شبكة ذي قار
عـاجـل










ٲدوات الشحن الطائفي وصفحاته وقنواته الفضائية مبتهجة، وهي تنقل أخبار وصور رفع علم الاحتلال فوق بعض مباني الفلوجة المدمرة. من سيظن إن الفلوجة قد سقطت فهو واهم وجاهل، ولا يعرف حقائق التاريخ والجغرافية في وادي الرافدين، ولم يطلع أيضا على سير وصفحات المقاومة الوطنية الباسلة لشعب العراق.

قد تكون الفلوجة اليوم خالية من ٲهلها وساكنيها، وهي التي نزفت واستنزفت كل ما لديها صامدة حتى الرمق الأخير، حتى خرج ما تبقى من أبنائها ، فمنذ سنتين كاملتين، والمدينة تحت القصف المدفعي والصاروخي والجوي مع استمرار الحصار حولها عبرت عن أسمى آيات الصمود والتحدي والمقاومة .

خلال الفترة المنصرمة تقاسم أباطرة وحيتان الحرب الأهلية وتجارها والمرتزقة السياسيون أدوارهم المشبوهة، لاستغلال تطورات وأوضاع انتفاضة الفلوجة للنيل من كرامتها وصمودها الأسطوري خدمة لمصالحهم وأنانيتهم.

وعندما كانت الفلوجة تسهم من خلال جهاد أبنائها البررة في مرحلة الإعداد للتقدم نحو بغداد، كانت الفلوجة صادقة ، وأحرار العراق جادون فعلا من خلال عزم وإرادة فصائل المقاومة الوطنية الباسلة والمجالس العسكرية لثوار العراق على تحرير بغداد . عندئذ طار طيش أمريكا وصوابها عندما سارع الأمريكيون نحو إنقاذ حكومة المالكي والتعاون معه لإخراج مسرحية الدواعش المعروفة بكل تفاصيلها اليوم. قبلها ٲطلقت الأيادي العابثة بمصير العراق فيضان الفرات وتهديد غرب بغداد بالغرق، فتم لهم تمرير تزوير الانتخابات، كما يحلو لهم، ثم حدث سقوط المدينة المدوي بيد الغرباء من دواعش ومواعش.

استمر الغزل المتبادل بين سُنة المالكي وشيعة خامنئي، لتصفية الانتفاضة، بتراصف أحزابهم، ما بين التحالف اللا وطني والحزب الاستسلامي، ومن أمامهما وورائهما كانت سفارة ٲمريكا وخبراء الارهاب، لاهثة لقطع الطريق على ثوار العراق، من الداخل ومع تجنيد ٲدوات وسماسرة دول الإقليم المتربص شراً بالعراق في صفحات غادرة لا يمكن طيها بالنسيان.

وحينما اشتعلت وامتدت الانتفاضة الوطنية من جديد بخروج محافظات الجنوب عن صمتها باندلاع تظاهراتها المطلبية والسياسية، وانضم إليها مئات الألوف من شباب العراق في كافة محافظات العراق الجنوبية ، تتصدرها العاصمة بغداد، لتدق بعدها قبضات الغضب وتطال أبواب المنطقة الخضراء واختراق حصونها لتضع أقدام المنتفضين على منصات مجلس الدواب، وأمانة سر حكومة المرتزقة، ثم تهتف الجماهير تحت سيوف المجد العراقي عند قوس النصر بساحة الاحتفالات الكبرى علنيا مطالبة بالطرد لإيران وأدواتها : ( إيران بره بره ... بغداد تبقى حرة )، ويتردد صدى الصرخة العراقية موحدا في ساحات كربلاء والنجف وبابل والسماوة والبصرة وميسان و واسط .

عاد السيناريو القديم ــ الجديد للتحالف المعادي لطموحات شعب العراق بإعلان شن الحرب على الفلوجة، مصحوباً بحملة هستيرية صفوية حاقدة ، قل مثيلها، ، فلم تخف بيارقها وأعلامها وصور قادتها وأهدافها ذلك الحقد الأسود تجاه الفلوجة، فجهزت لها جيوش فارس، وعلوج ٲمريكا ، وحشود المرتزقة ، والخبراء والأتباع الذين وصلوا من أطراف باكستان وأفغانستان ولبنان وإيران، وخبراء أمريكا وبريطانيا ، كلهم مؤطرين هذه المرة في حملتهم بقيادة فيلق الصهاينة الجدد ومعه جنرالات قاسم سليماني للإجهاز على الفلوجة والانبار.

لم تهزم الفلوجة ، مطلقا، رغم كل ما كانوا يتمنونه لها من تعسف وإذلال ، وهي لم تستسلم أمامهم برفع الرايات البيضاء على أسطح بيوتها ومنائر مساجدها في هذه الجمعة الحزينة في الحادي عشر من رمضان 1437 هــ ، بل دخلتها أحصنة طروادة للاحتلال الفارسي من كل الجهات، بعد ٲن غادرها البغاة من الدواعش، وانسحبوا منها، بٲمر دبر بليل.

يتحدى شعبنا هؤلاء "المنتصرين" ؛ إن عرضوا بشفافية كاملة كل خسائر الحرب على الفلوجة وغنائمها وتكاليفها، وعدم الاكتفاء بعرض صور من ركام البيوت والمنشئات التي أفرغها القصف الهمجي من سكانها وأهاليها، ثم تم الشروع بمهمة تهديمها وتسويتها مع الأرض بصواريخ زلزالية خاصة ، تحقيقا للحلم الأمريكي ــ والصفوي باستئصال الفلوجة كمدينة عربية عراقية شهيدة من على وجه البسيطة وبهذا الشكل الحاقد.

يتساءل شعبنا أيضا : أين الأسرى من الدواعش، وكم تعداد قتلاهم، وكم هم قتلى حملة الجهاد الكفائي السيستانية ، وكم هو تعداد ضباط وجنود ومرتزقة قاسم سليماني وجنرالاته ممن سقطوا خائبين بهزائمهم على أبواب الفلوجة .

كل الأمور محتملة، حتى ولو انسحبت داعش ،وأهل الفلوجة وأحرارها وثوارها، أدرى بشعابها، وهم لا زالوا يقولون، كما عهدناهم ، وكلهم فخراً: " الأرض في الفلوجة تتكلم عربي" . وهذه الأرض كانت وستكون مقاومة وملتهبة، عصية على الاحتلال والغزو والغرباء، ولا يمكن للفرس وأتباعهم الاستقرار فوقها ... وتلكم هي حالة ظرفية لا تدوم لمليشيات حيدر ألعبادي ونوري المالكي وفيلق غدر وهادي العامري وكل مسميات الحشد من أتباع الاحتلال الفارسي الصفوي.

لقد كان متوقعا من سير تفاصيل ذلك السيناريو الغبي الذي تابعه العالم : ٲن الغرباء من كبار الدواعش وقادتهم سيهربون، كما فعلوها في صلاح الدين، وينسحبون إلى حيث يتم تدبير ترحيلهم وحمايتهم إيرانيا وأمريكيا مستقبلا، لاستكمال مهمات وٲدوار قذرة ٲخرى؛ فقد انتهى دورهم ألتنسيقي مع أمريكا وإيران وحكومة حيدر ألعبادي وبشار الأسد وأنظمة قمعية ٲخرى تحتاجهم في سوريا واليمن وليبيا ولبنان .

كل هذه الأمور كانت محتملة، فحتى ولو انسحبت داعش كليا من الفلوجة أو الانبار وبعدها الموصل، لكن الحقيقة التي يجب أن يعرفها ويدركها الجميع إن هذا الشعب العراقي الصابر الجريح ، سيستعيد من جديد بكامل لحمته الوطنية ، ويسقط المشروع الطائفي، وهو يلتف حول قيادة مقاومته الوطنية الباسلة.

وطالما إن أرض شهداء العراق وأحراره وثواره تتكلم عربي، فهي محصنة ومقدسة ستلد الهمم والإرادة في كل شبر من أرض العراق، فهي ستبقى مقاومة ومنتفضة ضد كل المحتلين وعملائهم ومرتزقتهم .

وهذه الحالة الظرفية والشاذة سوف لا تدوم ، لا لمليشيات ألعبادي ولا لتحالفه البائد ، ولا لمرتزقة الحشد وعمائمه، ولا لجيوش فارس وجنرالاتها، وما فوقها من طائرات التحالف الدولي التي تجرب أسلحتها الفتاكة فوق رؤوس ومباني مدن العراق المستباحة منذ 2003 والى اليوم.

ستعود الجماهير العراقية إلى ساحات الاعتصام والتظاهر والعصيان المدني تتصدرها ٲجيال جديدة وما قبلها ، من جموع شباب الثورة الشعبية في محافظات الوسط والجنوب وبغداد الموعودة بالنصر، ليلتحموا بشباب الانبار وصلاح الدين و ديالى والموصل ، مطالبين وبإصرار بمحاسبة ومحاكمة اللصوص ومرتزقة الحرب الأهلية وتجار الصفقات السياسية وأرباب المحاصصة، والخانعين لإيران، وعندما تحاصر تلك الجموع ٲوكار التآمر والخيانة في العراق، حينها لا يجد ٲمثال نوري المالكي وحيدر ألعبادي ورهطهما حجة ٲخرى، ومخرجا آخرا، لإعلان التعبئة بٲجساد المحرومين والتعساء والبطالين وتعبئتهم نحو توابيت الموت تحت شعارات غوغائية تنادي بتحرير أية مدينة عراقية ٲخرى؛ والدواعش، لن يستمروا لهم ، وهم ليسوا دائما تحت الطلب الفارسي والأمريكي، ، حتى وان بدلوا فروات وجلود وبدلات أبدانهم وعناوينهم المضللة. أما الجرحى والمعوقين والمُضللين في هذه الحروب القذرة فسيعودون إلى بطالتهم وفقرهم وتعاستهم وواقعهم المرير ونكد حياتهم المرة القاسية، وحينها لا ينفع الندم على ما أقدمت عليه قياداتهم وما نفذته ٲياديهم من جرم وتخريب وحرق وتفجير واغتيال وخطف واعتداء على أبناء العراق طوال عقد من السنوات المرة الأخيرة.

الفلوجة منتصرة بكل المعايير العسكرية والأخلاقية والاجتماعية. والهزيمة لإيران وأتباعها قد بدٲت ونهايتها محتومة ، وليس من مخرج ورجاء لكل أحرار العراق سوى الالتحام والتحالف المصيري مع الفصائل والقوى الوطنية العراقية المؤمنة بالتحرير والكفاح الوطني حتى تحقيق النصر بطرد الغزاة وعملائهم.

وان غدا لناظره قريب.
 





السبت ١٣ رمضــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / حـزيران / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة