شبكة ذي قار
عـاجـل










قد يتفق كثيرون في هذا العالم على رفض عقوبة الأعدام ونحن منهم ومعهم . وحبذا لو رأينا نظاما كونيا خالي من أحكام الموت شنقا أو رميا بالرصاص أو بالكرسي الكهربائي.

ولكن
بعض ولايات الولايات المتحدة الأمريكية تحكم بالأعدام وتنفذه يوميا.

وبعضها الاخر لا يحكم دستورها بأعدام المجرمين والقتلة والمخالفين له ولاشتقاقاته القانونية غير ان هذه الولايات ومعها تلك التي تمارس الأعدامات كلها مع بعض تمارس أعدامات أخرى هي أعدامات دول بكاملها وشعوب برمتها .

بريطانيا وفرنسا ودول أوربية أخرى التي يخوض نخبها العلمية والطبية والسياسية والاعلامية جدلا عقيما حول أعطاء جرعة دواء قاتلة لانهاء عذابات مرضى بأمراض مستعصية تمارس نفس هذه النخب فرش أرضيات الاحتلال والغزو الذي يطيح بكيانات أمم وشعوب بلا رحمة .

هذا يجعلنا أمام حقيقة الحقائق :
انهم يكيلون بمعايير مركبة حيث هناك حياة مقدسة عندهم وهناك حياة عند غيرهم ليست مقدسة بل لا قيمة لها .

هذا من جهة , ومن جهة أخرى , فان جيوشهم التي تغزو دولنا وتسقط أنظمتنا الوطنية هي الأخرى رؤوسها مقدسة وغالية الثمن في حين ان رؤوسنا ورقابنا تستكثر فيها جيوشهم حتى الرصاصة التي تغتال الحياة فيها طفولة كانت أم شيخوخة لا فرق.

والانظمة ( الديمقراطية ) التي ينتجونها هم بالاحتلال والغزو الاجرامي يحق لها أن تقتل وتعدم بكل طرق سلب الحياة بما فيها التعذيب الوحشي في حين ان الدول التي تنجح في حماية نفسها ويمكن الله حكامها من رد غائلتهم فانهم يحاصرونها بانسانيتهم المزعومة لا حبا بالانسانية ولا أخذا بعوامل الرحمة والشفقة بل لغرض واحد فقط هو :

حماية عملاءهم ومرتزقتهم وجواسيسسهم الذين جندوهم ليقتلوا ويدمروا تلك الدول , بكلمة أخرى : يعدمونها.

بوسع أي انسان أن يتساءل عن المحاكم والقوانين التي جرمت العراق لكي تتحالف جيوشهم وترساناتهم العسكرية لتغتاله هو وقيادته وما يربوا على مليونين من أبناءه ومازالت ماكنة القتل تحث خطاها في أرجاءه الممزقة. أو ليس هذا أعدام بكل أنواعه مارسته وتمارسه دول حقوق الانسان المزعومة التي تتجادل حول اعدام كلب أو قطة أو القتل الرحيم لمريض لا يعيش حياة بل يعيش الالام المبرحه؟.

ثمة الكثير ليقال هنا ولكن الاختصار أولى لأن وجع تناول هكذا قضايا مؤلم.

فالذين يحرمون على تركيا اعدام من تامروا على وطنهم وكادوا أن يضعوه في منزلقات لا تقل خطورة عن تلك التي أوجدوها في ليبيا وسوريا والعراق مثلا هم أنفسهم من يغذون الات الموت الزؤام في بلادنا كلها ونحن لا نرى فرقا بين من يعدم شنقا فيفقد حياته وبين من يقتله المارينز ومرتزقة بلاك ووتر ظلما وعدوانا وبدون ذنب ولا تهمة ولا محاكمة.

هم يحرمون على الاخرين ما يحللونه ويشرعنونه لأنفسهم المجرمة وكأنهم ليس حكومات من بشر بل هم في واقع الحال يمنحون أنفسهم القذرة قدسيات ما أنزل الله بها من سلطان.

ترى :
لم لا يمنعون محكومتهم في بغداد من اعدام الاف من رجال العراق ونساءه في عمل أجرامي ممنهج منذ دخلوا العراق مع ضباعهم وافاعيهم عام ٢٠٠٣ لا لذنب بل لأنهم عراقيون عربا مسلمون ومؤمنون يرفضون أحتلال بلدهم وتسليط الاجنبي وعبيده عليه وعلى مقدراته. هذا النهج الذي مارسته امريكا وبريطانيا ومن حالفهم وما زالوا في العراق فلا قدسية لحياة الانسان وعليه فان رفضهم لعقوبة الاعدام في تركيا ليس حبا بالانسان ولا رحمة أو تقديسا لحياته بل لاغراض وغايات لا صلة لها بثوابت تقديس الحياة.

لم لا تتحرك مشاعرهم الانسانية لمئات الالاف من المغيبين في سجون ومعتقلات ميليشيات وحكومة ايران في المنطقة الخضراء ولا يوجهون صواريخهم وطائراتهم لنسف مقرات حكومة طهران التي تعدم يوميا عشرات الاحوازيين العرب لا لذنب اقترفوه بل لانهم عرب ومسلمون ويرفضون المنهج الاحتلالي البغيض لدولة الولي الفقيه التي أسستها بريطانيا وامريكا وفرنسا .؟

ولكي نتوقف هنا ونحن نرى ميزان الطاغوت بكفتيه المعوجتين نقول :
الحق ليس على أميركا ومن لف لفها .. بل الحق كل الحق على الشعوب التي لا تثور وتزلزل الارض تحت أقدام الطغيان والجبروت والاجرام . فلو ثارت شعوب الأرض على كذب وزيف ونفاق واجرام الدول المجرمة لما استطاعت حتى قنابلهم النيوترونية من أن تحمي عروشهم القاتلة المرائية المنافقة المتوحشة.





الجمعة ٢٤ شــوال ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / تمــوز / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة