شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يكن التدخل الروسي في سوريه مفاجئا كما جاء الانسحاب مفاجئا , البيان المقتضب الذي اعلن فيه بوتن سحب القوات الروسية من سوريه يوم غد الثلاثاء 15 اذار الجاري , تعليله هو : ان القوات الروسية قد انجزت مهمتها في سوريه , وان التوجه الروسي سيكون لانجاح الحل السلمي للمسألة السورية .

ستة اشهر تقريبا مكثت القوات الروسية في سوريه ونفذت الوف الطلعات الجوية ضد اهداف مواقع المعارضة السورية المعتدلة التي تدعمها الولايات المتحدة والسعودية وقطر . وقليل منها استهدف مواقع داعش , وتقول الاوساط الروسية ان الطلعات الجوية قتلت اكثر من الف مقاتل روسي انضموا الى داعش . ولا احد يعرف كيف تم احصاء مثل هذا العدد , وكيف تم قتلهم وجل طلعات الطائرات الروسية استهدفت مواقع المعارضة المعتدلة ؟ . فهذا التبرير للقول ان القوات الروسية انهت مهمتها تبرير باهت وغير منطقي .

اما اذا كانت القوات الروسية قد انهت مهمتها بالقضاء على الارهاب اي القضاء على داعش , فهذا القول ضعيف ايضا , ولاسيما ان روسيا سبق ان اعلنت ان مهمتها سوف تستغرق سنة ونصف , ولكن يمكن ان نقول ان القوات الروسية مكنت قوات النظام السوري ومعه حلفائه من قوات الحرس الايراني والمليشيات العراقية وحزب الله اللبناني من تحقيق تقدم على الارض في عدد من مواقع القتال في حلب وادلب ودرعا . ولكن النظام لم يحرر اكثر من ثلث الاراضي التي تسيطر عليها قوات المعارضة حتى الان .

يظل التساؤل هو لماذا قدمت القوات الروسية الى ىسوريه بالاساس ؟ . الم تاتي بناء على طلب من بشار الاسد ومن ايران الملالي وخاصة بعد زيارة قاسم سليماني الى موسكو . وعليه ماذا تغير ؟ هل تعتقد موسكو ان قوات النظام المدعومة من حلفائه قادرة على اكمال المهمة حتى الاخر .؟ .

اسئلة تحتاج الى اجابات , فهل هناك صفقة بين موسكو والولايات المتحدة تمنح روسيا بعض الامتيازات في اوكرانيا مثلا ؟ . ام انها صفقة مع الاتحاد الاوروبي لضمان تدفق الطاقة الروسية الى بلدان اوروبا ؟ . ام ان اوضاع روسيا الداخلية اجبرت القيادة الروسية على اتخاذ هذا الاجراء ؟ هل هو الوضع الاقتصادي الذي ازداد صعوبة بعد انخفاض اسعار النفط ؟ وان روسيا لم تستطع مواصلة القتال لسنة اخرى في سوريه ؟ . ام ان التزامات روسيا في اسيا الوسطى وفي شبه جزيرة القرم وشرق اوكرانيا الملتهبة هي التي املت على بوتن اتخاذ خطوة الانسحاب ؟ . ولا ننسى عامل اخر يتعلق بالاقتصاد ايضا هو العلاقات الجديدة بين روسيا والسعودية التي قيل انها تعاقدت على صفقات اسلحة بمليارات الدولارات . ام ان الانسحاب متعلق بترتيبات سياسية على تقسيم سوريه بموافقة دول اقليمية ودولية ؟ .المهم ان الاعتماد على الاجنبي ظل خيار فاشل بكل المقاييس , وهكذا فان الاسد الذي هرول الى موسكو طالبا الوصاية على كرسيه وجد نفسه بدون سند دولي قوي . ولاسيما ان حليفة الايراني واتباع ايران في المنطقة لم يتمكنوا من اسناد الاسد رغم كل القوات التي دفعوا بها الى سوريه . كما ان تركيا تخلصت من مخاطر الاصطدام ثانية مع روسيا , وقد تحقق خطتها باقامة منطقة عازلة في شمال سوريه لايواء اللاجئين السورين الذين قاربوا على المليونين .

الخلاصة ان روسيا لاتغامر بامنها القومي , ولا تبعثر اموالها في صفقة خاسرة , ولا تعرض علاقاتها الدولية الى حافة الهاوية , وتظل علاقاتها مع الولايات المتحدة واوروبا علاقات الكبار , والكبار لاتهمهم الا مصالحهم الاستراتيجية والاقتصادية .اما الدول الصغيرة التي تعتمد على الكبار تظل ذليلة منقادة للاسياد , وتهين شعوبها وتعرض ارضها للتقسيم والاستباحة .

hassan_tawalh@yahoo.com





الثلاثاء ٦ جمادي الثانية ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة