شبكة ذي قار
عـاجـل










السيد زياد الحافظ ، الأمين العام للمؤتمر القومي العربي ،
بعد التحية،

الموضوع : إلغاء عضويتي


بادئ ذي بدء، أودُ أن أذكِّركَ أنكَ «لا تملكَ البيت» بل أنتَ «مُستأجرٌ غرفةً فيهِ»، لكن للأسف الشديد أنتَ تتصرَّف في ”البيت” كأنكَ مالكه، تماماً مثلما يتصرَّف السيستاني، هذا الفارسي القادم من وراء الحدود، في العراق كأنه ورثه عن آباءه.

”مُستأجر الغرفة” لا يحق له تغيير بناء البيت، أو هندسته، أو هوية عائديته، لكن هذا ما تقوم به أنتَ، ومن سبقوك في المؤتمر القومي العربي، وهو عين ما يقوم به السيستاني في العراق، فعلاً وعلناً، وأمامَ أعيننا.

هذا الإيراني الجنسية، الذي رفض الجنسية العراقية بعد أن عرضتها عليه مجموعة من أتباعه، يعمل منذ إحتلال العراق عام 2003 على تغيير بناء البيت، ويسعى جاهداً حتى الساعة لتزييف هوية عائديته تمهيداً لتدمير أسس بناء العراق وسلخه عن عروبته.

أنتَ، ومَن سبوقك أيضاً، كالسيستاني تعمل / تعملون على تدمير الأسس البنيوية للمؤتمر القومي العربي لسلخه عن عروبته، وقد وصل بكم الأمر إلى القول في مذكرة رسمية أن المؤتمر هو ”منبر حر يضم كافة التوجهات والاراء”. كتبت لكم في حينه مُذكِّراً أن ما قلتموه يتعارض مع المادتين الأولى والثانية من النظام الأساسي، ولم تردوا على المذكرة.

وللتذكير وليس البيان، أقول : السيستاني هو الذي باركَ واعتمدَ الدستور العراقي الذي جاء به الإحتلال ( كتبه اليهودي ناحوم غولدمان ) ، وباركَ واعتمدَ سائر القوانين العراقية التي وضعت بإشراف، بول بريمر، ثاني حاكم للعراق بعد إحتلاله. وهو لا يزال يصادق على القرارات والقوانين الحكومية تحت مسمى الفتاوى الدينية، وهو الذي يتوجب على رؤساء الجمهوريات، والوزارات، والوزراء زيارته قبل اليوم الأول من مباشرة مهامهم والتوقيع أي قرار رسمي. ومن الفائدة أن أقول هنا أن السيستاني هذا، كان مطيعاً للقوانين المرعية العراقية التي تُنظِّم شروط إقامة الأجنبي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية طوال فترة الحكم الوطني السابق.

مرَّة أخرى، أنتَ ومَن سبقوك كالسيستاني، قبلت / قبلتم منح صفة العضوية للمؤتمر القومي العربي لأشخاصٍ مرتبطين قلباً وقالباً بالنظام الديني ـ الطائفي الإيراني، البعض منهم يحمل الجنسية الإيرانية، وهناك من هو مرتبط بأجهزة الإستخبارات الإيرانية، وأنتَ، والأمناء العامين السابقين، والأمانة العامة للمؤتمر، تعرفون ذلك جيداً.

السيستاني هو نفسه من دعا من خلال فتوى دينية إلى تأسيس ما يُسمى بـ ”الحشد الشعبي”، ثم باركه بعد التأسيس، وأمر الحكومة العراقية منحه الصفة الرسمية ( تسليح، رُتب عسكرية، رواتب … وغيرها ) . بعد ذلك فرَّخَ ”الحشد” أكثر من 100 ميليشيا ومجموعة مسلحة. وتسمية ”الميليشيا” هنا، إنما هو تعبير مُلطَّف عن ”العصابة الإجرامية”.

كافة الميليشيات والمجموعات المسلحة هذه ( قام مركز جنيف الدولي للعدالة بتوثيقها وإيداعها لدى مجلس حقوق الإنسان في جنيف ) تعمل على تغيير التركيبة البشرية للسكان في العراق. نحو 20 في المائة منها، إضافة إلى ميليشيات الباسيج الإيرانية، وحزب الله، وأخرى أفغانية، وباكستانية، تُحارب إلى جانب النظام السوري في مختلف أنحاء البلاد،. جميع هذه الميليشيات تحظى بمباركة من السيستاني وخامنئي.

وأيضاً، أنتَ، ومَن سبقوك، كالسيستاني وخامنئي، تؤيد / تؤيدون باسم المؤتمر القومي العربي، مواربةً في أغلب الأحيان وتحت ذرائع ومسميات في أحيانٍ أخرى، محاربة هذه الميليشيات إلى جانب نظام بشار الأسد، الذي يتصرف في سوريا الآن كما تصرَّف أبوه من قبل، كأنها ملك له.

مثلما شهدنا في فلسطين وأثبتته الأحداث، أنه لا يُمكن إطلاقاً إجتثاث شعب من أرضه، وإحلال شعب آخر محله، غريب عنه في اللغة، والثقافة، والقومية، والعنصر، دون عون من التشكيلات والعصابات المسلحة التي تتولى إفراغ الأرض من سكانها بالقتل والإرهاب.

تأسيس المجموعات المسلحة هي ”العلامة التجارية” المُجرَّبة والموثوقة في إغتصاب الأوطان. هذا ما تم في فلسطيننا تمهيداً لتأسيس الكيان الصهيوني عام 1948، وهذا ما تقوم به إيران حالياً دون غطاء ولا مواربة في العراق، واليمن، والبحرين، ولبنان.

وأنتَ، ومَن سبقوكَ، أيضاً، كخامنئي والسيستاني، تؤيدون باسم المؤتمر القومي العربي هذه العصابات المسلحة مواربةً، أو تحت ذرائع ومسميات مختلفة لا تكاد تنطلي على أي إنسان بسيط.

تأييدك، ومَن سبقوكَ، باسم المؤتمر القومي العربي للعصابات المسلحة التي تديرها إيران وتحارب بقيادة قاسم سليماني في العراق وسوريا، تحت أي ذريعة أو مسمى، إنما يُماثل تماماً تأييد المؤتمر القومي العربي لعصابات الهاغانا، وشتيرين، والأرجون، وكاخ، وليهيا، وغيرها، وهو يُماثل قول المؤتمر أن التنظيمات المسلحة اليهودية إنما جاءت لتحارب الإرهاب الذي فرضته منظمة ”الكف الأسود” الفلسطينية.

المؤتمر القومي العربي يؤيد كافة العناصر والتنظيمات المرتبطة بإيران : حسن نصر الله، عضو منظمة باسيج الإيرانية السابق الذي حارب في الثمانينات إلى جانب إيران ضد العراق، وعجز عن إطلاق طلقة واحدة ضد نحو 200 ألف جندي أمريكي ومرتزق كانوا في العراق، لكنه يحارب بـ ”همة عالية” إلى جانب بشار الأسد. الحوثي الذي إنقلب على الشرعية، ويحاربها الآن بأسلحة إيرانية وتدريب من عناصر حزب الله. ويصف المؤتمر المتظاهرين في البحرين بـ ”المطالبين بالحرية” بينما هم يحملون صور خميني وخامنئي. ويؤيد النظام القمعي لبشار الأسد. لكن المؤتمر يعجز عن إدانة إنتهاك إيران لسيادة العراق بإدخال مليون إيراني إلى البلاد عنوة رغم أنف الحكومة.

أصبحت تسمية المؤتمر، مجازاً، بـ ”المؤتمر القومي الفارسي”، شائعة جداً في المقالات، والكتابات، والتعليقات، بل حتى على ألسنة الناس في كل مكان. وذهب الأمر إلى أن أحد الأمناء العامين السابقين للمؤتمر قال في مذكرة رسمية ”أنَّ المؤتمر متَّهم الآن بأنه مؤتمر قومي فارسي”.

أؤمن بالعمل الإيجابي، وعدم الإنكفاء أمام موجة أو تيار منحرف، بل البقاء ومواجهة الإنحراف وتصحيح الأخطاء من الداخل. طبقت هذا المبدأ مع المؤتمر، إذ تكلمت مراراً وتكراراً في الجلسات العامة واللجان المتخصصة منتقداً مواقفه المؤيدة لسياسات النظام الإيراني المعادية للعرب، ونظام الأسد القمعي، وغيرها. وأرسلت نحو ١٥ مذكرة إلى الأمانة العامة للمؤتمر حول مواقفه هذه.

في واحدة من المذكرات أثرت تساؤلات عن 25 ألف دولار تبرع بها عضو حزب الله في المؤتمر، وطلبت من الأمانة العامة أن تُبرر قبولها هذا المبلغ لكنها بقيت ساكتة، دون أن تدرك أن ”السكوت أمام الإتهام، إدانة”. هذا السكوت يكشف المأزق الذي وضع المؤتمر نفسه فيه، فلا هو قادر على أن يبرر إستلامه أمولاً ضخمة من حزب الله المرتبط بإيران، ولا هو قادر أن ينفي ذلك أمام صاحب النعمة.

رغم أني لا أحبذ المواقف السلبية، ولا أؤمن بالأساليب السلبية دوماً، نعم أؤمن بها أحياناً، وربما أحياناً كثيرة، إذ إنسحبت من التنظيم القومي الذي عملت في صفوفه وبقيت مخلصاً لمبادئه نحو ٤٠ عاماً، بعد أن هادن الإحتلال الأمريكي للعراق وسار مع رموز الإحتلال والحكومات المنبثقة عنه، إلا أني وصلت إلى قناعة راسخة بأن قيادة المؤتمر قد تورطت إلى أذنيها في موالاة النظامين الإيراني والسوري وسياساتهما التخريبية في المنطقة، فلا طائل بعد ذلك من محاولة تصحيح الأوضاع من داخل المؤتمر، وعليه أعلن عن إلغاء عضويتي فيه.

ختاماً، أؤيد حرفياً، كل ما قاله عضوا المؤتمر، الأخوان : نزار السامرائي، وسعدون المشهداني في مذكرتيهما ( الأول تجميد عضويته، والثاني إلغاء العضوية، على التوالي في 20 و 22 أيلول / سبتمبر 2016) من إدانه لمواقف المؤتمر الموالية للنظام الإيراني ونظام بشار الأسد، وغيرها من الأمور. علماً أن الأستاذ سعدون المشهداني قد بحَّ صوته من كثرة مناشداته لكم في كلماته أمام الجلسات العامة لتصحيح مواقف المؤتمر والحفاظ على مبادئه الأساسية عند تأسيسه، كما كتب لكم المذكرة تلو الأخرى حول الأمر نفسه، لكن دون جدوى.

هناك آخرون غيري وغير الأستاذ سعدون قد كتبوا لكم حول الأمر نفسه، دون أن يلقى أحد منا إستجابة، وهناك مَن ترك المؤتمر بسبب مواقفه هذه دون أن يكتب مذكرة، وهناك من أعضاء المؤتمر من تستهويه أساليب المسايرة والإسترضاء، غير أني أرى أن من واجب مَن يدافع عن قضية أن يقف الموقف الصحيح، وألا تستهويه الشعارات البراقة ضد ما يعتقده حقاً.

حتى الآن، المؤتمر معادٍ للتطلعات الحقيقية للشعب العربي في نيل حريته، والتمتع بكرامته، والنهوض في المستوى الثقافي والإجتماعي والإقتصادي للبلدان العربية بمشاركة الجميع بعيداً عن الأنظمة الشمولية ودكتاتوريات عصر الستالينية التي لا تزال تحكم أغلب أنظمتنا العربية، وعلى رأسها سوريا المحكومة بالأجهزة القمعية بإدارة جديرة من الأب وبعده الإبن.

لكن إلى أي مدى سيصمد المؤتمر في موقفه هذا؟ سنرى.

في ظل تقنيات المعلومات والاتصالات، بإمكان أي شخص، كما هو بإمكانكَ، أن يصل بسهولة فائقة، بل خلال ثوانٍ قليلة ونقرات معدودات على الشبكة العنكبوتية، إلى المصدر الحقيقي والمنبع الصافي لما ذكرته لكم من وقائع، ليقطع بذلك دابر الأخذ والرد، وهذا قال، وهذا لم يقل. كلُّ شيء موثَّق، ومن هنا أخذتُ أنا نفسي الثقة في سرد الوقائع أعلاه.

أرجو أن توزعوا مذكرتي هذه على أعضاء المؤتمر.

ماجد مكي الجميل
٢٥ أيلول / سبتمبر ٢٠١٦





الاثنين ٢٤ ذو الحجــة ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / أيلول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ماجد مكي الجميل نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة