شبكة ذي قار
عـاجـل










عملية اربد الارهابية التي كادت تؤذي الوطن والمواطنين بدفع من تنظيم داعش الارهابي لم تستطع أن تمر بفضل يقضة العيون الساهرة ، وتكاتف الجميع في محاربة الارهاب أياً كانت مواقعه ، حتى هؤلاء الذين يعانون من تغول الاجهزة على حقوقهم ، ويعانون من ظلم وقهر في محاربتهم في أبسط حقوقهم المدنية والسياسية، فإنهم ودون أدنى شك عندما تكون الموازنة بين الهم الشخصي والهم الوطني ، فإنهم يدوسون على الهم الشخصي لصالح الهم الوطني ، فالوطن للجميع ، وهو فوق أي إعتبار أو هدف أو مصلحة فردية ، فيتراجع هذا الهم لصالح الهم العام الذي يخص حياة الوطن وأمنه واستقراره ومستقبل أبنائه .

الاردن يعيش في اقليم ملتهب ، وهو دون شك مستهدف في أمنه واستقراره والعبث بحياة أبنائه، مما يتطلب أن يتكاتف جميع المواطنين في محاربة الارهاب ، فالاردنيون لن يقبلوا أن يفقدوا أمنهم واستقرارهم ومستقبل أبنائهم ، لأي عابث مهما كان لونه أو جنسه أو عرقه أو ما يؤمن ويتسلح به ، وهو ما يتطلب اليقظة والحذر والإنتباه ، لأن الجميع في خندق واحد ، هو خندق الدفاع عن الوطن وحياة المواطنين، الذين بفضل وعيهم وحرصهم على العيش بأمن وسلام ، هم حريصون كل الحرص أن يكونوا العين الساهرة لتشخيص كل حالة تعكر الامن ، وتثلم السلامة الوطنية والاجتماعية .

لسنا في موازنة المواطنة المؤيدة والمعارضة ، فكلنا أبناء الوطن ، والمعارضة ليست في وارد المعارضة للوطن ، ولكنها معارضة للسياسات التي تظن أنها ليست سياسات حكيمة من جهة ، ولا تخدم الوطن من جهة أخرى ، واجتهاداتهم لا تخرج أن تصب في تصويب هذه السياسات ، التي يرون فيها أنها لو تم الاخذ بها لكانت أوضاع الوطن ومصلحة المواطنين بأفضل مما هي عليه ، في ضوء السلوكيات السياسية والبرامج الحكومية .

الارهاب أعمى ولا يميز بين مواطن وآخر ، وهو يستهدف الجميع ، والارهاب الذي يعج بالمنطقة، ويلوث حياتها ، ويدمر إنسانها ، ويأتي على الحياة فيها ، وقد أساء لدينها وقيمها ، فهو إنتهاك للدين والقيم الوطنية والقومية والإنسانية ، لذا هو عدو للجميع ، وهو ما يعني أن كل واحد مستهدف ، فإن لم يصبه مباشرة فإنه يصيب آخرين هم أعضاء في الأسرة الوطنية الواحدة، وبالتالي هو يصيب الوطن ويثلم أمنه واستقراره ، ويقف في طريق نموه وتقدمه ، وتطلعه للرقي والتقدم والازدهار الذي يتطلع إليه كل مواطن .

لن يكون هناك وطن ، ولن تتحقق الحياة على الارض الوطنية في ظل الارهاب ، ولن ينجز الوطن طموحاته ، ولا يتمكن المواطن من أن يملك حياته الآمنة التي بواسطتها يستطيع أن يحقق الكثير من أهدافه الوطنية والإنسانية ، فالارهاب آفة الحياة ، وعدو الإنسان ، وعدوان على الحياة الإنسانية ، وهو لوثة العقل البشري الذي إنحرف عن جادة الصواب ، فاختطف الوطن والامة ودينها وداس على قيمها .

الارهاب عنوان مرحلة باتت عنوان تخلف وتجزأة وتبعية ، عنوان دمار للقيم والمنجزات الحضارية التي تمكنت الإنسانية أن تنجزها على مر العصور ، وقد تمكن الارهاب من أمتنا فأكل الأخضر واليابس ، ودمر كل ما اعترض طريقه ، فسالت دماء أبرياء ، ودمرت منجزات أوطان وإنجازات شعوب ، واندحرت دول وسقطت ثقافات ، وضاعت سياسات ، وباتت الحياة لا تطاق في ظل سياسة الرعب والخوف ، سياسة القتل والدمار ، سياسة التشريد واقتلاع الناس من جذور مواطنتها ، لتلقي بها في عباب البحار ، وفيافي الصحاري ، تحت البرد والجوع والمذلة والمهانة ، أمام الحاجة للقمة يقتاتون بها ، وتسد الافواه الجائعة ، وكساء يتلفعون به ليقيهم زمهرير البرد وأمطار الشتاء .

الاردنيون مطالبون اليوم أن يكونوا جميعاً في خندق واحد أمام الهجمة الارهابية التي تريد أن تسرق النوم من عيون أطفالهم ، وتسرق اللقمة من أفواههم ، ورغم الفقر والجوع والبطالة ، ورغم التجاوزات على الحقوق الفردية والسياسية إلا أن كل ذلك لا يساوي شيئاً في موازنة الهم الفردي مع الهم الوطني .

الارهاب الموغل قتلاً وتدميراً لحياتنا الإنسانية في أكثر من مكان في وطننا العربي ليس بالقدر المحتوم الذي لا نستطيع مواجهته والإنتصار عليه ، فبوحدتنا ويقظة المواطنين ، وتعاون الجميع نملك سلاح الإنتصار ، وفي الوقت نفسه نحصن أنفسنا من هذه الآفة التي أصابتنا في ديننا وقيمنا البعيدة كل البعد عن الاساءة إلى مفهوم الايمان بالسلم الاجتماعي ، وحب الخير لاخيك كما تحبه لنفسك ، وتجنب الظلم والتعدي على حقوق الآخرين ، فثقافة العدل والامن والإنتماء وغيرها من منظومة القيم موجودة في ديننا وتراثنا ، يمكن أن يتغذى بها أطفالنا في البيوت ، وأن يتشربها أبناؤنا على مقاعد الدراسة، و في المناهج الجامعية يمكن تعزيزها والتأكيد على أصالتها في النفوس .

لسناء ضعفاء ولا جبناء في مواجهة الارهاب ، فالاوطان تحتاج إلى تضحية وايثار، وكلما كانت جبهتنا الداخلية أسرة واحدة كلما تمكنا من سد المنافذ التي يتخيل الارهاب أن ينفذ منها ، فنملك العزم والارادة ، ونملك الشجاعة ، ونفوسنا ليست معطوبة لتجرفها داعش وأخواتها في ممارساتها الاجرامية ، فهل نحن فاعلون ؟ ، وإني على يقين أننا نستطيع تحقيق النجاح في ذلك، والايام بيننا ، ليتحدث العالم عن وطن صغير في امكانياته كبير في همة أبنائه ، قابض على الجمر في ايمانه على قيم الاصالة ، والايمان بالمواجهة مع كل من ينوي أن يمس الوطن ولو بهمسة .

حمى الله الوطن من كل سوء ، وسدد على الخطى كل من امتلكت نفسه قيم المحبة والخير والعطاء لوطنه ومواطنيه ، فليس هناك أثمن من الوطن ، وليس هناك أفضل من مهنة الدفاع عنه يبذل في سبيلها الغالي والنفيس .

dr_fraijat45@yahoo.com





الاحد ٢٧ جمادي الاولى ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة