مضى 90 عاما على احتلال ايران لاقليم الاحواز العربي بمساعدة بريطانيا العجوز , ففي عام 1925 دبرت بريطانيا مكيدة للشيخ خزعل حاكم الاقليم بدعوته الى احد القوارب البريطانية بهدف التفاوض , ومنه تم اعتقاله وتسليم الاقليم الى شاه ايران , وهو الدور الذي لعبته بريطانيا عندما كانت منتدبة على فلسطين , حيث فتحت ابوابها امام هجرة اليهود من كل انحاء العالم لاحداث كثافة يهودية في فلسطين , وعندما ايقنت ان اليهود اصبحوا قوة عسكرية وسكانية اعلنت انسحابها من فلسطين فجأة يوم 15 ايار 1948 , وفي تلك اللحظة رفع العلم الصهيوني بدل العلم البريطاني , واعلنت دولة الكيان الصهيوني .

تسعون عاما مضت والدولة الايرانية تسعى الى طمس الهوية العربية لاهالي الاقليم , من خلال تبديل الاسماء العربية باسماء فارسية في الشوارع والمدارس والساحات وحتى اسماء الاطفال عند الولادة , وفرض مناهج فارسية وباللغة الفارسية ايضا . وهذا الوضع القهري جعل الاحوازيين يتسربون من المدارس , وحسب الاحصاءات فان 70% يتسربون في المرحلة الابتدئية , 50% في المرحلة المتوسطة , و30% في المرحلة الثانوية . كما ان السلطات الايرانية تفرض شروطا على الاحوازيين لدخول الجامعات , وعلى هذا الاساس لن تجد احوازي يتسلم منصبا في الادارة العامة في الاقليم او في السلطة المركزية في طهران .

ان هذا الواقع ادى الى شيوع ظاهرة الجهل والامية والبطالة والفقر , رغم ان اقليم الاحواز غني بالخيرات الزراعية والنفطية , ومن خلال سيطرة ايران على اقليم الاحواز صار لها منفذا على الخليج العربي , وتمادت بان اطلقت على الخليج اسم الخليج الفارسي , ورفضت تسميته بالخليج الاسلامي تفاديا لاية اشكالات مع دول الخليج المتشاطئة معه .

رغم مرور 90 سنه على الاحتلال الايراني لاقليم الاحواز , ورغم منهج النظام الايراني في عهدي الشاه والملالي القاضي بتفريس اهالي الاقليم الا ان الاحوازيين مازالوا يتمسكون بهويتهم العربية رغم التقاء غالبية السكان مع الايرانيين بالمذهب , ويصر الاحوازيون على التحدث باللغة العربية , واحياء التراث الاحوازي العربي , وقد سبق لنظام الملالي ان منع فرقة احوازية من الاشتراك في مهرجان فني لان اعضاء الفرقة يلبسون الزي العربي ويتحدثون باللغة العربية . تلك هي العنصرية الفارسية التي تضطهد كل القوميات الايرانية العربية والكردية والبلوشية .

الشعب الاحوازي يطالب بين فترة واخرى بحقوقه المهضومة ولكن نظام الملالي يقابل تلك المطالب السلمية بالقمع والسجن والاعدام , اضافة الى سرقة ثروات الاقليم الزراعية والنفطية , وابقاء اهله في حالة من الجوع والتجهيل والبطالة . وردا على التهميش الذي يفرضه نظام الملالي فقد تحرك الاحوازيون وشكلوا منظمات ثورية واحزاب تطالب بالحقوق المشروعة للشعب العربي الاحوازي , وتؤمن كلها بالهوية العربية والانتماء الى الامة العربية , ولكن للاسف لم تلقى هذه المنظمات الدعم الكافي من الدول العربية ولا من المنظمات العربية المعنية بحقوق الانسان ولا من الاحزاب العربية , وكأن قضية الاحواز صارت من الماضي او في طيات النسيان . واذا كانت هكذا خلال السنوات الماضية فانها اليوم قضية ضمن القضايا العربية التي يجب ان تثار وتدعم ماديا واعلاميا وسياسيا . وعلى الدول العربية ان تعترف بحق الاحوازيين بتقرير مصيرهم , وان تطلب من الامم المتحدة ان تطبق حق تقرير المصير في قضية الاحواز كما طبقتها في جنوب السودان وفي تيمور الشرقية في اندونيسيا . وكما لايران اذرع في الدول العربية تعمل لصالح المشروع الايراني التوسعي , فقد كان لزاما ان يتم دعم الاحوازيين في نضالهم التحرري .

hassan_tawalbh@yahoo.com