شبكة ذي قار
عـاجـل










استقال جمال عبد الناصر رحمه الله من منصبه رئيسا لجمهورية مصر العربية ليحدد مسؤولية هزيمة العرب أمام الكيان الصهيوني بشخصه كرئيس لمصر وكقائد عام للقوات المسلحة وخرج شعب مصر ليبرئ الرئيس ويجبره بمظاهرات قل نظيرها على البقاء رئيسا للدولة العربية الأهم في موازنات الصراع العربي الصهيوني.

لم تنفعنا ردة فعل الرئيس إلا بتحقيق نصر مهم عام ١٩٧٣ أي بعد مرور قرابة ٨ سنوات على نكسة حزيران عام ١٩٦٧ حيث تمكنت الجيوش المصرية والعربية المشاركة معها برا وجوا من عبور القنال وتهديم جدار بارليف وتخطيه ثم توقفت بدون أن يعرف العرب إلى اليوم سبب ذلك ولا كيف توقفت وأمامها جزء من سيناء وجزء من أرض سوريا مازال محتلا حتى تكشفت خيوط اللعبة لاحقا حين رضخت الأمة لمخطط استسلام مهين ومعيب وبمبررات يندى لها جبين أي إنسان يحمل ذرة من الإباء والأصالة الوطنية والقومية : تحول ثأر الأمة المتحقق جزئيا ونصرها الذي أعاد لها بعض كرامتها وهيبتها إلى ( مجرد عبور لحواجز وثوابت الأمة للصلح والاستسلام مع الصهيونية التي تغتصب فلسطين وأرضا عربية أخرى ) .

أما العراق فقد انتفض ثأرا للنكبة الحزيرانية الموجعة بثورة وطنية وقومية كان الإعلان الأول عن قيامها يشير بوضوح إلى أنها جاءت لترد الاعتبار للأمة وتغسل عار نكبة حزيران.

وصدق بعث العراق وشعبه العظيم العهد والوعد وسجل خلال ٣٥ عاما سفرا قوميا جهاديا ضد الكيان الصهيوني المجرم ونقل صراع الأمة مع الصهيونية إلى مراحل جديدة تؤكد أن التحرير ات لا محالة. فتعاضد عرب الاستسلام الذي أنجبته كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وحليفتهم إيران الخمينية الطائفية للتخلص من النظام الوطني العراقي الذي برهن أنه عامل عربي غير تقليدي في قلب موازنات المنطقة التي تفرضها الامبريالية والصهيونية وحلفاءها الطائفيين والرجعيين ولم يقر للمؤامرة القذرة قرار حتى غيب العراق وبعدها مباشرة دخلت الأمة كلها في عواصف الفناء .

أعدم عبد الناصر لأنه استقال وأعدم شعب مصر الذي أجبر عبد الناصر على البقاء رئيسا ليزيل جروح وندوب النكبة ثم اغتيل العراق الذي ثار على تداعيات النكبة وحافاتها المؤذية.

وظل البيت لمطيرة وطارت بيه فرد طيره … ظل للذين ينامون الآن بعين واحدة يرهبهم طوفان الفرس القادم وجرائم أميركا المتوحشة.. وسوف يغرقون ويبادون لأنهم لم يعتبروا ولم يتعضوا ولم يتحلوا بالحكمة والحلم وبعد النظر .

ها هي النتائج أمام العرب والإنسانية .. ( الما رضى بجزة .. رضى بجزة وخروف ) وهذه عبارة أخرى من الموروث الشعبي العراقي .. هاهم نفس عرب الأنظمة يصارعون الحياة بموت يطرق أبوابهم كل لحظة لأنهم ظنوا غير ما يتوجب وتصرفوا خطأ وبإرادة غيرهم؛ بل تصرفوا بما أملاه عليهم عدوهم وهاهم يدفعون الخروف وصوفه لأنهم عجزوا عن حماية الخروف ولم يقبلوا بدفع ما هو أرخص من الخروف ألا وهو صوفه .. وسنضطر هنا لنورد قولا شعبيا عراقيا ثالثا هو ( اللي ما يعرف تدابيره .. حنطته تاكل شعيره)

هذا هو حاصل الخيانة ..
هذا هو حاصل العمالة ..
هذا هو حاصل الجبن في قرار الدفاع عن النفس والأوطان ..
هذا هو حاصل الركون للتبريرات المزيفة الكاذبة التي حطت من قدر الأمة وأسقطت هيبتها وكرامتها.

إن عدم لجوء الأنظمة العربية لحلول وإجراءات جذرية وجوهرية تحتوي تداعيات نكسة حزيران ومن بينها العودة للشعب العربي وقواه الوطنية والقومية والإسلامية الحية الفاعلة واستثمار طاقاتها الجبارة وسوء استغلال قدرات الأمة وممتلكاتها العظيمة من الثروات الاستراتيجية ومنها النفط كانت عوامل تراكمت إفرازاتها السلبية والمحبطة والسالبة لإرادة الأمة حتى بلغت حالا أشد ظلاما وتهشما وتفتتا وتراجعا معيبا بل مهينا للأنظمة قبل غيرها.

هذا وإن من أبرز أسباب النكسات هو معاداة النضال الوحدوي والوحدويين وخذلانهم والتآمر عليهم والانضباط لللاءات الثلاثة المرفوعة من الدوائر الاستعمارية والقاضية بتحريم ومحاربة الوحدة بين سورية والعراق؛ ومصر والسودان؛ والجزائر والمغرب خاصة.

إن بوسع أي عربي أن يرفع صوته الآن دون تردد ليقول : إن الهوان قادنا إلى مزيد من الهوان وعدم تدارك الخسارة قد ولد خسارات أفدح.
ففلسطين فقدت هي وأهلها بوصلة التحرير ..
والعراق تم غزوه وتدميره بالكامل ..
وليبيا أحتلت ..
وكذلك احتلت سوريا ولبنان.

والخليج ومداخله ومشارفه كاليمن والسعودية تقف على حواف الانهيار والسقوط بيد الغول الإيراني الذي يستثمر الثغرات التي سمح العرب بوجودها ونموها وانتشارها ومن بين ذلك الطائفية السياسية ولعب البعض على وتر الإرهاب والخنوع للأجندات الدولية ومن بينها الأجندا الامبريالية الصهيونية التي استعانت على العرب بالفرس وأعوانهم.

ولكي لا يفهم خطابنا ( ونحن مواطنون عرب فحسب ) على أنه نواح على الأطلال ولا إلقاء باللوم والملامة على طرف أو سواه فإننا نقول إن العرب عموما شعبا وأنظمة يتحملون الحال الردئ الذي آلت له الأمة ومن بين ذلك القوى الوطنية والقومية التي غطست في صراعات مع بعضها البعض ومع الأنظمة المحلية بل وأحيانا حتى مع الجماهير ونؤكد أن فرصة العرب في الانتصار على التحديات والاعتداءات والاحتلال الأجنبي قائمة بشروط :

اولا : أن تخرج الانظمة القائمة الآن من عباءات وأردية الأمس الرثة والمثقبة سواءا في علاقاتها مع بعضها أو في علاقاتها مع الجماهير وقواها الحية الفاعلة .

ثانيا : أن ترتقي الأنظمة القائمة إلى مستوى الوعي بمخاطر الاحتلال والأجندا الإيرانية المتحالفة ضمنا وعلنا مع أميركا والكيان الصهيوني .

ثالثا: أن تنتقل الأنظمة العربية الحالية إلى مستوى التحديات وتعيد قراءة الماضي القريب وأن تتيقن بأنها ستسحق وتفنى إن لم تعد العدة لمقاتلة الغول الإيراني وتطرده من العراق وباقي الأقطار العربية التي نفذ إليها بوسائله المعروفة ومنها استغلال المذهبية البغيضة.

رابعا: أن تغادر الأنظمة العربية والقوى السياسية على حد سواء سياسات العداء بينها البين وتنتقل إلى أنماط ديمقراطية في العلاقة والاحتواء ويتجند الجميع في حرب تطرد الفرس من العراق ومن الأحواز العربية وجزر الإمارات لتخنق النفوذ الفارسي في العمق المشرقي والخليجي .

إن الإهانة التي لحقتنا في ٥ حزيران عام ١٩٦٧ ستبقى تنخر عظامنا لأننا أمة لا يمكن أن تعيش أو تتعايش مع الإذلال ومشاعر الإهانة.

وعلينا جميعا شعبا وأنظمة أن نعمل على تفعيل السلاح والثروات العربية البشرية والمادية لتحرير فلسطين والأحواز العربية عبر تحرير العراق وانطلاقا منه





الثلاثاء ٢ رمضــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / حـزيران / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة