شبكة ذي قار
عـاجـل










في الأيام الأخيرة للاتحاد السوفييتي التي كان ينازع فيها كانت الحرب العدوانية الفارسية على العراق ، ورغم ما كان بين العراق والاتحاد السوفييتي معاهدة صداقة لم يعمد السوفييت على تفعيل هذه المعاهدة ، ولم يحركوا ساكناً ، مكتفين بتوريد السلاح المدفوع الثمن ، وفي حالات كانوا يحجمون عن توريد بعض أنواع السلاح ، وكان العراق غير قادر لتنويع مصادر سلاحه لأنه في حالة حرب ، وعلاقاته مع الغرب مقطوعة وبشكل خاص مع امريكا ، والتي لم تعد العلاقات بينهما إلا في العام 1985 ، وكل ما كان يحتاج اليه من تكنولوجيا متطورة كان يحصل عليها عن طريق السوق السوداء التي توفر لمن يدفع كل ما يريد .

سقط الاتحاد السوفييتي على يد غورباشوف ، ولهشاشة ما وصلت إليه التجربة فلم تستطع بقايا الحزب الشيوعي الدفاع عن تجربة امتدت لسبعين عاماً ، ولها منجزاتها على الأرض ، حتى وصل الأمر بخضوع الدولة الروسية أكبر مكون سياسي في الاتحاد السوفييتي لرجل حكمها طول عمره مخموراً كيلتسن ، فكان حظ العراق أن يترك لارهاب دولي تقوده امريكا في حفر الباطن تحت ذريعة تحرير الكويت ، في ظل وضع دولي ضعيف ينبئ بسيطرة القطب الواحد في ظل غياب الثنائية القطبية ، وكان بوتن رئيساً لجهاز المخابرات الروسية ، يتحين الفرصة للانقضاض على السلطة ، وهو ما كان له بعد رحيل الرئيس المخمورليصبح رجل روسيا الأوحد ، لا بل امبراطور روسيا منذ بداية تسعينيات القرن العشرين .

سلك بوتين سياسة ادارة دولة المصالح ، بعكس سياسة دولة المبادئ التي كانت استراتيجية الاتحاد السوفييتي ، فانفتح على الاتحاد الاوروبي ، واقام علاقات سياسية واقتصادية معه ، وفتح خط علاقات دبلوماسية وسياسية مع امريكا ، بغض النظر عمن يكون في البيت الأبيض من الديمقراطيين أو الجمهوريين ، فاصبحت روسيا دولة المصالح تتصرف في السياسة الدولية في ضوء مصالحها ، على غرار الولايات المتحدة التي تحكمها المصالح ، فليس هناك سياسة دائمة هناك مصالح دائمة ، في ضوء ذلك يجب أن ننظر إلى التدخل الروسي في سوريا ، كنسخة دولية عن التدخل الامريكي ، فلا بوتن ولا روسيا بذات مبادئ ، فرجل المخابرات لا مبادئ له ، وهو يسير كما الامريكان الذين يؤمنون بالبراغماتية / النفعية ، وقد سقطت سياسته ، وسقط الروس في ذات المستنقع الذي يحكم سياسة امريكا .

جاءت روسيا إلى سوريا بحكم مصالحها وليس بحكم المبادئ ، ولأن الصراع بات صراع مصالح ، فلم يجد معارضة قوية من قبل الغرب وفي المقدمة امريكا ، خاصة وان بوتن عقد صفقة مع نتنياهو لصالح الكيان الصهيوني ، فيما يخدم الصراع على الأرض السورية ، قد لجم أي نوع من المعارضة الغربية في مواجهته ، لمعرفتنا بالتداخل الاستراتيجي الامبريالي الصهيوني من جهة ، وأن صراع المصالح ليس كصراع المبادئ الذي كان يحكم العلاقة بين امريكا والاتحاد السوفييتي من جهة أخرى ، لاحظوا حجم غضب بوتن على اوردغان تركيا بسبب استنجاده بحلف الأطلسي اكثر من سبب سقوط الطائرة الروسية ، وهو ما يعني السعي لتخريب المصالح الروسية الغربية ، وأما ملالي الفرس المجوس الذين يطبلون بالعداء لامريكا ، فهم يلهثون ليكونوا خدماً مطيعين في السياسة الدولية ، رغم كل هذا الضجيج الثورجي الكاذب مادام هذا الضجيج لم يترجم لحدود الفعل لمس المصالح الامريكية والصهيونية .

ما نود أن نؤكد عليه أن حجم الغباء السياسي الذي قابل تدخل الروس لصالح بشار الأسد من قبل القومجيين واليسار المتهالك قد كان كبيراً ، يؤكد أننا مازلنا في الوطن العربي نعيش حالة الضياع السياسي ، لأننا لا نملك البوصلة التي تهدينا إلى قضاينا القومية ، المتمثلة في الوحدة والتحرير والعدالة الاجتماعية ، فكيف ينسجم وقوفنا في خندق السياسة على حساب حق الوطن وحقوق المواطنيين ، فكما الامريكان دمروا العراق ، فهاهم الروس يدمرون سوريا الوطن ويقتلون المواطنين ، لصالح نظام يمارس القتل كغيره من التنظيمات الارهابية التكفيرية ، فقتله للناس بات حلالاً في نظر البعض ، وقتل هذه التنظيمات حرام ، على الرغم أن كل القتلة في سلة واحدة ، كما كيف يستسيغ قتل الروس ولا يستساغ قتل الامريكان على الرغم أيضاً أن الطرفين في خندق القتل ، فالتدخل الروسي نسخة دولية عن التدخل الأمريكي كلاهما مدان ومرفوض، كما قتل بشار والتنظيمات الارهابية ، لأن الجميع يستهدفون سوريا الوطن والشعب ، أما آن الاوان أن نتحدث جميعنا عن الخيار الثالث ، خيار الشعب السوري وحقه في التغيير السلمي الديمقراطي ، بعيداً عن ادوات القتل والقتلة المحليين والاقليميين والدوليين .

dr_fraijat45@yahoo.com
 





الثلاثاء ١٨ ربيع الاول ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / كانون الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة