شبكة ذي قار
عـاجـل










 

 

تحت شعار ( يجمعنا حبّ العراق وجذورنا فيه أينما نكون ) انعقدت في مدينة ملقا الأسبانيّة الدورة العاشرة لمؤتمر المغتربين العراقيين للفترة من 2ـ 3 نيسان 2016، بمشاركة مكثفة وواسعة جدّا من المغتربين العراقيين من معظم دول العالم، وبحضور شخصيات مرموقة من الدول العربية والاوربّية ومن منظمات غير حكوميّة دوليّة. وفي بداية الجلسة الإفتتاحية قرأ الحضور وقوفاً سورة الفاتحة ترحمّاً على شهداء العراق الأبطال، ثم عُزف النشيد الوطني العراقي ( ارض الرافدين ) رمز العراق المستقل المزدهر.

وقد انعقد المؤتمر في مرحلة تاريخية حرجة وقاسية يمرّ بها الوطن العزيز، حيث تتعاظم تداعيات الاحتلال الأمريكي، وما ادّت اليه من تغلغل إيراني في مفاصل الدولة بوجود نظامٍ عميل، فاسد ومتهرئ، يمارس ابشع اصناف البطش والاضطهاد ضد أبناء العراق، ويرتكب جرائم حربٍ وجرائم ضد الإنسانية على أسس طائفيّة وعرقيّة. ولم يستثن اجرام السلطة قرية او مدينة او محافظة من ارض العراق العزيز، حيث تطارد الأجهزة القمعيّة والميليشيات كل انسان حرّ شريف يتوق الى خلاص بلده من هذا الوضع المأساوي، كما يعبث السرّاق والفاسدون بثروات البلاد ويسلبون الشعب ابسط حقوقه في الخدمات، والرعاية الصحيّة والتعليم والسكن اللائق. لقد بدّدت السلطة المجرمة مئات المليارات من الدولارات في مشاريع وهميّة وصفقات فساد مخزية وفي عقود السلاح الذي لا يوجّه لحماية البلاد من أطماع واحقاد الأعداء بل توجهه أجهزة السلطة الى صدور المواطنين الأبرياء، وتستخدمه لهدم وحرق بيوتهم ومزارعهم وممتلكاتهم.

وقدّ اكدّ المؤتمرون على عمق ارتباطهم ببلدهم وهموم شعبهم، وان المؤتمر سيظل محطّة من محطّات التفاعل بين المغترب العراقي واهله واخوانه في الداخل. وحيّا المؤتمر المقاومة الوطنية العراقيّة الباسلة، وشهداءها الأبطال، كما حيّوا بسالة وشجاعة الأسرى والمعتقلين من أبناء العراق الذين يتعرّضون لأبشع أصناف التعذيب والمعاملة السيئة، في سجون السلطة العميلة، وسجون ميليشياتها وأجهزتها القمعيّة. وسيواصلون المغتربون جهودهم، ليلاً و نهاراً من اجل اطلاق سراحهم ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات والجرائم.

واتفق المؤتمرون ان المطلوب اليوم من كل العراقيين في المهجر ان ينهضوا، كنخبة عراقية متسلّحة بالوعي التاريخي والحضاري، لتفعيل جهودهم ونشاطهم ليكونوا بمستوى التحدّيات التي تفرضها المعركة التأريخية التي يخوضها أبناء العراق من اجل تحرير بلدهم وإعادة اعماره، والتخطيط لمستقبل زاهر يليق بابنائه وما قدّموه من تضحيات.

ووجد المؤتمرون ان الحفاظ على كنز من اغلى كنوز البلاد وثرواته الوطنية، المتمثل في أبنائه المغتربين بكل اطيافهم، بما يمثلونه من رصيد مضاف لاعادة بناء دولة العراق من جديد، يتطلب تعميق الروابط بين هذه الطاقات المغتربة وزجّها في النضال الوطني وهو احد النتائج المهمّة لمؤتمرات المغتربين التي ستجري مرة كل عام.

وفي المجال القانوني، اكدّ المؤتمرون اصرارهم على ملاحقة كل من ارتكب جرماً، او انتهك حرمة او سلب حقاً من حقوق العراقيين كي لا يفلت من الحساب والعقاب مهما طال الزمن. وفي هذا الصدّد سيواصل المغتربون نشاطهم لاتخاذ الإجراءات المناسبة في ساحاتهم لضمان تقديم هؤلاء المجرمين الى العدالة لينالوا جزاءهم العادل على ما اقترفوه من أفعال مدانة.

وفي المجال الاقتصادي، فقد رأى المؤتمرون ان الفساد والنهب المنظم الذي استنزف طاقات العراق وثرواته قد جاء كنتيجة طبيعية لتفكيك مؤسسات الدولة في عملية مخطّط لها سلفاً من اجل تقويض اقتصاد البلاد وتحويله الى اقتصاد تابع غير قادر على تلبية متطلبات التنمية واحتياجات المواطنين. ولذلك فان من المهام المستقبلية ان تستعاد استقلالية الاقتصاد ومحاسبة الفاسدين واسترجاع الثروات المنهوبة.

وامّا في المجال الإعلامي فقد اتفق المشاركون على ضرورة حشد الطاقات الإعلامية لتسليط الضوء على معاناة الشعب العراقي، وفضح الجرائم التي ترتكبها السلطة وميليشياتها، من خلال تصعيد المشاركات في المؤسسات الإعلاميّة الرصينة، ودعمها ورفدها بالمعلومات والوثائق، إضافة الى استمرار العمل في المواقع والصفحات الإعلاميّة القائمة، وتشجيع انشاء مواقع وصفحات لهذا الغرض في كل الدول والساحات التي يوجد فيها مغتربون عراقيون.

كما اتفق المشاركون على العمل لإستنهاض طاقات الشباب، من أبناء المغتربين، باتجاه خلق راي عام دولي مساند ومؤيد لمساعي المغتربين نحو تحقيق الأهداف الرامية الى تحرير العراق واخراجه من محنته.

وكان للماجدة العراقية دور فاعل في مؤتمر المغتربين، كما هو دورها الفاعل في نشاطات المغتربين في مختلف الساحات، واكدّوا على اهميّة هذا الدور وضرورة تفعيله والعمل على ان يتصاعد ويتطور كماً ونوعاً وباتجاه اشراك أوسع للماجدة العراقية أينما تكون.

وعلى الصعيد السياسي، فقد رأى المؤتمرون انه ورغم تباعد المسافات، وتعدّد التوجهات والرؤى، الاّ ان المؤتمر اكدّ التلاحم بين المغتربين ووطنهم العراق، واتفقوا على تصعيد نضالهم، ضمن المجتمعات التي يعيشون فيها وضمن المؤسسات الدولية، من اجل ادامة مجموعات الضغط القائمة في بعض الساحات، وتشكيل مجموعات ضغط في الساحات الأخرى لمساندة الشعب العراقي في تطلّعه لحلّ شامل وجذري يقوم على الأسس التالية:

طرد ايران وميليشياتها من العراق والتحرّك مع المجتمع الدولي لوضعها على قائمة الإرهاب الدولي، وملاحقة ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضد أبناء العراق.

التغيير الجذري والشامل للعمليّة السياسيّة الفاسدة، وما اقامته من هياكل تشريعية وتنفيذية وقضائية، وصولاً الى مرحلة انتقاليّة تتضمن مجلساً وطنياً وحكومة من الكفاءات المستقلّة تتولى اعداد دستور جديد للبلاد مع إلغاء كافة القوانين الجائرة، مثل قانون اجتثاث البعث والمساءلة والعدالة وقانون حظر البعث، وكل القوانين والإجراءات التي وضعت لخدمة الأجنبي والتي تستخدم ضد أبناء الشعب مثل قانون مكافحة الإرهاب، واستبدالها بقوانين تقوم على مفاهيم الوطنيّة والعدالة. والعمل على إعادة بناء مؤسسات الدولة بما يضمن إقامة نظام ديمقراطي تعدّدي.

إعادة بناء واعمار العراق بالتعاون مع المجتمع الدولي وبمساهمة أبنائه الغيارى، في الداخل والخارج، وبالأستخدام الأمثل لثرواته الوطنيّة.

وناقش المؤتمرون حملات التهجير القسري التي تمارس ضد أبناء الشعب في محافظات معينة تقوم ابها الميليشيات الصفوية المدعومة من ايران، ضمن عملية تطهير عرقي وطائفي تهدف الى اجراء تغيير ديموغرافي في تلك المحافظات وبخاصّة في محافظات بغداد وديالى وصلاح الدين وبابل. واتفقوا على مواصلة العمل الجاد والواسع لفضح هذه الجرائم والوقوف بوجهها والسعي لمحاسبة المسؤولين عنها.

ويؤكد المؤتمرون ان ما تتعرّض له مدينة الفلوجة الباسلة من حملات إبادة جماعيّة ما هي الاّ بسبب كونها أصبحت رمزاً انسانياً كبيراً للنضال ضد قوى الاحتلال والظلم في العصر الحاضر، فتجمّعت ضدّها كل قوى الشر والرذيلة من ما يسمّى قوات التحالف الدولي، وجيش وميليشيات السلطة الطائفية العميلة المرتبطة بدولة الشرّ ايرن. وباشر المؤتمر، منذ اليوم الأول له، حملة تضامن دوليّة شرعت بها اللجنة الدوليّة للتضامن مع الشعب العراقي التي تضمّ شخصيات اوربية فاعلة وشخصيّات وطنية عراقيّة، تطالب برفع الحصار الذي يمنع الغذاء والدواء عن أبناء هذه المدينة الباسلة وتسعى للتصدّي لهذه الجرائم والانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.

ويرى المؤتمرون ان التخطيط لحملة عسكرية أخرى في محافظة نينوى سيؤدي الى حملة إبادة جديدة، خاصة وانها من اكبر محافظات العراق من حيث الكثافة السكّانية، وان ابناءها يواجهون ظروفاً قاسيّة تزيد من قساوتها اعمال الحكومة الطائفيّة وميليشياتها مما يعرّض المحافظة وبخاصّة مدينة الموصل الى الدمار والتخريب بذريعة محاربة داعش كما جرى في محافظة الأنبار، وفي أماكن أخرى من محافظة نينوى مثل قضاء سنجار. ولذلك فانهم يحملّون السلطات المسؤوليّة الكاملة عن ذلك ويطالبون المجتمع الدولي بالضغط لإنقاذ المحافظة مما هو مُبيّت لها.

ولم ينس المؤتمرون القضايا المصيرية التي تمرّ بها امتهم العربية، وحالة النهوض التي يشهدها اكثر من قطر عربي باتجاه مستقبل افضل. وفي هذا الصدد يثمّن المؤتمر خطوة القوى الوطنية والقومية والإسلامية في العراق بتأييد التحالف العربي والإسلامي الذي تقوده المملكة العربية السعودية للتصدّي للقوى الإرهابية سواء المتمثلة بداعش او تلك المتمثلّة بالميليشيات المرتبطة بايران ومنها على وجه الخصوص ميليشيات الحوثي الإجرامية.

واكد المؤتمرون على ان القضية الفلسطينية تبقى من قضايا الأمة المصيرية، ومن هنا فقد عبّروا عن تضامنهم وتفاعلهم مع نضال الشعب الفلسطيني ووقوفهم مع ما يقرّره هذا الشعب وبخاصّة توقه الى حقّه الثابت في تقرير مصيره، وحيّوا في هذا الصدد شهداء المقاومة الوطنية الباسلة، كما حيّوا الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي الغاصب.

ويؤيد المؤتمرون نضال الشعب السوري والثورة السورّية البطلة ويؤكدون دعمهم المساعي الرامية للوصول الى حل سياسي يضمن تحقيق مطالب الشعب السوري الاساسيّة.

ومن القضايا التي يرى المؤتمرون ضرورة ايلائها الاهتمام اللازم من كل القوى الحيّة في امتنا العربية هي قضية الاحواز المحتل من قبل الأنظمة الإيرانية المتعاقبة. فالشعب العربي الذي تمثل الاحواز ارضه ووطنه يتعرّض الى ابشع صنوف الإرهاب والتنكر لحقوقه الأساسيّة وهو ما يتطلب الدعم والتأييد والتلاحم مع نضال هذا الشعب العربي المكافح.

واختتم المؤتمر بعد انتخاب امين عام ونائباً له بالاقتراع السرّي المباشر، حيث انتخب السيد عبد المنعم الملّا من منظمة المغتربين العراقيين في بريطانيا اميناً عاما لمدّة عامين، وانتخب السيد سيروان بابان، من منظمة المفتربين في هولندا، نائباً للأمين العام ولمدة عامين ايضاً.

ولا بدّ من الأشادة بجهود المغتربين العراقيين من كل مكان الذين ساهموا وعملوا على إنجاح المؤتمر وتحملّوا تكاليف سفرهم واقامتهم، وكثير منهم اشركوا عوائلهم وابناءهم في اعمال المؤتمر ووظفوا جهودهم في التنظيم والإدارة واستقبال الضيوف، وساهموا فوق ذلك بالتبّرع لتغطيّة النفقات والمتطلبّات الأساسيّة من حجز القاعات وتغطية تكايف سفر وإقامة بعض الضيوف، في حين قرّر عدد آخر من الضيوف المشاركة في المؤتمر على نفقتهم الخاصّة.

هذا وقد اختتمت اعمال المؤتمر في ساعة متأخرة من يوم الأحد 3 نيسان 2016، بعزف النشيد الوطني العراقي ( ارض الرافدين ) رمز العراق الحرّ المزدهر المستقل.
 





الثلاثاء ٢٧ جمادي الثانية ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / نيســان / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة