شبكة ذي قار
عـاجـل










عندما اعتلى منصة الشهادة التي ارادوها منصة الانتقام ، اعتلى المنصة بخطوات ثابتة كان يعي أنه أمام ملك لايقهر ، وهو ملك الموت الذي أوكلت إليه مهمة من أخطر مهمات تواجه البشر ، خطر الموت الذي يهابه كل مخلوق خلقه الله ، ترتعد منه الفرئص ، وتتلعثم به الألسن وترتجف منه المفاصل ، وتعقد معه الألسن ، وحدهم الذين يعمرالايمان قلوبهم ، وينتدبون لمهمات ليست بمقدور كل البشر ، فالشهادة لا يطلبها إلا الرجال الرجال ، وقد كان الشهيد صدام رجلاً بكل ما امتلكت الرجولة من معنى، وقلما تجد من الرجال من يحوز على معانيها .

قلما سجل بطل وقفة بطولته كما سجلها صدام وهو على منصة الشهادة ، فقد جمع كل معاني الأمة ، ولخص مبادءها في الوحدة والحرية والتحرير والرسالة الخالدة ، ففلسطين عنوان التحرير ، وهي بوابة الوحدة في تحريرها ، ووقفة الشهيد كان بمثابة نزوع الإنسان العربي إلى الحرية ، فجمع الوحدة والحرية والتحرير وفي الشهادتين عنوان الرسالة الخالدة ، التي تنزع الأمة أن تعيد مجدها من خلال ما غرست في الإنسان العربي من قيم ومبادئ ، فكان عنوان حزب الأمة شاخصاً بين عينيه ، رغم هول الموقف ورهبة المكان ، وجسامة ما يؤول إليه الحدث ، في محاولة بائسة لتغييب رجل ومرحلة بعملية انتقام خسيسة ، لا يقوم بها إلا أراذل المخلوقات ، يترفع عن القيام بها من ينتمي لممكة الإنسان ، فهؤلاء ليسوا من طينة البشر .

لم يسجل التاريخ هكذا موقف ، فقد بات محصوراً في الشهيد صدام حسين ، فله قصب السبق في موقف بطولي ، وقد أراد الله أن يمنحه هذا الموقف ، فمنحه القدرة والارادة على أن يكون في مثل هذا الثبات ، وفي الوقت نفسه أراد الله أن يلبس رهط العملاء والخونة ثوب الخزي والعار فوق ما يتدثرون به من خيانة وطن وفقدان رجولة ، لحقت بهم وبابنائهم واحفادهم ، فالخيانة لا تمحى أبداً من نفس صاحبها، وتبقى مرافقة له حتى بعد أن يغيبه الموت في سراديب الخونة .

الشهيد الحي والأكرم من جميعاً كما هم جميع شهداء أمتنا هم قدوة لنا وآئمتنا في دروب النضال ، ووقفة الشهيد زادت على الشهادة والشهداء لأن لها مذاق خاص ، ولها غرس مع كل ذكرى ، يحتفل بيومه كل رفاقه ومحبيه وتستنبط العبر للاطفال والشباب ، فمن غير الشباب من يحمل لواء الوحدة والتحرير والعدالة الاجتماعية، التي آمن بها الشهيد منذ نعومة أظفاره ، فالشهيد كان أميناً على مبادئ أمته ، التي جسدها الحزب الذي آمن به كطريق لنهوض الأمة ، وتحقيق آمالها وأهدافها .

وقفة الرجولة هذه باتت معلماً بطولياً يريد الكثيرون أن يتشبثوا به ، ولكن هذا المعلم له مواصفات خاصة ، ليست إلا في الذين يحملون ارواحهم على اكفهم ، ويمتشقون سيوف المقاومة في مواجهة أعداء الأمة ، وبشكل خاص على ارض فلسطين والعراق ، أما المنظرون مناضلوا الفنادق فلا مكان لهم .

صدام حسين كما في حياته كان في استشهاده ، له طريقه الخاص الذي كان يتفوق فيه على كل رفاقه ، ولكنه لم يتعالى عليهم ، بل كان عوناً وسنداً للصغير منهم والكبير ، فلم يخذلوه بعد الغزو والاحتلال ، فلم تجد واحداً من هؤلاء الرفاق من حاد عن درب النضال ، ولم تجد من وهن أو ضعف أمام الثالوث العدواني غير المقدس ، بل كان كل واحد فيهم شوكة في عيون الجميع ، فقد كان الشهيد مدرسة ، وكان كل الذين فيها أساتذة عصرهم في التضحية والنضال ، فلا عجب أن كانت مدرسة صدام فريدة من نوعها ، ستبقى شاخصة أعمدة ضوئها ، تضيء كل من حولها ، فهذه هي المبادئ تنعش قلوب كل المناضلين ، فقد أورقت نضال رفاق صدام باستشهاده ، وبما تحملوه من عبئ الجهاد والمقاومة على أرض العراق بعد أن استباحه أعداء الأمة . والهوان ، فالامة التي تنجب رجالاً كمثل الشهيد صدام امة تقول للدنيا ها انا واقفة ، كوقفة المجد التي وقفها الشهيد ، رغماً عن أنوف كل العملاء والخونة والحاقدين .

dr_fraijat45@yahoo.com





الاثنين ١٠ ربيع الاول ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / كانون الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة