شبكة ذي قار
عـاجـل










قامت الحضارة الإسلامية على دعامتين أساسيتين هما العروبة والإسلام: فحسب هذه الحضارة أنها اتخذت من اللغة العربية أداة عبرت بها عن نفسها وأفكارها. وربطت بين أهل المشرق والمغرب، ومكنتهم من التفاهم بلسان مشترك، ويكفي أن القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين. كما أن الحضارة الإسلامية وُلدت في حجر عربي، وأن العرب هم الذين خرجوا بها ليبشروا بالإسلام . ورغم أن العروبة صفة لازمة ومميزة للحضارة ، ولكننا نقدم على صفة العروبة صفة الإسلام، لأن الإسلام في نظرنا هو الأساس ، وهو الأصل وهو حجر الزاوية في بناء هذه الحضارة. فلو لا الإسلام لبقي العرب على جهلهم، ولو لا الإسلام ما خرج العرب من الجزيرة ينشرون الإسلام.

ورغم ما تميزت به الحضارة الإسلامية طيلة القرون السابقة من تقدم ورقي وازدهار، إلا أننا اليوم في عالمنا الإسلامي نقف عند مفترق طرق خطير ، بين باكين على مجد أدبر وولى، وبين مشككين في ماض وحاضر ومستقبل ، وبين مفتونين بحضارة الغرب في عصرنا الحاضر.

ومهما يكن من أمر ومهما شكك المشككون ودافع المحقون فإن الحضارة الإسلامية تميزت بمجموعة من الخصائص ميزتها عن غيرها من الحضارات الأخرى يمكن أن نجملها فيما يلي :

إنها حضارة إيمان: تؤمن بالله ورسالاته وأنبيائه عليهم السلام، فقد قامت على توحيد الله وعبوديته ، فهي حضارة إيمان وعمل وإنتاج ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ).

إنها حضارة تقدمية ، لا جمود فيها ولا رجعية، فقد جاءت ثورة ضد الظلم والاستغلال والجمود والنكوص، تأخذ بكل جديد طالما أن هذا الجديد لا يتعارض مع روح الإسلام ومُثُلِه وآدابه

تتصف بالمرونة وسِعة الأفق، فلم تكن منغلقة على نفسها، بل تعاملت مع بقية الحضارات الأخرى وأخذت منها من العلوم ما يفيدها ويتماشى وروح الإسلام ، ورفضت كل ما لا يتفق ومبادئها.

أنها حضارة محبة وسلام، توفر الأمن والسلام لكل فرد في نفسه وعرضه وماله وأهله، فعاش الناس في ظلها حياة الأمن والسعادة ، فساد في ربوع العالم الإسلامي السلام، وأمن التجار والمسافرون من الحجاج وغيرهم على أنفسهم وأموالهم ومتاجرهم .

أنها حضارة تسامح، لا حقد فيها، ولا كراهية ( ونزعنا ما في قلوبهم من غل إخوانا على سرر متقابلين )، فقد عاش في ظلها المسلم والذمي، لِكلٍ حقوقه وواجباته، دون اعتداء على الحريات العامة للأفراد والجماعات، فقد وُلدت هذه الحضارة في وقت كان المسيحي يقتل أخاه لاختلافه معه في المذهب الديني، وكان اليهودي يتعرض في أوربا للاضطهاد والقتل.

إنها حضارة تتصف بالحيوية والاستمرار والوحدة : فقد ظلت حية قائمة ولم تمت مطلقا، وإن تعرضت للذبول أحيانا نتيجة لعوامل طارئة، ولكنها سرعان ماتقوم وتعود أقوى عودا وأشدّ تماسكا من قبل.

إنها حضارة إنسانية بكل معاني الكلمة ، هدفها خير الإنسان في الدنيا والآخرة ، والرحمة به، والحفاظ عن كرامته ، والنهوض بمستواه الفكرى والاقتصادي والاجتماعي والروحي، ومنع استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، وأن الله كرمه على سائر المخلوقات ( ولقد كرمنا بني آدم ).

تتصف الحضارة الإسلامية بالأمانة المطلقة، فقد استفادت من علوم حضارات سابقة، ولم تدَّعِ في يوم من الأيام، أنها هي التي اكتشفت ذلك العلم ، وإنما استفادت من علوم الحضارات السابقة ونسبت ذلك لأصحابها.





الثلاثاء ١ صفر ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / تشرين الثاني / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الثائر العربي عبد الله الحيدري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة