمر في أسوأ مراحله ، فهو يعاني من أمراض تطال كل مفاصله التربوية منذ أكثر من ربع قرن ، تحتاج إلى وعي ودراية من تربويين حقيقيين في تشخيص الواقع ، ووضع الخطط والبرامج التي تحقق علاج المشكلات والعقبات التي تعترض مسيرته .

لابد من إعادة النظر في الطاقم التخطيطي للوزارة من جهة ، والنظر في هيكلية الوزارة من جهة أخرى، والعمل على وضع المعايير التي يتم فيها اختيار المواقع الادارية من مدرسية وتعليمية وتربوية ، لديها الحصانة في ابداء آرائها ، والحديث بجرأة في مواجهة مشكلاتها ، حتى لا تكون سيف هذا المسؤول أو ذاك مصلت على عنق كل صاحب رأي ، وخاصة من هؤلاء المسؤولين غير المؤهلين ، الذين يعمدون للخلاص من الكفاءات الأفضل منهم ، بما فيهم الوزير والأمناء العامين ، فهؤلاء في الأغلب العقبة التي تقف في طريق تحقيق مسيرة الاصلاح ، لوضعهم في أماكن ومواقع لا تمت إلى الكفاءة بصلة ، وواقع الوزارة يؤكد على ذلك .

التربية يجب أن تكون بعيدة في سياساتها وخيارات قياداتها عن هيمنة العراب في بلدنا ، الذي يبيح لنفسه التدخل في كل صغيرة وكبيرة ، رغم أنه لايفقه شيئاً في الأمور التربوية ، فقط لارضاء نفسيته فيما يتعلق بالهيمنة على تسيير الأموار واصدار القرارات ، وهو مسؤول عما تعاني منه التربية ، لأن مساندته لهؤلاء المقعدين فيها وراء تغييب القيادات التربوية التي تتمتع يالرؤيا والشجاعة في اتخاذ القرار ، إلى جانب وظيفته في محاربة من يشعر أن لديه أفكار ورؤى اصلاحية ، من خلال تجنيده لمخبريه في مضايقة هؤلاء المتنورين الشجعان الذين تزخر التربية بهم، ولكن لا فرصة لهم في المشاركة .

وزراء التربية الذين تسند لهم المسؤولية لبعدهم عن الواقع التربوي يعملون جاهدين على ابعاد كل من له قدرة على العطاء ، فهم لا يؤمنون الا بالموظف أو المسؤول الأخرس ، الذي يسمع ويرى ولا يحق له أن يتكلم ، فكلامه خطر عليهم ، يشعرهم بحجم النقص الذي يعانون منه ، ورغم أن البعض منهم يشعر بحجم ما آلت اليه التربية في تدني مستويات من يتحمل المسؤولية فيها ، إلا أن هؤلاء الوزراء جبناء في اتخاذ القرار ، فهذا وزير يشتم كل واحد فيهم ، ولم يجرؤ على تغيير واحد من كل هؤلاء الذين يشتمهم ، ويعيب عليهم مؤهلاتهم وأعمالهم ومسؤولياتهم ، ولكن لا يقدم على تغيير واحد منهم ، فمن أين سيأتي الاصلاح يا ترى ؟ ، هل سيأتي من وزير لا رؤيا لديه ، وجبان في اتخاذ القرار ، ومتصيد في التخلص من الكفاءات بالتعاون مع العراب عليهم ؟ .

التربية قد حققت إنجازات يشهد لها ذلك قبل زمن يزيد عن العشرين سنة، عندما كانت تملك قيادات تربوية جريئة في اتخاذ القرار ، مازالت أسماؤهم تلمع بين جدران الاجتماعات ، ومازال البعض يتغنى بمواقفهم ، لهذا لابد من العمل على إعادة النظر في السياسات التربوية ، والتربية في ظل هذا الواقع المرير تحتاج إلى وقفة ملكية تعتمد معايير الكفاءة دون النظر في تصنيف الناس ، هذا معارض وذاك موالي ، فالمواطنون كلهم ينتمون لوطنهم ، وجميعهم يؤمنون بالقيادة، وتصنيف الناس لا يعشعش إلا في مخيلة العراب المريضة ، التي باتت تشكل خطراً على الوطن والمواطن والنظام السياسي .

dr_fraijat45@yahoo.com
 





الثلاثاء ١٩ صفر ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / كانون الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة