شبكة ذي قار
عـاجـل










* نعيش نحن العرب فترة انتقالٍ تاريخي ذي طبيعة مزدوجة، تمتد من الماضي إلى المستقبل: الماضي، بتفككه وتخلفه وكل ما ينافي طبيعة الوجود القومي العربي، من تجزئةٍ استعمارية وفسادٍ اجتماعي ومسحٍ للعدالة وتشويهٍ للقيم وهدرٍ لإمكانات الأمة وتكبيلها، ومنعها من تحقيق وجودها القومي الواحد، كأمةٍ موحدة تؤدي رسالتها الإنسانية المتصلة بقيمة الإنسان والأمة معاً في هذا العالم ..

* وقد امتد هذا الماضي إلى الحاضر العربي، الذي يقف / بازدواجيته وباستعصاءاته وحرجه وبما تجمّع فيه من رواسب الفساد الماضية ومظاهر الانحطاط السابقة، وواقعِ التجزئة والقطرية المقيم / يقف على عتبة المستقبل بازدواجيته وصراعه المزمن بين قوى التجزئة، وراسب الماضي، وأنظمة اقتصادية تهدر إمكانات الملايين من أبناء الأمة وتحول دون انطلاقها وتمنع قيام الوحدة الحقيقة للأمة وفي المجتمع الواحد، وأنظمةٍ اجتماعية هي أقل ما يقال فيها أنها من تركة الماضي الضيق الأفق إلى حد الخرافة، وتبعيةٍ سياسية وثقافية تنيخ بكلكلها على صدر هذه الأمة منذ عصر الانحطاط العباسي إلى حالة التجزئة والاحتلال الصهيوني ذي التوليفة الدينية القومية، إلى القواعد الغربية وتابعها القطري في كثيرٍ من أرجاء الوطن العربي.. هذا من طرف، وقوى المستقبل، من طرف آخر، قوى النضال التقدمي ( القومي ) حيث تنمو بذور الانطلاق، وتومض ملامح المجتمع الحضاري الذي ننشده، ومفاهيمُ التطورِ والنهوضِ والحرية السياسية ( الديمقراطية ) والاجتماعية ( الاشتراكية ) .. وكل ما ينسجم مع طبيعة وجودنا القومي ومستقبلنا المتجدد الذي توجهه القيم الحقة، ليعبر عن رسالة هذه الأمة المتمثلة في مبادئ وأسس وروابط تجربة تاريخية طويلة تفاعلت حركياً عبر العصور لتكوّن شخصية الأمة وهويتها، أنها القومية العربية ..

وإذا كان هذا هو حاضرنا، وهذه هي طبيعته، وهو امتداد للماضي، فإنه أيضاً طريق إلى المستقبل، إلى بناء مجتمع متطور يتلاءم والتقدم الحضاري.. إنه انعطاف تاريخي جذري يتوقف عليه مصير الأمة وقدرتها على البقاء والتطورِ والتعبيرِ عن وجودها وتحقيق إنسانية أبنائها لتسهم في تحقيق إنسانية العالم ..

* هذه النظرة إلى المستقبل، أو الانعطاف التاريخي الجذري على هذا النحو، تستدعي قراءة الحاضر بعين ناقدة وعقلية باصرة، تسمي الأشياء بأسمائها .. فالحقبة الراهنة أشبه ما تكون بالحقبة التي مرت بالأمة في الأربعينات والخمسينيات من هذا القرن المنصرِّم، من حيث تراجع الفكر القومي، وقوى المستقبل، بفعل الهجمات الخارجية التجزيئية وثقافتها وتوابعها القطريية .





الاحد ١٥ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الثائر العربي عبد الله الحيدري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة