شبكة ذي قار
عـاجـل










وقعت شرائح واسعة من الجماهير العربية في فخ الأخوة الإسلامية التي حرص الحكام الجدد في طهران على إبرازها وتكرارها. ووقعت الفئات العربية المثقفة وأغلب القوى السياسية العربية في المعارضة بحبائل الشعارات التحررية التي دأب حكام طهران الجدد على إطلاقها والمغالاة بها.

كثير من الدوائر الحاكمة العربية اختصرت مواقفها الرافضة للحكام الجدد على أسس أنانية ضيقة الأفق، والتي تمثلت بحماية نظام حكمها من رياح التغيير، ولم تستطع هذه الدوائر رؤية رياح الخطر على الأوطان من التغيرات السياسية في طهران.

لزمن طويل ظلت رؤية الدور الإيراني في أزمات المنطقة العربية شبه غائبة، على الرغم من حضور هذا الدور الدائم وعدم غيابه. وظل المسؤول العربي والمثقف العربي ينظر للتدخل الإيراني في شؤون الأقطار العربية السافر كعامل جانبي ولا يرقى لمستوى الخطر الحقيقي الذي يهدد مصير الأوطان والشعوب .

تكتسب قضية الأحواز العربي، الساحل الشرقي للخليج العربي، المحتل من قبل إيران أهمية خاصة بعد تفاقم الصراع الدائر على أرض العراق المحتل. فالأجهزة الحكومية الإيرانية تشارك بشكل مباشر في احتلال العراق وتساهم إلى جانب قوات الغزو الأمريكية والبريطانية في محاربة الشعب العراقي وقواه الحية المقاومة للوجود الأجنبي. وتساهم إيران عبر القوى الشعوبية العراقية المرتبطة بالغزاة وعبر أجهزتها الأمنية والعسكرية في تدمير الدولة العراقية وإبادة سكانه، وتعمل هذه الأجهزة وعملائها من العراقيين مع قوات الاحتلال الغربية والإيرانية على تمزيق هذا البلد العربي، وتقسيمه لدويلات قزمه تابعة وفاقدة للسيادة والقدرة على حماية الذات.

الأحواز الوطن العربي التوأم للعراق المحتل أصبح من أهم ساحات الصراع العربي ـ لإيراني وعبر شعبه وعلى أرضه يقرر مستقبل تلك العلاقة المأساوية المزمنة . وعلى أرض العراق والأحواز يحدد مصير الأمة العربية.. بعد غفلة طال أمدها استفاق العرب أخيراً وأدرآوا طبيعة الصراع مع الكيان الإيراني، وتفتحت عيون الكثيرين من أبناء الأمة العربية على حقيقة الأهداف الإيرانية القائمة على الحقد والكراهية واغتصاب حق الشعوب بالحرية والعيش الكريم. وأدرك العرب أهمية القضية الأحوازية وموقعها في هذا الصراع المستمر منذ قرون مع القوى الفارسية العدوانية المتغطرسة.

إن العودة إلى الجذور التاريخية للعلاقة العربية الفارسية تكتسب أهمية كبيرة. ففي التاريخ تختزن الذاكرة الجماعية للشعوب، وإعادة تذكر أسماء الرموز التاريخية ودراسة الوقائع والأحداث التاريخية يخلق قاعدة وملامح أولية لشكل علاقات الجماعات البشرية مع بعضها البعض. ومن صور التاريخ ترسم صورا ونماذج عن شكل العلاقات المستقبلية مع الآخر، العدو والصديق. فالتاريخ يختزن الطاقة الكافية التي تغذي وتصنع المواقف الفردية وتشكل رأي الجماعة في الحاضر المعاش .

إن الوقوف عند حقائق الوجود السكاني الحاضر على ضفتي الخليج، وتسليط الأضواء على الواقع الاجتماعي لعرب الخليج على الطرف الشرقي من الساحل يمهد لفهم أفضل لحقيقة العلاقات السياسية بين العرب والفرس، ويساعد على استقراء مستقبل تلك العلاقات. فالوجود والحضور السكاني والاجتماعي، بما له من مميزات ثقافية ولغوية وميول سيكولوجية، هو ليس حدث عابر بل واقع متجذر صمد أمام عاتيات الزمان، وعلى أساسه تحسم الأحداث السياسية وترسم صور المستقبل .

يتأثر الأمن القومي الخليجي المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومي العربي بشكل مباشر بكل تغير في ميزان القوى الإقليمي في المنطقة فاحتلال العراق وتنامي التأثير الإيراني في هذا البلد العربي، وتعاظم القدرات العسكرية والنووية الإيرانية ستترك أثارها السياسية والإستراتيجية السلبية على دول الخليج وعلى مصير عرب الخليج.

التغيرات الأخيرة التي طرأت على ميازين القوى في المنطقة ستطرح احتمالات كثيرة حول شكل واتجاه ومضمون العلاقات العربية الإيرانية المستقبلة.

لقد بدأ تشكل الكيانات السياسية العربية في الخليج العربي بعد انحسار قوة دولة الخلافة العربية مع بداية دخول القوى الأجنبية الغربية إلى المنطقة. ومع بداية ظهور القوى الأوروبية الغازية على شواطئ جنوب الجزيرة العربية، وفوق مياه الخليج العربي، أخذت القبائل والعشائر العربية تتجمع وتشكل كيانات وإمارات سياسية من جديد، وتتحالف فيما بينها لصد الأخطار التي تلوح في الأفق. الخطر الفارسي الذي بدأت ملامحه تتكون في الشرق. كان من البداية من أكبر الأخطار الذي صار يهدد الوجود العربي في الخليج وما أبعد من الخليج. الخطر الأوروبي البرتغالي الذي اصبح يقيم القواعد ويجتاح الموانئ على ضفاف الخليج، وسفنه الحربية تمارس أعمال القرصنة البحرية وتعطيل التجارة والصيد، أصبح أمراً واقعاً وقوة تهدد المنطقة. تزايدت حدة الأخطار الخارجية بعد تكون الدولة الصفوية في الهضبة الإيرانية، وبعد تزايد تحرشات هذه الدولة بمناطق الخليج العربي. على جه الخصوص برز حجم الخطر الصفوي في زمن مؤسس الدولة الصفوية، الشاه إسماعيل الصفوي في عام 1522 وكذلك في زمن الشاه عباس الصفوي ( عباس الكبير ) في عام 1626 حيث هاجمت الجيوش الفارسية في زمن هذين الملكين الصفويين المناطق العربية في العراق وعلى السواحل الخليج العربي الشرقية والغربية. بعد غياب الدولة العربية المركزية القوية كان للإمارات والكيانات العربية علي ضفتي وشمال الخليج مساهمات فعاله وأساسية في صد كثير من الهجمات الخارجية على المنطقة وفي الحفاظ على الهوية العربية للشعب والأرض. ففي الساحل الشرقي الجنوبي يعود تشكيل الإمارات العربية فيه إلى بداية القرن السادس عشر متزامنة مع نشأة الإمارات على الساحل الغربي للخليج. وقد أنشأت القبائل العربية على الساحل الشرقي كيانات سياسية مكملة للإمارات العربية على الساحل الغربي للخليج، ومتشابه في تكويناتها الاجتماعية مع تلك الإمارات. وتكاد مجموعه العشائر والقبائل على الضفتين من الخليج تحمل نفس الأسماء وتنتمي إلى نفس الجذور القبلية. تشكل مجموعة الإمارات والمشايخ على الساحل الشرقي للخليج العربي إقليم الأحواز (عربستان) المحتل. إقليم الأحواز هو الإقليم الممتد على طول الساحل الشرقي للخليج العربي حتىالشمال من رأس الخليج .

قضية الأحواز ( عربستان ) هي أحد القضايا الأساسية في العلاقات العربية الإيرانية المتوترة. وعلى أرض الأحواز، وحول الأحواز، دارت عبر التاريخ عدة معارك وحروب بين العرب والفرس . آخر هذه المعارك والحروب كانت المعارك العسكرية بين الجيش العراقي.البطل ( قادسية صدام المجيدة ) والجيش المجوسي من عام 1980 حتى عام 1988 في الحرب العراقية ـ الإيرانية.

الأحواز، الإقليم العربي الواقع في شمال وشرق الخليج العربي، وإلى الشرق من شط العرب محتل منذ أربع وثمانين عاماً من قبل إيران. يحد هذا الإقليم من الشرق جبال زاغروس وجبال البختياري، ومن الشمال جبال الأكراد وجبال اللر، ومن الجنوب ساحل خليج عمان وبلاد البلوش. الأحوازمساحة العربي تقارب ال 324 ألف آم مربع. يسكن هذا البلد العربي قرابة إثنا عشر مليون مواطن عربي. يتكون مجتمع الأحواز بالدرجة الأولى من مجموعات قبلية وعشائرية. فقبائل "بني آعب" و "بني طرف" و "بني طي" و "بني عامر" و "شمر طوقة" و "آل كثير" وقبيلة "الزرقان "، و "بني تميم" هي من أهم القبائل القاطنة مدن وأرياف الأحواز ( عربستان ). وقد أحصي الكاتب الأحوازي يوسف عزيزي بني طرف في كتابه عن القبائل العربية في شمال إقليم الأحواز أكثر من 350 قبيلة وعشيرة عربية تقطن في الوقت الحاضر هذا الإقليم العربي المحتل .





الاحد ٢٢ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الثائر العربي عبد الله الحيدري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة