شبكة ذي قار
عـاجـل










تفجيرات الكرادة صباح الثاني من تموز 2016 وقصف مخيم النازحين في أطراف الدورة ببغداد في الثالث من تموز 2016 والشروع بتنفيذ الإعدامات من قبل جهات غير حكومية ومليشياوية ، كلها صورة متكاملة وواحدة لجريمة مخطط لها على مراحل موزعة على أطراف التحالف الطائفي الحاكم.

أطراف الإرهاب الطائفي وزعوا أدوارهم بشكل واضح ودقيق ومنذ اللحظات الأولى لجريمة الإبادة الجماعية التي نفذت بدم بارد في الكرادة الشرقية. ذلك يعني إن سيناريو المخطط متكامل الخطوات، وليس عفويا أو محكوما بردود الفعل الانفعالية التي أبدتها بعض الأصوات والجماعات كما يظن البعض.

لنعود إلى الفيديوهات الأولى لمحرقة الكرادة التي سربت إلى مواقع التواصل الاجتماعي بدقائق بعد اشتعال الحريق ، ولننصت بدقة إلى التعليقات الأولى المسجلة عليها .. . مصور الفيديو يعلق ويحرض بشكل واضح ، ويستعدي مستمعيه وطائفته ويدعو إلى الهجوم على أهالي الاعظمية فورا ، وكذلك يدعو إلى طرد ومعاقبة كل مخيمات النازحين ويدعو إلى إبادة الأبرياء انتقاما مما حدث في الكرادة، ويذكر في ثنايا التحريض انه آن الأوان لإعدام المتهمين والمحكومين "بتهمة الإرهاب" وغيرهم حتى من دون مصادقة أو تمييز على الأحكام .

بطبيعة الحال استمر هذا التحريض طوال ليلة السبت وخلال محاولات إطفاء الحريق والى صباح اليوم ونهاره التالي.

جاء ترديد نغمة مطالبة تنفيذ حكم الإعدام بكل المحكومين بالإعدام في السجون العراقية فورا وتعليقهم بمشانق على هياكل العمارات المحترقة في الكرادة وغيرها، بحضور .

والغريب إن المطالبة هذه تؤكد على ضرورة عدم مراعاة إجراءات التصديق على الأحكام، كما هو معمول بها قضائياً، بل ذهبت عصابات العصائب وغيرها من مليشيات الحشد تهدد أنها ستهاجم السجون وتخطف المحكومين بالإعدام بالقوة وشنقهم على أعمدة المباني المحترقة.

وعندما أظهرت جماهير العراق الواعية من أقصاه إلى أقصاه استنكارها لجريمة الكرادة وبدأت تتلمس بالأدلة الملموسة وشهادات شهود حضروا المحرقة، تتهم علنا وصراحة جهة التنفيذ لهذه التفجيرات والمتواطئين معها وتشخصهم بالأسماء والعناوين الطائفية ، في وقت تعاظم تعاطف وتضامن وتلاحم كل أبناء العراق الكامل مع الضحايا وذويهم، مما قطع الطريق على الفتنة الطائفية المخطط لها في بغداد لتنفيذ تطهير ديموغرافي واسع جديد في بعض محلات ومناطق بغداد، كمرحلة أولى ، تتم في وقت انشغال الناس بمجزرة الكرادة الدموية.

في ذات الوقت كانت هناك مليشيات أخرى تنفذ عمليات قصف بالهاون لمنطقة الدورة، شوهدت قطعات منها تتحرك على مدار مدينة الشعلة ومنطقة عكركوف لتقصف بالراجمات مخيم خيري أقيم لإيواء أطفال ونساء وشيوخ نازحين من الفلوجة فسقط عدد من الضحايا ما بين شهداء وجرحى واحترق المخيم.

في الوقت نفسه يحضر القتلة أمثال هادي العامري والخزعلي إلى مكان جريمتهم بالكرادة مهددين بإجراءات ووعود منتظرة ، ظهروا فجأة بين أفراد وحمايات من حشد مموه ومليشيات من أنصارهم أحاطت بهم لدقائق وقت التصوير في الكرادة أمام المباني المحترقة التي تتسرب منها روائح الأجساد المتفحمة .

عندما ارتفع صوت وطني ورأي عام عراقي مضاد لدعايات وأبواق السلطة يطالب بمحاكمة وإعدام الفاعلين والمقصرين من مسئولي الأجهزة الأمنية من المتورطين بفاجعة الكرادة ارتفعت بالمقابل في الجانب الطائفي الحاكم أصوات تعلن استعدادها تخطي إجراءات وقرارات الدولة والحكومة ورئاسة الوزراء والجمهورية ووزارة العدل والقيام بالتنفيذ الفوري بالإعدامات، فأعلن عن تنفيذ الإعدام شنقا حتى الموت بخمسة أشخاص، وسارعت قناة العراقية الحكومية وبشكل ممسرح ومدروس بإظهار عملية إعدام لخمسة أشخاص، لا نعرف بعد، من هم ؟ وما هي تهمهم الإرهابية؟ وأين كانت مواقع جرائمهم المنسوبة لهم ؟، ولم يظهر الفلم وجوههم المغطاة بأكياس سودا، والغريب في هذا الفلم إن المعدومين كانوا قد ظهروا بمنتهى الهدوء والاتزان، يصعدون إلى موقع المشنقتين الظاهرتين في الصورة من دون أي صوت ، وهم يسلمون رقابهم طواعية إلى يدي الجلاد وتلتف على رقابهم حبال المشنقة ، من دون أدنى ممانعة أو رفض أو احتجاج أو صوت.

ولم يظهر الفلم آي شئ يؤكد فعلا انه قد تم تنفيذ الإعدام بهؤلاء الخمس، مما يشير بوضوح إلى أن ثمة مسرحية ما قد تمت وفق هذا الإخراج .. . ومرر المشهد عبر فضائيات الحشد وقناة العراقية ، مع تصريح منسوب إلى حاكم الزاملي رئيس لجنة الأمن والدفاع يقر بإعدام 5 معتقلين أول أمس ليصل عدد المعدومين خلال الشهرين الماضيين 37 معتقلا، وادعى الزاملي: ( إن الوزارة ماضية بتنفيذ أحكام الإعدام بعد مصادقة رئاسة الجمهورية وموافقة الادعاء العام ) ، في الوقت نفسه، وان صح التنفيذ، هناك تسريبات تتحدث من أن إعدامات قد تمت فعلا شملت أشخاصا مدانين بتهم القتل ولأسباب ثأرية عشائرية، وهي ترضية غالبا ما تتم بين الحكومة وبعض شيوخ العشائر المتنفذين تتم في إطار صفقات مشروع حيدر ألعبادي باسم إجراءات ما سماها ( المصالحة المجتمعية ) لإيقاف حالات الثأر ما بين بعض العشائر. وهنا أشار الإعلام الحكومي إلى أن حيدر ألعبادي ( وجه وزير العدل بأمر تنفيذ أحكام الإعدام بشكل فوري بحق المحكومين ) انتقاما لتفجيرات الكرادة.

وظهرت إلى العلن مسرحية سخيفة أخرى تتحدث عن الخلاف بين رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، الغائب بإجازته في لندن حاليا ، وتقديم الرئيس دعوى في المحاكم ضد وزير العدل إضافة لوظيفته، وهي سابقة أولى في العراق وربما في العالم أن يشتكي رئيس الجمهورية من وزير في حكومته يعصي أوامره ولا يلجأ إلى البرلمان للفضل بها.

في هذا الوقت يعلن المجرم حاكم الزاملي، ممثل التيار الصدري في البرلمان، واحد مخططي الجرائم والمجازر والفتنة بالعراق هنا أيضا : ( إن الوزارة ترفض الضغوط السياسية والدولية التي تنادي بإيقاف أحكام الإعدام تحت لافتة حقوق الإنسان ) . في ذات الوقت تسرع العصائب بقيادة الخزعلي إلى تنظيم مسيرة واعتصام دائم أمام سجن الناصرية ، مجبرا عدد من أهالي الضحايا للذهاب معه إلى مدينة الناصرية والتهديد باقتحام السجن وتنفيذ الإعدام الجماعي بنفسه بكل المعتقلين هناك ، معلنا بسخرية مرة : ( انه لم يعد يطاق أن يقدم الأكل والشرب والتبريد لهؤلاء السجناء التي باتت مصاريفهم تكلف ميزانية الدولة في الوقت الذي يحتاج الحشد الشعبي لهذه الأموال ) على حد قوله وما يكرره الإعلام السلطوي والحكومي والطائفي حول ضرورة قتل السجناء حتى لو بالجوع حتى الموت.

على شعبنا والعالم أن يقف هذه المجازر المتعاقبة والمتكاملة ويفضح كل ادوار فاعليها في سلطات بغداد وإيران، ولا يتوقف عند حدود إعلان التضامن مع ضحايا جريمة الإبادة الجماعية في الكرادة فقط فهناك الكثير من المجازر منتظرة وهي في طريقها للتنفيذ تحت ذرائع وحجج شتى.
 





الخميس ٢ شــوال ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / تمــوز / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة