شبكة ذي قار
عـاجـل










لقد تمكنت تركيا من تغيير لعبة الصراع على الارض السورية ، فبغياب الدور الغربي والامريكي تحديداً ، فقد تمادى الدور الروسي تحديداً ، لصالح نظام بشار الاسد ، وعمل على تعديل ميزان الصراع لصالح النظام السوري في اكثر من موقع من مواقع الصراع بين النظام وحلفائه من جهة، والميليشيات الطائفية التكفيرية ، وقوى المعارضة المعتدلة من جهة اخرى ، وقد استفاد النظام من الدور الروسي بشكل كبير ، حيث ساهمت الطلعات الجوية الروسية بتمكين الروس بأن يكونوا اللاعبين الاساسيين على الارض السورية ، ليس على حساب النظام فحسب ، بل وعلى حساب الايرانيين ايضاً ، مما أوقع الخلاف بين الروس في توجهاتهم في تغليب الحل السلمي، وبين النظام والايرانيين وحلفائهم في تغليب الحل العسكري .

التحرك التركي سيخلق حلفاً جديداً على أرض الصراع بثلاثة أضلاع يشمل روسيا وتركيا " واسرائيل" ، وسيكون دور الكيان الصهيوني فاعلاً ومؤثراً في اذابة الجليد الذي نجم بين تركيا وروسيا بعد سقوط الطائرة الروسية ، بالاضافة إلى المصالح الاقتصادية المهمة التي لكل من تركيا وروسيا مع بعضهما البعض ، والتي تأذت بعد القطيعة التي تمت بينهما ، إلى جانب ذلك ما يتوق اليه الروس من تصدير الغاز عبر تركيا إلى اوروبا بعد العقوبات الغربية لروسيا اثر احداث اوكرانيا والقرم ، وستكون مصلحة "اسرئيل" اقتصادية ايضاً من خلال تصدير الغاز الذي تم اكتشافه من سواحل حيفا لتركيا .

الحلف الجديد الذي يظهر أن الاقتصاد سبب رئيس في تشكيله سيكون فيه مصلحة لكل من تركيا و"اسرئيل" في تعديل الموقف الروسي من نظام بشار ، إذ رغم أن الكيان الصهيوني لا يهمه بقاء الاسد أم عدمه ، فهو لم يطلق رصاصة واحدة من الجولان رغم مرور ما يزيد عن ستين عاما على احتلال الجولان ، ولكن يهمه تجريد النظام السوري من النفوذ الايراني ، لأن ايران قد تستخدم التنظيمات والميليشيات الطائفية المرتهنة باوامرها في تسخين جبهة الجولان ، من اجل الابتزاز وكسب المزيد من التنازلات الغربية لصالحها ، كما حصل في غزوة حزب الله في حربه مع "اسرائيل ، التي كان ظاهرها مزارع شبعا ، وباطنها تحسين التفاوض بين ايران والغرب في المشروع النووي ، فظهر لنا أن الكيان الصهيوني قد حصل على حماية دولية في شمال فلسطين، ولم يعد لمزارع شبعا ذكر في اعلام حزب ولاية الفقيه .

الروس سيكونون جاهزين لتنفيذ رغبات الكيان الصهيوني ، خاصة وأن بوتن يعلن باستمرار أنه يأخذ بعين الاعتبار أمن "اسرائيل " ، وإنه على تواصل مستمر مع نتنياهو والتنسيق معه ، رغم تحالفه مع ايران ودعمه للنظام السوري ، وبحكم علاقاته المتوترة مع الجانب الايراني لن يمانع أن يكون لتركيا دورا محوري على الساحة السورية ، وهو ما يعني سحب البساط من تحت اقدام الملالي ، وبداية إنحسار النفوذ الايراني في المنطقة الذي سيكون للمقاومة العراقية الدور الفاعل في العراق أن تجعل من هزيمة نظام بغداد المرتبط بالملالي باسرع مما يتصوره الكثير من المخدوعين بقوة ايران ، فيتجرع الملالي كأس سم الهزيمة على ايدي العراقيين مرة ثانية .

تركيا التي قامت بعملية زواج المتعة مع الكيان الصهيوني من خلال اتفاقها بالعودة إلى علاقات طبيعية فيما بينها وبين "اسرائيل ، وفي استدارتها للمصالحة مع روسيا قد قلبت الطاولة على كل اللاعبين في الساحة السورية ، واعادت نفوذها في التدخل في سوريا بعد إنحسارها تماماً بفعل علاقاتها المتوترة مع روسيا ، إلى جانب أنها فيما يبدو على وفاق تام في خطواتها مع حماس فيما يتعلق باجراءات تخفيف الحصار المفروض على القطاع .

الاطراف الثلاثة لهم مصالح اقتصادية مشتركة من جهة ، وتجمعهم رؤى سياسية واحدة باتجاه نظام الملالي ، فالروس ممتعضون من السلوك الايراني في سوريا ، والاتراك يتململون بوضعهم تحت حاجة الغاز الايراني ، والكيان الصهيوني لا يريد أن يمارس الملالي لعبة التكاذب فيما يتعلق بالممانعة والمقاومة لكسب تنازلات لصالحهم ، وعلى حساب الامن الصهيوني في الجولان .

وحدها سوريا التي ستخسر في لعبة الصراع ، لأن كل واحد من الاطراف الثلاثة يبحث عن مصالحه ، كما نظام الملالي الذي يبحث عن اقامة امبراطورية اندثرت ، كل ذلك بسبب تشبث بشار الاسد في السلطة على حساب الوطن والشعب ، فكأن سوريا ليس بمقدورها أن تفرز قيادات ورجالات حكم خارج دائرة عائلة الاسد ، فلتذهب للجحيم هي وشعبها من أجل سواد عيون بشار ، والتنمية التي يتباهى النظام بتحقيقها هاهو قد دمرها وشرد الشعب وقتل الالاف من المواطنين ، وباتت سوريا تنوء بعبء إعادة الإعمار تحت شروط المنظمات الدولية التي لن يرحم الدائنون فيها اياً من مستويات الحكم ، لأن هؤلاء بكل مستوياتهم سيكونون تحت مذلة أصحاب الدين ، وعلينا أن ننظر إلى نوع السيادة التي تتمتع بها الدول المدينة من هذه المنظات.

dr_fraijat45@yahoo.com





الاحد ٢٨ رمضــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / تمــوز / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة