شبكة ذي قار
عـاجـل










تحدثنا في مقالين سابقين عن الأرض العربية المغتصبة هنا وهناك على امتداد الوطن العربي ، والتي باتت مسرحاً لكل طامع سواء من دول الإقليم أو القوى الدولية على حد سوائ من الامريكان وحتى الروس ، وعن قضية الوحدة العربية والتي لم تعد ذات اهتمام للمواطن العربي على الرغم أنها الرد العملي لكل ما يواجه العرب من مشاكل ، خاصة بالتجزأة والتبعية والتخلف . ونتحدث في هذه المقالة عن الكرامة العربية التي باتت مفقودة بعد ان فقد الإنسان العربي حريته في الوطن العربي بفعل ضغط النظام العربي الرسمي بوساطة أجهزته القمعية التي تضغط على الإنسان بتفاصيل حياته اليومية، تاركة للفساد والمفسدين أن يرتعوا بالوطن والمواطنين ، حتى فقد المواطن قيمة الحياة ، بعد أن سدت كل المنافذ أمامه للاصلاح ، وهو ما ينجم عنه تكلس في الحياة ، وبلادة في العقل ، مما يؤشر على ازدياد في حالة الهوان والذل الذي يعيشه المواطن اليوم ، ووصول قطاع واسع من الجماهير العربية إلى فقدان الأمل في التغيير ، مما يعني صعوبة المرحلة على المناضلين والمتنورين ، والذين يحملون مسؤولية أعباء النضال الوطني والقومي ، وهو ما نشاهده من إنحسار في عملية الالتزام والتراجع في عملية الإنضمام لصفوف العمل الحزبي ، والبعد عن النضال النقابي ، مما يؤكد على ضرورة اعادة النظر في استراتيجية العمل النضال التي كانت متبعة في القرن السابق، فالعمل الحزبي الذي ازدهر في خمسينيات القرن الماضي لم تعد اساليبه صالحة اليوم ، وهذا لايعني الحاجة إلى تغيير في الأهداف ، فما زالت الوحدة العربية مطلباً اساسياً في عملية الاصلاح والنهوض القومي ، وكذلك الحرية والتحرر ، بالاضافة إلى العدالة الاجتماعية ، بمعنى العمل على تطوير الأساليب ، واشتقاق اساليب نضالية غير تلك التي كانت متبعة .

الأمة العربية أمة حية ، وهي تحمل مشروعاً حضارياً على المستوى الإنساني ، لذلك فإن عملية فنائها غير واردة على الاطلاق ، ومن يظن ذلك يجهل عوامل الحياة في الأمم الحية غير القابلة للفناء ، حتى وإن شاهدنا على الأرض كل هذا الحجم من الدمار والخراب الذي هي عليه اليوم ، فقد مرت بظروف اسوأ مما هي عليه اليوم ، وتمكنت من نفض الغبار عنها ، وتتخلص من كل حالات التجاوزات التي تمت على اراضيها ، واستعادت كرامة أبنائها المهدورة بفعل وحدتها ، وعملها كوحدة واحدة يتزعم قيادتها من آمن بدورها الحضاري الإنساني ، فكرامة الإنسان من كرامة الوطن ، والاهانة تلحق بالوطن والمواطنين ، وكذلك هي الكرامة ، فكيف يمكن لمواطن يعيش بكرامة ، وهو يرى جنود الا حتلال أو العملاء تدوس تراب الوطن .

المطلوب أن تتغيير أساليب النضال وهو مسؤولية الاحزاب عموماً ، سواء على المستوى الوطني أو القومي ، فيمكن المزاوجة بين هذه وتلك دون أن تعارض بعضها البعض ، ويمكن لقوى المجتمع الوطني من خلال الاتحادات القومية أي على امتداد الوطن العربي أي باطار قومي لتحقيق الأهداف القومية ، فهدف الوحدة ليس مهمة الاحزاب القومية مثلاً ، فهو هدف أمة على المستوى الفردي والوطني والقومي ، وكذلك الحرية والعدالة الاجتماعية .

المطلوب أن يتم التخلص من سلبيات النضال السابقة كالتزاحم في تحقيق الهدف فليس هناك من ضير في عمل أكثر من تنظيم ، ولكن دون أن يضع الواحد من هذه التنظيمات بديلاً عن الآخر ، ودون أن يضع العراقيل في طريق عمل الآخر ، بل أن تسود عملية التعاون والتكامل فيما بين القوى السياسية .

هناك مرض الفردية والعقلية و القيادة الديكتاتورية التي تظن أن مسؤولية القيادة منوطة بها وحدها لا سواها ، فهي المؤهلة للقيادة وهي المعنية بالتخطيط وهي المسؤولة عن نجاح العمل ، حتى تضيع الأهداف تحت أقدام المتنافسين الذين في تزاحمهم لا يخدمون الاهداف ، وبعيدون كل البعد عن روح القيادة والتضحية في سبيل تحقيق هذه الاهداف.

أمتنا تزخر بالكفاءات وعقول أبنائها نيرة ، ولكن أزمتها أزمة قيادة تحتاج لمن يقودها، لتحقيق الأهداف القومية ، وفي مقدمتها الوحدة كهدف استراتيجي ، لأن هدف الوحدة في تحقيقه يعمل على علاج العديد من المشاكل التي تعاني منها الأمة ، ولكن هدف الوحدة يحتاج إلى تضحية ، ففلسطين بوابة تحريرها الوحدة ، وعليه لابد وأن يتلازم النضال الوطني مع النضال القومي ، والوحدة طريق فلسطين ، فالنضال الوطني لا بد وأن يتلازم مع النضال القومي في هدف تحرير فلسطين .

نضالنا عملية شاقة وطويلة ، تحتاج إلى نفس طويل من كل المناضلين على المستويين الوطني والقومي ، وفي عملية تلاحمية في كل مفاصل النضال ، فمن لم يكن وطني شريف لا يمكن أن يكون قومي شريف ، ولا يمكن لقومي شريف أن يكون قطرياً لايتسع أفق نضاله القطر العربي الذي ينتسب إليه .

في غياب دور الأمة ومشاركتها في الانجاز الحضاري العالمي تضيع الكرامة الوطنية والقومية وتضيع بالتأكيد الكرامة الإنسانية ، فالكرامة المهدورة تعود بسبب الحالة التي تعيشها الأمة المتمثلة بثالوث التاءات الثلاث تبعية تخلف تجزأة .

dr_fraijat45@yahoo.com
 





الخميس ٦ ربيع الاول ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / كانون الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة