شبكة ذي قار
عـاجـل










في اكبر مدينتين عراقيتين عمت المظاهرات الجماهيرية تهتف لبيك يا عراق وكلنا عراقيون ، فقد عمت العاصمة العراقية بغداد مظاهرات حاشدة ، استهدفت رموز النظام الطائفي في حصن النظام السياسي المنطقة الخضراء ، واستهدفت مجلس النواب ورئاسة الحكومة ، وغيرها من مؤسسات النظام ، مما يؤشر على أن الجماهير العراقية قد وصلت حد الاحباط من النظام الذي جاءت رموزه على الدبابة الامريكية ، في أسوأ عملية افتراء امبريالية على العالم تحت ذريعة امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل ، التي كانت ذريعة لغزوه واحتلاله ، وتدمير الدولة وتمزيق نسيجه الاجتماعي ، ونهب ثروته واغتيال قيادته الوطنية ، وإنتهاك حرمة المجتمع ومكوناته السياسية، تحت مسمى قذر باسم اجتثاث البعث ، وتصفية اكثر من مئة وخمسين الف مناضل بعثي ، واعتقال عشرات الآلاف من أعضاء الحزب الحاكم .

في مدينة البصرة ثالث المدن العراقية كانت الجماهير الشعبية أيضاً تجوب شوارعها وتعلن رفضها للعملية السياسية ، منتهية بذلك عملية الخداع السياسي الكاذب في عملية تمزيق العراق طائفياً ، ليسهل السيطرة عليه ، بعد خلق الاحتراب بين مكوناته الطائفية ، حد القتل على الهوية، وتجييش النفس الطائفي من الاحزاب الطائفية التي ترعرعت في قم وطهران بثقافة فارسية مجوسية ، بعيدة كل البعد عن الاسلام وقيمه السمحة ، ليتسنى لنظام الملالي توسيع نفوذه ، والحاق العراق بتوجيهاته من خلال هؤلاء العملاء الذين تغذوا على يديه .

المؤشر القوي لمظاهرات الجماهير العراقية أنها قامت في اكبر مدينتين يتواجد فيها مكون طائفي على حساب مكون آخر ، وأن هذه الجماهير قد وصلت حد القناعة الحقيقية من حجم ما أصاب العراق من تجييش طائفي أدى إلى تمزيقه ، والعمل على إنهاء دوره الوطني والقومي ، والفشل السياسي لعموم العملية السياسية التي وضع حجر الاساس لها المندوب الامريكي بريمر في تشكيل القاعدة السياسية على المحاصصة الطائفية ، وحل الجيش العراقي الوطني ، وقانون اجتثاث البعث .

لقد داست الجماهير العراقية على العملية السياسية القائمة على الطائفية ، وأكدت على الفشل الذي رافق هذه السياسة التدميرية في حق عموم ابناء العراق من سنة وشيعة ، فالجماهير العراقية ليست محسوبة على هذه الطائفة أو تلك ، بل هي محسوبة على العراق من خلال ما تنادي به في هتافاتها لبيك يا عراق ، نحن كلنا للعراق ، وقد بدى مدى هشاشة النظام السياسي في مواجهة المظاهرات الجماهيرية حد عدم القدرة على حماية مؤسسات رموزه كالبرلمان ورئاسة الوزراء وغيرها من مؤسسات المنطقة الخضراء ، التي تقبع فيها أكبر سفارة لدولة الغزو والاحتلال ، التي استهدفت العراق بالتواطؤ الصهيوني والفارسي المجوسي ، وهو ما أكده تسليم العراق لايران بعد هروب القوات الامريكية .

هذا هو العراق يأبى أن يحكمه حاكم ضعيف ، و أن يعيش ذليلاً ، وأن يكون الحديقة الخلفية لهذه الجهة أو تلك ، فقد ثار على القوى الامبريالية الغربية وواجهها بالقوة ، فكيف به يقبل بالقوى الاقليمية الطامعة فيه ، وأن لا يكون بوابة الامة في الوطن العربي ، ويأبى إلا أن يمرّغ وجه الفرس في تراب الوطن ، فقد اعتاد الفرس على الهزيمة على ارض العراق ، واعتاد العراقيون على هزيمة هؤلاء الذين يظنون واهمين أن في مقدورهم أن ينالوا من كرامتهم ، وظن ملالي الفرس المجوس أن في مقدورهم من خلال حفنة من العملاء السيطرة على العراق ، ولم يدرسوا جيداً أن العراق بجناحيه قادر على هزيمتهم ، فقد تلاقى جناحا العراق في ثورة العشرين ، وفي ثورة الواحد والاربعين ، وبجناحيه هزم ملالي الفرس المجوس في القادسية الثانية ، حد أن تمنى كبيرهم أن يشرب كأس السم على أن يوافق مرغماً على وقف اطلاق النار ، بعد معارك البطولة في شرق البصرة والفاو، وغيرها من معارك البطولة على امتداد مناطق التماس مع ايران .

العراقيون بما صنعوه في اقتحام المنطقة الخضراء ، وداسوا على مؤسسات النظام الطائفي، قد بدأوا في العمل على إنهاء العملية السياسية التي شوهت وجه العراق ، واعلنوا على الملأ هاهو العراق الذي يأبى أن يعيش في القمقم الطائفي ، يلفظ كل خزعبلات الاحزاب الطائفية التي دمرت العراق ، ونهبت ثروته ، ورهنت ارادته لعدو بات لا يقل خطورة عن الكيان الصهيوني في سعيه لاقامة امبراطوريته المقبورة على حساب الوطن العربي تحت مظلة الاسلام الكاذبة ، لأن الاسلام بلا طائفية ، وبلا عدوان على الاخر ، وبلا إنتهاك للحرمات افراداً وجماعات ، ولأن عصر الهلوسات والخرافات قد إنتهى ، فالشعوب التي تتوق إلى الحرية لا تعبأ بكل التسميات الطائفية والاقليمية ، ولا تقبل عن الحرية بديلاً .

حيا الله الجماهير العراقية الثائرة الرافضة للعملية السياسية الطائفية ، وإلى الامام لإرساء قواعد نظام وطني عروبي ، تعيد السيرة التي كانت تتميز بالوقوف في وجه أعداء الامة من امبرياليين وصهاينة وفرس مجوس ، وتنظر إلى المواطن العراقي بإنتمائه الوطني لتراب العراق ، بعيداً عن كل عمليات التفتيت والتمزيق الطائفي البغيضة .

dr_fraijat45@yahoo.com





الاثنين ١٦ شعبــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / أيــار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة