شبكة ذي قار
عـاجـل










انجلى غبار حرب اغتصاب فلسطين عن معطيات نكبة لا نظير لها فـي التاريخ العربي الحديث. وتعددت الأرقام التي نشرت عن حجم التهجير الـذي تعرض له عرب فلسطين، فكانت تتراوح بين ٧٠٠إلى٨٠٠ ألف نسمة، ووصل العدد في بعض المصادر إلى مليون نسمة. وكثرت الأوصاف و التبريرات التي أعطيت لهذا الأمر، وخاصة في الجانب الإسرائيلي. جرى تداول كلمات مثـل : خروج ـ هروب ـ مغادرةـ رحيل ـ نزوح ـ ٠٠الخ، فـي حـين سـعى الصهيونيون إلى خنق أي تعبير آخر مثل : طرد ـ تهجير ـ اقتلاع ـ تشريد ـ إجلاء ـ٠٠الخ .وكان التفسير الصهيوني لعملية التهجير يكـرر القـول إن ملوك الدول العربية ورؤساءها وحكامها وقادة الشعب الفلسطيني هـم الـذين أوعزوا للسكان العرب أو طلبوا منهم أو حتى أمروهم بترك قـراهم ومـدنهم، ووصل الادعاء إلى درجة الزعم بأن هذه الأوامر أذيعت علـى الهـواء مـن محطات الإذاعة في الدول العربية تناشد السكان العرب بترك قراهم والنـزوح إلى أماكن آمنة في فلسطين أو الدول العربية(١٣. ( لم تستطع هذه الأضاليل طمس الحقائق. وقد بينت دراسات مبكرة لباحثين كبار ( أبرزهم أرسكين تشلدرز ووليد الخالدي ) الكذب المتعمد فـي الروايـة الصهيونية. وظهرت إسهامات بحثية غالبيتها للمنتمين إلى ما يسـمى " تيـار المؤرخين الجدد " في الكيان الصهيوني قامت بنقد هذه الرواية وتفنيد ادعاءاتها وبيان الأسباب التي أدت إلى هجرة الفلسطينيين. ومع أن هذه الإسهامات ظلت دون الحد الأدنى للموضوعية، إلا أنها قـدمت مؤشـرات علـى التخرصـات الصهيونية بشأن أسباب الخروج الفلسطيني. ومن النماذج التي يمكن التوقـف عندها في تحديد هذه الأسباب، ما يلي :

١ (حسب دراسة للكاتب والصحفي البريطاني تيرانس بريتي، الذي عمل فـي صحيفة الغارديان، كانت أسباب ما أسماه " فرار العرب " مـن فلسـطين، هي: (١٤(

− إجبار عدد قليل من اللاجئين خلال فترة الصراع على مغادرة منازلهم.

− غادر عدد قليل أيضاً لسماعهم بما يقوم به اليهود من أعمـال عنـف ( ومنها بشكل رئيس مذبحة دير ياسين ) .
− غادر كثيرون لإيمانهم بالحملة الدعائية العربية الواعدة بحمام من الدم وتصورهم أن اليهود إذا ما انتصروا فسوف يعاملونهم بالطريقة ذاتها .

− غادر كثيرون لأن القادة خرجوا أولاً ولم يفعلوا شيئاّ لوقـف الهجـرة الضخمة .

− غادر بعضهم في المراحل المبكرة لاعتقادهم أن عليهم الحفاظ علـى الصراع، وأن ذلك سيمكنهم من العودة بعد فترة طويلة لـدى انتهـاء الحرب بالانتصار العربي المظفر .

٢ (حسب تقرير أعده المؤرخ الإسرائيلي مئير باعيل، توزعت أسباب الخروج الفلسطيني، بالتساوي على : الخوف ـ الإخـراج الإسـرائيلي بـالقوة ـ
التشجيع على الهروب من قبل اليهود ( ١٥. (

٣ (حسب دراسة نشرها المؤرخ الإسرائيلي بني موريس مطلع العام ١٩٨٦،اعتمد فيها وثيقة أعدها فرع الاستخبارات في وزارة الدفاع بتكليف من بن غورين ( رئيس الحكومة وزير الدفاع ) أو إيجال يادين ( رئيس الأركان)، عن الفترة من ١/١٢/١٩٤٧ إلى ١/٦/١٩٤٨ كانت العوامل التي أوردتها الوثيقة لرحيل العرب، هي : (١٦(

− العمليات العسكرية للهاغناه على القرى والمدن العربية ( مباشرة أو على مواقع مجاورة) أسهمت بنحـــــــــــــو٥٥ % من النزوح.

− العمليات العسكرية للقوات اليهودية المنشقة ( أرغون وليحي )، يقدر تأثيرها بنحـــــــــــــــــــــو ١٥.% لاعتبارات محلية وخوف من المستقبل : (٢٠( %

− الأوامر من المؤسسات العربية وغير الرسمية : ٢%
− حملات الهمس اليهودية ( الحرب النفسية ) : ٢ %
− أوامر مباشرة بالرحيل من قبل القوات الإسرائيلية : ٢%
− الخوف من انتقام اليهود بعد هجوم العرب على مواقع يهودية : ١ %
− ظهور قوات عربية غير نظامية من خارج القرى العربية : ١%
− الخوف من هجوم الجيوش العربية النظامية : ١ %
− القرى العربية المعزولة وسط منطقة يهودية : ١%

وفي إحصاء أورده د. سلمان أبو ستة ضـمن " سـجل النكبـة ١٩٤٨" استناداً إلى دراسة أخرى لبني موريس حول طرد الفلسطينيين وولادة مشـكلة اللاجئين كانت أسباب النزوح من القرى العربية هي : (١٧(

− الطرد المباشر من قبل القوات اليهودية : ١٢٢قرية
− الهجوم العسكري على القرية : ٢٧٠"
− الحرب النفسية : ١٣"
− الخوف من هجوم يهودي متوقع: ٣٨"
− تأثير سقوط قرية مجاورة والنزوح منها : ٤٩"
− الخروج الاختياري : ٦"
− سبب النزوح غير معروف : ٣٢"
− المجموع ٥٣١ قرية

يوحي التطويل الصهيوني لقائمة أسباب الخروج الفلسطيني بوجود رغبـة مضمرة للتقليل من أثر الأعمال الإرهابية الصهيونية التي كانت تـتم بموجـب خطط وتصورات مسبقة وبأوامر رسمية من المسؤولين للصهاينة في النطاقين الحكومي والعسكري ،وهي رغبة مرتبطة بالتنصل من المسؤولية الصـهيونية عن تهجير العرب من فلسطين، واعتبار الأمر مجرد نتيجة لحربٍ بين طرفين لا علاقة مباشرة لإسرائيل بها. وعلى امتداد السنوات الماضية ظلت إسـرائيل تنكر تسببها بذلك التهجير، وتفرض سرية تامة على مداولات الحكومة حـول طرد الفلسطينيين خلال حـرب ١٩٤٨ ،وعلـى الفظاعـات التـي ارتكبهـا الصهيونيون لتهجير العرب من قراهم. ففي العام ١٩٩٥ مثلاً نشرت محاضر اجتماعات الحكومة الصهيونية المؤقتـة ( ١٠/٥/١٩٤٨ ـ نيسـان ١٩٤٩( وكان ٩٥ % من النصوص التي حظر نشرها تتعلق بجرائم ارتكبهـا الجنـود الصهاينة ضد السكان العرب وإجراءات طرد فعلية (١٨ .( وغني عن البيـان أن الحكومة الصهيونية كانت توظف أعمال الإرهاب والطرد لإنجـاز هـدف استراتيجي عام هو تفريغ البلاد من سكانها العرب كضرورة لتهويدها.
 





الجمعة ١٣ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الثائر العربي عبد الله الحيدري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة