شبكة ذي قار
عـاجـل










جاء الإسلام واليمن تحت الاستعمار الفارسي وكان يحكمه بأذان، واسلم بأذان وأتباعه من الأبناء () وأعوانهم وحلفائهم من القبائل، فكان إسلام بأذان هو أول ركيزة للإسلام في جنوب الجزيرة العربية, وتوالت بعد ذلك وفود القبائل إلى الرسول لإعلان إسلامها وبعد وفاة بأذان ولى الرسول صلى الله علية وسلم اليمن إلى عدد من الولاة، بعد تقسيمها إلى عدة ولايات، لكن لم يستقر الوضع السياسي في اليمن في تلك الفترة فقبل وفاة الرسول صلى الله علية وسلم ظهرت اضطرابات، فقد تزعم الأسود العنسي (عبهلة بن كعب بن عوف العنسي ) حركة ضد الوجود الأجنبي، حيث كان يرى الأسود العنسي بان المسلمين الذين أتوا ليحكموا اليمن ما هم الامستعمرين مثلهم مثل الاستعمار الحبشي, والفارسي، واتبعته القبائل والمناطق اليمنية، واقدم الأسود العنسي على مهاجمة صنعاء وقتل واليها شهر بن بأذان والذي كان يرى فيه رمز للوجود الفارسي في اليمن، وكان يرى بوجوب التخلص من الأبناء الفرس والمسلمين() وامتد نفوذ الأسود العنسي من حضرموت إلى الطائف والبحرين وعدن، وتزعم الأبناء الفرس بمساندة المسلمين قوة قضت على الأسود العنسي وإنها تمرده .

وإبان الفتوحات الإسلامية ساهم اليمنيون في الفتوحات مساهمة كبيرة، واستقروا في البلدان الجديدة بأعداد كبيره، وكان لهذه الهجرة أثر بالغ على الاستقرار في اليمن، فالغالبية العظمى من المهاجرين كانوا من الشباب الأمر الذي اضعف التوازن الاجتماعي في اليمن، حيث أصبح جل السكان من الأطفال والنساء وكبار السن مما أدى إلى فراع كبير في اليمن من عصب المجتمع وعموده الفقري، وهم الشباب مما اضعف الدولة في الفترات ألاحقة, وجعلها تعيش حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي()

وبعد أن حدث الخلاف بين علي ومعاوية وخلص التحكيم إلى أحقية معاوية في الخلافة، خرجت فرقة معارضة لتولي معاوية الحكم (الخوارج) وكان ما أبرز هذه الحركات في عهد الدولة الأموية حركة الخوارج الاباضية في بلاد اليمن، وانضم الحضارمة إلى هذه الحركة لعدم تحسن وضعهم الاقتصادي ، فرأوا في دعوة الخوارج الاباضية مخرجا من سيطرة الدولة الأموية ولاسيما أن المذهب الاباضي يرى بأن الخلافة حق لكل مسلم، وقد يكون يمنيا يخلصهم من ظلم وجور الأمويين.

ومنذ بداية اختلاف الفرق الإسلامية عبر مراحل الدولة الإسلامية المختلفة كانت اليمن، مقصداً لكل الطوائف, والمذاهب الخارجة عن الدولة المركزية لما يتمتع به اليمن من تضاريس صعبة تمكن حركات التمرد من المقاومة كما أن القبائل اليمنية، ترحب بالقادم الغريب، بهدف الخروج عن الحاكم الظالم، أو نكاية فيما بينها حيث تلجأ كل قبيلة الى مناصرة طرف ضد الطرف الأخر، وعلى الرغم من طول فترة حكم الدولة الأموية إلا أن الأوضاع السياسية في اليمن، كانت غامضة في هذه المرحلة، و ظهر عدم الاستقرار السياسي في اليمن بجلاء في عهد الدولة العباسية ولاسيما في أواخر عهدها. حيث اتخذ معارضيها من اليمن ملجئً بعيدا عن حاضرة الدولة العباسية لتأسيس دولهم على أساس مذهبي والذي أسس لمرحلة صراع سياسي في اليمن لازالت آثارها حاضرة حتى يومنا هذا .

فلم يستقر اليمن سياسيا في وضعها كولاية من الولايات الإسلامية في عهد الدولة الأموية أو الدولة العباسية، فتدهورت أوضاع اليمن, واضطربت, وكثرت فيها الحروب, والقلاقل والصراعات، ولم تعر دولة الخلافة في عهد الإسلام اليمن أي اهتمام، فلم تتحسن أوضاع الناس معيشيا، واقتصر دور الخلافة, والحركات الإسلامية المعارضة لها على جباية الضرائب هذا ما دفع باليمنيين إلى الانضمام إلى الحركات المعارضة للخلافة, فلم يكن هدف تلك الحركات المعارضة سواء الكسب الشخصي, واتخاذ اليمن كمنطلق لدعوتها ضد خصومها لما يتمتع به اليمن من وضع جغرافي يمكنها من إقامة دويلات مستقلة عن دولة الخلافة. فقد كان المواطن اليمني وسيلة لتحقيق مطامع زعماء الحركات الدينية وعانت اليمن من المجابهة الدامية بين العباسيين وأبناء عمومتهم العباسيين حيث شهدت اليمن صراعات وثورات قام بها العلويون ضد العباسيين بكونهم مغتصبين للسلطة ().

وفي خضم هذه الفوضى، عاد الصراع القبلي إلى ما كان عليه قبل الإسلام وفقد الإنسان اليمني عنصر الاستقرار الذي هو أساس الحياة, والتطور في جميع المجالات فأهمل اليمنيون حياة التجارة, والزراعة, وانحرفوا إلى الصراعات, والحروب التي غذتها الحركات الدينية والمذاهب الوافدة. فعلى اثر ضعف الدولة العباسية تطلعت الفرق الإسلامية المعارضة والتي ترى في أحقيتها للخلافة الإسلامية وتطلعت هذه الفرق إلى اليمن ليكون المكان المناسب لتأسيس دولة إسلامية على أساس مذهبي، فخرج إلى اليمن يحيى بن الحسين سنة (280هجرية) بدعوة من قبائل خولان على اثر صراعات, وحروب بين قبيلة فطيمة والاكيليين() وهنا وجد يحيى بن الحسين الرسي الملقب (الهادي ) فرصته لإنشاء دولة خارجة عن الخلافة العباسية مستغلا التناقضات, والصراعات بين القبائل اليمنية فتوجه إلى صعده.

ومنذ ذلك الحين بدأ يبسط نفوذ حكم ظاهرة الدين، وأهدافه الحكم, والسلطة ولم يكن وجود يحيى ابن الحسين حاكما على رأس قبيلتي خولان ليمنع الصراع الدائر بينهما بل كان فاتحة عهد جديد لحروب, واقتتال ضلت مستمرة إلى أواخر عهد الأئمة، وتغيرت وسائل الصراع القبلي في العصور التالية لعصر الهادي لتأخذ طابع الشمول, والانتشار فبدلا أن تكون محصور بين قبيلتين أصبح الصراع شامل لكل القبائل، وأصبح أولاد الهادي, وأحفاده هم قادة الصراع، وقد يكون هذا الصراع بينهم وبين خصومهم من حكام الدويلات اليمنية المستقلة، وتارة ما يكون الصراع بين الأئمة أنفسهم فقد استطاع المذهب الهادوي أن يحافظ على الصراع القبلي الكامن فيه بقائه وأساس وجوده ليستمر هذا المشهد الصراعي ما يقارب 1100عام رزح اليمن تحت وطأة الجهل, والتخلف السياسي, والاقتصادي, والاجتماعي, وعدم الاستقرار الشامل().

فالاستقرار السياسي لم يكن حاضرا في عهد الدولة الزيدية بل أن الأئمة حرصوا على عدم الاستقرار في اليمن من خلال خلق الصراعات, والحروب بين القبائل التي تتمسك بعصبيتها القبلية، ويطلبون العون من الأجنبي على بعضهم البعض، وعند اتفاق القبائل يرون بان الإمام أجنبي يجب محاربته، ولهذا حرص الأئمة على بقاء الصراع القبلي مستمرا طيلة فترة حكمهم فلم يجد اليمن فترة استرخاء من الصراعات والحروب نتيجة تلك السياسيات التي تبناها الأجنبي بدا من الاحتلال الحبشي والفارسي، إلى طموح الأئمة الزيدية في إقامة دولة مستقلة عن الخلافة في اليمن حيث وجدوا ضالتهم فيها().

فقد استغل دعاة الشيعة بمعناها الشامل (الإسماعيلية – الزيدية ) أعمال عمال بني أميه وبني العباس في اليمن المخدوع فاستقبل اليمنيون المنصور بن حوشب وعلي بن الفضل الداعيتين إلى الإسماعيلية () واللذان قدما من العراق إلي اليمن, وعلى أثرها قدم الإمام الهادي من الحجاز إلى صعده الداعي إلى المذهب الزيدي ومن هذا التاريخ بدأ الصراع بين الحزبين السياسيين الخطيرين (الاسماعيلة والزيدية ) كما بدأ الصراع بين الزيدية والدول اليمنية المستقلة().

كما أن هذه الفترة من حكم الأئمة الزيدية شهدت صراعات بين الأئمة أنفسهم اشد من الصراعات بين الأئمة والحكام المحليين أو الدول التي تأتي من الخارج وهكذا غرق اليمن أثناء حكم الأئمة في بحر من الدماء, والمشاكل, والصراعات, وخسرت اليمن أكثر من ألف عام من التاريخ في صراع كان من الممكن أن يقودها إلى البناء والعمران, والإصلاح فلم تحقق اليمن طيلة إلف عام بسبب المشروع الزيدي في اليمن من البناء, والعمران ما يقارن بما أنجزته أروى بنت احمد الصليحي() فحين أخد التواصل, والاتصال بين حاضرة دولة الخلافة العباسية وأطرافها يعاني من الصعوبات، وبعد أن عانى اليمنيون من ظلم وتهميش من قبل دولة الخلافة أقدم اليمنيون على تأسيس دول يمنية مستقلة عن دولة الخلافة كان أولها دولة بني زياد عام 204ه 819م امتدت سلطتها من مدن حلي بن يعقوب شمالا حتى عدن, وحضرموت, والشحر والمهرة جنوبا, وكانت مدينة زبيد عاصمة لها وخرجت صعدة عن سيطرة بني زياد عند قدوم يحيى بن الحسين إليها لتأسيس الدولة الزيدية هناك عام 284ه 897م, وخرجت حجة عن سيطرة الدولة الزياديه, والتي تنازع عليها اليعفريون ودعاة الإسماعيلية، وظهرت دولة بني نجاح على أنقاض دولة بني زياد، كما ظهرت الدولة الصليحية في جبلة, والتي واجهت منافسة قوية من دولة بني نجاح والتي أسسها أعقاب سقوط دولة أسيادة بني زياد في زبيد, وكان نجاح عبدا حبشيا في الدولة الزياديه، وأسست الدولة النجاحية على أساس المذهب السني وكانت موالية للخليفة العباس بينما كانت الدولة الصليحية في جبلة بأب على المذهب الاسماعيلي وموالية للخليفة الفاطمي().

وبعد وفاة سيد بن أحمد الصليحي مؤسس الدولة الصليحية كانت اليمن تحت أربع سلطات سياسية سلطة الأئمة الزيدية في صعدة وما جاورها وسلطة آل حاتم في صنعاء وال زريع في عدن, وال مهدي في تهامة والتي امتدت إلى المخلاف السليماني() فقد كان العامل الجغرافي والقبلي دافع لطموحات مختلف التيارات, والمذاهب الدينية للحصول على أعوان والذين يرغبون في الانتقام من بعضهم تحت مسمى القيادات المختلفة, وتصارعت القوى المتعاصرة مع بعضها وتبادلت النصر, والهزيمة سجالا وأطيح بأسرة حاكمة لتحل محلها أخرى إلى حين وتمكن بعضها من السيطرة على البعض الأخر فقد كان الاستقرار السياسي في تلك الحقبة التاريخية في اليمن غائبا().

ومكثت اليمن تحت الصراعات الداخلية التي تغذيها العصبية القبلية، والتدخلات والأطماع الخارجية التي ترى في اليمن, وموقعه الجغرافي يحقق ويحمي مصالحها، ونتيجة لبعد اليمن عن حاضرة الدولة الإسلامية لم تعر الدول الإسلامية المتعاقبة الاهتمام الكافي بشؤون اليمن فظل اليمن يتأثر بما يحدث في دولة الخلافة من صراعات, وحروب، ونالت النصيب الأكبر من سلبيات الخلافات والصراعات المذهبية بين الفرق الإسلامية المختلفة والمتناحرة لتكون المكان المناسب الذي يحقق إطماع,

[ وطموح تلك الفرق مما زاد الوضع سوء. فلم يتمكن الإنسان اليمني من استعادة أمجاد أسلافه في البناء, والتحديث ليمكث اليمن طيلة قرون من الزمان يعاني الصراعات الداخلية وتلك القادمة من خارج الحدود





الجمعة ٢٧ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الثائر العربي عبد الله الحيدري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة