شبكة ذي قار
عـاجـل










أقول هزيمة ايران بقبول القرار الاممي بوقف الحرب الايرانية العراقية كان فاصلاً تاريخياً غيّرت بعدها إيران سياساتها المعلنة ، فظهرت إيران الدولة وإيران {{ الثورة }} لتبدأ لعبة الممارسات السياسية ألمزدوجة فمن جهة حاولت إيران الدولة دبلوماسياً ان تطمئن النظام العربي الرسمي عموماً بعدم التدخل في شئونه الداخلية ومن الجهة الأخرى عملت إيران {{ الثورة }} على تصدير ثورتها إلى الدول العربية عبر أبنائنا المتجنسين بجنسيات تلك الدول او المهووسين بولاية الفقيه ويتبعونها بالتقليد ، والتحريض الداخلي لمجتمعاتنا عوضاً عن التدخل الإيراني المباشـــر في ايجاد دولة حزب الله لبنان مجتمعاً إســــلاميا ، يذكر الدكتور وضاح شرارة {{ أن التعاقب بين الثورة والحرب العراقية الإيرانية ، بوجوهها الإقليمية والقومية والدينية المختلفة قد اضطلع بدور فاعل في التوجه الإيراني الجديد - فغذّت الحرب الثورة ، وحالت بينها وبين الخوض في مشكلات سياسية واجتماعية واقتصادية لا قِبَلَ للثورة ولطاقمها الديني بالتصدي لها ، فكيف بحلها فتوجهت الثورة للعمل عن بُعد ، دون تدخل إيراني مفضوح ، بدءاً بإعداد قادة من أبناء هذه البلدان لقيادة الثورة في مجتمعاتهم ، وانتهاء بالاختراق الثقافي لتغيير البنية الثقافية للطائفة في البلدان العربية وهكذا ، مع بدء العقد التسعيني ،

شاهدت مجتمعاتنا وصول أعداد من الشباب خريجي حوزة قم ، ليؤسسوا طبقة من المعممين الجدد ، ممن تدربوا في إيران ليحلوا محل القيادات الإيرانية أو المجنسين من ذوي الأصول الإيرانية في بلداننا لإكمال مسيرة تصدير الثورة الخمينية في الحالة اللبنانية مثالاُ }} ، و يحدد وضاح شرارة في كتابه هوية هؤلاء المعممين الجدد قائلاً - إن معظم المعممين هم من بلاد بعلبك والهرمل التي لم تنتشر فيها العمامة إلا منذ عقد ونصف العقد وتقريب التشيع إلى مثل هؤلاء وهم كثرة علماء الدين الجدد ، يتهيأ بتهيئة الإعداد الصناعي أو التقني فيدخل الطالب في العلم كما يدخل في أي حرفة لم يرثها ولا أُلفة بينه وبينها من قبل فيغلب وجه التعقيد أي صوغها في قواعد وقوانين على علمها والتثقف بها وهذا ما سبق للمؤرخين ملاحظته في تعلّم الموالي ، من تُرك ونبط وفرس ، العربية ، وفي مباشرتهم اللغة الجديدة - ويشرح الدكتور شرارة مفهوم الإعداد الصناعي أو التقني ، لهؤلاء المعممين ، على أنه تعليم يعزل الفقه عن الروايات والرجال والعقائد والقيم ، ويجمع هذا كله الروايات في ألفكر ألراهن يسبق الفقه ويُقَدّم له ويرهنه -

أن هذا الفكر السابق على الفقه هو التشيع الإيراني الخميني في حلته السياسية وكأحداث عشنا حيثياتها يوماً بيوم ، يمكننا التأكيد أن الوصف السابق للحالة الخمينية في لبنان يسري أيضاً على الحالة في البحرين وفي المنطقة الشرقية السعودية وفي صعدة اليمنية ، حيث كان التغيير، والتحول الاستراتيجي، واضحاً وضوح الشمس ففي البحرين مثالاً بعد أن كشفت المحاولة الانقلابية عام 1981 عن قادتها الإيرانيين هادي وتقي المدرسي والمجنسين من أصول إيرانية مرتضى بدر كمتهمين تمكنوا من الهرب إلى خارج البلاد ، بعد هذه الأحداث تغيّرت أدوات المشروع ، وبدأ الاهتمام باستقطاب أبناء البلاد إلى حوزة قم للتدريب وعودتهم مع بداية التسعينيات بعمائمهم وفكرهم السياسي ليقودوا عمليات العصيان والعنف التي مازالت مستمرة حتى يومنا هذا بعد الحرب العراقية الإيرانية تمكنت إيران أن تبني قواعدها في بلداننا التي باتت معروفة بعدم الاستقرار الأمني وتصاعد الاضطرابات ولكن مع احتلال العراق بدأت الأمور تأخذ مجرىً آخر حيث كان لوصول الأحزاب الإيرانية { حزب الدعوة و المجلس الأعلى الإسلامي وميليشياتهما } ، بقيادة المعممين القادمين من إيران إلى قمة السلطة في هذا البلد العربي ، أثراً بالغاً في تغيير مجرى الأحداث لصالح إيران في المنطقة فالدعم الأمريكي للوجود الإيراني في العراق ، إضافة للحالة الطائفية التي تجذرت في مجتمعاتنا خلال التسعينيات خصوصاً ، باتت من أهم عوامل قوة نظام الملالي في ايران لكي تتحول للعمل في ساحات مكشوفة دون خوف أو مبالاة ، وهنا لابد من الاشارة الى التحذير الذي أطلقه الملك عبد الله الثاني ملك الأردن 2006 حول الهلال الإيراني الممتد من طهران عبر بغداد ودمشق إلى بيروت ، الذي بدا {{ كقاب قوسين وأدنى }}

وحتى ذلك الوقت لم يلق هذا الأمر اهتماما عربياً جاداً ولكن أحداث العراق ومواقف سوريا المريبة ، والمواقف الخطيرة لـحزب الله في لبنان وتصاعد العنف والاضطرابات في الكويت والبحرين والمنطقة الشرقية السعودية وحركة التشيع الإيراني في مصر والسودان والانقسام الخطير في الصف الفلسطيني الذي يصب لصالح الكيان الصهيوني وأحداث الحوثيين المتصاعدة في اليمن كلها كشفت للعرب إن الخطر الإيراني لم يعد حدثاً يمكن استدراكه دبلوماسياً ، ولم يعد هذا الخطر محصوراً في هلاله بقدر ما بدا قمراً مكتمل النمو مطبقاً على المنطقة بأسرها كان الحديث يدور عن هلال إيراني يبدأ في طهران عبر بغداد ودمشق وينتهي في بيروت ، ولكن الهلال لا يبقى هلالاً طوال الوقت فما أن يبزغ نوره حتى يستمر في الاكتمال ليصبح قمراً كاملاً ، قبل أن يبدأ في التلاشي ويبدو أن إيران بعد أن تحقق حلمها الذي لم تتوقع يوماً أن يصبح حقيقة لولا تعاونها مع الشيطان الأكبر ، وصار احتلالها للعراق أرضاً وشعباً أمراً واقعاً ، توسعت طموحاتها لتسعى نحو اكتمال قمرها الفارسي من خلال افتعال الأزمات الداخلية في الوطن العربي ولم تعد إيران تعتمد على خلايا نائمة ، بل صارت تعمل جهاراً نهاراً من خلال قوات مدربة ومسلحة ، من العراق ولبنان إلى اليمن إذن القوات الموالية لإيران ، والمدربة على حروب التمرد والعصيان طويلة الأمد قد أكملت دائرة القمر الإيراني في المنطقة العربية فمن العراق حيث مليشيات فيلق القدس وقوات بدر الحاكمة في ظل الاحتلال مروراً بدمشق والانتشار الإيراني المعلن ، إلى لبنان وسلطات حزب الله ، أكملت إيران هلالها في المشرق العربي ومن خليجنا العربي المكشوف أمنياً وثقافياً وسياسياً أمام المرمى الإيراني والحركات الطائفية الخطيرة في البحرين والكويت وشرق المملكة السعودية ، مروراً باحتلال الجزر الإماراتية – طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى - إلى حركة التمرد الحوثي الانفصالي على الحدود اليمنية السعودية ومن ثم التوافق مع عبد الله صالح للانقلاب على الشرعية اليمنية واحتلال المحافظات اليمنية ، أكملت إيران النصف الثاني من هلالها في شبه الجزيرة العربية ، واكتمل القمر الفارسي حول المنطقة من بحر العرب جنوباً حتى الحدود التركية العراقية السورية شمالاً ، ومن الخليج العربي شرقاً حتى البحر الأحمر غرباً وبعد كل هذا الأداء الإيراني الناجح بفعل التوافق الامريكي الايراني والدور الروسي المشبوه والمتطلع الى العودة الى المياه الدافئة بكل قوة وإيجاد مواطئ القدم التي تمكن روسيا الاتحادية للعب دور الاتحاد السوفيتي السابق ألا يبدو أن دور ايران القديم الجديد مازال مستمراً دور الشرطي المحافظ على مصالح الغرب المتقاطعة مع مصالحه وأطماعه في منطقتنا ؟ ولكن هناك الكثير من علامات الاستفهام حول هذا النجاح الإيراني في احتواء منطقتنا ، السؤال الأكبر والأخطر هو كيف سمحت السلطات العربية لهذا التغلغل الإيراني أن يبدأ ويستمر وينجح على مدى ثلاثة عقود ؟ في كل هذا الأداء المتصاعد والخطير ، اعتمدت إيران على عناصر محلية من مواطني المنطقة ، وأحزاب وجمعيات وحركات تمرد داخلية وصلت إلى درجة من القوة حتى لم تعد تخشى أو تتردد وخصوصاً بعد اكتمال احتلال العراق ، في إعلان ولائها للمرشد الإيراني في طهران ، كما لم تعد تتردد في الكشف عن علاقاتها التأسيسية والتمويلية والسياسية مع إيران الدولة و {{ الثورة }} لا بل مع استمرار نجاح وتقدم المشروع الإيراني بدأ يستمد المزيد من القوة من سلبية وضعف وفشل النظام العربي في مواجهته حتى جاء تصريح وزير الخارجية الإيراني بعد سبعة وثلاثين عاماً من مجيء الخمينية في طهران ليهدد العرب بصريح العبارة من المساس بمصالح اتباع منهج ال البيت في بلدانهم في معرض دفاعه عن التمرد الحوثي في اليمن آملاً أن تحقق رسالته هذه على المستوى الدولي أمرين هامين هما {{ ترسيخ دور إيران كدولة حامية للطائفة في كل مكان ، وثانياً تأكيد ولاء اتباع ال البيت العرب - زوراً - لإيران }}

يتبع بالحلقة الاخيرة





الخميس ١١ رمضــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / حـزيران / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة