شبكة ذي قار
عـاجـل










إن الجامعة منارة فكرية تشكل بؤرة إنطلاق نحوالتقدم والرقي للمجتمع ، نظراً للدور الذي تؤديه في إعداد الإنسان وتزويده بالعلوم والمعارف ، وبطرائق البحث العلمي ، التي لابد وأن تكون بوصلة حياته العلمية والعملية ، كما أنها تتحمل مسؤولية تزويد الدولة باحتياجاتها من الكوادر العلمية والموظفين اللازمين لتسيير عجلة النظام الرسمي ، ولقد أصبحت ضرورة ماسة لقطاعات المجتمع كافة ، سواء أكانت رسمية أو مدنية في القطاع العام والخاص ، نظراً لأن التنمية بجوانبها السياسية والاقتصادية والإجتماعية كافة لا يمكن أن يتم إنجازها دون توفر كوادر تعليمية متقدمة ، ولقد اعترف العالم بالدور الرائد للجامعة من خلال ما تضمنته المادة (20) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حق الإنسان في التعليم الجامعي ، كما أكد مؤتمر اليونسكو المنعقد في نيس عام 1950 على حق الجامعة في تتبع المعرفة لذاتها ، ومن أجل البحث عن الحقيقة أينما كانت ، إستناداً إلى الرأي والرأي الاخر ، كما أكد دورها كمؤسسة اجتماعية في نشر مبادئ الحرية والعدل والمساواة من خلال التعليم ، وتطور أساليب التعاون وتبادل المنفعة بما يخدم الأفراد والمجتمعات ، ويحقق التقدم والازدهار الإجتماعي والتكنولوجي .

إن التعليم الجامعي في بلدنا يعيش مأزقاً خطيراً ، في تدني مستوى مخرجاته ، وعدم توفر الحرية الاكاديمية ، فنجد أن مخرجات التعليم الجامعي لا تتناسب وحاجات سوق العمل ولا متطلبات التنمية المستقبلية ، بسبب غياب المناهج التعليمية المتطورة والملائمة لحاجات المجتمع ، أدى ذلك إلى تكدس أعداد الخريجين دون فرص عمل ، فخلقت أسوأ أنواع البطالة ، وهي بطالة المتعلمين ، وهوعائد إلى غياب الدور الفاعل والمؤثر لأعضاء هيئة التدريس في العمل على تصميم مناهج أكاديمية ، تتملاءم ومتطلبات السوق وحاجات المجتمع ، إلى جانب ذلك غياب الحريات الأكاديمية في الجامعة التي تعتبر منارة فكرية ، وهوما يعني ضرورة إلغاء الوصاية السياسية عن المجتمع الأكاديمي ، وحق المجتمع الأكاديمي في إدارة نفسه بنفسه ،وإتخاذ القرارات الخاصة بتسيير أعماله ، ووضع ما يناسبه من اللوائح والأنظمة والإجراءات التي تساعده على تحقيق أهدافه التعليمية والبحثية والعلمية .

إنما يجب التأكيد عليه هنا لمعالجة الخلل الذي يعاني منه التعليم الجامعي هو حق أعضاء المجتمع الأكاديمي في تكوين نقابة خاصة بهم ، تدافع عن مصالحهم ، أو تخدم عملهم نظراً لحالة ما يعاني منه عضو هيئة التدريس في الجامعات الحكومية والخاصة على حد سواء ، من تجاهل لدوره التنموي بكل جوانب التنمية المنشودة .

هناك عملية تسرب موجعة لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الأردنية ، نظراً للظروف الصعبة التي يعيشها عضو هيئة التدريس ، وهوما يعني خسارة وطنية جسيمة لكوادر وطنية أكاديمية ، تحمل المجتمع نفقات كبيرة في عملية إعدادهم ووصولهم للحالة الأكاديمة الراقية في الحصول على أعلى الدرجات العلمية ، وهو ما يجب على الدولة الالتفات إلى عملية التسرب هذه بعين الحرص ، على أن التنمية المنشودة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال التنمية البشرية ، وهذه الكوادر الأكاديمية هي صانعة الأجيال المنوط بها تحقيق هذه التنمية .

لقد قامت الكوادر الاكاديمية منذ خمس سنوات بعقد مؤتمر في مجمع النقابات المهنية، وتم إنتخاب لجنة تحضيرية ممثلة للجامعات الحكومية والخاصة ، أنيط بها وضع مشروع قانون نقابة لأعضاء هيئة التدريس الجامعي ، وفي مدة وجيزة تم وضع المشروع وعرضه على بعض الاخوة المحامين والقانونيين لتنقيحه وتدقيقه ، ودأبت اللجنة منذ ذلك التاريخ بانتهاج الأساليب السلمية الديمقراطية في المطالبة بالموافقة على على تأسيس نقابة ، لحماية التعليم الجامعي وتوفير الأمن لأعضاء هيئة التدريس الجامعي ، والسعي لمعالجة الخلل الذي ينخر في الجسم الجامعي من مناهج وطرائق تدريس وحرية أكاديمية ...الخ .

لقد وضعت اللجنة نصب أعينها أن نقابة أعضاء هيئة التدريس الجامعي هي لخدمة الوطن ، وانتشال الحالة المتردية التي يعاني منها التعليم الجامعي ، ومعالجة الخلل الكبير الذي يعاني منه سوق العمل في أوساط الخريجين الجامعيين ، وهي على يقين أن التعليم بشكل عام في الاردن والتعليم الجامعي على وجه الخصوص يشكل الرافعة الحقيقية للتقدم والازدهار ، ومن هذا المنطلق الوطني ، انتهجت اللجنة كافة الوسائل والطرق القانونية ، من اعتصامات سلمية وندوات أكاديمية ولقاءات مع أعضاء لجنة التعليم في مجلسي النواب السادس عشر والسابع عش ، ولقاءات مع وزراء التعليم العالي ، واللجنة القانونية في مجلس النواب ومقابلة رئيس مجلس الاعيان السابق .

ومع أن اللجنة قد حصلت على تواقيع (48) نائباً في المجلس السادس عشر بتأييد مطلبهم في تأسيس نقابة ، وكان من بين الموقعين دولة رئيبس الوزراء الدكتور عبد الله النسور ، لكنه بعد أن أصبح رئيساً للوزراء لم يعر اللجنة أية إهتمام على الرغم بأن اللجنة قد قدمت لديوان الرئاسة كل الوثائق اللازمة ، وطالبت بلقاء مع دولته ، كما وقابلت لمرتين ديوان التشريع ، وقدمت لمعالي الوزير كل الوثائق المطلوبة .

إن التعليم الجامعي بحاجة إلى همة وطنية من الجميع ، نظراً للدور الوطني الذي يلعبه ، ونحن كأعضاء في اللجنة التحضيرية نرى أن الكثير من المشكلات والعقبات التي يعاني منها هذا الجسم الأكاديمي ، يعود لعدم إتاحة الفرصة لأعضاء هيئة التدريس بإدارة شؤونهم الأكاديمية من خلال العمل النقابي الذي يسهم في تطوير هذا النوع من التعليم ، ويعمل على رقي مستوى الأعضاء، وتجويد المناهج ، من أجل مخرجات تعليمية تخدم الوطن والمواطن ، والحد من خسارة الوطن لكوادر أكاديمية قدم الوطن الكثير في إعدادها لخدمة المجتمع .

إن نقابة لأعضاء هيئة التدريس الجامعي ضرورة وطنية ، وهي لا تحتاج لكل هذه المماطلة والتسويف من الجهات الرسمية ، خاصة ونحن على يقين أن كل واحد من أعضاء هيئة التدريس الجامعي يمتلك الفطنة والذكاء فيما يجب أن يقوم به لخدمة وطنه ومهنته وأبنائه ، هؤلاء الأبناء الأمانة في عنقه ، وهم وديعة المجتمع لديه ، يسعى على رعايتهم والعمل على تهيئتهم ، لخدمة وطنهم والمساهمة في تحقيق التنمية الوطنية .

نحن على مدار السنوات الخمس الماضية بذلنا الجهد ، ولن نألو جهداً في الإستمرار حتى يتم تحقيق هذا المطلب العادل ، ونحن على يقين أن همة الخيرين في المجتمع أكبر نصير ، إلى جانب نحن نأمل من كل الزملاء في التدريس الجامعي أن يبذلوا قصارى جهدهم لتحقيق نقابة تخدم الجميع ، فلا يمكن أن تتحقق المطالب بالتمني ، فالنقابة ملك الجميع ، وما نحن في اللجنة التحضيرية إلا جنود لخدمة هذا الهدف النبيل ، ولن يكون لأي من أعضاء اللجنة أية طموحات في المستقبل ، يكفينا إعتزازاً بكل واحد منكم ، فمعاً من أجل نقابة لأعضاء هيئة التدريس .

الحرية الاكاديمية في التمثيل النقابي ، وتحسين مخرجات التعليم الجامعي في التمثيل النقابي ، وكرامة عضو هيئة التدريس ونيله لحقوقه من خلال التمثيل النقابي ، والتنمية الوطنية المنشودة من خلال التنمية البشرية في التمثيل النقابي ، ورفعة الوطن من خلال حرية المواطن ، والحرية الأكاديمة جزء من الحرية العامة للمواطن.

الدكتور غالب الفريجات
عضو اللجنة التحضيرية لنقابة أعضاء هيئة التدريس الجامعي
١ / أذار / ٢٠١٦
dr_fraijat45@yahoo.com





الاربعاء ٢٣ جمادي الاولى ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة