شبكة ذي قار
عـاجـل










كل ما نتحدث عنه عن الامن والامان والحرية والديمقراطية ، وما ندعيه أننا نقيم إنتخابات في اقليم ملتهب هو مؤشر على سلامة ونقاء العمل السياسي ، وشيوع الحرية ، وحقيقة الامر أننا نمارس العهر السياسي بكل معانيه ، فنحن نمارس القمع والارهاب في حق كل اصوات المعارضة باساليب وطرق متخلفة وممجوجة ، ولا ترقى للحد الادنى من التعامل مع الحق والحدود الإنسانية الدنيا في تعامل سلطة مع مواطنيها .

نتحدث عن حرية العمل الحزبي ونحن نقوم بقمع النشطاء السياسيين ، نحاربهم في ارزاقهم وقوت اطفالهم ، نمنع على ابنائهم العمل في مؤسسات الدولة ، وخاصة الجيش والاجهزة الامنية والاعلام والخارجية والداخلية ، نعمل على اختراق هذه الاحزاب ، وندخل مقراتها ، ونسرق سجلاتها ، ونجند المتعاونين معنا من بين صفوفها ، ونساعد على ممارسة الفساد فيها ، وكلما وجدنا امين الحزب متعاوناّ مع الاجهزة كلما سهلنا عليه السيطرة على مقرات الحزب ، وتجاهلنا تغييبه لممارسة الديمقراطية في صفوف الحزب الذي بات عشيرته ومزرعته ، فتوالدت عندنا الاحزاب ممن لا يسمن ولا يغني من جوع ، احزاب بمثابة هياكل كرتونية لا قيمة سياسية ، ولا تحظى بوعي وثقافة سياسية ، ولا بمفهوم فكري ولا بمدلولات ايديولوجية ، فغابت عن الحزب الوعي والثقافة ، واضاعت هذه الاحزاب البرامج والتثقيف الحزبي ، فباتت مقراتها خاوية لا حياة فيها ، الحياة تدب في المقاهي اكثر مما تدب في مقراتها .

هاهي يافطات احزابنا في الانتخابات تخلو من البرامج الإنتخابية ، وكلها شعارات فارغة ، صور وقوائم لمرشحين لا يملكون من الديمقراطية ابجدياتها ، ولا يطمحون من الإنتخابات الا الوصول لتحقيق المكاسب الشخصية على حساب الوطن والمواطنين ، فهل نحن امام مرشحين يجيدون صناعة سن القوانين وفهم مراقبة السلطة التنفيذية وحماية المال العام ؟ ، ام نحن في معركة مخاتير لاهم لهم من كل هذه المعركة الا تحقيق مصالحهم في عملية تزوير ديمقراطية من خلال قانون إنتخابي متخلف ، جاء على إنقاذ جثة قانون الصوت الواحد الذي تلاعبت به الاجهزة حتى افرغته من كل محتوى ومضمون .

هاهو قانوننا الإنتخابي نصل حد اعلان نتائج الإنتخابات ومازال المواطن يشكو من عدم فهمه للقانون ، وما نزال نبحث عن مخرجات القانون الذي كما يدعون أنه سيكون مقدمة للقوائم الحزبية الذي سيتم من خلاله تشكيل الحكومات البرلمانية ، فمن يصدق وهو يرى بام عينيه قانون إنتخاب دون مستوى قانون الصوت الواحد الذي اشبعناه قدحاً وشتماً حتى جاء مشرعنا بقانون القائمة ، قانون البوق الإنتخابي الذي ستكون مخرجاته تفتيت عشائري ، وتدمير لبنية المجتمع ، وتمزيق لاواصر العلاقات فيما بين المواطنين.

اينما تذهب وحيثما تحل تسمع السلطة ورجالاتها يتحدثون عن المناخ السياسي الذي ينعم به الوطن ، وتبدو عملية الكذب في العمل على لوي عنق الحقيقة ، وتزوير كل قول او فعل لا يجاري وجهة نظر السلطة ، من اجل اغناء ثقافة النفاق التي باتت نخبنا ومجتمعاتنا قد تعودت عليها ، فالكل يكذب على الكل وعلى نفسه ، ولا يجرؤ على مكاشفة نفسه بالحقيقة الا اذا اختلى بنفسه بين اربع جدران ، لأنه على وعي تام أن العراب يراقب حركات شفافه ، وخوفاّ من أن يتلعثم بحرف أو كلمة تراه يلع لسانه عند كل حوار أو نقاش .

كل ما نشكو منه هو من صنع الدولة ، دولة القانون والحرية والعدالة ، اليست هذه الدول تمارس فعلها من خلال العرابين المبثوثين في كل مكان ؟ ، اليسوا من يقوم على حمايتنا وحماية الوطن ؟ ، فهم الذين يصنعون لنا الامن والامان ، ويسمحون لنا بالنوم الهادئ المريح ، في المناخ السياسي المريح لفعل كل مواطن ، ليتركوا لعقائرنا بالحلم الجميل في وطن جميل يفصلونه على مقاسهم ، نحن فيما يبدو لا نقر للعرابين حمايتهم لنا ، عفواّ سطوتهم علينا ، فقد مارسوا هذه السطوة منذ زمن ، وتعودنا على هذا الذل والخنوع والرهبة من ادوارهم الوطنية ، التي تجاوزت حقوق المواطن وحماية الوطن ، وحتى حماية النظام الذي يعملون تحت يافطة حمايته .

مناخنا السياسي مناخ غير مسبوق ، وهو لا مثيل له لا في العالم ولا في الاقليم ، فنحن على الدوام مميزون ، اصطنعنا ديمقراتية على طريقتنا ، وفصلنا ثوب الحرية على مقاسنا ، وعملنا على ادلجة المواطن ليكون المواطن الذي نريد ، فنحن نصنع قانون إنتخابات لنا فحسب ، ونزج بالمواطن ليذهب لتأدية الاقتراع على عاتقنا ، لأننا نملك أن نخرج له النتائج التي تصنع له مجلس نواب ، يقوم على سن القوانين ومراقبة السلطة التنفيذية وحماية المال العام ، اليست هذه وظائف مجالسنا النيابية منذ زمن؟ ، اليست هذه مخرجات المناخ السياسي المغلقة ابوابه امامنا ؟ .

dr_fraijat45@yahoo.com





الجمعة ٣٠ ذو القعــدة ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / أيلول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة