شبكة ذي قار
عـاجـل










هذه الخصائص هي التي تسود في العراق الجديد الذي يدعونه وما نتج من افعال حكومات الاحتلال المتعاقبة وسطوت المليشيات منذ عام 2007 ولليوم حيث تم تغذيتها وتهيأت مستلزمات بروزها كقوة في الساحة من قبل الهالكي واستثمار الفتوى التي اصدرها السيد السيستاني من قبل اتباع ولاية الفقيه ، وتتفق تعار يف الدولة الفاشلة على انها تتصف بما يلي {{ انهيار القانون والنظام حيث تفقد مؤسسات الدولة احتكارها لشرعية استخدام العنف وتكون غير قادرة على حماية مواطنيها ، أو ان هذه المؤسسات تستخدم لقمع مواطنيها وإرهابهم بسبب قدرة ضعيفة أو متلاشية على تلبية حاجات المواطنين ورغباتهم ، وتوفير الخدمات العامة الأساسية، وضمان رفاه المواطنين ، وعلى المستوى الدوليين فقدان الكيان ذي الصدفية الذي يمثل الدولة خارج حدودها وعلى ما يبدو ان جميع التعاريف للدولة الفاشلة تركز على قضية فشل الدولة في تحقيق وظائفها الاساسية }} لكن مفهوم الدولة الفاشلة بالرغم من الوضوح والتحديد الذي ابداه الباحثين والمحللين الى النقد إذ يواجه ويخلق إشكاليات تحليلية عدة بسبب عدم وضوح المفهوم من جهة ، وبسبب استخداماته الملتبسة والمتعددة الأغراض من جهة آخرى ويصف تشارلز تي كال مصطلح الدولة الفاشلة بأنه {{ غير مجدي إلى حد كبير وينبغي التخلي عنه إلا بالقدر الذي يشير إلى انهيار كلي للدولة ، حيث ينعدم وجود سلطة معترف بها داخلياً من قبل سكان البلد أو خارجياً من قبل المجتمع الدولي }} ، ومنذ اواخر القرن العشرين لم نشهد حالة كهذه إلا في بلد واحد فقط هو الصومال من 1991 - 2004 ويبدو أن هذا التعريف يخلط ما بين الدولة المنهارة والدولة الفاشلة ولا يميز بينهما ، ونجد ان العراق يمر بذات المرحلة وان اختلفت في بعض المشاهد لكن المهم هو غياب الدور الرادع للدولة امام الانفلات الامني واستشراء الفساد في جوانبه الادارية والمالية وكلا الطرفين هما وجهان لعملة واحدة الارهاب الناخر لشـــــرعية الدولة ومتانة بنائها الوطني ، وبالإضافة إلى ما تقدم هناك من يرى ضرورة التمييز بين الدولة الفاشـــــلة والمفاهيم الاخرى المقاربة - كالدولة الضعيفة والدولة المنهارة - اذ يرى الباحث والمحلل ادوارد نيومان في الدولة الضعيفة {{ بأنها الحالة التي تكون فيها الحكومة المركزية ضعيفة القدرة على التحكُم في النظام العام داخل أراضيها ، وغير قادرة على فرض سيطرتها على حدودها بشكل دائم ومستمر ، ولا يمكنها الحفاظ على مؤسسات تحظى بالثقة وتملك مقومات الاستمرار وقادرة على توفير الخدمات العامة }} ، ومن ثم ينعكس جميع ما تقدم على ضعف في مستويات الأداء الاقتصادي ، ورفاه الإنسان ، في حين أن مفهوم الدولة الفاشلة يشير إلى {{ ان الحكومة المركزية إذا كانت موجودة فهي عاجزة تماماً عن حفظ المؤسسات أو الهيئات العامة ، بالإضافة إلى عدم وجود سيطرة مركزية على إقليمها }} ،

فالدولة الفاشلة تعني واقعاً عدم وجود سيطرة فعلية لسلطة الدولة المركزية إذن التمييز ما بين الدول الفاشلة والدولة الضعيفة يكون على أساس وجود المؤسسات في الدولة الثانية إلا أنها ضعيفة ، أما في الدولة الفاشلة فأنها تكون فاشلة في الحفاظ على المؤسسات التي تدار من خلالها الدولة ومن ثم تفقد سيطرتها على إقليمها ، أما كاتي كليمنت فكانت عندها رؤية تختلف من حيث التحديد والتصور ومن خلال تقديمها ثلاث نماذج للدولة {{ الدولة القوية نسبياً ، الدولة في أزمة ، والدولة المنهارة }} ، فهي تقارب بالفهم بين مفهومي الدولة في أزمة و الدولة الفاشلة وتعتقد ان الاخيرة حالة تسبق انهيار الدولة ويظهر من خلال ذلك مفاهيم الدولة الفاشلة ، أو الدولة الضعيفة ، أو الدولة المنهارة ، وتختزل في عمومها بعدم قدرة الدولة في الوفاء بالتزاماتها في توفير المهام الأساسية لغالبية شعبها لكن الفرق بينهما التعاقب الزمني إذ الدولة الضعيفة في حال تنامي التدهور والضعف يمكن أن تتحول بمرور الزمن إلى دولة فاشلة والأخيرة في حالة ديمومة الفشل يمكن ان تتجه نحو الانهيار ، ولكن بمفهومها التحليلي تجد أنه يبقى الفرق بين الدولة الفاشلة والدولة المنهارة ، هو أن الأولى تعني وجود سلطة سياسية لكنها تعاني من أزمات سياسية وأمنية واجتماعية واقتصادية ، أما الثانية فتعني انهيار السلطة السياسية ، وهنا لابد من تناول مؤشرات الدولة الفاشلة على ضوء الدراسات المختصة من قبل المنظمات والهيئات الدولية فمنذ عام 2005 بدأ صندوق السلام وبالاشتراك مع مجلة السياسة الخارجية الامريكية في إصدار تقارير سنوية حول الدول الفاشلة ، وقد تم وضع مجموعة من المعايير وفق آلية علمية تستخدم برامج معقدة ومتطورة تقوم بمسح عشرات الآلاف من المصادر الإخبارية لجمع المعلومات وتحليلها ، ثم تأطيرها ضمن 12 مؤشراً فرعياً اجتماعياً ، واقتصادياً ، وسياسياً ، وعسكرياً ،

وتتراوح قيمة كل منها بين { 0- 10 } وكلما حازت الدولة علامات أعلى كلما تصدرت قائمة تصنيف الدول الفاشلة وتتمثل المؤشرات الرئيسة للحكم على فشل الدولة فيما يلي {{ المؤشرات السياسية شرعية نظام الحكم ، عجز قدرة الدولة على تقديم الخدمات العامة وضعف او انعدام تطبيق حكم القانون وانتشار انتهاك حقوق الإنسان ، وضعف الدولة في السيطرة على العنف وعدم الاستقرار السياسي ، وتزايد حدت التدخل الخارجي سواء من جانب دول أو فاعلين من غير الدول ، أما المؤشرات الاقتصادية تذبذب معدلات التنمية الاقتصادية ، واستمرار تدهور وضع الاقتصاد الوطني بدرجات تدريجية متفاوتة أو حادة ، وبالإضافة إلى ازدياد معدلات الفساد وانتشار المعاملات العرفية ، أما المؤشرات الاجتماعية تصاعد الضغوط الديموجرافية أي ارتفاع كثافة وحجم السكان في الدولة ، وانخفاض نصيب الأفراد في المجتمع من الاحتياجات الأساسية ، وتزايد حركة المهاجرين بشكل كبير إلى خارج الدولة ، وانتشار ظاهرة هروب العقول والكفاءات ، و تهجير عدد من السكان من مناطق إلى اخرى داخل الدولة بشكل قسري وضعف أو انعدام الاندماج الاجتماعي وغالبًا ما يأتي فشل الدول على أصعدة متوازية }} ،

لا يمكن الإمساك بأيهما السبب وأيهما النتيجة ، بحيث يصبح الفشل على الصعيد الاجتماعي سببًا لفشل على الصعيد الاقتصادي وعليه تفشل المؤسسات السياسية في تدارك الفشل المترتب على الصعيدين السابقين ، لتتصاعد احتمالات تدخل قوى خارجية في الدولة وقد تبدأ دائرة الفشل بالعكس ، بحيث تكون العوامل الخارجية هي نقطة البداية في حلقة الفشل ، فإما أن تتسبب العوامل الخارجية فيه ، أو أن تعزز عوامل الفشل الكامنة داخل الدولة فتظهر أعراضها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمؤسساتية ، وتعد هذه النظرة نظرة واسعة فضفاضة تتضمن جوانب ومجالات متعددة ومتشابكة مما يضمن الحكم بالفشل على أي دولة ، وهو بذلك يصبح لفظًا تحكميًّا غير موضوعي ، فظهرت من هنا أهمية أن يتم تصميم مؤشرات قابلة للقياس تستطيع تقديم صورة أكثر تفصيلا لحالة الفشل تسمح بالحكم على شكل ودرجة ونمط الفشل الذي تعاني منه كل دولة وفي ضوء ما تقدم ، يبقى تصنيف صندوق السلام بالاشتراك مع مجلة السياسة الخارجية الامريكية هو التصنيف الأساس والمعتمد من قبل الباحثين في دراسة الدولة الفاشلة ، وذلك لأنه يقدم تقريراً سنوياً عن تصنيف تلك الدول ، ومن خلال مراجعة الواقع العراقي وفق الثوابت التي اشار اليها تقرير صندوق السلام وشريكه مجلة السياسة الخارجية الامريكية نجد ان العراق في قائمة الدول الفاشـــلة في ضوء مؤشـــرات الدولة الفاشـــلة التي يعدها صندوق المذكور ،

وعند ألمتابعة تنقل العراق ما بين المرتبة الرابعة في 2005 والمرتبة الثالثة عشر في 2014 وعلى النحو الأتي - في عامي 2005 و 2006 جاء العراق في المرتبة الرابعة عالمياً بعد كل من {{ كوت ديفوار و الكونغو و السودان ، عام 2007 احتل العراق المرتبة الثانية في قائمة الدول الفاشلة بعد السودان التي تصدرت القائمة ، عام 2008 تراجع العراق إلى المرتبة الخامسة بعد كل من الصومال والسودان وزمبابوي وتشاد ، عام 2009 احتل العراق المرتبة السادسة ، عام 2010 تراجع تصيف العراق في قائمة الدولة الفاشلة إلى المرتبة السابعة ، عام 2011 و 2012 ترجع إلى المرتبة التاسعة ، وفي عام 2013 جاء العراق في المرتبة الحادية العشر ، وفي عام 2014 جاء العراق في المرتبة الثالثة عشر }}

يتبع بالحلقة الثالثة





الاحد ٢٢ شعبــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / أيــار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامـــل عبـــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة