شبكة ذي قار
عـاجـل










- فأذا فسرنا ظاهرة العنف والأرهاب، يتوجب أخذه شاملاً وواسعًا وتسليط الأضواء على الأرهاب من حيث .. هل هو إرهاب فردي أم سلطوي أم ديني - مذهبي أم هو إرهاب دولة أم إرهاب مجموعة أم إرهاب من أجل الأرهاب؟! وكل هذا التوصيف يمكن إيجازه أو إختزاله في حالتين :

الأولى - إرهاب الدولة المنظم، الذي يمارس في نطاق سياسات خارجية وبأغطية متنوعة ومتعددة مباشرة أو بالواسطة أوبالوكالة، والذي قد يأخذ مديات زمنية، وقد يتسع مكانيًا كما هو حاصل عند فحص السلوك السياسي الخارجي والأستخباراتي للدولة الأيرانية.

الثانية - إرهاب مؤقت ومشروط ، وقد يكون عابرًا تحركه مجموعة أو مجموعات لها مصالح عرقية أو مذهبية أو مادية محدودة ومؤقتة ومشروطة، ولكنها قد ترتبط أو تحركها دولة ما أو يحركها ( إرهاب الدولة - الأولى ) ، وقد تمسي أحد أوراقها الضاغطة في سياستها الأستخباراتية، كما هو حاصل في ( جنوب لبنان - حزب الله - إيران ) و ( العراق - أحزاب السلطة - إيران ) و ( اليمن - الحوثيون - إيران ) و ( غزة - منظمة حماس والجهاد الأسلامي - إيران ) ، إلخ .

فمنذ عام 1979 ، وهو سنة مجيئ خميني من باريس إلى طهران بديلاً للشاه وبتعهدات أمريكية مكشوف عنها ومعترف بأحداثها، والدولة الإيرانية تمارس الأرهاب .. ألم تفجر وتغتال في العراق قبل أن تشعل نار الحرب؟ ألم تقصف مدن الحدود وتحشد الحشود وتعلن النفير العام وتغلق الأجواء وتسد منافذ المياه الأقليمية وتضرب وتقصف العمق العراقي بالصواريخ والطائرات الحربية؟ والعراق قدم أكثر من ( 400 ) مذكرة دبلوماسية شكوى لمختلف مؤسسات العالم الرسمية يؤكد بالوثائق تلك العدوانات الفاضحة المتكررة على مواطنيه وهم في مساكنهم ومدنهم وقراهم. ألم يكن ذلك إرهابًا؟ ثم تكللت هذه العدوانات بعدوان طهران الواسع النطاق يوم 4 /  09 /  1980 .. نظام طهران الطائفي والعنصري هذه هي أفعاله منذ اليوم الأول لمجيئه إلى طهران لينفذ ما وعد به أمريكا .

- وحال وصول خميني ألى السلطة أعلن منهجه المركب ( الديني - المذهبي - السياسي ) ممثلاً بـ ( ولآية الفقيه ) .. ولكن، ألم تكن ولآية الفقيه، كما يراها رجال المذهب التشيعي، تقوم على أصول أربعه ( التوحيد والنبوة والأمامة والمعاد ) ، وهي في حقيقتها أصول تعطي دفقات أعلى من الدستور الأيراني وإن رسالتها إلهية وتفرض حقها في تعطيل العبادات وترى أن أي رد أو تعرض لولي الفقيه هو تعرضٌ وردٌ على الله .. ؟! فإذا كانت هذه هي القاعدة ( المذهبية ) التي تستند إليها السياسة الأيرانية الموسومة بمنهج ولي الفقيه، وهي كذلك ، فماذا نتوقع من سلوك مليشياتها وهي ماضية في إرهابها التدميري تنفيذًا لتوجيهات ولي الفقيه؟! ، ومن هذا يتضح أن أساس منهج ( ولآية الفقيه ) هو الأرهاب بدليل تسويقه إلى خارج الحدود بصيغة تصدير للأرهاب من أجل أن تتوسع الدولة الأيرانية .

التناقضات واضحة بين نص الدستور الأيراني وفعل ولي الفقيه .. كيف؟

 - ينص الدستور الايراني على ( أن مهمة الجيش حماية الحدود ضد الأعداء الأجانب ) .. فيما ترسل ايران جنرالاتها وعناصر حرسها للقتال في خارج حدودها الاقليمية في سوريا والعراق واليمن .. فنص الدستور شيء وقرار خامنئي السياسي يخالف الدستور الذي يشترط مناقشة اي فعالية دفاعية بإقرار حالة الحرب من قبل مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للأمن الوطني وتحديد اهداف الحرب والوسائل اللآزمة لخوضها وتحديد الأعداء والحلفاء وتحديد أليات المراقبة والأشراف .. .الأمر الذي يعني أن ولي الفقيه هو الذي يصدر قرار الحرب ويوجه بتصدير الأرهاب إلى خارج حدوده الأقليمية دون مبررات الخطر الخارجي أو مسوغاته المحتملة أو الوشيكة .. إيران لا أحد يهددها ، ومع ذلك، تصدر أفعالها العسكرية في صيغة إرهاب، والجميع يعلم بأهداف الطغمة الصفوية الرامية لأحياء الأمبراطورية الفارسية البائدة .. ألم يكن هذا التطلع إرهابًا يتمثل بـ ( إرهاب الدولة ) .؟

- إيران تجند وتنظم مليشيات مسلحة خارج حدودها ( فيلق فاطميون - الأفغان ) و ( وحدة باكستان ) و ( منظمة خراسان الفارسية ) و ( ومليشيات طائفية – منظمة بدر – والعصائب – وابو فضل العباس .. .إلخ ) ، وهي ماضية في تدخلها العسكري والسياسي السافر في العراق ودول المنطقة .. ألم يعني ذلك أن النظام الإيراني يمثل ( إرهاب الدولة ) على محيطه وجيرانه ؟!

- تؤجر إيران مواقع وجزر في خارج حدودها الأقليمية من أجل تدريب وتأهيل الأرهاب في معسكرات مستأجرة وعلى النحو الآتي :

أولاً - أحد هذه المعسكرات يقع بالقرب من ميناء ( عصب ) قبالة معسكر للجيش الأرتيري يسمى ( ويعا ) .

ثانيًا - والمعسكر الثاني في منطقة ( ساوا ) وهو معسكر أقامه الحرس الأيراني لتدريب الحوثيين، ويقع بالقرب من الحدود السودانية .

ثالثًا - المعسكر الثالث ويقع في أحد الجزر الثلاث التي استأجرتها إيران من الحكومة الأيرترية، ومنها جزيرة ( دهلك ) ، وهي مخصصة لتخزين السلاح الخفيف والثقيل لتزويد الحوثيين وعناصر الحرس الأيراني من أجل إدامة الحرب على أهلنا في اليمن، كما أنها تشكل خطرًا في خاصرة المملكة العربية السعودية في آن واحد .. .الأمر الذي يقتضي تجفيف منابع الأرهاب الفارسي في هذه المواقع .. .وبالتالي، ألم يشكل الفعل الأيراني في خارج حدود إيران ( إرهاب دولة ) ؟!

فماذا يستوجب ذلك .. يستوجب وقفة عربية جدية حيال الحكومة الأرترية بهدف إفهامها بمخاطر الأرهاب، الذي تمارسه إيران ثم تسوية الحسابات معها من أجل تجفيف منابع الارهاب الفارسي في جزرها وأراضيها .. وتقع مهمة التجفيف على عاتق مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الأسلامي من جهة، والتحرك على حكومات الدول الأفريقية، التي يتم تجنيد مواطنيها لأعمال الأرهاب وأهمية وقفه وتجفيفه بكل الوسائل من جهة أخرى .. .حيث تقوم الممثليات الأيرانية تحت يافطة ( السفارات والقنصليات والملحقيات الثقافية والتجارية، والهلال الأحمر الأيراني للأغاثة وعبر "مؤسسة الأمام خميني" المنتشرة في الدول الأفريقية ) بأعمال ومهمات التجنيد بالأغراءات المالية وبالتشيع الفارسي في آن واحد .!!

إعترافات بجريمة غزو العراق وإحتلاله :

 - قال "جون بريسكوت" نائب رئيس الوزراء البريطاني السابق ( أن بريطانيا خالفت القانون الدولي عندما شاركت في غزو العراق عام 2003 ) ، ووصف المشاركة بالغلطة الكارثية، وأكد أن الغزو لم يكن شرعيًا . هذا التصريح نشرته رسميًا صحيفة ( صنداي ميرور ) بعد تقرير شيلكوت .. ويشغل "جون بريسكوت" الآن مقعدًا في مجلس اللوردات .. وحين أكد كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة السابق ( أن تغيير النظام كان الهدف الأول لحرب العراق وإنه كان غير شرعي ) .. فقد استعاد "جون بريسكوت" ما قاله عنان وأبدى ( ببالغ الحزن والغضب أعتقد اليوم أنه - عنان - كان محقًا .. وأضاف ( إن قرار دخول الحرب وتداعياتها الكارثية ستلازماني بقية أيام حياتي ) .!!

جاء هذا الأعتراف الرسمي بعد تقرير "جون شيلكوت" . إذن ، يتحدث نائب رئيس الوزراء البريطاني عن عدم شرعية الحرب ، ورئيس الوزراء "توني بلير" يتحدث عن شرعيتها لأنها حققت الأمن للعالم .. فهل نتوقع أن يتصرف القضاء البريطاني العريق ويحاسب مجرم الحرب هذا .. وهل يدعه يفلت من العقاب؟!

إن قرار الحرب على العراق غير القانوني وغير الشرعي، الذي اتخذه كل من ( بوش الصغير وبلير ) قد انتج ما يلي :

- خلق فراغات أمن سرعان ما أمتدت الى باقي الاقطار العربية.

- زعزع أمن وإستقرار المنطقة وأغرقها ببحر من العنف والتطرف والأرهاب، الذي اتسعت حلقاته صوب الدول الأخرى.

- ( خسرت امريكا في الحرب على العراق ( 73.693 ) ألف قتيل و ( 1.620.905 ) مليون جريح ومعاق، وذلك للفترة من 2003 حتى 2007 ، حسب تقرير رسمي أمريكي صدر في بداية شهر مايس2007 .. ويمكن تقدير العدد الكلي ما بين عام 2007 حتى نهاية عام 2011 وهو تاريخ الانسحاب العسكري الامريكي من العراق ) .!! كما أن خسائر أمريكا المالية جراء غزوها واحتلالها العراق ( حسب تقديرات خبراء إقتصاديين أمريكيين عام 2006 تتراوح بين 3 – 4 ترليونات دولار ) .. فيما انهار الوضع الأقتصادي والنقدي الأمريكي إلى مستويات تنذر بالمخاطر.

- أما بريطانيا فقد خسرت من جيشها قتلى وجرحى ومعاقين ، فضلاً عن الآثار الأقتصادية والأعتبارية التي انعكست جراء مشاركتها في الحرب، وإنكشاف كذب المزاعم والتبريرات المخادعة، التي اقنع بلير مجلس العموم البريطاني بها، وهو الأمر الذي يشكل في حقيقته ( توريطًا ) للدولة البريطانية ومخالفة صريحة وواضحة لسياقات التعامل مع قرارات الحرب، التي تشترط إستنفاد كل الوسائل السلمية، بيد أن بلير دفع بلاده إلى حرب يعرف إن مثل هذا القرار غير قانوني وغير شرعي .. ومع هذا يشير بلير الى ( ان تقرير لجنة شيلكوت سوف لن تسحبه الى قفص الاتهام لانها ليست من اختصاصها، ولا هي هيئة تحقيق، وإنه ليس نادمًا على اتخاذ قرار الحرب، وان المعطيات لو تكررت مرة أخرى فأنه سيختار الحرب مرة أخرى، لأن العالم أصبح أكثر أمنًا بعد إطاحة نظام صدام حسين ) .. إنه صلف ووقح بغير حدود ومجرم حرب.

- الحرب على العراق قتلت وجرحت وعوقت الملايين من العراقيين وهجرت ودمرت ودفعت بالبلاد الى صراعات مذهبية وعرقية ووضعت الشعب العراقي في خانة الصراع والاقتتال وفتحت باب الأرهاب الأيراني وإرهاب داعش وارهاب القاعدة وارهاب السلفيين المتطرفين .. وخلقت طبقات هائلة من الفساد والمفسدين واشاعت كل وسائل التهديم القيمي والاخلاقي بما افرزته الأداة الطائفية الفارسية من تدمير، وهدمت مرتكزات الدولة السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والتراثية والحضارية، وبالتالي مزقت نسيج المجتمع العراقي طائفيًا وعرقيًا وواجهيًا وقبليًا .

- افقد غزو العراق وإحتلاله سيادته واستقلاله وحريته ومكانته العربية والأقليمية والدولية وبات خاضعًا لنفوذ الأستخبارات الأيرانية وملاليها سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا تتحكم فيه عصابات من القتلة واللصوص والعملاء والجواسيس.

- في نطاق التعاون قبل الحرب على العراق واثنائها وبعد احتلاله، شجع الأمريكيون ملالي إيران على التوغل في خارج حدود العراق أمنيًا وعملياتيًا ولم يكترثوا للأرهاب الأيراني العابث بأمن دول المنطقة والتدخل في شؤونها تحت دعاوى سخيفة وفاضحة منها ( حماية المراقد المقدسة ) و ( حماية الشيعة والدفاع عنهم والوصاية عليهم ) .. والهدف شق وحدة المسلمين على أساس المذهبية السياسية وتدمير الهوية القومية العربية .

- همشت الحرب على العراق وغزوه واحتلاله القضية الفلسطينية ووضعتها في متاهات الغطرسة الاسرائيلية والعبث بمصير الشعب الفلسطيني حين دعمت إيران ( حماس ) ودعمت ( الجهاد الأسلامي ) ، محاولة منها شق وحدة الشعب الفلسطيني المناضل .

- التدخلات والغزوات والأحتلالات الأمريكية لدول المنطقة والحروب التي شنتها عليها تركتها ( دولاً فاشلة ) ، مثل الصومال دولة فاشلة، وليبيا دولة فاشلة، والعراق دولة فاشلة، وسوريا دولة فاشلة، واليمن دولة فاشلة، ولبنان دولة فاشلة، وفلسطين ( دولة ) فاشلة، وأمريكا ما تزال تمثل دور المنقذ الذي لم ولن يستطع فعل أي شيء لدواع إستراتيجية غير واقعية.!!

كانت تهمة ( الأرهاب ) في السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم تلصق بحركة التحرير والمنظمات الفلسطينية التي تشهر الكفاح المسلح .. والمفردات السياسية - الأعلامية كانت ( الارهاب الفلسطيني ) مع انه عمل تحرري ومقاوم مشروع .. ومن خلال لصق الارهاب بالفلسطينيين كانت التهمة الغربية تتسع لتشمل ( الأرهاب العربي ) والآن ( الأرهاب الأسلامي ) .. فيما تعمدت أمريكا وبريطانيا وصم المقاومة الوطنية العراقية الباسلة بالأرهاب مرة والمسلحين والمتمردين والخارجين على القانون مرة أخرى .. والغرض من هذا، محاولة إنتزاع شرعية مقاومة المحتلين الغزاة مع عملية خلط الأوراق المعروفة والمكشوفة التي لم تبق منها سوى أوراقها الصفراء التي لا تنطلي على الشعب العراقي وجماهير الأمة.

فقضية ( الأرهاب ) بمفهومه العام، قضية متداخلة ومعقدة ولا تفسرها الآيديلوجيا فقط، لأن تفسير الظاهرة لا يجب ان يؤخذ من متغير واحد .. ومن هنا يتوجب السؤال .. هل أن العالم يمكن تصوره دون عنف أو إرهاب؟ والواضح تمامًا إذا تداخلت الدولة بالمذهب والدين أو تشابك المذهب والدين بالدولة، عندئذٍ ينتج العنف الناجم عن التطرف الكامن في مكونات الأفراد والجماعات ليولد الأرهاب بصيغ مختلفة يتقدمها ( إرهاب الدولة ) الدينية أو المذهبية .. كما أن الأستعمار بأشكاله والغزوات بأشكالها والأحتلالات بأشكالها على مر العهود والعصور تولدت جراءه ( تراكمات ) هائلة من ردود الأفعال الكامنة أنتجت صيغ التعبير عن الرفض، رفض الظلم ورفض القمع السلطوي ورفض التمييز الطبقي والأثني ورفض الغزو ورفض الاحتلال .. فإذا كف الاستعمار عن إستعماره وغزواته وإحتلالاته وتدخلاته، وإذا كفت النظم عن ظلمها التسلطي وقمعها الدموي وتمييزها وتهميشها لمواطنيها، لم تعد هناك ظاهرة للارهاب .. أما إذا تحللت الفوارق الاجتماعية وتقاربت مستويات العيش بين الناس وتقلصت الفوارق بين الطبقات عندها تتراجع الحساسيات والصدامات والصراعات .. فالعنف والأرهاب هما رد فعل على واقع غير طبيعي وهو الظلم والقهر وإستلاب الحرية وهدر الكرامة الأنسانية , ورد على الغزو والأحتلال وإفرازاته اللآإنسانية، كما أن الأرهاب قد يستخدم ورقة ضاغطة وفاعلة في السياسة الخارجية لـ ( دولة الأرهاب ) ، كما يفعله النظام الأيراني وتفعله الحكومة الصهيونية في تل أبيب، وكذا الأمر ما تمارسه دولة الأرهاب في واشنطن .

فهل أن العالم بات أكثر أمنًا بعد إسقاط النظام الوطني في العراق؟!





السبت ١١ شــوال ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / تمــوز / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة