شبكة ذي قار
عـاجـل










الشغور الرئاسي الذي مضى عليه أكثر من سنة ونصف،أعيد تحريك مياهه الراكدة خلال الأيام الاخيرة من خلال مبادرة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري طرح النائب سليمان فرنجيه كمرشح مقبول للرئاسة.وكان سبق هذه المبادرة دعوة من السيد حسن نصر الله لانجاز تسوية شاملة ضمن سلة متكاملة وتوضحت المواقف أكثر بعد الدعوة للانتظام تحت سقف الطائف.

هذا الموقف من تحريك الملف الرئاسي،أعاد خلط الأوراق على جهتي 8و14 آذار.إذ لا تكتل 8آذار بكافة أطرافه تلقف المبادرة بإيجابية ،ولا تكتل 14 آذار،رحب بها.ومع الالتباس الذي انتاب بعض مواقف التمحورين الكبيرين من تزكية سليمان فرنجيه كمرشح لرئاسة الجمهورية،كان الاعتراض شديد الوضوح من "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"،وان هذين الطرفين اللذين التقيا على موقف الاعتراض على ترشيح فرنجيه لا حاجة للتذكير بأن كل منهما ينخرط في اصطفاف مقابل الآخر.

ومن خلال مقاربة مواقف هذين الطرفين من الاستحقاق الرئاسي،يتبين ان هذه المقاربة لا تنطلق من مقاربة وطنية،بل من مقاربة سياسية فئوية.وهذه المقاربة السياسية تتدرج نزولاً الى التعامل وكأنها قضية "مسيحية" وأكثر نزولاً ،بأنها قضية مارونية،وأكثر نزولاً بأنها ترتبط بحجم التمثيل السياسي واستطراداً النيابي لكل منهما.

وهذا ما يفضي بحسب وجهة نظر هذين الطرفين،بأن المرشح للرئاسة يجب أن يكون محصوراً بهما باعتبارهما الأكثر تمثيلاً في المجلس النيابي .

هذا الموقف للطرفين من الاستحقاق الرئاسي،احدث ارتباكاً في الوسط السياسي ذي الصلة بالموضوع نظراً لطبيعة العلاقات والتحالفات التي يرتبط كل منهما بالتكتل الذي ينضوي تحت لواءه.

وأياً كانت النتائج التي ستترتب على مواقفهما لجهة العلاقات مع سائر مكونات التكتلين الكبيرين،فإنه وان كان لهما حق اتخاذ الموقف الذي يراه كل فريق ملائماً لمصلحته،إلا أنهما لا يحق لهما ان يدعيا بأن الترشح لرئاسة يجب ان يكون محصوراً بهما وبما يمثلان وأياً كان حجم هذا التمثيل .

ان الدستور اللبناني لا ينص على ان المرشح للرئاسة يفترض فيه ان يكون عضواً في المجلس النيابي او له كتلة نيابية ،بل يمكن لأي مواطن تنطبق عليه الشروط الواجب توفرها بحسب الدستور ان يترشح وهذا لا يسقط عنه شرعية التمثيل الوطني اذا لم يكن منتمياً لكتلة نيابية.

هذا من جانت،أما من جانب آخر ،فإن المرشح الذي لا ينتمي الى كتلة نيابية لا يعني انه لا يتمتع بحيثية سياسية،طالما انه يتعاطى الشأن السياسي والوطني العامين وطالما ان هناك قوى وكتل سياسية ونيابية تدعم ترشيحه فكيف اذا كان له كتلة نيابية بغض النظر عن حجمها .وعليه فالقول بأن المرشح من خارج انتماء الكتلتين النيابيتين ممن يحق له الترشح ، يفتقر الى شرعية التمثيل والى الحيثية السياسية هو قول مردود وهو مخالف للدستور نصاً وروحية.

فطالما المرشح للرئاسة ،ينتخب من قبل المجلس النيابي،وليس من ممثلي طائفة بمن حصر الترشح بواحد منها،فإن هذا المجلس يمثل كل الطيف السياسي و الطوائفي اللبنانيين .

وعلى هذا الاساس فإن النائب عندما يدلي بصوته ، انما يدلي به باعتباره ممثلاً للشعب وليس ممثلاً للطائفة التي ينتمي اليها.ولذلك،فإن من يريد ان يمارس حقه بالترشح فلينزل الى المجلس وعندها يقرر الاخير لمن يمنح اصواته بالاكثرية الموصوفة او المطلقة من الاعضاء الذين يتألف منهم قانوناً.

واذا كان العماد عون وسمير جعجع ،حريصان على ملء الشغور الرئاسي وينويان الترشح،فالباب كما هو مفتوح أمامهما ،هو مفتوح امام آخرين ولا يحق لهما اغلاقه بوجه من لا يحظى برضاهما وعليهما ان يخرجا من وهم انهما يقرران تحديد المسار السياسي لهذا الاستحقاق اذا لم يكن اللواء منعقداً لواحد منهما.

ان فرصة متاحة امام لبنان لانجاز تسوية سياسية تضع حداً لهذا الفراغ في الموقع السلطوي الأول،وربما يساعد ذلك على تطبيع الوضع الداخلي بما يجنب لبنان تداعيات الهزات الارتدادية للصراع المتفجر في المحيط العربي والاقليمي. وبالتالي يجب التقاط هذه الفرصة لملء الفراغ الرئاسي واعادة تفعيل عمل المؤسسات الدستورية لأن ملء الشغور يبقى افضل من الفراغ،وان الذين يقدمون انفسهم كمرشحين للرئاسة من سمي منهم ومن لم يسم انما هم من طينة سياسية واحدة وهم من مفاصل هذه الطبقة السياسية والتي يتبين ان موالاتها ومعارضتها انما هي كذبة كبرى، اذ كلهم موالين عند اقتسام الحصص في نظام المحاصصة السياسية والطائفية ،وكلهم معارضة عندما يدب الخلاف على توزيع الحصص والمغانم .

واذا ما سنحت الظروف والمعطيات للمحاسبة فإنهم كلهم تحت الغربال. لذلك ان المصلحة الوطنية تقتضي تمرير التسوية بأقل المماحكات الممكنة،وبأقل الانعكاسات السلبية على بلد لم يعد بنوه يتحملون الظروف المعيشية الضاغطة واستمرار التعطيل في ادارة المرافق العامة.





الثلاثاء ٢٦ صفر ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / كانون الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة