شبكة ذي قار
عـاجـل










تصاب بالذهول للسقوط السياسي لهؤلاء السياسيين الذين كانوا يطرحون أنفسهم كمعارضة ويسيل لعابهم للسلطة ، فعند أول اشارة تراهم يلهثون وراءها ، وعلى الرغم أنه لا حرج على أي إنسان أن يقبل بهذا الموقع أو الوظيفي أو ذاك على شريطة أن لا يتغير مئة وثمانين درجة ، ولا يهمه إلا الموقع الذي حصل عليه ، ويؤكد في حالات كثيرة أنه ليس جديراً به .

هؤلاء بعد انفضاض السلطة ، وفقدانها من بين ايديهم ، يبدأون بالنقد وتبيان السلبيات وكأن السلطة إلا بهم ولهم ، على الرغم أنهم لم يقدموا شيئاً للوطن ، ورغم شبعهم من السلطة ، إلا أنه ومع فشلهم في تقديم ما ينفع الوطن والمواطن ، تجدهم يتخيلوا أنفسهم أن لا أحد سواهم، فيتنطعون في كل مرحلة يجلسون في الصفوف الامامية في كل مشهد سياسي ، وكأنهم أبطال كل العهود في الاحكام العرفية ، وفيما يسمى بالديمقراطية .

يتحدث هؤلاء عن الوطنية والقومية ، وقس على ذلك التيار الاسلام السياسي، فهم وزراء ونواب واعيان في زمن العهر السياسي ، الذي لا يجيد اصطياد إلا من يسقط في مسيرة النضال ، وهؤلاء باعوا كل عنترياتهم من أجل الوصول إلى السلطة، وقد استهلكتهم المواقع الوظيفية التي احتلوها دون وجه حق ، لأنهم لم يختلفوا في ممارساتهم عن أولئك السياسيين التقليديين الذين لم يتاجروا بالمبادئ في المواقع التي احتلوها ، وفي زمن الكفاءات فهؤلاء الإنتهازيين في اغلبهم دون كفاءة علمية ، وحتى في احيان كثيرة أخلاقية ، فباتوا تجار مبادئ ، فمن يتاجر في المبادئ يتاجر في الوطن .

نحن لا نعاني من فساد مالي فحسب ، بل هناك فساد أخلاقي ، خلقه النظام السياسي، ونجح بوجود هذا النوع من نماذج الإنتهازيين السياسيين المتسلقين ، الذين اكتشف النظام أنهم كانوا يعارضون ولعابهم يسيل إلى السلطة ، فرمى الكرة في ملعبهم، فتوالدت هذه النماذج وعهرت العمل في الهم العام ، وراح ضحية ممارساتهم الإنتهازية الوطن وهؤلاء القابضون على جمر المعارضة الحقيقية .

هل أن الوطن مقبرة للعمل الوطني أم أن تربية المواطن باتت مشروخة ، بحيث لم يعد أحد يعمل للصالح العام ، وكل يسعى لتجنيد المصلحة العامة لخدمة مصالحه ؟ ، وهل أن النظام السياسي مسؤول وحده عن هذه الحالة العبثية التي نعيشها ، أم أن المواطن نفسه يتحمل المسؤولية الأكبر ، فتجده يرحب بهذا الفاسد سياسياً والفاشل في إدارة الموقع الوظيفي الذي إنتدب فيه للخدمة العامة في اللقاءات الشعبية ، خاصة في مناسبات الافراح والاحزان ، و عندما يريد إنتاج نفسه بالوسائل المتلونة؟.

نحن أمام عهر سياسي وممارسات لا اخلاقية عندما يحاول هؤلاء بعد كل هذا الفشل الذي مارسوه أن يعيدوا إنتاج أنفسهم من جديد ، وكأن الوطن قد أقفر إلا من كفاءاتهم المعطوبة سياسياً وخلقياً ، ويريدون أن يقفزوا إلى بيت السلطة من جديد، وليس من الباب الذي خرجوا منه ، بل من شبابيك التنظيمات الشعبية ومؤسسات المجتمع العام ، فكأنهم لم يشبعوا من لذة السلطة ، وقد مارسها البعض في كل مواقعها النيابية والوزارة والاعيان .

ما العمل ، المجتمع يتحمل مسؤولية عزل هؤلاء ، وعدم الخجل من مواجهتهم ، ليفهموا أن معارضتهم ليست لشخوصهم ، فهذه لا تعني الوطن ، وهم ليسوا بذات قيمة تذكر ، فقط هي مسلكياتهم التي لاتخدم وطن ولا تنهض بمجتمع ، وأن سلوكياتهم التي قد جربت في المواقع التي اغتصبوها دون وجه حق هي السبب في الوقوف في مواجهتهم ، وما عادوا يصلحون للعودة لسرقة السلطة اياً كانت الوسائل والطرق التي يتبعونها ، يكفيهم ما حصلوا عليه من تقااعد منزوع من اموال الشعب وقوت أطفاله ، وعند المواجهة هذه قد تنتفخ اوداج البعض منهم ، فيعز عليه أن يحرم من استمرارية لعب دوره في سرقة قوت الشعب ، فعلى الخيرين والشجعان أن يقوموا بتعريتهم أمام الجماهير ، حد مطالبتهم باعادة الرواتب التقاعدية التي يقبضونها كل شهر ، وهم لم يقدموا خدمة واحدة للوطن والمواطنين ، لأن هذه الاموال ليست مكافاة نهاية خدمة فهي بمثابة سرقة .

هؤلاء الذين إنتهى دورهم وشبعوا من السلطة بعد أن استغلوا مواقف المعارضة المزيفة ، ليصلوا إلى تحقيق المكاسب الشخصية لا يجوز السماح لهم باعادة إنتاج أنفسهم بوسائل وطرق لخداع الناس ، لأنهم لم يبقوا للمبادئ التي كانوا ينادون بها أي أثر لا في نفوسهم ولا في سلوكهم ، فهذا الوزير أو ذاك النائب لم يعد له دور في وطن يتطلع إلى الاصلاح بعد أن أدى دوره في السابق ، بعيداً عما كان ينادي به قبل السلطة ، ولابد من الاشارة أن القليل من المعارضين السياسيين لم يسقطوا بفخ الإنتهازية السياسيية ، وقد حافظوا على مواقفهم الوطنية ، ولم ينحرفوا وتركوا السلطة والناس راضون عن أدائهم ، ولكن حديثنا يشمل الاغلبية من هؤلاء الذين باتوا خطراً على حركة الاصلاح الوطني .

dr_fraijat45@yahoo.com
 





الخميس ١٣ ذو الحجــة ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / أيلول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة