شبكة ذي قار
عـاجـل










استمرار حزب البعث العربي الاشتراكي بعنفوانه النضالي حتى الآن وما تعبر عنه تجربته الجهادية ما بعد الغزو والاحتلال 2003 من حيوية وإبداع وتألق كل هذا يقيم الدليل على فشل كل المحاولات التي قامت وتقوم بها قوى الغزو والاحتلال وأدواتها في الداخل والخارج تحت مسميات الاجتثاث والمسائلة والعدالة والتجريم .... الخ ، لأن البعث كان وسيبقى ضمير الأمة العربية فكل الاسئلة التي تناولتها في الحلقات السابقة قد اجاب عليها الراحلين القائد المؤسس والشهيد الحي بالدقة والوضوح ليكشفا الحقيقة ويفضحا امر اعداء العروبة والإسلام حيث قال المرحوم احمد ميشيل عفلق {{ فهل يدري اولئك الذين يريدون ان يجعلوا من الاسلام جرابا يسع كل شيء ومعملا ينتج شتى المركبات والأدوية ، انهم بدلاً من ان يبرهنوا على قوته ويحفظوا فكرته من كل تغير طارئ يقضون بذلك على روحه وشخصيته ويفقدونه مميزاته الحية واستقلاله وتعيينه ، وإنهم من جهة اخرى يفسحون المجال لدعاة الظلم وأرباب الحكم الجائر ، كي يستمدوا من الاسلام اسلحة يطعنون بها مادة الاسلام نفسه ، اي الامة العربية ؟ اذن فالمعنى الذي يفصح عنه الاسلام في هذه الحقبة التاريخية الخطيرة ، وفي هذه المرحلة الحاسمة بين مراحل التطور ، هو ان توجه كل الجهود الى تقوية العرب وإنهاضهم وان تحصر هذه الجهود في نطاق القومية العربية }} ،

أما الشهيد الحي فقال {{ ان المطلوب منا ان نكون ضد تسييس الدين من قبل الدولة وفي المجتمع , وان نعود الى اصل عقيدتنا , وان نعتز بالدين بلا سياسات للدين ., لأننا حين نجعل من انفسنا وعاظا او مرشدين دينيا وان نطلب من الناس ان يؤدوا الطقوس الدينية , انما يتوجب علينا ان نرشدهم الى كيفية اداء تلك الطقوس , وما يترتب عليها من التزامات تبعية , وإذا ما دخلنا في ذلك فسوف تبدأ المشكلات والتعقيدات وتبدأ الاختلافات وفق اجتهاد المذاهب الاسلامية , افليس هذا دخولا في السياسة الخاسرة من اخطر ابوابها ؟ .}} ، ويستشهد الراحل القائد المؤسس بالاتي {{ منذ قرن ونصف قرن عاد اتصال الغرب بالعرب بواسطة حملة بونابرت على مصر ، وقد رمز هذا الداهية الى ذلك الاتصال بأن علق لوحات كتبت فيها آيات القرآن الى جانب حقوق الانسان. ومنذ ذلك الحين ما برح العرب ( أو الرؤساء الدخلاء على العروبة ) يدفعون نهضتهم الحديثة في هذا الاتجاه الأشوه ،

فهم يجهدون انفسهم ويرهقون نصوص تاريخهم وقرآنهم ليظهروا ان مبادئ حضارتهم وعقيدتهم لا تختلف عن مبادئ الحضارة الغربية ، وإنهم كانوا اسبق من الغربيين الى اعلانها وتطبيقها وهذا لا يعني إلا شيئاً واحداً وهو - انهم يقفون امام الغرب وقفة المتهم مقرين له بصحة قيمه وأفضليتها - ان الواقع الذي لا محيد عن الاعتراف به هو ان غزو الحضارة الغربية للعقل العربي في وقت جف فيه هذا العقل حتى أمسى قوالب فارغة ، يسر لتلك الحضارة ان تملأ بمفاهيمها ومعانيها فراغ هذه القوالب. ولم تمض فترة من الزمن حتى انتبه العرب الى ان ما يخاصمون الاوروبيين عليه هو نفس ما يقول به هؤلاء، وإنهم لا يفرقون عن الاوروبيين إلا بالكم ، كما يفرق القليل عن الكثير ، والمقصر عن السابق ، ولن يتأخر الوقت الذي يعترفون فيه بالغاية المنطقية لهذا الاتجاه ، اي ان في الحضارة الاوروبية ما يغني عن حضارتهم فحيلة الاستعمار الاوروبي لم تكن في انه قاد العقلية العربية الى الاعتراف بالمبادئ والمفاهيم الخالدة ، اذ ان هذه العقلية معترفة بها وقائمة عليها منذ نشأتها ، ولكن هي في اغتنامه فرصة جمود العقلية العربية وعجزها عن الابداع ليضطرها الى تبني المضمون الاوروبي الخاص لهذه المفاهيم فنحن لسنا نخالف الاوروبيين في مبدأ الحرية ،

بل في ان الحرية تعني الذي يفهمونه منها ان أوروبا اليوم كما كانت في الماضي ، تخاف على نفسها من الاسلام ولكنها تعلم الآن ان قوة الاسلام - التي كانت في الماضي معبرة عن قوة العرب - قد بعثت وظهرت بمظهر جديد هو القومية العربية لذلك فهي توجه على هذه القوة الجديدة كل اسلحتها ، بينما نراها تصادق الشكل العتيق للإسلام وتعاضده ، فالإسلام الاممي الذي يقتصر على العبادة السطحية والمعاني العامة الباهتة آخذ في التفرنج ، ولسوف يجيء يوم يجد فيه القوميون أنفسهم المدافعين الوحيدين عن الاسلام ويضطرون لأن يبعثوا فيه معنى خاصا اذا أرادوا ان يبقى للأمة العربية سبب وجيه للبقاء }} هكذا فهم البعث العروبة وهكذا نظر الى الدور الابعد لأمة العرب عندما ربط حركتها الانية بالمستقبل بشعاره اراد من خلاله تجسيد امرين مهمين في حياة الشعوب الحية المتفائلة المتفاعلة مع ذاتها وهدفها - أمة عربية واحدة ..... ذات رسالة خالدة - وهنا الخلود ليس القصد منه التجاوز على حدود ألله بل الالتقاء النضالي مع الامم والشعوب الاخرى التي تبحث عن الحرية والحياة الحرة الكريمة وبمعناه الحقيقي ان العرب كأمة واحدة متماسكة متمكنة من ذاتها معطاء لكل من يريد الحياة ، وفي توضيح شرف العروبة يقول الراحل القائد المؤسس {{ من هذه المفاهيم الاوروبية التي غزت العقل العربي الحديث فكرتان عن القومية والإنسانية فيهما خطأ وخطر كبير ، فالفكرة القومية المجردة في الغرب منطقية اذ تقرر انفصال القومية عن الدين ، لان الدين دخل على اوروبا من الخارج فهو اجنبي عن طبيعتها وتاريخها ، وهو خلاصة من العقيدة الاخروية والأخلاق ، لم ينزل بلغاتهم القومية ، ولا أفصح عن حاجات بيئتهم ، ولا امتزج بتاريخهم ، في حين ان الإسلام بالنسبة الى العرب ليس عقيدة اخروية فحسب ،

ولا هو أخلاق مجردة ، بل هو اجلى مفصح عن شعورهم الكوني ونظرتهم الى الحياة ، واقوى تعبير عن وحدة شخصيتهم التي يندمج فيها اللفظ بالشعور والفكر ، والتأمل بالعمل ، والنفس بالقدر ، وهو فوق ذلك كله اروع صورة للغتهم وآدابهم ، أضخم قطعة من تاريخهم القومي ، فلا نستطيع ان نتغنى ببطل من ابطالنا الخالدين بصفته عربيا ونهمله او ننفر منه بصفته مسلما ، قوميتنا كائن حي متشابك الاعضاء ، وكل تشريح لجسمها وفصل بين اعضائها يهددها بالقتل فعلاقة الاسلام بالعروبة ليست اذا كعلاقة اي دين بأية قومية ، وسوف يعرف المسيحيون العرب ، عندما تستيقظ فيهم قوميتهم يقظتها التامة ويسترجعون طبعهم الاصيل ، ان الاسلام هو لهم ثقافة قومية يجب ان يتشبعوا بها حتى يفهموها ويحبوها فيحرصوا على الاسلام حرصهم على اثمن شيء في عروبتهم وإذا كان الواقع لا يزال بعيدا عن هذه الامنية ، فان على الجيل الجديد من المسيحيين العرب مهمة تحقيقها بجرأة وتجرد ، مضحين في سبيل ذلك بالكبرياء والمنافع ، اذ لا شيء يعدل العروبة وشرف الانتساب اليها }} ان ما بينه الراحل القائد المؤسس بشأن اوربا والتناقضات فيها من حيث الرؤية القومية والدين هي ذاتها التي تتحكم بعقل الصفويين الجدد كما كانت متحكمة بعقل اسلافهم ، وهنا السؤال المهم الذي يجب ان لا يغيب عن العقول { فهل أنتم يامن تدعون التدين وتتباكون على ال بيت النبوة اعطيتم العرب حقهم وأنصفتموهم ؟ ، أم ترددون ما قاله احفاد كورش ويزدجر وكسرى من نعوت تحط من قيم العرب ودورهم الرسالي }

يتبع بالحلقة الخامسة
 





الخميس ٢ شــوال ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / تمــوز / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عبــــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة