شبكة ذي قار
عـاجـل










كانت وقفتنا في الحلقه الثالثة واضحة التفريق فيما بين الحركة الاسلامية الواعية التي هي نتاج الايمان الصادق والصميم ، والحركة التي بواعثها الاستفادة دون الزهد بالدنيا ، وبهذا التشديد الذي أدخله على الدين المجوس الذين وجدوا دخولهم الاسلام هو الوسيلة التي تمكنهم من انبعاث امبراطوريتهم فكريا وصولا" الى التمدد على البلاد الاسلامية المجاوره لتبخس حقوقها ومصالح شعوبها ، ومن هنا انفتح على الدولة العربية الاســلامية باب التلؤم على النفس , واعتقاد التقصير المطلق وأن لا نجاة ولا مخرج ولا إمكان لمحاسبة النفس فضلاً عن محاسبة الحكام المنوط بهم قيام العدل والنظام وهذا الإهمال للمراقبة وهو إهمال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , قد أوسع لأمراء الإسلام ان كانوا حكام او رجال دين او سياسة اتخذوا من الاسلام ستارا" يستترون خلفه ، مجال الاستبداد وتجاوز الحدود , وبهذا وذاك ظهر حكم ألحديث { لتآمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أَو ليستعملن الله عليكم شراركم فليسومنكم سوء العذاب } وإذا تتبعنا سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وأرضاهم نجدهم مع كونهم مفطورين خير فطرة ونائلين التربية النبوية لصحبتهم الرسول الاعظم صل الله عليه واله وسلم , لم تترك الأمة معها المراقبة والمحاسبة ولم تطعهما طاعة عمياء ، بل دائما" كانوا يطالبون المسلمين والأوائل منهم ان يقومونهم من الاعوجاج أو الابتعاد عن السنة النبوية الشريفه ، وقد جمع بعضهم جملة مما اقتبسه وأخذه المسلمون عن غيرهم وليس هو من دينهم بالنظر إِلى القرآن والمتوترات من الحديث وإجماع السلف الأول من الصحابة ، فكانت هناك ملاحظه تم تشخيصها ولابد من الوقوف عندها لما لها من أهمية في ما تبعها على المشهد العربي والإسلامي وخاصة ما بعد الدولة الراشدة ،

حيث أؤلئك اقتبسوا من النصرانية مقام البابوية باسم الغوثية وضاهوا في الأوصاف والأعداد أوصاف وأعداد البطارقة , والكردينالية والشهداء والأساقفة وحاكوا مظاهر القديســين وعجائبهم والدعاة المبشــرين وصبرهم , والرهبنات ورؤســـائها وحالة الأديرة وبادرتيها , والرهبنات ورسومها , والحمية وتوقيتها , وقلدوا رجال الكهنوت والبراهمة في مراتبهم وتميزهم في ألبســتهم وشــعورهم , ولبـــس المسابح في الرقاب , وقلدوا الوثنيين الرومانيين في الرقص على أنغام الناي , والتغالي في تطييب الموتى , والاحتفال الزائد في الجنائز وتسريح الذبائح معها وتكليلها وتكليل القبور بالزهور وشاكلوا مراسم الكنائس وزينتها , والبِيَع واحتفالاتها , والترنحات ووزنها والترنيمات وأصولها , ومنعوا الاستهداء من نصوص الكتاب والسنة كحظر الكاثوليك التفهم من الإنجيل وامتناع أحبار اليهود عن إقامة الدليل من التوراة في الأحكام وجاءوا من المجوسية باستطلاع الغيب من الفلك ، وبخشية أوضاع الكواكب وباتخاذ أشكالها شعاراً للملك ، كما شوَّش الاستبداد في المسلمين تاريخ آل البيت عليهم السلام الأمر الذي تولد عنه ظهور الفرق التي تشيعت لهم كالأمامية والإسماعيلية والزبدية والحاكمية وغيرهم ، والخلاصة أن البدع التي أدخلت على الاسلام في مراحل البويهيين والسلاجقه وما تبعهما شوَّشت الإيمان وشوَّهت الدين وتكاد كلها تتسلسل بعضها من بعض , وتتولد جميعها من غرض واحد هو المراد ألا وهو الاستبعاد والناظر المدقق في تاريخ الإسلام يجد للمستبدين من الخلفاء والملوك الأولين , وبعض العلماء الأعاجم وبعض مقلديهم من العرب المتأخرين , أقوالاً افتروها على الله ورسوله تضليلاً للأمة على سبيل الحكمة , يريدون بها إطفاء نور العلم وإطفاء نور الله , ولكن أبى الله إِلاَّ أن يتم نوره ؛ فحفظ للمسلمين كتابه الكريم الذي هو شمس العلوم وكنز الحِكَم من أن تمسه يد التحريف وهي إحدى معجزاته لأنه قال فيه جل علاه * إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ * -

فما مسَّه المنافقون إلاَّ بالتأويل وهذا أيضاً من معجزاته ؛ لأنه أخبر عن ذلك في قوله * فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ* ، ما فعله الاستبداد في الإسلام بما حجر على العلماء الحكماء من أن يفسروا قسمي الآلاء والأخلاق من القرآن تفسيراً مدققا , لأنهم كانوا يخافون مخالفة رأي بعض الغفَّل السالفين أو بعض المنافقين المقربين المعاصرين , فيكفَّرون فيقتلون وهذه مسألة إعجاز القرآن وهي أهم مسألة في الدين لم يقدروا أن يوفوها حقها من البحث , واقتصروا على ما قاله فيها بعض السلف قولاً مجملاً من أنها قصور الطاقة عن الإتيان بمثله في فصاحته وبلاغته وأنه أخبر عن أن الروم من بعد غلبهم سيغلبون , مع أنه لو فُتح للعلماء ميدان التدقيق وحرية الرأي والتأليف , كما أطلق عنان التخريف لأهل التأويل والحكم , لأظهروا في ألوف من آيات القرآن ألوف آيات من الإعجاز , لرأوا فيه كل يوم آية تتجدد مع الزمان والحدثان تبرهن إعجازه بصدق قوله تعالى * وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ * وليجعلوا الأمَّة تؤمن بإعجازه عن برهان وعيان لا مجرد تسليم وإذعان وقبل ان نتناول الامر بالحلقة الاخيرة توقفنا كثيرا" عند ما فعل ومازال يفعل الفرس بالإسلام والمسلمين من اجل تحقيق انبعاثهم الكسروي الجديد تحت ضلال العمامة الشيطانية ومنهجها الصفوي الجديد ولاية الفقيه التي تناولتها في اكثر من مقال بأنها خروج متعمد على الدين والفقه والعقائد الاسلامية الحق لأنها منهاج دنيوي – سياسي – يراد منه التوسع والاستبداد ومن هنا كانت مواقف وسيرة الاحزاب الدينية السياسية التي هي النقيض الواضح لحزب الله الذي وصفه العلي الاعلى بمحكم كتابه باشتراطه الايمان الصادق الواعي

يتبع بالحلقة الاخيرة





الاثنين ٢٢ رمضــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / حـزيران / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عبـــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة