شبكة ذي قار
عـاجـل










( المقالة ادناه كتبت في عهد حكومة اياد علاوي عندما استعان بالقوات الامريكية لاخضاع الفلوجة واسكات صوت المقاومة الشريفة , ولكن النتيجة كانت قهر القوات الامريكية واجبارها على الانسحاب عام 2011 .. واليوم يستعين العبادي بالقوات الايرانية المزودة بالاسلحة الفتاكة وبقوات الحشد الطائفية الحاقدة على الانسانية وبالقوات الامريكية لاخضاع الفلوجة والانتقام من اهلها كما فعل الحشد الطائفي في محافظة ديالى وفي المقدادية حصرا وكما فعلوا في تكريب ايضا ومن بعدها في الرمادي .. انه المخطط الصفوي الذي يستهدف العرب والمرضي عنه امريكيا لضمان امن الكيان الصهيوني .. ومهما كانت نتيجة المعارك الانية فان العرب سوف ينتصرون لا محالة وسوف يندحر الصفيون واعوانهم الصعاليك في المنطقة الغبراء .. واعيد نشر تلك المقالة لدلالاتها رغم تغير الشخوص والادوار ) .

كانت الفلوجة الى عهد مضى, قرية من قرى محافظة الانبار, التي تعد اكبر محافظات العراق مساحة, ويسكن فيها عشائر عربية اصيلة, معروفة بالكرم والنخوة والشجاعة, كانت -وما زالت- محط ثقة الحكام ومن تولى زمام الحكم في هذا البلد. كما ان الانبار كانت محط رحال الخلفاء الراشدين وابرزهم سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه, وكان اهلها محط ثقتهم كذلك. ومن هذا السفر التاريخي الخالد, كان اهل الانبار متميزين في الولاء الوطني, ومعاداة المستعمرين مهما كانت جنسياتهم. واهل الفلوجة هم من هذا النسيج الوطني الصافي, وتربطهم بالعروبة صلات حب وعشق, وظلوا على قدر مع هموم الامة العربية. ولا غرابة ان يكون حي الجولان فيها مستهدفا من قبل الطائرات الامريكية, بحيث سويت بيوته في الارض. والحقد الذي يظهره الجنود الامريكان على اهل الرمادي واهل الفلوجة بخاصة, هو حقد على القيم العربية, وثأر من الفروسية العربية التي انتصرت في اليرموك وحطين من قبل.

ان الادعاء بان الحكومة المؤقتة تستعين بقوات المارينز, لكي تخلص اهالي الفلوجة من الارهابيين, فهو ادعاء فاضح, بل الحقيقة هي انهم يريدون التخلص من المجاهدين العراقيين الاصلاء, الذين يبذلون دماءهم من اجل تحرير ارضهم ووطنهم من نير الاحتلال الامريكي. اما الادعاء بان مجموعات عربية هي التي تقوم باعمال القتل ضد الجنود الامريكيين فهو ايضا ادعاء فيه مراوغة ومجانبة للحقيقة. اذ سبق ان كان الادعاء نفسه يتشدق به المسؤولون في الحكومة العراقية قبيل اغتيال مدينة سامراء وخداع اهلها, ودخول المدينة بعد وعود بالتوصل الى اتفاق بين سكان المدينة والحكومة. ورغم سيطرة القوات المتعددة الجنسيات على سامراء واعتقال المئات من سكانها, فلم يعرض المسؤولون في الحكومة العراقية من قبل انهم من جنسيات عربية, بل صرحوا بانهم اعتقلوا عددا منهم دون ذكر اسمائهم او عرضهم على شاشات التلفزة, لماذا كل هذا الهوس في محاصرة الفلوجة والرمادي والاستعداد لاقتحامها وقصفها ليل نهار بالطائرات والمدفعية الثقيلة?

اول الاسباب هو قلق القوات الامريكية من هذه المنطقة التي شهدت اكبر عدد من العمليات الجهادية ضدها, واوقعت عشرات الاصابات في الجنود والاليات المدرعة والطائرات المروحية. ولذلك تريد هذه القوات الغازية ان تحرق هذه المنطقة, وفق اسلوب العقاب الجماعي, وسياسة الارض المحروقة, لكي تؤمن سلامة حركتها. كما ان هذه القوات استخدمت اسلوب القضم التدريجي, والتفرد بالخصم, اي فتح جبهات محدودة, تستهدف مدينة بعينها وتنتقل بعدها الى هدف آخر.

وقد اتضح ان عقدة الامريكان صارت تكمن في المنطقة المسماة بالمثلث السني, لان المقاومة فيه, تهدف الى انهاك الوجود الامريكي, تمهيدا لاجبار الادارة الامريكية على سحب قواتها من العراق, فالمقاومة التي نسمع عنها غير موحدة, ولا نعرف قياداتها, ولكنها تشترك في هدف واحد هو مقاومة المحتل. في حين ان المقاومة في مناطق اخرى مثل النجف وكربلاء ومدينة الثورة, اتضح انها تلعب بالورقة السياسية, اي انها تريد ان تنال حصتها في التركيبة السياسية المقبلة في العراق.

وثاني هذه الاسباب هو رغبة الحكومة العراقية المؤلفة من الاحزاب والقوى التي قدمت مع القوات الامريكية الغازية, في توفير الاجواء الامنة لاجراء الانتخابات العراقية في كانون الثاني المقبل. لان توفير اجواء امنية ملائمة للانتخابات, سوف يحقق ما تحلم به الاحزاب الحاكمة, اي الفوز في مقاعد البرلمان المنتخب, ومن ثم البقاء في الحكم لفترة زمنية محددة تمنح الاحتلال الامريكي شرعية الوجود, لكي تتمكن الادارة الامريكية من تنفيذ استراتيجيها في المنطقة.

وثالث هذه الاسباب هو اشعار العالم بان الولاية الثانية لبوش لا بد ان تظهر بمظهر القوة المعهودة, وانه لا يصح ان تقف مدينة صغيرة واهلها, متحدين الزعيم الاوحد في العالم. فالزعيم الذي يحكم امريكا لولاية ثانية يرنو الى تحقيق حلمه وحلم المحافظين الجدد في انشاء ما سمي بالشرق الاوسط الكبير, وتمكين اسرائىل من لعب دور القائد في التركيبة السياسية والجغرافية الجديدة.

ان الامر المحزن الذي يدمي القلب, هو ان الحكومة العراقية تسترضي الدول العربية والمجاورة من اجل نيل اشارة المرور, نحو اقتحام الفلوجة وتدميرها. ولا اعتقد بانها سوف تلقى رفضا في توجهها, وان لم تواجه بالصمت والعلم بالشيء, فقد تنال رضا وموافقة بعض الاطراف, على اعتبار ان ذلك الامر, من المشاغل الداخلية, التي لا يجوز التدخل فيه.

ومن عجائب الامور, ان اعمال الزعماء والحكام مبررة ما داموا في الحكم, ومنافية للاعراف والقوانين عندما يغادرون الحكم لاي سبب كان. فالصمت المتبادل بين الحكام صار من سمات هذا العصر, وكل يقول:" لا يعنيني ما يدور حولي, ما دام رأسي سالما". وهذه النظرية خاطئة ومنافية لابرز سمات الايمان والمؤمنين, الذين طالبهم الله تعالى, بقول الحق والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. ان معاداة الحاكم لشعبه, واستقوائه بالاجنبي ضد شعبه, من ابشع اعمال الخيانة, ولن يغفر التاريخ له ابدا.

ستواجه الفلوجة واهلها قدرهم المحتوم, وسنشهد تدمير المدينة وقتل ما تبقى من اهلها, واذا كان هجوم نيسان الماضي قد اوقع قرابة الف شهيد, فان هجوم تشرين الثاني المرتقب سيوقع عدة الوف. ولكن لا اعتقد ان تمر القوات الامريكية الغازية في شوارع الفلوجة بسلام, دون خسائر في الارواح والمعدات. لان خيار الضعفاء يوقع خسائر في الاجسام الكبيرة.

قد تجرى الانتخابات فوق جماجم الشرفاء من ابناء العراق, تجرى في وقت تغيّب فيه الاصوات الوطنية الصادقة, بسبب القتل والتشريد او السجن. وبالتالي لا استبعد ان تفوز احزاب الحكومة في الانتخابات المقبلة, لانها الموجودة في الساحة القادرة على العمل المنظم, ولا سيما في غياب او مقاطعة العديد من القوى والاحزاب الوطنية التي تشكلت خلال العامين الماضيين.

ومهما قلنا من توقعات, ورسمنا سيناريوهات, فإن المجاهدين في الفلوجة والرمادي وحديثه والقائم والموصل وخانقين هم الذين يكتبون تاريخ العراق الجديد, وهو السفر المجيد الذي ستقرأه الاجيال اللاحقة. اما طلاب الحكم فانهم لن يكونوا الا رجال مرحلة مظلمة في التاريخ الطويل. وسوف يصنفون مع العملاء والخونة, ولن يكتب التاريخ غير الخزي والعار, لكل من ينتصر بالاجنبي على شعبه.





الثلاثاء ١٧ شعبــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / أيــار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة