شبكة ذي قار
عـاجـل










مصطلح التحرر والحرية والتحرير اعتمدته كثير من الشعوب تعبيرا عن خيارها الوطني والقومي المستقل لانتزاع الاستقلال بأي ثمن، وعبرت عن ذلك حركات تحرر سيحترمها العالم من خلال تاريخ تلك الثورات والمقاومات التي تمسكت بحق تقرير المصير وطرد المستعمر الأجنبي وإلحاق الهزيمة بقوات الغزو والاحتلال.

وهكذا بات شعار التحرير عنوانا مشرفاً لجبهات ومنظمات وجماعات وقوى سياسية أو مسلحة آمنت به، وتجندت بشجاعة من أجل استعادة كرامة الشعب ونيل الاستقلال وطرد المستعمر.

وهكذا عرف كل شعب حر، بحكم تجربته ومعاناته وتضحياته، قيمة اعتماد مصطلحات الحرية والتحرر والتحرير، ومنح المكافحون من أجل ذلك من شعوبهم صفة ووسام الأحرار.

وفي العراق، ومنذ ذلك اليوم الأسود 9 نيسان/ ابريل 2003 اعتمدت أمريكا وعملائها ، خلافا للمنطق وحقائق التاريخ ، اصطلاح "التحرير" نعتاً لفعل استعماري مشين بعد احتلال دموي غادر لبلد مستقل بفرض القوة الاستعمارية الغاشمة والغزو مستعينة بتحالف دولي، ومستعملة في تسهيل الاحتلال، أحصنة طروادة الجدد، القادمين من إيران، لاجتياح عاصمة العراق بغداد، حينها صفقت لجحافل الجيش الأمريكي عمامة اعتمرها حسين الصدر وأمثاله واصفة يوم الاحتلال بالتحرير.

حينها كان حسين إسماعيل الصدر يضع لسانه في فم بريمر بقبلة امتنان باتت الأشهر في العالم ، حتى أضحت تلك مثلا من أمثلة قبلات نجمات هوليود الشهيرة، المسماة بالقبلة الفرنسية. ووصلت سخرية الغرب بتلك الحالة بأن قيل عنها: " أن حسين الصدر كان يعلم بريمر فن التقبيل".

حسين الصدر ورهطه والعمائم الرمادية ، من مطايا الفرس، لم يستحوا من أفعالهم حينما اقترحوا اعتبار يوم التاسع من نيسان 2003 يوماً لتحرير العراق، وطالب حينها هو وعصابة مجلس الحكم باعتبار ذلك اليوم المشئوم يوما وطنيا كيوم الاستقلال.

بعدها زحف دعاة التحرير الطائفي، زرافات ووحدانا، بمباركة المراجع العظام، وهم رميم، إلى ولائم السفارة الأمريكية، ودعوات البيت الأبيض، يقدمون الهدايا لقادة تحرير العراق من الأمريكيين والانجليز من دون خجل .

وعندما قاوم أحرار العراق وثواره سلطة الاحتلال بالسلاح، كانت الفلوجة رائدة ومقاتلة ، تعيد لكلمة التحرير والمقاومة، أسمى معاني الرجولة والفداء والتضحيات الجسيمة . يومها يسارع إبراهيم الجعفري لتقديم سيفا من ذهب إلى بطل تحريرهم المجرم دونالد رامسفيلد، مفتخرين وبذلة العبيد ، بتقديم نسخة من سيف الإمام علي، سيف ذي الفقار مذهبا للمجرم رامسفيلد عرفانا لجرائم المحتل.

ودارت رحى السنين قاسية تطحن عظام العراقيين، هاهم غربان الاحتلال وعمائمه يعلنون من جديد عن معارك تحرير جديدة، أضحت تستهدف مدن العراق العربية، واحدة تلو أخرى، لإخلائها من ساكنيها، وفرض التطهير الديموغرافي ، وتهجير أهلها، بحجة محاربة داعش، " فحرروا" : صلاح الدين والرمادي وهم يسعون إلى الفلوجة لتصفيتها من أهلها ومحوها من الخريطة العراقية. هكذا يطبق درس التحرير الأمريكي بترجمة فارسية هذه المرة؟؟

أللواء نجم الجبوري، قائد عمليات نينوى، يقول ومن مصدر موثوق، قبل يومين فقط، نقله بأمانة اللواء غازي عزيزة ) : أنا جدا نادم لعودتي من أمريكا إلى العراق ! وأنا متورط بتكليفي بقيادة عمليات نينوى( ! ، ويضيف: )... لقد توضح لي بأن التحضيرات هي لتدمير الموصل وقتل وتشريد أغلب شعبها، كما حصل في ديالى وصلاح الدين والرمادي ، والفلوجة هذه الأيام ! لكون ساعة الصفر للهجوم على نينوى ستكون بعد تبليغ الأمريكان الدواعش بالخروج من نينوى ! ولن يتبقى سوى أعداد قليلة من الأجانب وبعض أمراء داعش من التركمان السنة من أهالي تلعفر ، وستدمر أغلب جوامعها لكون جميعها هي مقرات داعش !).
إن ثمن " تحرير " مدن العراق الباقية ، بات مكلفاً جدا، خاصة في الفلوجة، فلم يعد مسرح العمليات مفروشا بالورود للمحررين الجدد القادمين مع قاسم سليماني، ودفع أثمان دخول صلاح الدين والرطبة بلا قتال فعلي، متزامنا مع انسحاب الدواعش، قبلها كان ذلك يتم بتمرير الصفقات المتحاصصة ، وحسب الأدوار الموكولة، واليوم لم تعد تلك الأساليب نافعة في ظرف لا تتمكن به الميزانيات المالية الحكومية والإفلاس المطبق من دفع الإتاوات المالية المطلوبة لانسحاب الدواعش، و لفسح الطريق أمام المليشيات والحشد للتقدم نحو احتلال المدن والإجهاز على ما تبقى من سكانها وهدم وتفجير البنايات ودور السكن والدوائر الحكومية والجامعات ، بعد أن يخليها الدواعش ويذهبون سالمين، متجهين وبحماية أمريكية وصفقات إيرانية إلى أهدافهم وأماكنهم وبلدانهم الجديدة. حيتان الحرب والتحرير يُمنون أنفسهم بأموال صفقات المقاولات التي تحضر من جديد تحت باب مشاريع إعادة بناء المدن التي خربها الدواعش والمواعش، من الطبيعي هناك من الجهات الدولية من تمنح القروض وترتهن رقاب العراقيين بديون ثقيلة حتى يحين يوم التحرير الحقيقي.

وان غدا لناظره قريب





الخميس ٢٦ شعبــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / حـزيران / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة