شبكة ذي قار
عـاجـل










مع ما يجري على امتداد ساحة الوطن العربي ، من ثورات شعبية ، استطاعت فيها الجماهير العربية الخلاص من أنظمة القهر والذل والعبودية ، أنظمة الردة والخيانة والتآمر ، أنظمة الفساد والعهر السياسي والاخلاقي ، ومع ارتفاع وتيرة المقاومة في فلسطين والعراق، ووصول الجماهير العربية إلى حالة الاصرار على مواجهة كل ما يعترض طريق مسيرة تقدمها ، ونهضة امتها ، ومع محاولات التآمر الامبريالي الصهيوني الطائفي في فلسطين وليبيا والبحرين واليمن ، تطل علينا الذكرى التاسعة والستين لميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي ، قائد مسيرة النضال القومي ، منذ اربعينيات القرن الماضي ، وحتى يومنا هذا .

لم يكن البعث حزباً كغيره من الاحزاب ، يمثل طبقة او فئة محدودة ذات مصالح خاصة ، بل كان حركة تمثل الشعب العربي في كل طموحاته وآماله وآلامه ، في الوحدة والحرية والاشتراكية ، وامتلك ارادة النضال على امتداد الوطن العربي ، لا بل تجاوزها ، حيث تواجدت تنظيماته في جميع الاماكن التي تواجد فيها العرب ، على امتداد الكرة الارضية ، لأنه يمثل ارادة امة ، تناضل من أجل النهوض واستعادة دورها التاريخي .

برز البعث من بين صفوف الجماهير العربية ، معبراً عن طموحاتها وآمالها ، وساعياً لبناء وحدتها ، في ظل حياة حرة كريمة ، ومن أجل أن ينعم المواطن في وطن عزيز ، يملك القدرة والارادة ، ويساهم في السلم الحضاري العالمي ، معيداً لامته المجد الذي كانت ترفل به ، عندما كانت تشع حضارة ، وعلما وطهارة ، ووعياً وتقدماً .

لم يكن في خلد البعث أن يصل إلى السلطة بهذه السرعة ، ولكن حاجة الامة إلى أن تضع قدمها على طريق الوحدة ، قد دفعت بالبعثيين في القطر السوري، أن يوفروا البيئة والمناخ المناسب لقيام وحدة سوريا ومصر ، كأول تجربة وحدوية عربية في القرن العشرين ، خاصة وأن تكالب أمم الارض على الوطن العربي ، لن يتم لجمه إلا من خلال توحيد جهود الامة ، السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية .

البعث حزب الامة ، فما من عربي إلا بعثياً بالفطرة ، لأنه ما من عربي إلا ويتوق للوحدة، والعيش في كنف دولة عربية واحدة ، من المحيط الاطلسي حتى الخليج العربي ، وما من عربي لا يطمح أن يمتلك ناصية الحرية والديمقراطية ، وأن يعيش في ظل العدالة الاجتماعية، فمبادئ البعث هي مبادئ الامة ، ولا عجب أن لا يقتصر البعثيون على الاعضاء الذين ينضوون داخل تنظيم الحزب ، فهناك البعثيون المنظمون والبعثيون من هم خارج التنظيم ، والذين يشملون كل عربي يؤمن بأهداف الامة في الوحدة والحرية والاشتراكية .

البعث ثورة على التجزأة والديكتاتورية والتخلف ، ومن هنا جاء شعار الوحدة في مواجهة التجزأة ، وجاءت الحرية في مواجهة الديكتاتورية والذل والعبودية ، وجاءت الاشتراكية في وجه التخلف ، بحكم غياب العدالة الاجتماعية ، فاستطاع البعث صياغة أهدافه ومبادئه ، من رحم معاناة الامة ، ومن هنا كان حزب الامة عن جدارة ، لأنه يعبر عن ضمير الامة ، ونبض الشارع ، ونفس الحياة والروح فيها .

ما كان البعث يملك هذه الطاقة الجبارة في النضال والصمود ، في وجه كل المؤامرات التي استهدفته ، إلا لأنه يعبر عن ضمير امة ضاربة جذورها في اعماق التاريخ ، ومعبراً عن روح امة قدمت للبشرية عطاء حضارياً متميزاً ، في وقت كان العالم يعيش في ظلام دامس،وقد قدمت هذه الامة عطاءها الحضاري بثوب إنساني واخلاقي ، لم تستطع امة في هذا الكون أن تحذو حذوها ، ولا أن تمتلك ارادة التضحية التي امتازت بها .

البعث عصي على الاجتثاث لأنه نبض الشارع ، ومغروس في كينونات دواخل صدور أبناء الأمة ، فعجزت كل محاولات الامبرياليين والصهاينة والطائفيين والعملاء في اجتثاث البعث، فليست هناك من قوة على الارض قادرة على إنتزاع الروح من جسد الامة ، فالبعث روح هذه الامة ، يسري في جسدها ما دام فيها نبض حياة ، ومادام أبناؤها يدبون على الارض،فهيهات لقوة أن تجتث البعث ، وتسطو على فكره وعقيدته ، لأنها تحتاج إلى قوة خارقة ليست في مخيلة البشر لتستطيع فصل الجسد عن الروح .

يحق للبعث أن يفتخر أن تنظيماته ، قد كانت في طليعة المجاهدين العرب في فلسطين ، كما يحق له أن يفخر أنه صانع أول تجربة وحدوية في القرن العشرين بين القطر السوري والقطر المصري ، وصانع أول قاعدة للإنطلاق التحرري والتنموي في العراق ، ومسجلاً أكبر هزيمة للمد الصفوي الطائفي ، الذي تسربل بالاسلام زوراً وبهتاناً ، وهو يطمح لبناء مشروعه القومي ، فكان البعث في العراق التحرري سداً منيعاً ، في وجه المد الصفوي ، الذي يطل برأسه اليوم ، مهدداً عروبة الخليج العربي والجزيرة العربية ، وممعناً في تمزيق جسدالامة ليبني امبراطورية اندثرت تحت غطاء ديني طائفي ، وبهلوسات فارسة مجوسية .

للبعث ان يفخر بأنه يقود المقاومة العراقية الباسلة ، كأسرع مقاومة عرفها التاريخ ، ومحبطاً المشروع الامبراطوري الاميركي ، ومفوتاً الفرصة على التحالف الامبريالي الصهيوني الصفوي في تحقيق أهدافه ، في الاستقرار بالعراق ، والعمل على تقسيم الوطن العربي ، لصالح الكيان الصهيوني ، ومعرياً الجعجعات الفارسية الكاذبة ، في ادعاءات العداء للكيان الصهيوني والشيطان الاكبر.
استطاع البعث في فترة قياسية من تاريخ الشعوب ، أن يبني قاعدة صناعية وعلمية وعسكرية في القطر العراق ، وكان سنداً قوياً للنضال الوطني الفلسطيني ، لأنه اعتبر أن قضية فلسطين هي قضية الامة المركزية ، ولهذا فقد تم استهدافه بالغزو والاحتلال ، وقانون اجتثاث البعث ، وغيرها من الممارسات الشوفينية واللااخلاقية ، في حق اعضائه ومنتسبيه في القطر العراقي ، على ايدي قوات الاحتلال وعملائها والمخابرات الفارسية المجوسية .

يفخر البعث أن قيادته في العراق لم تستسلم ، رغم حجم العداء الذي واجهته ، ولم تتنازل عن ذرة من مبادئ البعث ، رغم قسوة الظروف ، وللبعث أن يفخر أن امينه العام ورئيس الدولة الشهيد صدام حسين ، قد قدم نفسه فداء للوطن والامة ، ومن أجل أن تبقى المبادئ مرفوعة ، فكانت وقفته البطولية حالة خاصة ، مقتصرة على البعث واعضائه ومناضليه قلً مثيلها ، ولم يسجل التاريخ واحدة شبيهة لها ، كما أن وقفة الشجاعة التي ابداها الشهيد ، قد نفخت في روح الامة كل العزم والاصرار على أن المبادئ باصحابها ، تبقى مرفوعة، وتظل في مكنونات الصدور المؤمنة ، بحق هذه الامة في النهوض والتقدم .

البعث امتلك ارادة النضال ، وامتلك البعثيون ارادة التضحية ، وهاهم في العراق الاشم يسقطون كل المشاريع الامبريالية والصهيونية والصفوية ، وبدلاً من أن يتم تطبيق قانون بريمر في اجتثاث البعث ، اخذ البعثيون على عاتقهم باجتثاث الاحتلال وعملائه واسياده، فتمكنوا من نزع المبادرة من ايدي كل اعداء العراق والامة ، عندما فجروا اسرع مقاومة في التاريخ .

سيبقى البعث حتى لو تمكنت الامة من تحقيق اهدافها ، لأن حزب الامة وصانع مجدها ، لابد وأن يبقى سياجاً يحمي الامة من كل الطامعين والغزاة والحاقدين ، فأمتنا مستهدفة على مر التاريخ ، ولابد من الحذر من كل المؤامرات التي تحاك ضدها ، فقد تم استهدافها والعمل على تجزأتها ، واحتلال البعض من اقطارها ، وبشكل خاص في فلسطين والعراق ، الى جانب قضم العديد من اطرافها ، في الجهات الاربع من حدودها .

يقتضي منا الايمان بالمبادئ أن نتوقف عند صفحة الاحداث والوقائع التي تشهدها الامة :
* قضية العرب المركزية فلسطين المحتلة ، فالبعث الذي شارك في أول مقاومة على ارضها يجدد العهد لأن تكون قضيته الاولى ، مؤكداً على تحريرها من البحرإلى النهر ، وكما جاء على لسان الامين العام للحزب الشهيد المناضل صدام حسين ، فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر ، ويثمن الحزب باعتزاز إنتفاضة أبنائها الذين يواجهون رصاص الاحتلال بصدورهم ، ويؤكد على أن يكونوا رأس الحربة في مسيرة التحرير التي هي ديدن الامة وطلائعها التحررية .

* احتلال العراق ، وعودة العراق لحضن أمته سداً منيعاً لبوابته الشرقية ، على ايدي ابطال المقاومة الباسلة التي كنست الاحتلال الامريكي ، وهي على موعد مع كنس احتلال الفرس المجوس ، مؤكدين على التخندق في خندق المقاومة بقيادة المناضل عزت الدوري ابن البعث البار وحادي الركب في عراقنا الاشم الشامخ ، لبناء عراق حر بعيداً عن الطائفية والعرقية .

* ومع سوريا الثورة ، والتخندق في خندق ثورة الشعب السوري ضد نظام الابادة بشار، الذي دمر الوطن السوري ، وشرد شعبه ويتم أطفاله ، وجعله ساحة لملالي الفرس المجوس، فنحن على موعد مع نجاح الثورة ، واعادة اعمار سوريا لتعود دمشق الفيحاء وحلب الشهباء ، وكل مدن القطر السوري لرونقتها وجمالها ولعروبتها ، التي شوهها النظام البشع ، والتنظيمات الارهابية التكفيرية ، والتدخلات الفارسية المجوسية .

* والحديث عن ليبيا التي مزقتها طائرات حلف النيتو من أجل أن تنهب ثروتها وتكبل ايادي شعبها ، نقف بكل احترام وتقدير لعودة ليبيا قطراً عربياً معافى من الويلات والحروب في ظل نظام وطني قومي لعموم أبناء ليبيا .

* واليمن السعيد ، يمن الحكمة الذي شوهته طائفية الحوثيين ومعهم صالح المخلوع الذين تتلمذوا على ايدي الصهاينة في فلسطين المحتلة، وجعلوا من ارض اليمن مرتعاً لممارسات ملالي طهران ، واخر بطولاتهم الدور الخياني للحوثيين والمخلوع صالح في تسهيل عملية اليهود اليمنيين إلى الكيان الصهيوني مقابل دولارات مشبوهة .

* الاحواز هذا القطر العربي الذي تم اغتصابه من قبل النظام الايراني قبل اكثر من تسعين عاماً ، وهاهي ثوراته المشتعلة تحت أقدام الملالي المتخلفين ، فالبعث مع ثورة الاحواز التحررية ، ومع مواجهة نظام الملالي في عقر دارهم لخلاص الشعوب الايرانية من نظامه الطائفي المقيت .

* في ايمان البعث بوحدة الارض العربية ضد ما يسمى بتقرير المصير للصحراء المغربية فمع وحدة الاراضي المغربية ، وضد اية محاولة تفتيتية طائفية أو اقليمية سواء في المغرب أو العراق أو اي قطر عربي لخلق المزيد من الشرذمة في جسد الامة .

* والبعث مع كل حركات التحرر العالمية في مواجهة الامبريالية والصهيونية والوحدات الاقليمية الفارسية والعثمانية من أجل أن تنعم الإنسانية ، وتعيش بأمن وأمان ، بعيداً عن قوى الاستغلال والهيمنة ، ونهب ثروات الامم وشعوب الارض وخاصة في دول العالم الثالث .

* والبعث يرفض هيمنة القطب الواحد في السياسة الدولية ، ويؤمن بتعددية الاطراف الدولية لصالح السلم العالمي ، ودعم الدول الصغيرة والضعيفة في مواجهة قوى الشر والطغيان في عالم اليوم ، ممثلة بالامبريالية الغربية ، وفي طليعتها الادارة الامريكية والصهيونية العالمية إلى جانب الدول الاقليمية الطامعة في ثروات دول الجوار .

* وهذا الاردن الذي يرزح تحت وطأة المديونية والفساد ، وتكميم أفواه الجماهير ، والوقوف في طريق أية عملية اصلاح حقيقية ، لابد وأن ينهج النظام نهج الوفاء لطموحات شعبه في الاصلاح الحقيقي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي من بوابة السماح لكل ابنائه الخيرين ، الذين لم تدنس اياديهم بالفساد ، ولا تلوثت نفوسهم بامراض السلطة ، ولا احترفوا التقييد على حريات الجماهير ، ولا مارسوا نهب المال العام ، ولن يكون ذلك إلا باطلاق الحريات العامة ، وتقييد ايادي اجهزة السلطة القمعية في التدخل بشؤون البلاد والعباد ، واطلاق حرية العمل السياسي والنقابي ، وإنتخابات حرة نزيهة من خلال قانون إنتخابي ، بعيداً كل البعد عن قانون إنتخاب يضيق على الناس خياراتهم ، ولا يعمد لتمزيق المجتمع في محاصصات تفتيتية تدميرية للنسيج الاجتماعي من جهة ، وتمزيق اللحمة الوطنية من جهة أخرى المجتمع إلى جانب كل ذلك أن ينأى الاردن بنفسه عن أية تدخلات أو احلاف عسكرية تنعكس سلباً على مسيرته الوطنية .

* وللبعثيين كلمة تقتضي من كل واحد فيهم أن يعود لفكر البعث ويقرأه جيداً ، ويتمثل بقيمه، ويتحلى بأخلاقه ، فالبعث مدرسة قيم ومبادئ وأخلاق ، والبعثي إنسان إنفصل عن واقعه الاجتماعي الفاسد ، ليكون في مدرسة منهاجها الصدق والايمان والايثار والتضحية، فقد ابتعد الكثير من البعثيين عن مبادئ البعث ، وما هو فيه من ضعف وهوان خاصة في خارج تنظيم القطر العراقي يعود لتخلي البعثيين عن مبادئ البعث العظيمة ، مبادئ الامة العظيمة، فهذه الامة عظمتها من الرسالة التي كلفها الله بها من بين سائر أمم الارض ، وقد أكد القائد المؤسس في ذكرى ميلاد الرسول العربي على لازمة حقيقية لكل بعثي ولكل عربي عندما قال : " إذا كان محمد كل العرب فليكن كل عربي محمدا" ، وهو ما يقتضيه التمثل بأخلاق الامة ورسولها ورسالتها وقيمها ، كما يتطلب من كل عضو فيهم أن يعود لمنابع البعث مع كوكبة من الاعضاء الجدد من فئة الشباب والشابات ، فالبعث مدرسة الشباب والطاقات الابداعية ، وهذه سمات الشباب من كلا الجنسين ، والبعث يحتاج على الدوام دماء جديدة تصب في مسيرته من خلال أبناء الامة ، ومن أجل ديمومة استمرارية حركة التاريخ التي يسعى البعث لاحيائها من جديد .

في ذكرى تأسيس البعث ، يقتضينا واجب الوفاء للبعث ، أن نقدم لقادة الحزب التحية ، وفي مقدمتهم الامين العام المناضل عزت الدوري ، وأن نترحم على شهداء البعث على امتداد مسيرته ، وفي مقدمتهم سيد شهداء هذا العصر صدام حسين .

عاشت الامة ، وعاش البعث ، في الذكرى التاسعة والستين للبعث .
التحية والتقدير لقائد البعث ، وحادي مسيرة المقاومة المناضل عزت الدوري.
الرحمة لشهداء الامة ، وشهداء البعث ، وفي مقدمتهم الشهيد صدام حسين .





الجمعة ١ رجــب ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / نيســان / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة