شبكة ذي قار
عـاجـل










تناولنا في المقالة السابقة الحديث عن فقدان الذاكرة العربية فيما يتعلق بقضايا احتلالات الأرض العربية من أعداء الأمة من دول الاقليم أو الدول الاجنبية من خارج الاقليم، الدول الدولية سواء الدول الغربية أو روسيا الاتحادية ، وفي هه المقالة سنتحدث عن قضية الوحدة العربية ، هذه القضية التي باتت نسياً منسياً ، وانزوت لصالح الاهتمام بالدولة القطرية التي باتت مهددة بفعل ما آلت إليه الأوضاع العربية بعد الربيع العربي .

كلنا يعلم أن بريطانيا قد أنشأت جامعة الدول العربية ، بديلاً عن وحدة الأمة التي انقضّت عليها في مشروع سايكس بيكو ، مشروع التجزأة ووعد بلفور بإنشاء وطن قومي للصهاينة في قلب الوطن العربي ، كحاجز جغرافي سكاني بين جناحي الأمة في المشرق العربي والمغرب العربي ، وقد اكتسب وجود الدولة القطرية شرعية دولية لا بل بات، الدفاع عن حدود الدولة القطرية مهمة وطنية ، ضد أي مشروع وحدوي سلما أو بالقوة فكلنا لاحظ حجم الهجمة على العراق في ضم الكويت .

تقد أصبحنا من أكثر دعاة حق تقرير المصير ، وانتهاك سيادة الدولة المستقلة ، على أن كل الوحدات القومية تمت بالقوة ، كالوحدة الالمانية والامريكية ...الخ إلا في دنيا العرب الذين لا تحلو لهم الوحدة إلا بالاسلوب السلمي الديمقراطي ، وهم ابعد الناس عن الديمقراطية ، فكيف تتم الوحدة إذن إن لم تظهر دولة قوية ، وعمدت لإنهاء هذا التشرذم القومي العربي ، وخاصة من هذه الكانتونات التي باتت كالدرن في الجسم العربي ، وماهي إلا محطات كاز تنعم بثروة الأمة ، وما حولها يرفل بالفقر والجوع والبطالة .

الذاكرة العربية باتت لاتحتفظ بدور الوحدة وأهميتها في حياة العرب ، رغم أن قضية الوحدة هي علاج للعديد من المشاكل التي يعاني منها العرب ، سواء في القدرة عن الدفاع عن امنها الوطني والقومي ، وهي علاج نافع لما يعانون من فقر وبطالة وجوع لامكانية توزيع الثروة بشكل افضل بين ابناء الأمة ، وهي ردع في مواجهة أي طامع من دول الاقليم أو الدول الاجنبية ، بالاضافة إلى أن العرب في دولتهم يملكون القدرة والامكانية على تحرير كامل اراضيهم المغتصبة ، فليس هناك من سلاح أمضى من سلاح الوحدة في الخلاص من الكيان الصهيوني .

ما العمل في هذه الحالة الغريبة في وضع أمة واقعها يختلف عن جوهرها ، جوهرها يتمثل في الوحدة في اللغة والدين والتاريخ المشترك والعادات والتقاليد ، وواقعها التجزأة والتبعية والتخلف ، التشرذم حد الاقتتال والتآمر على بعضها البعض .

التاريخ قد أعطانا دروساً في علاج امة في تطور التوحيد ، في امة قائمة على الأرض ولكنها تعاني من التجزأة ، فالالمان بنوا وحدتهم بالقوة ، والامريكان بنو نموذجهم بالقوة ايضاً ، صحيح علينا أن نلجأ للاسلوب السلمي الديمقراطي ، ولكن إذا اقتضى أمر ما إلى ضم الكتل الصغيرة إلى دول حواضر الأمة فما المانع .

إن ترتبت حقوق الناس في الحقوق والواجبات بعدالة ، فما الضير أن تكون في جزيرة العرب دولتان ، وفي الهلال الخصيب دولتان ، وفي وادي النيل دولتان وفي المغرب العربي دولة واحدة ، اليس وجود سبع دول أفضل بكثير من اثنتي عشر كانتون سياسي .

ما الذي يمنع أو يضير أن تكون هذه الدول مجرد ولايات لمجلس حكم مشترك ؟ ، تتشكل فيه الوحدة بالدفاع والاقتصاد والخارجية والتربية ، وتترك شؤون البلاد والعباد الداخلية لمجالسهم واقاليمهم المنتخبة .

يظن البعض وهم أصحاب النفوس المريضة أو المصالح الضيقة أن الوحدة خطر عليهم، وفي حقيقة الأمر أن الوحدة خطر على أعداء الأمة ، وليس على أبنائها ، فمن يرفض أن يكون مواطناً في دولة غنية مرهوبة الجانب لها مكانتها الدولية ، تستطيع أن تمتلك ناصية العلم فتتقدم كغيرها من الدول التقدمية .

قضية الوحدة باتت قضية مفقودة في الذاكرة العربية ، ولم يعد العرب يفكرون بها رغم أنها بلسم شاف لكل أمراضهم ، وما عليهم إلا أن يمتلكوا الشجاعة فيقاتلون وبشراسة كل من يقف على الحدود ،هؤلاء النواطير هم أعداء الأمة ، والزعاطيط الذين يحكمون هذه الكانتونات لا يملكون الدفاع عن أغلى ما يملك الإنسان الشرف والكرامة ، فالأمة التي لا يملك أبناؤها الكرامة والشرف لا تملك الحق في الحياة .

قضية الوحدة مصيرية تحدد مكانة العرب ودورهم في الحياة ، فلابد من توجيه الناشئة عاليها ، ونثقف أطفالنا على دورها وأهميتها ، حتى يعي الصغير قبل الكبير أن أمتنا في طور التوحيد ، وتقع مسؤولية انجاز مشروع الوحدة على كاهل أبناء الأمة .

بالوحدة والتحرير تملك الأمة ارادتها الحرة المستقلة ، وتستطيع أن تحدد مكانتها بين أمم الأرض .

dr_fraijat45@yahoo.com





الثلاثاء ٤ ربيع الاول ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / كانون الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة